عودة الشرق الأوسط للمسيح

لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ يَهْوِه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.

Archive for 11 جويلية، 2007

الثالوث في الإسلام ( اسكندر جديد) -بتصرف

Posted by mechristian في جويلية 11, 2007

لعل الخلاف الأكبر في الحوار بين المسيحيّة والإسلام :

هو الخلاف القائم على اعتقاد المسيحيين بألوهية المسيح ,الأمر الذي يحسبه الإسلام كفراً. وقد اعترض عليه بعدة آيات من القرآن،أبرزها أربع ,وردت في سورة المائدة ,وآية خامسة في سورة النساء :

1– لَقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ا بْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ا بْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً – المائدة 5 :17 – .

2– لَقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ا بْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ا عْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِا للَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ – المائدة5 :72 – .

3– لَقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ – المائدة 5 :73 – .

4– وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ا تَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ – المائدة 5 :116 – .

5– يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرَوُحٌ مِنْهُ فَا~مِنُوا بِا للَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ا نْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِا للَّهِ وَكِيلاً – النساء 4 :171 – .

ومن يتأمل هذه الآيات في ضوء تفاسير علماء الإسلام يلاحظ أن هذه النصوص تحارب تعليماً يحمل معنى الإشراك بالله وتعدّد الآلهة وعبادة البشر. ولكن المسيحيّة لا تعلّم بالإشراك ولا بتعدّد الآلهة ولا بعبادة البشر ,بدليل قول المسيح

: لِلرَّبِّ إِلهكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ – متى 4 :10 – .

لعل من يقرأ المائدة 5 :116 يتصور أن المسيحيين يؤلهون مريم العذراء

,وهذا غير صحيح. والواقع أن السؤال الموجَّه إلى المسيح هنا ,نشأ من وجود أهل بدعة عند ظهور الإسلام.

هم أناس وثنيون حاولوا الالتصاق بالكنيسة ,فنادوا ببدعة مفادها أن مريم العذراء إلهة. ويقول المؤرّخون إنهم استعاضوا بها عن الزهرة التي كانوا يعبدونها قبلاً. وقد أطلقوا على أنفسهم اسم المريميين

وأشار اليهم العلاّمة أحمد المقريزي في كتابه القول الإبريزي صفحة 26.

وذكرهم ابن حَزْم في كتابه الملل والاهواء والنحل صفحة 48.

ولكن هذه البدعة بعيدة كل البُعد عن المسيحيّة. وليس هناك مسيحي واحد يؤمن بها. وقد انبرى العلماء المسيحيون وقتها لمقاومة هذه الضلالة بكل الحجج الكتابية والعقلية ,ولم ينته القرن السابع حتى كانت قد تلاشت.

وكذلك المسيحيّة لا تعلّم بأن المسيح إله من دون الله ,بل تؤمن بأن الآب والابن إله واحد ,بلا تعدّد ولا افتراق. وقد أكّد المسيح ذلك بقوله : أَنَا وَالْآبُ وَاحِدٌ,,, أَنِّي فِي الْآبِ وَالْآبَ فِيَّ – يوحنا 10 :30 ,14 :11 – .

أما قول القرآن : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة والذي يستند عليه أعداء المسيحيّة :

فقد قيلت بطائفة المرقونيين الذين لفظتهم الكنيسة وحرمت أتباعهم ,لأنهم علَّموا بتثليث باطل ,ونادوا بثلاثة آلهة وهم :

أ – عادل, أنزل التوارة

– ب – صالح : نسخ التوراة

– ج – شرير ,وهو إبليس

كما أن الإسلام في نصوصه هذه ,حارب طائفتي المانوية والديصانية اللتين تقولان بإلهين أحدهما للخير وهو جوهر النور ,والثاني للشر وهو جوهر الظلمة.

إذاً فالإسلام لم يحارب عقيدة الثالوث المسيحيّة الصحيحة ,كما يتوهم البعض. ولهذا لا أعتبر أن آيات القرآن المقاومة لتعدد الألهة كانت موجَّهة ضد المسيحيّة.

وحين نتتبع هذا الموضوع في الكتب الإسلامية ,نرى أن علماء المسلمين بحثوا في عقيدة الثالوث

وهذه هي تعليقاتهم على قول القرآن : ولا تقولوا ثلاثة – النساء 4 :171 – .

1– تفسير الزمخشري: يقولون: هو جوهر واحد, ثلاثة أقانيم.

إن صحت الحكاية عنهم أنهم يقولون : هو جوهر واحد ,ثلاثة أقانيم : أقنوم الآب وأقنوم الابن وأقنوم روح القدس ,وأنهم يريدون بأقنوم الآب الذات وبأقنوم الابن العلم وبأقنوم روح القدس الحياة فتقديره – الله ثلاثة – . وإلاَّ فتقديره – الآلهة ثلاثة – . والذي يدل عليه القرآن التصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة وأن المسيح ولدُ الله من مريم. ألا ترى إلى قوله : أأنت قلت للناس : اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ! وحكاية الله أوثق من حكاية غيره .

وقد علَّق كاتب مسيحي حكيم على تفسير الزمخشري بقوله : نعم ,إن حكاية الله أوثق من حكاية غيره. لكن القرآن حكى في تلك الآية لتفسير الثلاثة مقالة بعض النصارى من جهال العرب في تثليثهم الكافر الذي كفَّرته المسيحيّة قبل القرآن. فجاء الزمخشري وجعل من ذلك التثليث المنحرف تثليث المسيحيّة ظلماً وعدواناً ,مع أنه ينقل التثليث المسيحي الصحيح بتعبيره الصريح : الله ثلاثة : جوهر واحد ,ثلاثة أقانيم . ولماذا يشك في صحة قولهم الذي يورده عنهم ,وينسب اليهم قولاً كافراً هم منه براء؟ انه يفتري على القرآن وعلى المسيحية إذ يقول : وحكاية الله أوثق من حكاية غيره .

2– تفسير البيضاوي: الله ثلاثة أقانيم: الآب والابن وروح القدس.

ولا تقولوا : ثلاثة! أي الآلهة ثلاثة : الله والمسيح وأمه. ويشهد عليه قوله : أأنت قلت للناس : اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟أو الله ثلاثة إن صحَّ انهم يقولون : الله ثلاثة أقانيم ,الآب والابن وروح القدس ,ويريدون بالآب الذات وبالابن العلم وبروح القدس الحياة .

والمسيحيون يسألون البيضاوي وأمثاله : لماذا هذا الشك من مقالتهم التي بها يجهرون؟ ولماذا الافتراء عليهم بنسبة مقالة كافرة من بعض جهال الجاهلية ,الى المسيحيّة جمعاء ,وهي منها براء؟

فالبيضاوي ينقل أيضاً صيغة التثليث الصحيح ولا يكفِّرها ,بل يكذب عليها مثل غيره ,اعتماداً على ظاهر القرآن في ما لا يعني المسيحيّة بشيء.

3– تفسير الرازي: صفات ثلاث فهذا لا يمكن انكاره.

الرازي مفسّر متكلّم. وهو يتعرّض لصيغة التثليث المسيحي ويطبق عليها تكفير القرآن للثلاثة ,لتفسيره الخاطيء :

قوله – ثلاثة – خبر مبتدأ محذوف. ثم اختلفوا في تعيين ذلك المبتدأ على وجوه :

الأول : ما ذكرناه ,أي ولا تقولوا الأقانيم ثلاثة. المعنى لا تقولوا : إن الله سبحانه هو واحد بالجوهر ,ثلاثة بالأقانيم. واعلم أن مذهب النصارى مجهول جداً ,والذي يتحصل منه أنهم أثبتوا ذاتاً موصوفة بصفات ثلاث. إلاَّ أنهم سمُّوها صفات ,وهي في الحقيقة ذوات قائمة بأنفسها. فلهذا المعنى قال : ولا تقولوا : ثلاثة. انتهوا . فأما إن حملنا الثلاثة على أنهم يُثبتون صفات ثلاث فهذا لا يمكن إنكاره. وكيف لا نقول ذلك ,ونحن نقول : هو الله الملك القدوس السلام العالِم الحي القادر المريد . ونفهم من كل واحد من هذه الألفاظ غير ما نفهمه من اللفظ الآخر. ولا معنى لتعدد الصفات إلاَّ ذلك. فلو كان القول بتعدّد الصفات كفر ,لزم ردّ جميع القرآن ,ولزوم ردّ العقل ,من حيث نعلم بالضرورة أن المفهوم من كونه تعالى عالماً ,غير المفهوم من كونه حياً.

الثاني : آلهتنا ثلاثة ,كما قال الزجّاج مستشهداً بآية المائدة – 5 :116 – .

الثالث : قال الفرّاء : هم ثلاثة كقوله : سيقولون : ثلاثة . وذلك لأن ذكر عيسى ومريم مع الله بهذه العبارة يوهم كونهما إلهين .

ويعلق الكاتب المسيحي الحكيم ,الذي اقتبسنا منه بقوله : ونحن لا يعنينا التفسير اللغوي للمبتدأ المحذوف. إنما يهمنا تفسير الرازي لمقالة المسيحيين في التثليث. فهو يرد الأقانيم الثلاثة لأنها في الحقيقة ذوات قائمة بأنفسها .

وهذا هو غلطه في فهم العقيدة المسيحيّة. فليست الأقانيم الثلاثة في الله ذوات قائمة بأنفسها ,انما ذوات قائمة في

جوهر الله الفرد .

والتثليث المسيحي هو كما وصفه الرازي : أنهم أثبتوا ذاتاً موصوفة بصفات ثلاث .

والمسيحيون يسمون هذه الصفات الإلهية الثلاث : الأبوة والبنوّة والروحانية في الله أقانيم لتمييزها عن سائر صفات الله. فتلك الأقانيم الثلاثة هي صلات ذاتية كيانية لا محض صفاتية وهي قائمة في الجوهر الإلهي الفرد. لذلك نردّ على الرازي قوله : فأما إن حملنا الثلاثة ويجب أن نحملها على أنهم يثبتون صفات ثلاث ,فهذا لا يمكن إنكاره… فلو كان القول بتعدد الصفات كفر ,لزم رد جميع القرآن ,ولزم رد العقل .

فالمسيحيون يثبتون في الله ذاتاً موصوفة بصلات ذاتية كيانية ثلاث ,يسمّونها الآب والكلمة والروح.

هذا هو التثليث المسيحي الصحيح الذي لمحه الرازي وابتعد عنه لعقدة في نفسه.

وهذا ما يثبته المسيحيون من صلات ذاتية ,أو صفات كيانية ,في الله. فمن أنكرها لزمه ردّ القرآن ,ولزمه رد العقل ,لأن هذا التثليث الصحيح من صميم التوحيد.

4– تفسير الغزالي: وهو ينصف المسيحيّة في عقيدتها التثليثية. قال حجة الإسلام الإمام الغزالي في كتابه الرد الجميل ص 43 , يحلّل التثليث المسيحي : يعتقدون أن ذات الباري واحدة. ولها اعتبارات :

1فإن اعتُبرت مقيَّدة بصفة لا يتوقف وجودها على تقدم وجود صفة قبلها كالوجود, فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم الآب. وان اعتُبرت موصوفة بصفة يتوقفوجودها على تقدم وجود صفة قبلها ,كالعلم فإن الذات يتوقف اتّصافها بالعِلم على اتّصافها بالوجود فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم الابن أو الكلمة. وان اعتُبرت بقيد كون ذاتها معقولة لها ,فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم روح القدس.

فيقوم اذن من الآب معنى الوجود ,ومن الكلمة أو الابن معنى العلم ,ومن روح القدس كون ذات الباري معقولة له. هذا حاصل هذا الاصطلاح فتكون ذات الإله واحدة في الموضوع ,موصوفة بكل أقنوم من هذه الأقانيم.

2ومنهم من يقول: ان الذات, إن اعتُبرت من حيث هي ذات, لا باعتبار صفة البتة, فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن العقل المجرد, وهو المسمَّى عندهم بأقنوم الآب. وان اعتُبرت من حيث هي عاقلة لذاتها ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن معنى العاقل ,وهو المسمى بأقنوم الابن أو الكلمة. وإن اعتُبرت بقيد كون ذاتها معقولة لها ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن معنى المعقول ,وهو المسمى بأقنوم روح القدس.

فعلى هذا الاصطلاح يكون العقل عبارة عن ذات الله فقط ,والآب مرادفاً له ,والعاقل عبارة عن ذاته بقيد كونها عاقلة لذاتها ,والابن أو الكلمة مرادف له ,والمعقول عن الإله عبارة عن الإله الذي ذاته معقولة له ,وروح القدس مرادف له.

هذا اعتقادهم في الأقانيم : وإذا صحَّت المعاني فلا مشاحة في الألفاظ ,ولا في اصطلاح المتكلمين .

ويعلّق الكاتب الحكيم على أقوال الغزالي فيقول :

فالغزالي يشهد للمسيحيين بالتوحيد. ويشهد لهم بصحة اصطلاحهم في تفسير التثليث في التوحيد ,بناءً على الاعتبارين اللذين ساقهما عنهم : الأول على اعتبار الأقانيم في الله صفات ذاتية ,في الذات الإلهية الواحدة ,والثاني على اعتبار الأقانيم في الله أفعالاً ذاتية في الذات الإلهية الواحدة.

والقول الصحيح الذي يجمع الأفعال الذاتية والصفات الذاتية ,في الله الواحد الأحد ,

كونها صلات كيانية بين الله الآب وكلمته وروحه ,في الجوهر الإلهي الفرد .

وقد أنصف الغزالي التثليث المسيحي في هذا الحكم : إذا صحت المعاني فلا مشاحة في الألفاظ ,ولا في اصطلاح المتكلمين . والمعاني قد صحَّت ,بحسب التنزيل الإنجيلي ,والكلام المسيحي الذي يفصّله.

مطابقة الأشعرية للمسيحيّة

الأشعرية هي مذهب أهل السنّة والجماعة في الإسلام. ومقالتها في مشكل الذات والصفات في الله ,هي أصحّ تعبير لحقيقة الأقانيم الثلاثة في الله.

كانت الصفاتية تقول : صفات الله هي غير ذاته ,مما يقود إلى القول بقديمين. فجاءت المعتزلة تقول : صفات الله هي عين ذاته مما يقود إلى التعطيل في الله. وقامت الأشعرية تقول بمنزلة بين المنزلتين : الصفات في الله ليست هي عين الذات ,ولا هي غيرها ,إنما هي في منزلة بين المنزلتين . وكيف يكون ذلك؟ هذا سر الله في ذاته. وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً – الإسراء 17 :85 – .

والتعبير الأشعري ,وهو قول الإسلام في الذات والصفات ,أصحّ تعبير للتثليث المسيحي : إن الأقانيم الثلاثة في الله الواحد الأحد صفات ذاتية ,بل صلات كيانية ليست هي عين الذات ولا هي غيرها ,انما هي في منزلة بين المنزلتين .

وإذا قيل : كيف يكون ذلك؟ أُجيب بما قاله الإمام مالك في الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى – طه 20 :5 – . قال : الاستواء غير مجهول ,والكيف غير معقول ,والسؤال عنه بدعة .

فإذا كان السؤال عن تعبير قرآني مجازي بدعة ,فكم بالحري السؤال عن صلات الله الأقنومية في ذاته؟ لذلك يكفر من يحوّل الكلام في الذات والأقانيم إلى عملية حسابية ,فيقول : كيف يكون الواحد ثلاثة؟ كلا ليس الواحد ثلاثة ,على اعتبار واحد ,وعلى صعيد واحد ,انما الله واحد في ذاته مثلث في صفاته ,أو صلاته الذاتية أي أقانيمه الثلاثة. وليس في هذا ما يتعارض مع النقل الكريم ,ولا مع العقل السليم.

هذا هو التثليث الصحيح ,في التوحيد الخالص.

وهذا التثليث الإنجيلي في التوحيد الكتابي ليس بالتثليث المنحرف الكافر الذي يكفّره القرآن بمقالته في الثلاثة ,وصيغها الأربعة ,وقد كفرتها المسيحيّة من قبله.

لذلك فتكفير التثليث المسيحي باسم التوحيد القرآني ,هو افتراء على التوحيد وعلى القرآن ,وجهل بالإنجيل والعقيدة المسيحيّنة.

ان التثليث المسيحي في التوحيد الخالص هو تفسير مُنزَل لحياة الحي القيوم في ذاته الصمدانية ,فلا خلاف على الاطلاق بين التوحيد القرآني والتثليث الإنجيلي ,في التوحيد الكتابي المتواتر في التوراة والإنجيل والقرآن.

 

لا يختلف المسلمون على ألوهية الآب … ولكن

تعليق على أحد صفات الله (فاطر السموات والأرض – فكرة من موقع الأخ فادي) (الأنعام 14 ، يوسف 101، ابراهيم 10، فاطر 1، الزمر 46، الشورى 11)

الطبري:

 ويعني بقوله:”فاطر السماوات والأرض” ، مبتدعهما ومبتدئهما وخالقهما، كالذي:-

13111 – حدثنا به ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت لا أدري ما”فاطر السماوات والأرض“، حتى أتاني أعرابيّان يختصمان في بئر، فقال أحدهما لصاحبه:”أنا فَطَرتها”، يقول: أنا ابتدأتها.

ابن كثير:

قال سفيان الثوري، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما [لصاحبه] : (1) أنا فطرتها، أنا بدأتها

كون ابن عباس (العربي القرشي) لا يدرك معنى فاطر … أشارة صريحة إلى أنها من الكلمات الأعجمية التي عربتها ألسنة العرب من الاستعمال ، ومن المعروف والمشهور القلب بين الفاء والباء بين اللغات  القديمة (وعلى الأخص بين السامية والحامية) على غرار تحول أسم (پارس) القديم الى ( فارس) الحالي. أو كما أبّا العربية ومقابلها أفاّ في القبطية واليونانية Ava

بالمثل من الممكن أن تكون فاطر أصلها اللغوي باتر Pater بمعني أب والمشتق منها علم الآبئيات Patrology

والله كأب هو بداية أو مبتدأ الخلق من العدم … وهو ما توضحه كلمة فاطر الدخيلة على العربية … لأن فَطَرَ العربية تعني الشق والانشقاق لا الابتداء والخلق

فيكون فاطر السموات والأرض ، أي الآب … أو Pater

————————

وماذا عن المسيح والروح القدس ؟؟؟

يتابع اسكندر جديد

عمانوئيل : الله معنا

في سنة 905 هـ عُقد في الأزهر اجتماع ضمَّ الشيخ بدر الدين العلائي الحنفي ,والشيخ زكريا ,والشيخ برهان الدين بن أبي شريف ,والشيخ ابراهيم المواهبي الشاذلي ,وجماعة. وصنَّف الشيخ ابراهيم رسالة هذا نصها :

بُحث في الاجتماع موضوع معيّة الله معنا .

فقال الشيخ بدر الدين العلائي والشيخ زكريا والشيخ برهان : بل هو معنا بأسمائه وصفاته لا بذاته .

فقال الشيخ ابراهيم : بل هو معنا بذاته وصفاته .

فسألوه : ما الدليل على ذلك؟ .

فأجاب : قوله في القرآن والله معكم ومعلوم أن الله علم على الذات. فيجب اعتقاد المعيّة الذاتية ذوقاً وعقلاً ,لثبوتها نقلاً وعقلاً .

فقالوا له : أوضح لنا ذلك .

فقال : حقيقة المعيّة مصاحبة شيء لآخر ,سواء واجبين كذات الله تعالى مع صفاته ,أو جائزين كالإنسان مع مثله. أو واجباً وجائزاً ,وهو معيّة الله تعالى لخَلقه بذاته وصفاته ,المفهومة من قوله في القرآن والله معكم . ومن نحو إن الله مع المحسنين و إن الله مع الصابرين . وذلك لما قدمناه من أن مدلول الاسم الكريم الله إنما هو الذات اللازمة لها الصفات المتعيّنة ,لتعلقها بجميع الممكنات…

وقد قال العلّامة الغزنوي في شرح عقائد النسفي ,إن قول المعتزلة وجمهور النجارية : إن الحق تعالى بكل مكان بعلمه وقدرته وتدبيره ,دون ذاته ,باطل. لأنه لا يلزم أن من علم مكاناً أن يكون في ذلك بالعِلم فقط ,إلا إن كانت صفاته تنفكّ عن ذاته ,كما هو صفة علم الخلق لا علم الحق .

 فسألوه : فهل وافقك أحد غير الغزنوي في ذلك؟

فقال : نعم ,ذكر شيخ الإسلام ابن اللبان في قوله : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ – سورة الواقعة 56 :85 – إن في هذه الآية دليلاً على أقربيّته تعالى من عبده قرباً حقيقياً ,كما يليق بذاته لتعاليه عن المكان. إذ لو كان المراد بقربه تعالى من عبده ,قربه بالعلم أو بالقدرة أو بالتدبير ,مثلاً لقال ولكن لا تعلمون ونحوه. فلما قال : ولكن لا تبصرون دلَّ على أن المراد به القُرب الحقيقي المدرك بالبصر ,لو كشف الله عن بصرنا. فإن من المعلوم أن البصر لا يتعلق لإدراكه بالصفات المعنوية ,وإنما يتعلق بالحقائق المرئية.

قال وكذلك القول في قوله وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ – ق 50 :16 – هو يدل أيضاً على ما قلناه ,لأن أفعل من قرب يدل على الاشتراك في اسم القرب ,وإن اختلف الكيف ,ولا اشتراك بين قرب الصفات وحبل الوريد ,لأن قرب الصفات معنوي ,وقرب حبل الوريد حسي ,ففي نسبة أقربيته تعالى إلى الإنسان من حبل الوريد ,الذي هو حقيقي ,دليل على أن قربه تعالى حقيقي ,أي بالذات اللازم لها الصفات .

وقال الشيخ ابراهيم : وبما قررناه لكم انتفى أن يكون المراد قربه تعالى منا بصفاته دون ذاته. وان الحق الصريح هو قربه منا بالذات أيضاً ,إذ الصفات لا تعقل مجردة عن الذات المتعالي كما مرَّ .

فقال له العلائي : فما قولكم في قوله : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ – سورة الحديد 57 :4 – فإنه يوهم ان الله تعالى في مكان؟ فقال الشيخ ابراهيم : لا يلزم من ذلك في حقه تعالى المكان ,لأن أين في الآية انما أُطلقت لإفادة معيّة الله تعالى للمخاطَبين في الأين اللازم لهم ,لا له تعالى كما قدمنا ,فهو مع صاحب أين بلا أين .

فدخل عليهم الشيخ العارف بالله تعالى سيدي محمد المغربي الشاذلي ,شيخ الجلال السيوطي.

فقال : ما جمعكم هنا؟ فذكروا له المسألة .

فقال : تريدون علم هذا الأمر ذوقاً أو سماعاً ؟

أجابوا : سماعاً .

فقال : معيّة الله أزلية ,ليس لها ابتداء. وكانت الأشياء كلها ثابتة في علمه أزلاً يقيناً بلا بداية ,لأنها متعلقة به تعلُّقاً يستحيل عليه العدم ,لاستحالة وجود علمه الواجب وجوده بغير معلوم ,واستحالة طريان تعلقه بها لما يلزم عليه من حدوث علمه تعالى بعد أن لم يكن. وكما أن معيته تعالى أزلية ,كذلك هي أبدية ,ليس لها انتهاء. فهو تعالى معها ,بعد حدوثها من العدم عيناً .

 فأدهش الحاضرين بما قاله ,فقال لهم : اعتمدوا ما قررته لكم في المعيّة واعتمدوه ,ودعوا ما ينافيه ,تكونوا منزِّهين لمولاكم حق التنزيه ,ومخلصين لعقولكم من شبهات التشبيه. وإن أراد أحدكم أن يعرف هذه المسألة ذوقاً ,فليسلّم قيادَه لي ,أخرجه عن وظائفه وثيابه وماله وأولاده ,وأدخله الخلوة ,وأمنعه النوم وأكل الشهوات ,وأنا أضمن له وصوله إلى علم هذه المسألة ذوقاً وكشفاً .

قال الشيخ ابراهيم : فما تجرأ أحد أن يدخل معه في ذلك العهد . ثم قام الشيخ زكريا والشيخ برهان والجماعة فقبّلوا يده وانصرفوا.

إنّ أقوال هؤلاء العلماء الأفاضل عن معيّة الله توضح ان حقيقة المعيَّة هي مصاحبة شيء لآخر ,سواء كانا واجبين كذات الله مع صفاته ,أو جائزين كوجود الإنسان مع مثله ,أو واجباً وجائزاً ,وهو معية الله تعالى لخلقه بذاته وصفاته المفهومة من قول القرآن والله معكم أو من قول الكتاب المقدس : هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ا بْناً ,وَيَدْعُونَ ا سْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ – الَّذِي تَفْسِيرُهُ : اَللّهُ مَعَنَا – – متى 1 :23 – . أو من قول المسيح : أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الْأَيَّامِ إلى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ – متى 28 :20 – .

وإذ تقرر ذلك أقول : إن حلول اللاهوت في الناسوت جائز. فليس كمعية الواجب للجائز. بل هو أسمى بما لا يُقاس. وإنما أوردت المعية لتوضيح هذه المسألة ,أو تقريبها لعقولنا. فإن الاسلام يعترف بمعية الله لخلقه بذاته وصفاته ,وهو أمر فوق عقل البشر. إذاً كيف يرفض عامة المسلمين اعتقاد المسيحيين بتجسد الكلمة؟

———————

المسيح في القرآن

بالرغم من أن الإسلام يحسب عبادة المسيح غلواً في الدين ,فإن القرآن يضفي على المسيح صفات وكرامات تجعله فوق البشر. وهذه الميزات تنبع من سيرته ,ومن رسالته ,ومن شخصيته الفائقة. وحين نقارن بين هذه الميزات التي ذكرها القرآن للرسل والأنبياء نرى أنه لم يُعط أحداً منهم ,حتى محمداً شيئاً من ميزات المسيح.

1- الحبل والولادة العجيبان : جاء في القرآن : وَا ذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ ا نْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً فَا تَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِا لرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً فَحَمَلَتْهُ فَا نْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً – مريم 19 :16-23 – .

جاء في كتاب التفسير الكبير للإمام الرازي ,انه كان لمريم في منزل زوج أختها زكريا محراب على حدة تسكنه. وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها ,فتمنَّت على الله أن تجد خلوة في الجبل ,فانفرج السقف لها. فخرجت إلى المغارة فجلست في المشرفة وراء الجبل. ولما جلست في ذلك أرسل الله إليها الروح.

واختلف المفسرون في هذا الروح. فقال الأكثرون إنه جبريل عليه السلام. وقال أبو مسلم إنه الروح الذي تصور في بطنها بشراً. والأول أقرب ,لأن جبريل عليه السلام يُسمَّى روحاً ,وإنما تمثَّل لها في صورة إنسان لتستأنس بكلامه ولا تنفر عنه.

لما علم جبريل خوفها ,قال لها : أنا رسول ربك ليزول عنها الخوف جئت لأهب لك غلاماً زكياً ,أي طاهراً. فتعجبت مما بشرها به لأنها عرفت بالعادة أن الولادة لا تكون إلا من رجل. فقالت أنَّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر؟ فأجابها جبريل : كذلك قال ربك هو عليّ هين.

وقال القرآن : وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ – التحريم 66 :12 – .

قال الإمام الرازي : اختلفوا في النافخ فقال البعض : كان النفخ من الله تعالى ,لقوله : فنفخنا فيه من روحنا وظاهر أن النافخ هو الله تعالى. وقال آخرون هو جبريل عليه السلام ,لأن الظاهر من قول جبريل لأهب لك .

 ثم اختلفوا في كيفية ذلك النفخ على عدة أقوال :

– الأول – قول وهب إنه نفخ في جيبها حتى وصلت إلى الرحم.

– الثاني – في ذيلها فوصلت إلى الفرج.

– الثالث – قول السدي أخذ بكمها فنفخ في جنب درعها فدخلت النفخة صدرها فحملت. فجاءتها أختها امرأة زكريا تزورها فالتزمتها. فلما التزمتها علمت أنها حبلى وذكرت مريم حالها ,فقالت امرأة زكريا : إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك. فذلك قوله تعالى : مصدقاً بكلمة من الله .

– الرابع – ان النفخة كانت في فيها فوصلت إلى بطنها في الحال .

وقال : اختلفوا في مدة حملها على وجوه :

الأول – قول ابن عباس إنها كانت تسعة أشهر ,كما في سائر النساء بدليل أن الله تعالى ذكر مدائحها في هذا الموضوع. فلو كانت عادتها في مدة حملها بخلاف النساء لكان ذلك أَوْلى بالذكر.

الثاني – إنها كانت ثمانية أشهر ,ولم يعش مولود وُضع لثمانية أشهر إلا عيسى ابن مريم.

الثالث – وهو قول عطاء وأبي العالية والضحاك ,سبعة أشهر.

الرابع – انها كانت ستة أشهر.

الخامس – ثلاث ساعات ,حملته في ساعة ,وصُوِّر في ساعة ,ووضعته في ساعة.

السادس – وهو قول ابن عباس أيضاً ,كانت مدة الحمل ساعة واحدة.

ويمكن الاستدلال عليه من وجهين :

الأول – قوله تعالى : فحملته فانتبذت به ,فأجاءها المخاض ,فناداها من تحتها والفاء للتعقيب ,فدلَّت هذه الفاءات على أن كل واحد من هذه الأحوال حصل عقيب الآخر من غير فصل ,وذلك يوجب كون مدة الحمل ساعة واحدة.

الثاني – ان الله تعالى قال في وصفه : إن مثَل عيسى عند الله كمثَل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون فثبت ان عيسى كما قال الله تعالى له : كن فيكون هذا مما لا يتصور فيه مدة الحمل ,وإنما تعقل تلك المدة في حق من يتولد من النطفة – التفسير الكبير جزء 21 ص 197-202 – .

وعلق البيضاوي على ولادة المسيح المعجزية ,فقال : تلك ميزة تفرَّد بها المسيح على العالمين والمرسَلين. لأنه وُلد من دون أن تضمه الأصلاب والأرحام الطوامس .

وعلَّق الفخر الرازي على الموضوع بقوله :

– أ – لأهب لك غلاماً زكياً قال : الزكي يفيد أموراً ثلاثة :

– الأول – أنه الطاهر من الذنوب.

– الثاني – أنه ينمو على التزكية ,لأنه يُقال فيمن لا ذنب له زكي.

 – الثالث – النزاهة والطهارة.

 

– ب – العبارة لنجعله آية للناس ورحمة أي لنجعل ولادته آية للناس ,إذ وُلد من غير ذكر. ورحمة منا ,أي يرحم عبادنا بإظهار هذه الآيات ,حتى تكون دلائل صدقه أبهر ,ويكون قبول قوله أقرب .

وعلق الإمام أبو جعفر الطبري على قوله : غلاماً زكياً فقال : الغلام الزكي هو الطاهر من الذنوب. وكذلك تقول العرب : غلام زاك وزكي وعال وعلي .

2- كونه مباركاً : نقرأ في سورة مريم عن لسان المسيح : وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ – مريم 19 :31 – .

قال الإمام أبو جعفر الطبري عن يونس بن عبد الأعلى عن سفيان : أن تفسير جعلني مباركاً هو جعلني معلّماً للخير .

وقال السيوطي : وجعلني مباركاً أين ما كنت أي نفَّاعاً للناس .

3- كونه مؤيداً بالروح القدس : وَآتَيْنَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ – البقرة 2 :87 و253 – .

قال ابن عباس : ان روح القدس ,هو الاسم الذي كان يحيي به عيسى الموتى وقال أبو مسلم : ان روح القدس الذي أُيِّدَ به يجوز أن يكون الروح الطاهرة التي نفخها الله تعالى فيه وأبانه بها عن غيره ممن خلق من اجتماع نطفتي الذكر والأنثى .

ونقرأ في النساء 4 :171 : إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرَوُحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِا للَّهِ وَرُسُلِهِ .

وخلاصة هذه الآيات أن الله أعطى عيسى في ذاته روحاً ,وأن هذا الروح يؤيّده في شخصيته.

4- رفعته عند وفاته : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذِينَ كَفَرُوا – آل عمران 3 :55 – .

قال الإمام الرازي : لتفسير هذه الآية عدة وجوه منها : – الوجه الأول – المراد بالرفعة ,إني رافعك إلى محل كرامتي. وجعل ذلك رفعاً إليه للتضخيم والتعظيم. ومثلها قوله إني ذاهب إلى ربي – هذه العبارة مستعارة من الإنجيل – . – الوجه الثاني – في التأويل أن يكون قوله ورافعك إليَّ معناه أنه يرفعه إلى مكان لا يملك أحد الحكم عليه فيه. لأن في الأرض قد يتولى الخلق أنواع الأحكام ,أما في السموات فلا حاكم في الحقيقة وفي الظاهر إلا الله .

5- عصمته في رسالته كما في سيرته : يتوهم البعض أن العصمة في الرسالة تقترن حتماً بالعصمة في السيرة. ولكن نصوص القرآن تنقض هذا الوهم. إذ نقرأ في سوره الكثير من النصوص التي تفيد أن أنبياء أخطأوا ,قبل الرسالة وبعدها. أما المسيح في القرآن ,فسيرته معصومة كرسالته ,فقد شُهد له أنه زكي. قال الإمام البيضاوي في تفسير كلمة زكي : إن عيسى كان مترقياً من سن إلى سن .

6- تفرُّد رسالته بالبينات : فكما انفردت رسالته عن الرسالات جميعاً بتأييد الروح القدس ,هكذا انفردت أيضاً بالبيّنات وباستجماعها ,كما لم تجتمع لغيره ,إذ نقرأ في البقرة 2 :253 : وقد آتينا عيسى البيّنات والبيّنات هي العجائب.

قال الإمام البيضاوي : لقد خصَّه الله بالتعيين وجعل معجزاته سبب تفضيله على الرسل ,لأنها آيات واضحة ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره .

 

7- تفرّد المسيح في اليوم الآخر

يتفرد المسيح كما صوَّره القرآن في حمله وولادته وطفولته ومعجزاته وموته ورفعه على سائر الأنبياء والمرسلين. بل أن القرآن خصَّه بأخريات لم تُنسَب لنبي قط حتى قال القرآن فيه وإنه لَعِلْمٌ للساعة أي أن نزوله إلى الدنيا مرة أخرى نذير بقيام الساعة. يقول الجلالان : وإنه عيسى لعِلْمٌ للساعة تُعلم بنزوله . وقال البيضاوي : وانه لَعلمٌ للساعة لأن حدوثها ونزوله من أشراط الساعة. يُعلم به دُنوُّها. وقريء لَعَلَمٌ وهو العلامة . وقال الزمخشري : وانه لعلم للساعة أي شرط من أشرطها تُعلم به .

كذلك نقرأ في كتب الصحاح المعتمدة أمثال البخاري ومسلم أبواباً خصَّصت عشرات الأحاديث الموصولة السند عن نزول المسيح ابن مريم ,وأعطته مكانة لم تُعْط لنبي من الأنبياء.

روي عن محمد : يكون عيسى عليه السلام في أمتي حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً .

وروي عنه أيضاً : ليُدْركن المسيح ابن مريم رجالاً من أمتي مثلكم أو خيراً منكم .

وفي الحديث أيضاً : ينزل عيسى ابن مريم فيتزوج ويُولد له ولد ويمكث خمساً وأربعين سنة ويدفن معي في قبري ,فأقوم أنا وعيسى من قبر واحد بين أبي بكر وعمر !!

وروي أيضاً في الحديث الصحيح : الأنبياء إخوة. أمهاتهم شتى ودينهم واحد. وأنا أوْلى الناس بعيسى ابن مريم ,لأنه لم يكن بيني وبينه نبي. فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ,كأن رأسه تقطر ولم يصبه بلل !!.

إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن.. لماذ خصَّ الإسلام المسيح بهذه المكانة التي ميَّزته عن سائر أنبياء القرآن؟ وما هي الحكمة التي يراها المسلمون في نزول المسيح في ذلك الوقت دون غيره من المرسلين أولي العزم؟!

أجاب على هذا السؤال الإمام القرطبي في كتابه التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة . يقول في ص 764 : يحتمل أن المسيح قد وجد في الإنجيل فضل أمة محمد – ص – ,فدعا الله عزَّ وجلّ أن يجعله من أمة محمد – ص – فاستجاب الله تعالى دعاءه ورفعه إلى السماء إلى أن ينزله آخر الزمان مجدداً لما درس من دين الإسلام ,فوافق خروج الدجال فقتله !!!

ويحتمل أن يكون إنزاله مدة لدنو أجله ,لا لقتال الدجّال لأنه لا ينبغي لمخلوق من التراب أن يموت في السماء لكن أمره يجري على ما قال الله تعالى : مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى – طه 20 :55 – فينزله الله تعالى ليقبره في الأرض مدة يراه فيها من يقرب منه ويسرع به من نأي عنه ,ثم يقبضه فيتولى المؤمنون أمره ويصلّون عليه ويُدفن حيث دُفن الأنبياء !!

ويحتمل أن يكون ذلك لأن اليهود همَّت بقتله وصلبه وجرى أمرهم معه على ما بيّنه الله تعالى في كتابه وهم أبداً يدَّعون أنهم قتلوه وينسبونه في السحر وغيره إلى ما كان الله يراه ونزَّهه منه. ولا يزالون في ضلالهم هذا حتى تقترب الساعة ,فيظهر الدجال وهو أسحر السحرة ويبايعه اليهود ,فيكونون يومئذ جنده ,معتقدين أنهم ينتقمون به من المسلمين. فإذا صار أمرهم إلى هذا أنزله الله الذي عندهم انهم قد قتلوه .

وهذه كلها احتمالات قدّمها الإمام القرطبي ,وهي رصيد جديد من الأقوال الظنية ,والاجتهادات الفردية التي لا سند لها سوى النصوص المبهمة من القرآن والسنّة التي تناولت حياة المسيح.

 

8- انه الشفيع المقرَّب :

 حين نتأمل في الزُّمر 39 :44 ,نرى أن القرآن يحصر الشفاعة بالله وحده إذ يقول : لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً . ومع ذلك ,فإن أحد نصوص القرآن يلمح إلى كون الشفاعة أيضاً من امتيازات المسيح ,فيقول : إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ا سْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ – آل عمران 3 :45 – .

قال الجلالان في تفسير هذه الآية : وجيهاً في الدنيا بالنبوة ,وفي الآخرة بالشفاعة والدرجات العُلى ,ومن المقرَّبين عند الله .

وأخرج الإمام الطبري عن ابن حميد ,عن سلمة ,عن ابن اسحاق ,عن محمد بن جعفر ,قال : وجيهاً في الدنيا ,أي ذو وجاهة ومنزلة عند الله في الدنيا وفي الآخرة. و من المقربين يعني أنه ممن يقربه يوم القيامة ,فيُسكنه في جواره ويُدنيه منه .

وقال الإمام الرازي : وجيهاً في الدنيا بسبب أنه يُستجاب دعاؤه ,ويحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص. ووجيه في الآخرة انه يجعله شفيع أمته. أما قوله ومن المقربين ففيه وجوه :

– الأول – أنه تعالى جعل ذلك بالمدح العظيم للملائكة فألحقه بمثل منزلتهم ودرجتهم في هذه الصفة.

– الثاني – أن هذا الوصف كالتنبيه على أنه سيُرفع إلى السماء وتصاحبه الملائكة .

——————————-

معجزات المسيح في القرآن

1- الخَلْق : جاء في المائدة 5 :110 : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي .

قال ابن العربي في تفسير هذه الآية : لقد خصّ الله عيسى بكونه روحاً وأضاف النفخ في خلقه من الطين. ولم يضف نفخاً في إعطاء الحياة لغير عيسى ,بل لنفسه تعالى .

2-النطق عند الولادة : حين ولدت مريم ابنها تناولها قومها بالتأنيب ظناً بأنها حبلت به سفاحاً فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً – مريم 19 :29 ,30 – .

قال الإمام الرازي : إن زكريا أتى مريم عند مناظرة اليهود إياها ,فقال لعيسى : اِنطق بحجتك إن كنت أُمرت بها ,فقال عيسى : إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً .

3- إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص: يقول القرآن بلسان المسيح : وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ – آل عمران 3 :49 – . ومن المعروف أن الأكمه هو من وُلد أعمى ,والبرص هو المرض الخطير المعروف ,والمرضان من الأدواء التي يتعذر شفاؤها على البشر.

قال وهب بن منبّه : بينما كان عيسى يلعب مع الصبيان إذ وثب غلام على صبي فوكزه برجله فقتله ,فألقاه بين يدي عيسى وهو ملطخ بالدم. فطلع الناس عليه ,فاتهموه به. فأخذوه وانطلقوا به إلى قاضي مصر. فقالوا هذا قتل. فسأله القاضي ,فقال عيسى : لا. لا أدري من قتله ,وما أنا بصاحبه. فأرادوا أن يبطشوا بعيسى ,فقال لهم : ائتوني بالغلام ,فقالوا ماذا تريد؟ قال أسأله من قتله؟ فقالوا : كيف يكلمك وهو ميت؟ فأخذوه وأتوا به إلى الغلام القتيل ,فأقبل عيسى على الدعاء فأحياه الله .

وعن الكلبي أنه قال : كان عيسى عليه السلام يحيي الأموات ب : يا حي يا قيوم . وأحيا عاذر – يقصد لعازر – وكان صديقاً له. ودعا سام بن نوح من قبره ,فخرج حياً. ومر على ابن ميت لعجوز ,فدعا الله فنزل عن سريره ورجع إلى أهله وولد له .

4- العِلم بالغيب : قال القرآن بلسان المسيح : وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ – آل عمران 3 :49 – .

روى السُّدي أن عيسى كان يلعب مع الصبيان ثم يخبرهم بأفعال آبائهم وأمهاتهم. وكان يخبر الصبي : أن أمك قد خبأت لك كذا. فيرجع الصبي إلى أهله يبكي إلى أن يأخذ ذلك الشيء. ثم قالوا لصبيانهم : لا تلعبوا مع هذا الساحر. وجمعوهم في بيت ,فجاء عيسى يطلبهم. فقالوا له : ليسوا في البيت. فقال : فمن في هذا البيت؟ قالوا : خنازير. قال عيسى : كذلك يكونون . فإذا هم خنازير.

5- إنزال المائدة من السماء : جاء في المائدة 5 :112-114 : إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ ا تَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَاِئدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَّوَلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَا رْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ .

لقد اختلف الأئمة في صفة نزول المائدة وكيفيتها وما كان عليها ,فروى قتادة عن جابر عن ياسر بن عمار عن محمد أنه قال : أُنزلت المائدة عليها خبز ولحم. وذلك أنهم سألوا عيسى طعاماً يأكلون منه ولا ينفد. فقال لهم إني فاعل ذلك ,وانها مقيمة لكم ما لم تخبئوا أو تخونوا. فإن فعلتم ذلك عُذِّبتم. فما مضى يومهم حتى خانوا وخبّأوا ,فرُفعت المائدة ومُسخوا قردة وخنازير .

وقال ابن عباس : قال عيسى لبني اسرائيل : صوموا ثلاثين يوماً ,ثم سَلُوا الله ما شئتم فيعطيكموه. فصاموا ثلاثين يوماً. فلما فرغوا قالوا : يا عيسى ,اننا صمنا فجُعنا ,فادْعُ الله أن ينزّل مائدة من السماء. فلبس عيسى المسوح وافترش الرماد ,ثم دعا الله فأقبلت الملائكة بمائدة ,يحملون عليها سبعة أرغفة وسبعة أحْوات ووضعتها بين أيديهم فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم

———————————

الروح القدس في القرآن

حين ندرس آيات القرآن ,نرى أن عدداً منها يتكلم عن الروح القدس وعن عمله في تأييد المسيح. وكان يمكن أن يتلاقى الفكر الإسلامي عن الروح المبارك مع الفكر المسيحي لولا ذهاب أكثرية علماء الإسلام في تفاسيرهم إلى القول إن الروح القدس هو الملاك جبريل. في ما يلي بعض آيات القرآن التي جاء فيها ذكر الروح المبارك.

1- وَآتَيْنَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ – البقرة2 :253 – .

قال الحسن في تفسير الآية : القدس هو الله تعالى ,وروحه جبريل عليه السلام ,ومعنى القول ,أعنَّاه بجبريل في أول أمره ,وفي وسطه وفي آخره. أما أول الأمر فلقوله : فنفخنا فيه من روحنا. وأما في وسطه ,فإن جبريل عليه السلام علّمه العلوم وحفظه من الأعداء. وأما في آخر الأمر فحين أرادت اليهود قتله أعانه جبريل عليه السلام ,ورفعه إلى السماء .

وقال ابن عباس : ان روح القدس هو الاسم الذي كان يحيي به عيسى الموتى .

وقال أبو مسلم : إن روح القدس الذي أُيِّد به يجوز أن يكون الروح الطاهرة التي نفخها الله تعالى فيه ,وأبانه عن غيره ممن خلق من اجتماع نطفتي الذكر والأنثى .

2- وَآتَيْنَا عِيسَى ا بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ – البقرة 2 :87 – .

قال الإمام الرازي : اختلفوا في الروح على وجوه ,أحدها أنه جبريل عليه السلام. وإنما سُمِّي بذلك لوجوه :

– الأول – أن المراد من روح القدس ,الروح المقدس. كما يقال حاتم الجود ورجل صدق. فوصف جبريل بذلك تشريفاً له وبياناً لعلوّ مرتبته عند الله تعالى.

– الثاني – سُمّي جبريل عليه السلام بذلك لأنه يحيا به الدين كما يحيا البدن بالروح ,فإنه المتولي لإنزال الوحي إلى الأنبياء ,والمكلّفون بذلك يحيون في دينهم.

– الثالث – انه الغالب عليه الروحانية كذلك سائر الملائكة. غير أن روحانيته أكمل وأتم.

– الرابع – سُمّي جبريل عليه السلام روحاً ,لأنه ما ضمّته أصلاب الفحول وأرحام الأمهات.

– الخامس – المراد بروح القدس الإنجيل ,كما قال القرآن روحاً من أمرنا .

– السادس – انه الروح الذي نفخ فيه والقدس هو الله تعالى. فنسب روح عيسى عليه السلام إلى نفسه تعظيماً له وتشريفاً ,كما يُقال لبيت الله وناقة الله – عن الربيع – .

وأعلم أن اطلاق اسم الروح على جبريل وعلى الإنجيل وعلى الاسم الأعظم مجاز ,لأن الروح هو الريح المترددة في مخارق الإنسان ومنافذه. ومعلوم أن هذه الثلاثة ما كانت كذلك ,إلا أنه سُمِّي كل واحد من هذه الثلاثة بالروح على سبيل التشبيه. من حيث أن الروح كما أنه سبب لحياة الرجل فكذلك جبريل عليه السلام سبب لحياة القلوب بالعلوم ,والإنجيل سبب لظهور الشرائع وحياتها. والاسم الأعظم سبب لأن يتوسل به إلى تحصيل الأغراض. إلا أن المشابهة بين مُسمَّى الروح وبين جبريل أتمّ لوجوه : – احدها – لأن جبريل عليه السلام مخلوق من هواء نوارني لطيف ,فكانت المشابهة أتمّ ,فكان إطلاق اسم الروح على جبريل أَوْلى. – وثانيها – ان هذه التسمية فيه أظهر منها فيما عداه. – وثالثها – ان قوله تعالى : وأيّدناه بروح القدس يعني قّويناه ,والمراد من هذه التقوية الإعانة. وإسناد الإعانة إلى جبريل حقيقة. وإسنادها إلى الإنجيل والاسم الأعظم مجاز ,فكان ذلك أَوْلى. – ورابعها – وهو ان اختصاص عيسى بجبريل من أحد وجوه الاختصاص ,بحيث لم يكن لأحد من الأنبياء مثل ذلك ,لأنه هو الذي بشر مريم بولادتها ,وإنما وُلد عيسى من نفخة جبريل ,وهو الذي ربّاه في جميع الأحوال ,وكان يسير معه حيث سار ,وكان معه حين صعد إلى السماء – التفسير الكبير ج 3 ص 177،178 – .

3- رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ – غافر 40 :15 – .

يقول الإمام الرازي : اختلف العلماء في المراد بهذا الروح. والصحيح أن المراد هو الوحي. وحاصل الكلام فيه أن حياة الأرواح بالمعارف الإلهية والجلايا القدسية. فإذا كان الوحي سبباً لحصول هذه الأرواح ,سُمّي بالروح ,فإن الروح سبب لحصول هذه الحياة الروحانية.

وأعلم أن أشرف الأحوال الظاهرة في روحانيات هذا العالم ظهور آثار الوحي ,والوحي إنما يتم في أربعة أركان :

– فأولها – الرسل وهو الله سبحانه وتعالى. فلهذا أضاف إلقاء الوحي إلى نفسه فقال يلقي الروح .

– والركن الثاني – الإرسال والوحي وهو الذي سمّاه بالروح.

– والركن الثالث – أن وصول الوحي من الله تعالى إلى الأنبياء لا يمكن أن يكون إلا بواسطة الملائكة ,وهو المشار إليه في هذه الآية بقوله : من أمره . فالركن الروحاني يُسمَّى أمراً. قال تعالى : وأوحى في كل سماء أمرها .

– والركن الرابع – الأنبياء الذين يلقي الله الوحي وهو المشار اليه بقوله من يشاء من عباده .

– والركن الخامس – تعيين الغرض والمقصود الأصلي من إلقاء الوحي إليهم ,وذلك هو أن الأنبياء عليهم السلام يصرفون الخلق عن عالم الدنيا إلى عالم الآخرة ,ويحملونهم على الإعراض عن هذه الجسمانيات والإقبال على الروحانيات ,وإليه الإشارة بقوله : لينذر يوم التلاق فهذا ترتيب عجيب يدل على هذه الإشارات العالية من علوم المكاشفات الإلهية – التفسير الكبير ج 27 ص 44-45 – .

4- أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ – المجادلة 58 :22 – .

قال أهل التفسير : في تفسير هذه العبارات قولان :

– الأول – قال ابن عباس : نصرهم على عددهم ,وسَمّى تلك النصرة روحاً لأن بها يحيي أمرهم .

– الثاني – قال السدي : الضمير في قوله منه عائد إلى الإيمان ,والمعنى انه أيدهم بروح من الإيمان .

5- مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ – المعارج 70 :3 و4 – .

قال أهل التفسير : اعلم ان عادة الله تعالى في القرآن أنه متى ذكر الملائكة في معرض التهويل والتخويف أفرد الروح بعدهم ,كما في قوله : يوم يقوم الروح والملائكة صفاً . وهذا يقتضي أن الروح أعظم من الملائكة قدراً.

وقال بعض المكاشفين : ان الروح نور عظيم ,هو أقرب الأنوار إلى جلال الله ومنه تتشعّب أرواح سائر الملائكة. والبشر في آخر درجات منازل الأرواح ,بين الطرفين مراتب الأرواح الملكية ومدارج منازل الأرواح القدسية ,ولا يعلم كميتها إلا الله. وأما ظاهر المتكلمين فهو أن الروح هو جبريل عليه السلام – التفسير الكبير ج 30 ص 122 – .

6- يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً – النبأ 78 :38 – .

اختلفوا في الروح في هذه الآية. فعن ابن مسعود أنه ملك أعظم من السموات والجبال.

وعن ابن عباس : هو ملك أعظم من الملائكة خلقاً.

وعن مجاهد : خلق على صورة بني آدم.

وعن الضحّاك والشعبي : هو جبريل عليه السلام.

ومن هذه كلها ترى أن تعبير الروح القدس من متشابه القرآن.

1) فقد يعني الملاك جبريل كما في قوله : قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ – النحل 16 :102 – . قُلْ مَنْ كَانَ عَدُّواً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهُِ – البقرة 2 :97 – .

2) وقد يعني روح القدس الذي أيَّد المسيح في شخصيته أو دعوته ومعجزاته وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيدناه بروح القدس . يقول الجلالان : الروح المقدسة جبريل لطهارته يسير معه حيث سار وغيرهما يرون فيه ليس فقط الروح المؤيد له في دعوته ومعجزاته ,بل الروح المؤيد له في شخصيته. ولم يكن مستقلاً عن ذاته : روح عيسى ,ووصفها به لطهارته من مسّ الشيطان ,أو لكرامته على الله تعالى ,أو لأنه لم تضمَّه الأصلاب ولا الأرحام الطوامس ,أو الإنجيل ,أو اسم الله الأعظم الذي كان يحيي به الموتى – البيضاوي في تفسيره للبقرة 87 – . فروح القدس الذي أيَّد به الله المسيح هو الاسم الأعظم . والاسم دليل الذات ,والفعل برهان الذات ,فإحياء الموتى ,والمقدرة على الخلق هما من خصائص الذات الإلهية والاسم الأعظم. فروح القدس المحيي إما هو روح عيسى ,وإما هو الاسم الأعظم ذات في الله غير الله ,والمسيح كلمة الله ,فهو مما استأثر بعلمه .

3) فروح القدس الروح على الإطلاق هو روح من الله ,في الله ,يتمتع معه بالاسم الأعظم. وهذا هو تعليم الإنجيل أيضاً.

وتأييد الله للمسيح به ,لا يفارقه ساعة يسير معه حيث سار دليل على صلة خاصة ذاتية بين روح القدس والله ,وبين روح القدس والمسيح كلمة الله ,وتلك هي صورة التثليث المسيحي تتجلى لنا من تعابير القرآن نفسها.

الله والكلمة والروح

 

– فالقرآن إذاً ,مع تكفيره لتثليث منحرف بتعابيره في الثلاثة يشير إلى تثليث صحيح : الله والكلمة والروح. ولكي نزيد الأمر وضوحاً عن حقيقة العلاقة بين المسيح وروح القدس ,أو بالأحرى بين الأقانيم الثلاثة كما أشار إليها القرآن. نقول إن الواقع القرآني هو أن في شخصية المسيح ازدواجية ,فبحسب ظاهر القرآن ان المسيح عيسى ابن مريم هو بشر أي عبد لا ربّ ,ومع ذلك أيضاً فهو بنص القرآن القاطع روح الله وروح الله في أدنى معانيه يعني أنه ملاك : فهل يكون المسيح بشراً وملاكاً معاً؟ أي ملاكاً متأنِّساً؟ هذا حرف القرآن ومنطوقه!

على كل حالٍ فالمسيح بشر ,وأسمى من البشر معاً. وهذا برهان قاطع على الازدواجية القرآنية في شخصية المسيح.

انظر إلى التعبير القرآني لهذه العلاقة كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وهو تعبير فريد خاص بالمسيح وحده ,لا مثيل له في القرآن كله. فقوله : روح منه يدل على المصدرية كما فسره البيضاوي : أي صدر منه. وهذا الصدور يفسّره الاسم الثاني المرادف له : كلمته .

ان المسيح روح من الله يصدر منه صدور الكلمة من الذات الناطقة.

وهذا القيد والتخصيص يميّز المسيح روحاً منه تعالى بالصدور عن كل روح من الله بالخلق والإبداع.

ويؤيد معنى المصدرية في روح منه تأييد المسيح بروح القدس في قوله : وأيدناه بروح القدس .

فإذا اعتبرنا أيدناه بروح القدس انها روح المسيح الشريفة العالية القدسية – كما قال الرازي في تفسيره – التي تؤيد المسيح في ذاته وشخصيته ,كان المسيح روح الله القدس ,فهو اسمى من مخلوق.

وإذا اعتبرنا أيدناه بروح القدس أنها روح القدس الذات القائمة بنفسها والتي تؤيد المسيح في سيرته ورسالته ,كان المسيح أيضاً أسمى من مخلوق.

وفي كلا الحالين تأييد المسيح بروح القدس يرفعه فوق المخلوق.

قال الإمام أحمد بن حنبل : من قال إن روح القدس مخلوق فقد قال بدعة أو ضلالة !!

وإضافة لما سبق ,ففي قوله كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه يمتاز التعبير عن سائر التعابير القرآنية ويحدد ذات المسيح أنها روح منه تعالى ,أي صادرة منه ,لا على طريق الخلق ,بل على طريق الصدور. كما يدل عليه ترادف الإسمين كلمته وروح منه . فهو روح منه تعالى يصدر منه صدور الكلمة من الذات الناطقة في حديثها النفسي ,وإذ لا حدوث في الله ,فكلمته في ذاته غير محدثة أو روح منه غير محدث.

Posted in لاهوت دفاعي -عام, إسلاميات عامة | Leave a Comment »

مفهوم القتال في العهد القديم ومقارنة مع القتال في الإسلام -1-

Posted by mechristian في جويلية 11, 2007

الكاتب: عبد المسيح (بتصرف)

الأخوة و الأصدقاء الأعزاء

كثيرا ما يكثر الحديث عن الحرب و مفهومها في العهد القديم من قبل أصدقائنا المسلمين و هل هذا يتعارض و يتناقض مع دعوة المحبة و السلام التي اتى بها السيد المسيح في العهد الجديد و يستشهدون ببعض النصوص الخاصة بالشعب العبراني في العهد القديم و علاقته بالقبائل الوثنية التي كانت موجودة في أرض الميعاد كذريعة للطعن في الكتاب المقدس و مصداقيته , لذلك رأيت أن نبحث في تلك النصوص لنرى ظروفها و ملابساتها
ثم في النهاية نرى النصوص التي تبيح القتال في الاسلام و الفوارق بين مفهوم القتال في العهد القديم و مبرراته و مفهوم القتال في الاسلام و مبرراته .

الحالة الأولى

حزقيال 9 : 4 و قال له الرب اعبر في وسط المدينة في وسط اورشليم و سم سمة على جباه الرجال الذين يئنون و يتنهدون على كل الرجاسات المصنوعة في وسطها
9: 5
 و قال لاولئك في سمعي اعبروا في المدينة وراءه و اضربوا لا تشفق اعينكم و لا تعفوا
9: 6
 الشيخ و الشاب و العذراء و الطفل و النساء اقتلوا للهلاك و لا تقربوا من انسان عليه السمة و ابتدئوا من مقدسي فابتداوا بالرجال الشيوخ الذين امام البيت

————————————————
للأسف أن ما يفعله البعض أنه ينقل هذا الإدعاء دون حتى أن يكلف نفسه عناء قراءة كامل النص من سفر حزقيال و ما يشير أليه و للأسف يهلل من وراءه البعض دون أن يعرفوا ما يشير أليه النص و ما معناه .

عندما نقتبس عبارة من الكتاب المقدس يجب أن ندرسها في إطار النص التي جاءت فيه و فيه إطار الإصحاح الخاص بها و الأعظم من ذلك دراستها في سياق الكتاب ككل .

أولا سفر حزقيال بمنتهى البساطة موجه لليهود و ليس للشعوب الوثنية و الويلات المذكورة فيه عبارة عن ( رؤيا ) أظهرها الله لحزقيال النبي لما سوف يسمح الله بحدوثه للشعب اليهودي بسبب الرجاسات و عبادة الأوثان التي انتشرت في وسطهم في تلك الفترة بعد أن تأثروا بتلك العبادات من بعض الأمم المحيطة بهم لذلك نجد العبارة التالية في الآية التي أقتبسها :

و قال له الرب اعبر في وسط المدينة في وسط أورشليم و سم سمة على جباه الرجال الذين يئنون و يتنهدون على كل الرجاسات المصنوعة في وسطها

أي أن تلك الرجاسات التي كرهها الرب كانت في أورشليم عاصمة اليهود الروحية و مقر الهيكل .

عموما للتوضيح نرجع لسفر حزقيال الأصحاح الثامن و نراجع الآتي :

حزقيال 8 : 1وَكَانَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ فِي الْخَامِسِ مِنَ الشَّهْرِ, وَأَنَا جَالِسٌ فِي بَيْتِي وَمَشَايِخُ يَهُوذَا جَالِسُونَ أَمَامِي, أَنَّ يَدَ السَّيِّدِ الرَّبِّ وَقَعَتْ عَلَيَّ هُنَاكَ. 2فَنَظَرْتُ وَإِذَا شَبَهٌ كَمَنْظَرِ نَارٍ, مِنْ مَنْظَرِ حَقَوَيْهِ إِلَى تَحْتُ نَارٌ, وَمِنْ حَقَوَيْهِ إِلَى فَوْقُ كَمَنْظَرِ لَمَعَانٍ كَشَبَهِ النُّحَاسِ اللاَّمِعِ. 3وَمَدَّ شَبَهَ يَدٍ وَأَخَذَنِي بِنَاصِيَةِ رَأْسِي, وَرَفَعَنِي رُوحٌ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ, وَأَتَى بِي فِي رُؤَى اللَّهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى مَدْخَلِ الْبَابِ الدَّاخِلِيِّ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشِّمَالِ حَيْثُ مَجْلِسُ تِمْثَالِ الْغَيْرَةِ, الْمُهَيِّجِ الْغَيْرَةِ. 4وَإِذَا مَجْدُ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ هُنَاكَ مِثْلُ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُهَا فِي الْبُقْعَةِ. 5ثُمَّ قَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, ارْفَعْ عَيْنَيْكَ نَحْوَ طَرِيقِ الشِّمَالِ». فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ نَحْوَ طَرِيقِ الشِّمَالِ وَإِذَا مِنْ شِمَالِيِّ بَابِ الْمَذْبَحِ تِمْثَالُ الْغَيْرَةِ هَذَا فِي الْمَدْخَلِ. 6وَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, هَلْ رَأَيْتَ مَا هُمْ عَامِلُونَ؟ الرَّجَاسَاتِ الْعَظِيمَةَ الَّتِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ عَامِلُهَا هُنَا لإِبْعَادِي عَنْ مَقْدِسِي. وَبَعْدُ تَعُودُ تَنْظُرُ رَجَاسَاتٍ أَعْظَمَ». 7ثُمَّ جَاءَ بِي إِلَى بَابِ الدَّارِ فَنَظَرْتُ وَإِذَا ثَقْبٌ فِي الْحَائِطِ. 8ثُمَّ قَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, انْقُبْ فِي الْحَائِطِ». فَنَقَبْتُ فِي الْحَائِطِ, فَإِذَا بَابٌ. 9وَقَالَ لِي: ادْخُلْ وَانْظُرِ الرَّجَاسَاتِ الشِّرِّيرَةَ الَّتِي هُمْ عَامِلُوهَا هُنَا». 10فَدَخَلْتُ وَنَظَرْتُ وَإِذَا كُلُّ شَكْلِ دَبَّابَاتٍ وَحَيَوَانٍ نَجِسٍ, وَكُلُّ أَصْنَامِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ, مَرْسُومَةٌ عَلَى الْحَائِطِ عَلَى دَائِرِهِ. 11وَوَاقِفٌ قُدَّامَهَا سَبْعُونَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ, وَيَازَنْيَا بْنُ شَافَانَ قَائِمٌ فِي وَسَطِهِمْ, وَكُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتُهُ فِي يَدِهِ وَعِطْرُ عَنَانِ الْبَخُورِ صَاعِدٌ. 12ثُمَّ قَالَ لِي: أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا تَفْعَلُهُ شُيُوخُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ فِي الظَّلاَمِ, كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَخَادِعِ تَصَاوِيرِهِ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الرَّبُّ لاَ يَرَانَا! الرَّبُّ قَدْ تَرَكَ الأَرْضَ

فكما نرى يشرح النبي حزقيال كيف أن الله أخذه في رؤيا روحية ووضح له ما يحدث من شيوخ إسرائيل في أورشليم من رجاسات أغضبت الله عليهم بشدة , ثم أراه الله بعد هذا بالتفصيل ما يحدث في أورشليم من عبادة للأوثان و خطايا و كيف أنصرف شعب أورشليم عن طريق الله .

بعد هذا أوضح الرب لحزقيال النبي أن هناك البعض من شعب أورشليم ترفض هذا الابتعاد عن طريق الله .

ثم نجد بعد ذلك في نهاية الإصحاح الثامن الآيات التالية :

حزقيال 8 : 17وَقَالَ لِي: أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ؟ أَقَلِيلٌ لِبَيْتِ يَهُوذَا عَمَلُ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي عَمِلُوهَا هُنَا؟ لأَنَّهُمْ قَدْ مَلأُوا الأَرْضَ ظُلْماً وَيَعُودُونَ لإِغَاظَتِي, وَهَا هُمْ يُقَرِّبُونَ الْغُصْنَ إِلَى أَنْفِهِمْ. 18فَأَنَا أَيْضاً أُعَامِلُ بِـالْغَضَبِ. لاَ تُشْفِقُ عَيْنِي وَلاَ أَعْفُو. وَإِنْ صَرَخُوا فِي أُذُنَيَّ بِصَوْتٍ عَالٍ لاَ أَسْمَعُهُمْ .

 

و أوضح الله لحزقيال كيف انه سيترك أورشليم تسقط في يد أعداءها الذين سيفتكون بها و برجالها و نساءها و أطفالها و سيحمي الله فقط الذين لم ينساقوا وراء هذه العبادات الوثنية و ذلك بأن يضع سمة على جباههم و هو ما نراه بعد ذلك في إصحاح 9 .

حزقيال 9 : 1وَصَرَخَ فِي سَمْعِي بِصَوْتٍ عَالٍ: قَرِّبْ وُكَلاَءَ الْمَدِينَةِ, كُلَّ وَاحِدٍ وَعُدَّتَهُ الْمُهْلِكَةَ بِيَدِهِ». 2وَإِذَا بِسِتَّةِ رِجَالٍ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الأَعْلَى الَّذِي هُوَ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ, وَكُلُّ وَاحِدٍ عُدَّتُهُ السَّاحِقَةُ بِيَدِهِ, وَفِي وَسَطِهِمْ رَجُلٌ لاَبِسٌ الْكَتَّانَ, وَعَلَى جَانِبِهِ دَوَاةُ كَـاتِبٍ. فَدَخَلُوا وَوَقَفُوا جَانِبَ مَذْبَحِ النُّحَاسِ. 3وَمَجْدُ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ صَعِدَ عَنِ الْكَرُوبِ الَّذِي كَـانَ عَلَيْهِ إِلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ. فَدَعَا الرَّبُّ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ الَّذِي دَوَاةُ الْكَـاتِبِ عَلَى جَانِبِهِ, 4وَقَالَ لَهُ: اعْبُرْ فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ, وَسِمْ سِمَةً عَلَى جِبَاهِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَئِنُّونَ وَيَتَنَهَّدُونَ عَلَى كُلِّ الرَّجَاسَاتِ الْمَصْنُوعَةِ فِي وَسَطِهَا». 5وَقَالَ لأُولَئِكَ فِي سَمْعِي: اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ, وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: نَجِّسُوا الْبَيْتَ, وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ. 8وَكَانَ بَيْنَمَا هُمْ يَقْتُلُونَ وَأُبْقِيتُ أَنَا, أَنِّي خَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي وَصَرَخْتُ: اآهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ! هَلْ أَنْتَ مُهْلِكٌ بَقِيَّةَ إِسْرَائِيلَ كُلَّهَا بِصَبِّ رِجْزِكَ عَلَى أُورُشَلِيمَ؟» 9فَقَالَ لِي: إِنَّ إِثْمَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا عَظِيمٌ جِدّاً جِدّاً, وَقَدِ امْتَلأَتِ الأَرْضُ دِمَاءً, وَامْتَلأَتِ الْمَدِينَةُ جَنَفاً. لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الرَّبُّ قَدْ تَرَكَ الأَرْضَ, وَالرَّبُّ لاَ يَرَى. 10وَأَنَا أَيْضاً عَيْنِي لاَ تُشْفِقُ وَلاَ أَعْفُو. أَجْلِبُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ».

 

فكما نرى من الأصحاح 9 أذا قرأناه بفهم و ليس كما يفعل من ينقلون بدون وعي آيات مبتورة ناقصة نرى أن الذي دونه النبي حزقيال عبارة عن ( رؤيا ) لما سوف يحدث لبعض شيوخ أورشليم و شعبها الذي فسد و ضل وراء الأوثان التي هي مكرهة للرب و كيف ان الله سيترك أورشليم تسقط في يد اعداءها بسبب الرجاسات و القتل التي ارتكبها اليهود و شيوخهم في تلك المدينة و أنه سيحمي فقط الذين رفضوا تلك الأعمال .

و تأكيدا لتلك الرؤيا وجه الرب تحذيره لخمسة و عشرون شيخا من قيادات شعب أسرائيل الذين ضلوا الشعب و اعملوا القتل في معارضيهم كما نرى ذلك في رؤيا أخرى في أصحاح 11 من نفس السفر .

حزقيال 11 : 1ثُمَّ رَفَعَنِي رُوحٌ وَأَتَى بِي إِلَى بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الشَّرْقِيِّ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ, وَإِذَا عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلاً, وَرَأَيْتُ بَيْنَهُمْ يَازَنْيَا بْنَ عَزُورَ, وَفَلَطْيَا بْنَ بَنَايَا رَئِيسَيِ الشَّعْبِ. 2فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, هَؤُلاَءِ هُمُ الرِّجَالُ الْمُفَكِّرُونَ بِـالإِثْمِ, الْمُشِيرُونَ مَشُورَةً رَدِيئَةً فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ. 3اَلْقَائِلُونَ: مَا هُوَ قَرِيبٌ بِنَاءُ الْبُيُوتِ! هِيَ الْقِدْرُ وَنَحْنُ اللَّحْمُ! 4لأَجْلِ ذَلِكَ تَنَبَّأْ عَلَيْهِمْ. تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ. 5وَحَلَّ عَلَيَّ رُوحُ الرَّبِّ وَقَالَ لِي: قُلْ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَكَذَا قُلْتُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ, وَمَا يَخْطُرُ بِبَالِكُمْ قَدْ عَلِمْتُهُ. 6قَدْ كَثَّرْتُمْ قَتْلاَكُمْ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَمَلأْتُمْ أَزِقَّتَهَا بِـالْقَتْلَى. 7لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: قَتْلاَكُمُ الَّذِينَ طَرَحْتُمُوهُمْ فِي وَسَطِهَا هُمُ اللَّحْمُ وَهِيَ الْقِدْرُ. وَإِيَّاكُمْ أُخْرِجُ مِنْ وَسَطِهَا. 8قَدْ فَزِعْتُمْ مِنَ السَّيْفِ, فَـالسَّيْفُ أَجْلِبُهُ عَلَيْكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 9وَأُخْرِجُكُمْ مِنْ وَسَطِهَا وَأُسَلِّمُكُمْ إِلَى أَيْدِي الْغُرَبَاءِ, وَأُجْرِي فِيكُمْ أَحْكَـاماً. 10بِـالسَّيْفِ تَسْقُطُونَ. فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ أَقْضِي عَلَيْكُمْ فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 11هَذِهِ لاَ تَكُونُ لَكُمْ قِدْراً وَلاَ أَنْتُمْ تَكُونُونَ اللَّحْمَ فِي وَسَطِهَا. فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ أَقْضِي عَلَيْكُمْ 12فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لَمْ تَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِهِ وَلَمْ تَعْمَلُوا بِأَحْكَـامِهِ, بَلْ عَمِلْتُمْ حَسَبَ أَحْكَـامِ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ .

 

و لمزيد من التوضيح أنصح بقراءة باقي السفر لأن به العديد من النبؤات و التحذيرات للشعب المتمرد .

الغريب أن البعض يتهم اليهود بتحريف الكتاب المقدس و أنهم يستغلون نصوصه لمهاجمة أعدائهم كالنص السابق الذي ينقله البعض بدون وعي , رغم أن النص و العقوبة التي فيه موجهة بالأساس الي اليهود و ليس الى باقي الشعوب .

————————————

الحالة الثانية

سفر العدد 31 : 1 و كلم الرب موسى قائلا

31: 2 انتقم نقمة لبني اسرائيل من المديانيين ثم تضم الى قومك

31: 3 فكلم موسى الشعب قائلا جردوا منكم رجالا للجند فيكونوا على مديان ليجعلوا نقمة الرب على مديان

31: 4 الفا واحدا من كل سبط من جميع اسباط اسرائيل ترسلون للحرب ……

———————————

كالعادة نقول للكل يجب أن تقرأوا الكتاب المقدس بطريقة شاملة و لا نأتي بالنصوص مبتورة لكي نفهم ما هو المقصود من وراء الآيات , و هذا النص الذي يوضح أمر الله للشعب اليهودي بقتال المديانيين دون ان يقرأ ما قبلها أو كامل الأصحاح ليعرف ما حدث فيه , أذا رجعنا لسفر العدد الأصحاح 22 نجد الآتي :

العدد 22 : 1وَارْتَحَل بَنُو إِسْرَائِيل وَنَزَلُوا فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ مِنْ عَبْرِ أُرْدُنِّ أَرِيحَا. 2وَلمَّا رَأَى بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ جَمِيعَ مَا فَعَل إِسْرَائِيلُ بِالأَمُورِيِّينَ 3فَزَِعَ مُوآبُ مِنَ الشَّعْبِ جِدّاً لأَنَّهُ كَثِيرٌ وَضَجَِرَ مُوآبُ مِنْ قِبَل بَنِي إِسْرَائِيل. 4فَقَال مُوآبُ لِشُيُوخِ مِدْيَانَ: «الآنَ يَلحَسُ الجُمْهُورُ كُل مَا حَوْلنَا كَمَا يَلحَسُ الثَّوْرُ خُضْرَةَ الحَقْلِ». وَكَانَ بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ مَلِكاً لِمُوآبَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. 5 فَأَرْسَل رُسُلاً إِلى بَلعَامَ بْنِ بَعُورَ إِلى فَتُورَ التِي عَلى النَّهْرِ فِي أَرْضِ بَنِي شَعْبِهِ لِيَدْعُوَهُ قَائِلاً: «هُوَذَا شَعْبٌ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِصْرَ. هُوَذَا قَدْ غَشَّى وَجْهَ الأَرْضِ وَهُوَ مُقِيمٌ مُقَابَِلِي. 6فَالآنَ تَعَال وَالعَنْ لِي هَذَا الشَّعْبَ لأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنِّي. لعَلهُ يُمْكِنُنَا أَنْ نَكْسِرَهُ فَأَطْرُدَهُ مِنَ الأَرْضِ. لأَنِّي عَرَفْتُ أَنَّ الذِي تُبَارِكُهُ مُبَارَكٌ وَالذِي تَلعَنُهُ مَلعُونٌ». 7فَانْطَلقَ شُيُوخُ مُوآبَ وَشُيُوخُ مِدْيَانَ وَحُلوَانُ العِرَافَةِ فِي أَيْدِيهِمْ وَأَتُوا إِلى بَلعَامَ وَكَلمُوهُ بِكَلامِ بَالاقَ. 8فَقَال لهُمْ: «بِيتُوا هُنَا الليْلةَ فَأَرُدَّ عَليْكُمْ جَوَاباً كَمَا يُكَلِّمُنِي الرَّبُّ». فَمَكَثَ رُؤَسَاءُ مُوآبَ عِنْدَ بَلعَامَ

 

غضب بالاق ملك موآب من الشعب اليهودي بعد ان أوقع تأديب الرب على الأموريين فقرر أن يكيد المكيدة للشعب اليهودي كي يتسنى له طرده و أغضاب الرب عليه فأرسل شيوخ مديان و شيوخ موآب و العرافة الى بلعام الشيخ ليـلعن الشعب و كما سنرى في الأصحاحات التالية ظهر الله لبلعام و طلب منه عدم الرجوع مع شيوخ مديان و موآب فأرسل بالاق له مرة ثانية فأمره الله بأن يذهب معهم و لكن لا يفعل شئ الا الذي يقوله له الله .

ذهب بلعام مع شيوخ مديان الى بالاق و بدلا من أن يـلعن الشعب العبراني كما طلب منه بالاق بارك الشعب كما أمره الله و قال بلعام لبالاق أنه لا يستطيع أن يتصرف من نفسه و انما وفقا لما امره به الله .

العدد 25 : 1وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ وَابْتَدَأَ الشَّعْبُ يَزْنُونَ مَعَ بَنَاتِ مُوآبَ. 2فَدَعَوْنَ الشَّعْبَ إِلى ذَبَائِحِ آلِهَتِهِنَّ فَأَكَل الشَّعْبُ وَسَجَدُوا لِآلِهَتِهِنَّ. 3وَتَعَلقَ إِسْرَائِيلُ بِبَعْلِ فَغُورَ. فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلى إِسْرَائِيل.

– بعد هذا رأي المديانيين ان الوسيلة الوحيدة لأغضاب الله على الشعب العبراني هو أن يجروه الى الزنا و الى العبادات الوثنية فيحمى غضب الرب عليهم و هو ما حدث فعلا و نراه في الآتي :

 

و نتيجة لهذه الأفعال و الزنا الذي انتشر ، أنتشر الوباء في الشعب العبراني و مات منهم العديدين نتيجة لتلك المكيدة من المديانيين و طلب الله من النبي موسى توقيع عقوبة الأعدام على الرؤساء الذين عبدوا بعل فغور و نتيجة لذلك توقف الوباء الذي حصد أرواح أربعة و عشرين ألفا .

العدد 25 : 9وَكَانَ الذِينَ مَاتُوا بِالوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلفاً .

و لهذا طلب الرب من موسى أن ينتقم من المديانيين لأن عين بعين و سن بسن في القتل و لأن سافك دم الأنسان بيد الأنسان يسفك دمه كما تقول الشريعة و لأن المديانيين تسببوا في زناهم و عبادتهم لبعل فغور بضلال الشعب العبراني و أنتشار الوباء فيه مما تسبب في وفاة الآلاف السابق ذكرها .

لهذا نجد الآتي في الأصحاح 25

العدد 25 : 1 6ثُمَّ قَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 17«ضَايِقُوا المِدْيَانِيِّينَ وَاضْرِبُوهُمْ 18لأَنَّهُمْ ضَايَقُوكُمْ بِمَكَايِدِهِمِ التِي كَادُوكُمْ بِهَا فِي أَمْرِ فَغُورَ وَأَمْرِ كُزْبِي أُخْتِهِمْ بِنْتِ رَئِيسٍ لِمِدْيَانَ التِي قُتِلتْ يَوْمَ الوَبَإِ بِسَبَبِ فَغُورَ».

 

لقد وقع الله العقوبة على المديانيين كنتيجة للمكيدة و الضلال التي فعلوها بعبادة بعل فغور و تسببهم نتيجة لذلك بالوباء .

و مع هذا طلب الله الأبقاء على أطفال المديانيين و كان عددهم في حدود 32 ألف من ما هم دون الخمسة عشر عاما فكبروا و تربوا بين الشعب العبراني فقد طلب الله الأبقاء على العذارى و الأطفال و بأخذ أن متوسط سن الزواج في القديم كان أربعة عشر عاما أذا فيكون العذارى المقصود بهم من هم أقل من تلك السن أي مادون الخامسة عشر .

لأن الله يعلم جيدا أن هؤلاء الأطفال سيشبون بطريقة لا تغضبه أذا أبتعدوا عن رجاسات أهلهم .

————————————-

حالات أخرى (3)

تثنية 7 : 1 «مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا وَطَرَدَ شُعُوباً كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الحِثِّيِّينَ وَالجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ 2وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ وَضَرَبْتَهُمْ فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لا تَقْطَعْ لهُمْ عَهْداً وَلا تُشْفِقْ عَليْهِمْ 3 وَلا تُصَاهِرْهُمْ. ابْنَتَكَ لا تُعْطِ لاِبْنِهِ وَابْنَتَهُ لا تَأْخُذْ لاِبْنِكَ. 4لأَنَّهُ يَرُدُّ ابْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى فَيَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ عَليْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعاً. 5وَلكِنْ هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِهِمْ: تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ وَتُحْرِقُونَ تَمَاثِيلهُمْ بِالنَّارِ. 6لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَكُونَ لهُ شَعْباً أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الذِينَ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ 7ليْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الشُّعُوبِ التَصَقَ الرَّبُّ بِكُمْ وَاخْتَارَكُمْ لأَنَّكُمْ أَقَلُّ مِنْ سَائِرِ الشُّعُوبِ. 8بَل مِنْ مَحَبَّةِ الرَّبِّ إِيَّاكُمْ وَحِفْظِهِ القَسَمَ الذِي أَقْسَمَ لآِبَائِكُمْ أَخْرَجَكُمُ الرَّبُّ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَفَدَاكُمْ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ مِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ. 9فَاعْلمْ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ اللهُ الإِلهُ الأَمِينُ الحَافِظُ العَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلى أَلفِ جِيلٍ 10وَالمُجَازِي الذِينَ يُبْغِضُونَهُ بِوُجُوهِهِمْ لِيُهْلِكَهُمْ. لا يُمْهِلُ مَنْ يُبْغِضُهُ. بِوَجْهِهِ يُجَازِيهِ. 11فَاحْفَظِ الوَصَايَا وَالفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ التِي أَنَا أُوصِيكَ اليَوْمَ لِتَعْمَلهَا.

———–

تثنية 7 : 16وَتَأْكُلُ كُل الشُّعُوبِ الذِينَ الرَّبُّ إِلهُكَ يَدْفَعُ إِليْكَ. لا تُشْفِقْ عَيْنَاكَ عَليْهِمْ وَلا تَعْبُدْ آلِهَتَهُمْ لأَنَّ ذَلِكَ شَرَكٌ لكَ. 17إِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: هَؤُلاءِ الشُّعُوبُ أَكْثَرُ مِنِّي. كَيْفَ أَقْدِرُ أَنْ أَطْرُدَهُمْ؟ 18فَلا تَخَفْ مِنْهُمُ. اذْكُرْ مَا فَعَلهُ الرَّبُّ إِلهُكَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ المِصْرِيِّينَ. 19التَّجَارِبَ العَظِيمَةَ التِي أَبْصَرَتْهَا عَيْنَاكَ وَالآيَاتِ وَالعَجَائِبَ وَاليَدَ الشَّدِيدَةَ وَالذِّرَاعَ الرَّفِيعَةَ التِي بِهَا أَخْرَجَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. هَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ إِلهُكَ بِجَمِيعِ الشُّعُوبِ التِي أَنْتَ خَائِفٌ مِنْ وَجْهِهَا. 20«وَالزَّنَابِيرُ أَيْضاً يُرْسِلُهَا الرَّبُّ إِلهُكَ عَليْهِمْ حَتَّى يَفْنَى البَاقُونَ وَالمُخْتَفُونَ مِنْ أَمَامِكَ. 21لا تَرْهَبْ وُجُوهَهُمْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ فِي وَسَطِكَ إِلَهٌ عَظِيمٌ وَمَخُوفٌ. 22وَلكِنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَطْرُدُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبَ مِنْ أَمَامِكَ قَلِيلاً قَلِيلاً. لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُفْنِيَهُمْ سَرِيعاً لِئَلا تَكْثُرَ عَليْكَ وُحُوشُ البَرِّيَّةِ. 23وَيَدْفَعُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ وَيُوقِعُ بِهِمِ اضْطِرَاباً عَظِيماً حَتَّى يَفْنُوا. 24وَيَدْفَعُ مُلُوكَهُمْ إِلى يَدِكَ فَتَمْحُو اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لا يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ حَتَّى تُفْنِيَهُمْ. 25وَتَمَاثِيل آلِهَتِهِمْ تُحْرِقُونَ بِالنَّارِ. لا تَشْتَهِ فِضَّةً وَلا ذَهَباً مِمَّا عَليْهَا لِتَأْخُذَ لكَ لِئَلا تُصَادَ بِهِ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِكَ. 26وَلا تُدْخِل رِجْساً إِلى بَيْتِكَ لِئَلا تَكُونَ مُحَرَّماً مِثْلهُ. تَسْتَقْبِحُهُ وَتَكْرَهُهُ لأَنَّهُ مُحَرَّمٌ».

———–

قَالَ يَشُوعُ لِلشَّعْبِ: اهْتِفُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ وَهَبَكُمُ الْمَدِينَةَ. وَاجْعَلُوا الْمَدِينَةَ وَكُلَّ مَا فِيهَا مُحَرَّماً لِلرَّبِّ، . . . . أَمَّا كُلُّ غَنَائِمِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ، فَتُخَصَّصُ لِلرَّبِّ وَتُحْفَظُ فِى خِزَانَتِهِ. فَهَتَفَ الشَّعْبُ، وَنَفَخَ الْكَهَنَةُ فِي الأَبْوَاقِ. وَكَانَ هُتَافُ الشَّعْبِ لَدَى سَمَاعِهِمْ صَوْتَ نَفْخِ الأَبْوَاقِ عَظِيماً، فَانْهَارَ السُّورُ فِي مَوْضِعِهِ. فَانْدَفَعَ الشَّعْبُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ كُلٌّ إِلَى وِجْهَتِهِ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا. وَدَمَّرُوا الْمَدِينَةَ وَقَضَوْا بِحَدِّ السَّيْفِ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَشُيُوخٍ حَتَّى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْحَمِيرِ.

 ——————————————

النصوص المختلفة من سفر التثنية و من سفر يشوع تتكلم عن شعوب و قبائل معينة وثنية كانت تسكن في الأرض التى وعد الله بسكناها لشعبه في العهد القديم (ليست تشريع وليست عامة تجاه العالم كله)

و التص الأخير يوضح دخول الشعب العبراني لأريحا و تدميرها و شعب اريحا كان من الشعوب الوثنية التي أغضبت الله بعبادة الوثان و الزنا و الذبائح البشرية فكان حكم الله عليهم تماما كما حكم من قبل على سدوم و عمورة و كما فعل أيام الطوفان و لكن وقع الله عليهم العقوبة هذه المرة عن طريق شعبه لكي تعلم هذه الشعوب المتمردة قوة بأس الله . (اختلاف الوسيلة والعقوبة واحدة)

لقد عاقب الله هذه الشعوب لعبادتهم الوثنية و حرم الأختلاط بهم حتى لا يفتنوا الشعب اليهودي عن عبادة الله كما حدث مع سليمان النبي عندما زاغ عن عبادة الله بسبب تعدد زوجاته من الأمم .

لم يكن شعب الله بقيادة الانبياء المختارين يساومون اي من الشعوب ( اما في التهود او الموت ) لان هذا كان حكم الله النهائي على شعوب تمردت على الله . (ليس من أجل نشر الدين)

لأن الله ليس عنده محاباة فقد وقع عقوبات شديدة على شعب إسرائيل نفسه عندما حاد عن طريقه و أبتعد عن عبادته فسمح بهزيمته شر هزيمة أمام الفلسطينيين الذين أخذوا تابوت العهد منهم و نرى هذا في سفر صمويل الأول كما أنه سمح بسبي الشعب اليهودي مرتان أيام البابليين و أيام الآشوريين و ذلك عندما زاغوا وراء العبادة الوثنية . (ليست موجهة حكرا إلى الشعوب الوثنية بل حتى عندما أخطا الشعب اليهودي نال عقوبته)

الله لم يقل لهم أنكم أعلى من جميع الشعوب إلى مدى الأيام بل جعل ذلك شرط حفظ عهده فقط و عندما ابتعدوا عنه وقع عنهم عقوبات أشد .

و نرى ذلك في نفس سفر يشوع في الأصحاح رقم 7 و انصح بقرائته .

أيضا أمر الله بحفظ العهد للأمم التي لم تغضب الرب بشدة كما فعلت تلك القبائل السابق ذكرها و نرى هذا في الآتي :

سفر صموئيل الثاني 21 : “وكان جوع في ايام داود ثلاث سنين سنة بعد سنة فطلب داود وجه الرب.فقال الرب هو لاجل شاول ولاجل بيت الدماء لانه قتل الجبعونيين

أذا راجعنا هذا النص نكتشف ان هناك عقابا حل على اليهود لانهم لم يلتزموا بعهدا اقاموه مع الجبعونيين ويمكنك قراءة قصتهم في سفر يشوع الاصحاح التاسع ، وسوف نكتشف ان الله عادل سواء مع اليهود او الأمم ، بانه يوقع عقابه على شعبه اذا ما خالف عهدا اقامه مع الجبعونيين .

الحالة الرابعة

من سفر صمويل الأول 15 : 1وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «إِيَّايَ أَرْسَلَ الرَّبُّ لِمَسْحِكَ مَلِكاً عَلَى شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. وَالآنَ فَاسْمَعْ صَوْتَ كَلاَمِ الرَّبِّ. 2هَكَذَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي قَدِ افْتَقَدْتُ مَا عَمِلَ عَمَالِيقُ بِإِسْرَائِيلَ حِينَ وَقَفَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ. 3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً».

 

—————————————-

أولا عند خروج بني أسرائيل من مصر و كانوا وحدهم في الصحاري قام العماليق بدون مبرر بالهجوم عليهم لمحاولة أبادتهم و يظهر هذا في سفر الخروج

خروج 17 : 8وَأَتَى عَمَالِيقُ وَحَارَبَ إِسْرَائِيلَ فِي رَفِيدِيمَ. 9فَقَالَ مُوسَى لِيَشُوعَ: «انْتَخِبْ لَنَا رِجَالاً وَاخْرُجْ حَارِبْ عَمَالِيقَ. وَغَداً أَقِفُ أَنَا عَلَى رَأْسِ التَّلَّةِ وَعَصَا اللهِ فِي يَدِي». 10فَفَعَلَ يَشُوعُ كَمَا قَالَ لَهُ مُوسَى لِيُحَارِبَ عَمَالِيقَ. وَأَمَّا مُوسَى وَهَارُونُ وَحُورُ فَصَعِدُوا عَلَى رَأْسِ التَّلَّةِ. 11وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مُوسَى يَدَهُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَغْلِبُ وَإِذَا خَفَضَ يَدَهُ أَنَّ عَمَالِيقَ يَغْلِبُ.

 و أذا رجعنا لسفر التكوين نعرف أن هؤلاء العماليق كانوا يسكنون في الصحراء قرب قادش كما هو مدون في تكوين 14 و قد أرتحلوا مسافة كبيرة لا لشئ سوى الفتك ببني أسرائيل بعد أن علموا بخروجهم من مصر .

ثم صبر الله عليهم مدة من ثلاثة لأربعة قرون أستمروا فيها في الأعتداء على الشعب العبراني محاولين القضاء عليه و يظهر هذا أيضا في سفر القضاة فقد أتحد العماليق مع عجلون ملك موآب

قضاة 3 : 13 13فَجَمَعَ إِلَيْهِ بَنِي عَمُّونَ وَعَمَالِيقَ, وَسَارَ وَضَرَبَ إِسْرَائِيلَ وَامْتَلَكُوا مَدِينَةَ النَّخْلِ. 14فَعَبَدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِجْلُونَ مَلِكَ مُوآبَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً. 15وَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ, فَأَقَامَ لَهُمُ الرَّبُّ مُخَلِّصاً إِهُودَ بْنَ جِيرَا الْبِنْيَامِينِيَّ, رَجُلاً أَعْسَرَ. فَأَرْسَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِيَدِهِ هَدِيَّةً لِعِجْلُونَ مَلِكِ مُوآبَ.

 و لهذا طلب الرب من صمويل النيبي محاربتهم و الدليل هو الآتي :

صمويل الأول 15 : 1وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «إِيَّايَ أَرْسَلَ الرَّبُّ لِمَسْحِكَ مَلِكاً عَلَى شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. وَالآنَ فَاسْمَعْ صَوْتَ كَلاَمِ الرَّبِّ. 2هَكَذَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنِّي قَدِ افْتَقَدْتُ مَا عَمِلَ عَمَالِيقُ بِإِسْرَائِيلَ حِينَ وَقَفَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ. 3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً».

المفروض أن من يقرأ الآيات يدرسها من بدايتها و ليس من نهايتها و أن يتابع الأحداث من أولها

لقد بدأ العماليق بالاعتداء على الشعب العبراني و أرادوا أبادته منذ بداية خروجهم من أرض مصر و لكن الله أعطاهم مدة من ثلاثة لأربعة قرون للتوبة فلم يرتدعوا بل على العكس شنوا حرب أخرى بالتعاون مع عجلون ملك موآب ثم استمروا في شن الغارات على الشعب العبراني فكان قضاء الرب عليهم بعد أربعة قرون بعد أن يأس من إصلاحهم .

———————–

الحالة الخامسة

تُجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها . بالسيف يسقطون . تحطم أطفالهم ، والحوامل تشق

———————–

الحقيقة يستخدم البعض تلك الآيات من سفر هوشع و لا يعرف لا معناها و لا ماتشير أليه

الله دائما في العهد الكتاب المقدس يعبر عن العلاقة بينه و بين شعبه بعلاقة الرجل و امرأته و عندما يضل الشعب وراء الآلهة الوثنية الأخرى كان يقول الكتاب المقدس دائما هذا التعبير زنى الشعب وراء آلهة غريبة و النص الذي يعرضه البعض يشير الى عقاب السامرة التي كانت في مملكة يهوذا و أبناؤها و أطفالها المشار أليها هنا هم نتائج خطاياهم و عباداتهم و لا يفهم منها المعنى الحرفي للكلام كما يظن البعض

المعنى المقصود من وراء الآية ليس المعنى الحرفي و أنما المقصود به نهاية العبادة الوثنية التي أنتشرت في السامرة و أولادها التي هي الخطية فالكتاب يقول :

يعقوب 1 : 15 ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية والخطية اذا كملت تنتج موتا

 سفر هوشع يتكلم كله بهذه اللغة الرمزية السابق شرحها و نجده في الآتي :

هوشع 2 : 1 «قُولُوا لإِخْوَتِكُمْ «عَمِّي» وَلأَخَوَاتِكُمْ «رُحَامَةَ». 2حَاكِمُوا أُمَّكُمْ حَاكِمُوا لأَنَّهَا لَيْسَتِ امْرَأَتِي وَأَنَا لَسْتُ رَجُلَهَا لِتَعْزِلَ زِنَاهَا عَنْ وَجْهِهَا وَفِسْقَهَا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا 3لِئَلاَّ أُجَرِّدَهَا عُرْيَانَةً وَأَوْقِفَهَا كَيَوْمِ وِلاَدَتِهَا وَأَجْعَلَهَا كَقَفْرٍ وَأُصَيِّرَهَا كَأَرْضٍ يَابِسَةٍ وَأُمِيتَهَا بِـالْعَطَشِ. 4وَلاَ أَرْحَمُ أَوْلاَدَهَا لأَنَّهُمْ أَوْلاَدُ زِنًى. 5«لأَنَّ أُمَّهُمْ قَدْ زَنَتِ. الَّتِي حَبِلَتْ بِهِمْ صَنَعَتْ خِزْياً. لأَنَّهَا قَالَتْ: أَذْهَبُ وَرَاءَ مُحِبِّيَّ الَّذِينَ يُعْطُونَ خُبْزِي وَمَائِي صُوفِي وَكَتَّانِي زَيْتِي وَأَشْرِبَتِي. 6لِذَلِكَ هَئَنَذَا أُسَيِّجُ طَرِيقَكِ بِـالشَّوْكِ وَأَبْنِي حَائِطَهَا حَتَّى لاَ تَجِدَ مَسَالِكَهَا. 7فَتَتْبَعُ مُحِبِّيهَا وَلاَ تُدْرِكُهُمْ وَتُفَتِّشُ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَجِدُهُمْ. فَتَقُولُ: أَذْهَبُ وَأَرْجِعُ إِلَى رَجُلِي الأَوَّّلِ لأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ خَيْرٌ لِي مِنَ الآن .

الأم هنا مقصود بها الشعب اليهودي الذي خان الرب .

9«هَلاَكُكَ يَا إِسْرَائِيلُ أَنَّكَ عَلَيَّ عَلَى عَوْنِكَ. 10فَأَيْنَ هُوَ مَلِكُكَ حَتَّى يُخَلِّصَكَ فِي جَمِيعِ مُدُنِكَ؟ وَقُضَاتُكَ حَيْثُ قُلْتَ: أَعْطِنِي مَلِكاً وَرُؤَسَاءَ؟ 11أَنَا أَعْطَيْتُكَ مَلِكاً بِغَضَبِي وَأَخَذْتُهُ بِسَخَطِي. 12«إِثْمُ أَفْرَايِمَ مَصْرُورٌ. خَطِيَّتُهُ مَكْنُوزَةٌ. 13مَخَاضُ الْوَالِدَةِ يَأْتِي عَلَيْهِ. هُوَ ابْنٌ غَيْرُ حَكِيمٍ إِذْ لَمْ يَقِفْ فِي الْوَقْتِ فِي مَوْلِدِ الْبَنِينَ .

للمزيد حول هذه الشبهة راجع رد البابلي

http://ibrahim-al-copti.blogspot.com/2007/07/blog-post_09.html

—————————————-

الحالة السادسة

من سفر أشعياء : ((وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم ))

 —————————————

للمرة الألف نعيد و نكرر لمن لا يفهم عندما نعرض نصا أو آية يجب أن نقرأها في الأصحاح الذي أتت فيه لكي نفهم معناها و ما تشير أليه

و ليس بطريقة القص و اللصق كالجهلاء

أشعياء 13 : 1وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَابِلَ رَآهُ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ: 2«أَقِيمُوا رَايَةً عَلَى جَبَلٍ أَقْرَعَ. ارْفَعُوا صَوْتاً إِلَيْهِمْ. أَشِيرُوا بِالْيَدِ لِيَدْخُلُوا أَبْوَابَ الْعُتَاةِ. 3أَنَا أَوْصَيْتُ مُقَدَّسِيَّ وَدَعَوْتُ أَبْطَالِي لأَجْلِ غَضَبِي مُفْتَخِرِي عَظَمَتِي». 4صَوْتُ جُمْهُورٍ عَلَى الْجِبَالِ شِبْهَ قَوْمٍ كَثِيرِينَ. صَوْتُ ضَجِيجِ مَمَالِكِ أُمَمٍ مُجْتَمِعَةٍ. رَبُّ الْجُنُودِ يَعْرِضُ جَيْشَ الْحَرْبِ. 5يَأْتُونَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ أَقْصَى السَّمَاوَاتِ. الرَّبُّ وَأَدَوَاتُ سَخَطِهِ لِيُخْرِبَ كُلَّ الأَرْضِ6وَلْوِلُوا لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ قَادِمٌ كَخَرَابٍ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 7لِذَلِكَ تَرْتَخِي كُلُّ الأَيَادِي وَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبِ إِنْسَانٍ 8فَيَرْتَاعُونَ. تَأْخُذُهُمْ أَوْجَاعٌ وَمَخَاضٌ. يَتَلَوُّونَ كَوَالِدَةٍ. يَبْهَتُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. وُجُوهُهُمْ وُجُوهُ لَهِيبٍ. 9 هُوَذَا يَوْمُ الرَّبِّ قَادِمٌ قَاسِياً بِسَخَطٍ وَحُمُوِّ غَضَبٍ لِيَجْعَلَ الأَرْضَ خَرَاباً وَيُبِيدَ مِنْهَا خُطَاتَهَا. 10فَإِنَّ نُجُومَ السَّمَاوَاتِ وَجَبَابِرَتَهَا لاَ تُبْرِزُ نُورَهَا. تُظْلِمُ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا وَالْقَمَرُ لاَ يَلْمَعُ بِضُوئِهِ. 11وَأُعَاقِبُ الْمَسْكُونَةَ عَلَى شَرِّهَا وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى إِثْمِهِمْ وَأُبَطِّلُ تَعَظُّمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ وَأَضَعُ تَجَبُّرَ الْعُتَاةِ. 12وَأَجْعَلُ الرَّجُلَ أَعَزَّ مِنَ الذَّهَبِ الإِبْرِيزِ وَالإِنْسَانَ أَعَزَّ مِنْ ذَهَبِ أُوفِيرَ. 13لِذَلِكَ أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَتَتَزَعْزَعُ الأَرْضُ مِنْ مَكَانِهَا فِي سَخَطِ رَبِّ الْجُنُودِ وَفِي يَوْمِ حُمُوِّ غَضَبِهِ. 14وَيَكُونُونَ كَظَبْيٍ طَرِيدٍ وَكَغَنَمٍ بِلاَ مَنْ يَجْمَعُهَا. يَلْتَفِتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ وَيَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ. 15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ. 17هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ 18فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ. 19وَتَصِيرُ بَابِلُ بَهَاءُ الْمَمَالِكِ وَزِينَةُ فَخْرِ الْكِلْدَانِيِّينَ كَتَقْلِيبِ اللَّهِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ. 20لاَ تُعْمَرُ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ تُسْكَنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ وَلاَ يُخَيِّمُ هُنَاكَ أَعْرَابِيٌّ وَلاَ يُرْبِضُ هُنَاكَ رُعَاةٌ. 21بَلْ تَرْبُضُ هُنَاكَ وُحُوشُ الْقَفْرِ وَيَمْلَأُ الْبُومُ بُيُوتَهُمْ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ بَنَاتُ النَّعَامِ وَتَرْقُصُ هُنَاكَ مَعْزُ الْوَحْشِ 22وَتَصِيحُ بَنَاتُ آوَى فِي قُصُورِهِمْ وَالذِّئَابُ فِي هَيَاكِلِ التَّنَعُّمِ وَوَقْتُهَا قَرِيبُ الْمَجِيءِ وَأَيَّامُهَا لاَ تَطُولُ.

هذا الأصحاح يتحدث النبى  (نبوة = وحي) عن الخراب الحرفى الذى سيحدث لبابل بمحاصرتها وسقوطها على أيدى مملكة مادى وفارس والتى سوف تدمر قصورها وسوف يكون خرابها تاماً بحيث لن تقوم مرة ثانية وهذا حدث بالفعل فقد دمرت بابل ولم يعد لها ذكر إلى يومنا هذا وما هى الأن إلا مجموعة من الخرائب يبحث عنها علماء الآثار.

و ما تزال بابل القديمة خربة حتى الآن و تقع على ما أظن حوالي 50 كم جنوب العاصمة بغداد .

الذين خربوا بابل هم مملكة مادي و فارس و لا علاقة للشعب اليهودي بذلك يدعي البعض .

———————————

تعليق : من ابراهيم القبطي

نجد في حروب العهد القديم

1) لم تكن بهدف نشر الدين اليهودي (لا يمكن الحكم على الضمائر من جهة الايمان أو عدمه بقوة السيف ، واليهودية لم ولن تكون ديانة تبشيرية أو دعوية)

2) لم تكن شريعة أو سنَّة (اليهود لم يحاربوا على سنة موسى أو يشوع أو داوود) كلها كانت حروب موجهة تجاة شعوب معينة ولم يجعلها اليهود نبراسا أو سنة أو شريعة لقتال العالم أجمع (محددة زمانيا بالحدث نفسه)

3) لم تكن موجهة للعالم كله بل تجاه شعوب معينة (محددة مكانيا وجغرافيا)

4) لم تكن دائما موجهة للشعوب الوثنية : بل وبعدل الإله كانت توجهة ضد من يخطئ ، والأمثلة كثيرة على عقوبات إلهية موجهة للشعب اليهودي نفسه على أيدى شعوب وثنية لأنهم كسروا العهد مع الرب

5) دائما وكانت لها أسبابها ، ومنحت الكثير من الفرص لهذه الشعوب بالتوبة : كمثل شعب عماليق الذي صبر عليه الرب أكثر من ثلاث قرون قبل أن يأمر بإفنائه

وهذا أوضح في قصة يونان مع شعب نينوى في سفر يونان الاصحاح الثالث والذي لم يعاقب فيه الرب الشعب التائب

ثُمَّ صَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً:

«قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا».

فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.

 فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَنَادَى: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى».

فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ.

وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ.

وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ: «لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئاً. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً.

وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ وَيَصْرُخُوا إِلَى اللَّهِ بِشِدَّةٍ وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ

لَعَلَّ اللَّهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ».

فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ.

6) كل حرب في العهد القديم كان حكم الرب فيها مختلفا ، فمرة يأمر بالابقاء على الشعب ، ومرة يأمر بإفنائه ، ومرة ينتقي من يبقى ، ومرة يحرم حتى البهائم …

ومن هذا يمكن استنتاج أن كل شعب أمام الرب كان حالة خاصة تختلف فيها قابلية الإصلاح أو التوبة من عدمه … وبهذا أختلفت الأوامر الإلهية في كل حالة

7) كل هذه الحروب والعقوبات (الغير تشريعية) هي جزء من العهد القديم يشرح معاملات الرب مع الإنسان (يهودي أو وثني) … عندما يخطئ دون توبة ومحاولات إصلاح كثيرة

مع اليهودي كانت العقوبات أشد لأنه أقام عهدا مع الرب ، فكانت خطيئته أعظم

مع الوثني لم تكن العقوبات لأنه كسر عهدا مع الرب (لأنه لم يكن هناك عهد من الأساس) بل كان عقوبات على جرائم محددة بعينها سواء جرائم أخلاقية (مثل الزنا والفجور وتقديم ذبائح بشرية) أو جرائم ضد الشعب اليهودي (مثل عماليق)

8) يهوه في العهد القديم لم يكن يحب الحرب والدم ، فهي حروب آلمت قلب الرب المحب ، ولكنها عادلة في تنفيذها العقوبة ، لأنه قدوس .

مثال ما قاله الرب لداوود

وَقَالَ دَاوُدُ لِسُلَيْمَانَ: «يَا ابْنِي, قَدْ كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتاً لاِسْمِ الرَّبِّ إِلَهِي.   فَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: قَدْ سَفَكْتَ دَماً كَثِيراً وَعَمِلْتَ حُرُوباً عَظِيمَةً, فَلاَ تَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي لأَنَّكَ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً عَلَى الأَرْضِ أَمَامِي. (1أخبار 22: 8)

————————-

عبد المسيح

مع بعض الإضافات من ابراهيم القبطي

يتبع بالجزء الثاني عن الحروب الجهادية في الإسلام

Posted in لاهوت دفاعي -عام, إسلاميات عامة | 2 تعليقان »

زوجة هوشع هل كانت زانية عندما تزوجها هوشع لأول مرة ؟

Posted by mechristian في جويلية 11, 2007

ج » إن هدف هذه القصة هو التعبير عن أن إسرائيل بكامله, بمن فيه هوشع و عائلته, يخطئون وسوف يتلقون, بكل تأكيد, العقاب المناسب.

حتى نحاول إعطاء جوابنا الخاص على هذا السؤال القديم فلنبدأ بتفحص التعابير الفعلية المستعملة في النص العبري الأصلي.

ينصّ هوشع 1: 2  أَوَّّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: “اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى  (وليس زانية) وَأَوْلاَدَ زِنًى  (وليس أولاد زناة … لم يكبروا بعد) لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ.”

لاحظ ما يأتي:

1.لو كان قصد المؤلف أن يقول إن جومر كانت بالفعل زانية, لكان النص العبري أورد “أيشا زوناهזנה (إمرأة/زوجة زانية). لكن بدلاً من ذلك نجد التعبير الفريد “ايشيت زونيئيم“(إمرأة/زوجة زنى). זנוּן

 

2.يُدعى نسلُ هوشع بمن فيه ابناه, (أولاد زنى) (زُنيئيم). لو كان مؤلف هذا النص عنى “بشخص زنى” مجرّد “زانٍ”, لانطوى هذا التعبير على أن أولاد هوشع كانوا زناةً, بمن فيهم الصبيان!

 

ماذا يعني إذاً “شخص زنى”؟ إذا استعرضنا الأمثلة الأُخر لاستعمال “زُنيئيم” في هوشع يتضّح لنا أنها تشير كلها إلى تصرف إسرائيل الخائن تجاه الرب , ونزوعه إلى التخلي عنه و الذهاب وراء آلهة أُخر (2: 2, 4 / 4: 12/ 5: 4) تحمل كلمة “زنى” المعنى ذاته في حزقيال 23: 11, 19. و 2ملوك 9: 22. يأتي الاستشهاد الأول من كتاب نبوي , و الثاني من تاريخ التثنية المتأثر بالتقليد النبوي.

هل لهذه العبارة المعنى ذاته عندما تطبق على عائلة هوشع ؟ نعم تتورط زوجة هوشع وأولاده “بالزنى” بقدر ما هم جزء و قسم من الأمة “الزانية“, إسرائيل بكاملها. فلا حاجة لنا إذاً أن نعتبر زواج هوشع و إنجابه استعاريين. أو أن نتصور أن الله أرغمه على الزواج بزانية. فالأشياء الوحيدة التي فرضت عليه هي أسماء أولاده, فرسالة الإصحاح الأول بكاملها تتمحور حول القيمة الرمزية لهذه الأسماء

 

عن كتاب : مدخل إلى العهد القديم للأب بولس نديم طرزي و من تعريب نقولا مراد”بتصرف”

الرد بقلم خادم الكلمة ROMANOS_777 بتصرف (عن موقع Christpal)

Posted in لاهوت دفاعي -عام | Leave a Comment »