عودة الشرق الأوسط للمسيح

لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ يَهْوِه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.

أدلة تحريف القرآن

أدلة تحريف القرآن

clip_image002

 

رغم تكفل رب الكعبة بالحفاظ على سلامة القرآن سالما من التحريف. (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر9. إلا ان مسألة سلامة القرآن من التحريف تعتبر من اكبر واعمق المسائل الخلافية ما بين اكبر فرق المسلمين (السنة والشيعة).

فأهل السنة ينزهون القرآن باللسان فقط. والشيعة تنسب لأهل السنة (الصحابة) تحريف القرآن من اجل إخفاء فضائل أهل البيت وأحقية علي في الخلافة. والشيء الغريب والملفت للنظر حقا هو أن طرفين النزاع (أهل السنة والشيعة) يثبتون تهمة تحريف القرآن كلا من مصادرهم. فالشيعة تتهم أهل السنة بتحريف القرآن للأسباب التي ذكرنا ويدعمون قولهم هذا من مصادر أهل السنة. والعكس تماما بالنسبة لأهل السنة. والنتيجة هي أن علماء أهل السنة والشيعة قد اجمعوا على تحريف القرآن. هذا ما نطقت به أمهات كتب ومراجع الطرفين.

نماذج من روايات تحريف القرآن في كتب الشيعة

روى (الكافي) بالاسناد عن علي بن سويد، قال: كتبتُ إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً ـ وذكر جوابه عليه السلام، إلى أن قال: ـ «أُؤتمنوا على كتاب الله، فحرّفوه وبدّلوه». راجع: الكافي 8: 125 | 95.

روى الكليني في (الكافي) عن سالم بن سلمة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا قام القائم قرأ كتاب الله عزّ وجل على حدّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي» راجع: الكافي 2: 633 | 23.

روى في (الكافي) عن أبي جعفر الباقر قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد هكذا:(وإن كُنْتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلَى عَبْدِنا في عليّ ـ فأتُوا بسُورةٍ مِن مِثْلِهِ). البقرة 23. راجع: الكافي 8: 53| 16.

ما روي في (الكافي) عن أبي بصير، عن أبي عبدالله في قوله تعالى: (من يُطعِ اللهَ ورَسُولَه ـ في ولاية عليّ والاَئمّة من بعده ـ فَقَد فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً)(الاحزاب 33: 71)هكذا نزلت. الكافي 1: 417 | 26. الكافي 1: 414 | 8.

ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في(البصائر) عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «ما ادعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّكذّاب، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والاَئمّة من بعده عليهم السلام» راجع: الكافي 1: 228 | 1، بصائر الدرجات 2: 213.

ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر، عن أبي جعفر أنّه قال: «ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الاَوصياء» راجع: الكافي 1: 228 | 2، بصائر الدرجات: 213 | 1

ما رُوي في (الكافي) عن الاَصبغ بن نباتة، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين يقول: «نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام». راجع: الكافي 2:627|2.

 ما روي في (تفسير العياشي) مرسلاً عن الصادق قال: «إنّ في القرآن ما مضى، وما يحدث، وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، إنّما الاسم الواحد منه في وجوه لا تُحصى، يعرف ذلك الوصاة. راجع: تفسير العياشي 1: 12|10

ما روي في (الكافي) عن البزنطي، قال: دفع إليَّ أبو الحسن الرضا عليه السلام مصحفاً، فقال: «لا تَنْظُر فيه». ففتحته وقرأت فيه(لم يكن الذين كفروا…)(البينة 98: 1) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم. قال: فبعث إليّ: «ابعث إليّ بالمصحف» راجع: الكافي 2: 631 | 16.

ما رُوي في (الكافي) عن منخل، عن أبي عبدالله قال: «نزل جبرئيل على محمّد بهذه الآية هكذا (يا أيُّها الذينَ أوتُوا الكتاب آمِنوا بما أنَزَّلنَا ـ في عليّ ـ نُوراً مُبِيناً). الكافي 1: 417/ 27 وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا(يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم…) وأما آخرها (نور مبيناً) فهو في نفس السورة آية: 147 هكذا (يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا) ولعله سقط من الخبر شيء.

روى ابن شهر آشوب في (المناقب) من خطبة أبي عبدالله الحسين الشهيد في يوم عاشوراء وفيها: «إنّما أنتم من طواغيت الاَُمّة، وشُذّاذ الاَحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرّفي الكتاب» راجع: بحار الانوار 45: 8

وروى البحراني في شرحه لنهج البلاغة: (أن عثمان بن عفان جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف وأبطل ما لاشك أنه من القرآن المُنزل) شرح نهج البلاغة /هاشم البحراني 1/1).

ما رواه الشيخ الصدوق في (ثواب الاعمال) عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله قال: «سورة الاَحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من سورة البقرة، ولكن نقصّوها وحرّفوها». راجع: ثواب الاعمال: 100.

ما رُوي في (تفسير العياشي) عن الصادق قال: «لو قُرىء القرآن كما أُنزل لاَلفيتنا فيه مُسمّين». راجع: تفسير العياشي 1: 13 | 4.

ما رواه العياشي في (تفسيره) عن مُيسّر، عن أبي جعفر قال: لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه، ما خفي حقّنا على ذي حجا، ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن. راجع: تفسير العياشي 1:13|6.

عن أبي جعفر: «إذا قام القائم من آل محمد صلعم ضرب فساطيط لمن يُعلّم الناس القرآن على ما أنزله الله عزّ وجل، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لاَنّه يخالف فيه التأليف»راجع: ارشاد المفيد 2: 386 تحقيق مؤسسة آل البيت، روضة الواعظين 265.

وروى نحوه النعماني في الغيبة راجع: غيبة النعماني: 318 و 319.

أنّ التحريف قد وقع في التوراة والانجيل، وقد ورد في الاَحاديث عن النبي الاَكرم صلعم أنّه قال: «يكون في هذه الاَُمّة كلّ ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، وحذو القذّة بالقذّة» راجع: الفقيه 1: 203 | 609.

ويقول محدثهم النوري الطبرسي: (إن الأخبار الدالة على ذلك ـ التحريف ـ يزيد على ألفي حديث وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق والعلامة المجلسي وغيرهم, واعلم أن الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية)(فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب 227).

وينقل الإجماع على التحريف الجزائريّ في كتابه [الأنوار النعمانية] كما يذكر ذلك صاحب كتاب: [فصل الخطاب] (إن لأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن) راجع: فصل الخطاب ص 30.

ويقول المفسر الشيعي محسن الكاشاني:(إن القرآن الذي بين أيدينا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله, ومنه ما هو مغير محرف, وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة) (تفسير الصافي /المقدمة – محسن الكاشاني).

ويؤكد ذلك طيب الموسوي في تعليقه على تفسير القمي علي بن إبراهيم: (ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين, المتقدمين منهم والمتأخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات بن إبراهيم وأحمد بن طالب الطبرسي والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والفتوني والسيد البحراني, وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات والروايات التي لا يمكن الإغماض عليها) راجع: تفسير القمي المقدمة ص23.

والمجلسي يُصرح قائلاً: (أن عثمان حذف عن هذا القرآن ثلاثة أشياء: مناقب أمير المؤمنين علي, وأهل البيت, وذم قريش والخلفاء الثلاثة مثل آية “يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلا” (تذكرة الأئمة المجلسي ص9).

ويقول أحد علمائهم رداً على الشريف المرتضى في قوله بعدم التحريف: (فإن الحق أحق أن يتبع,ولم يكن السيد علم الهدى ـ المرتضى ـ معصوماً حتى يجب أن يطاع فلو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقاً لم يلزمنا إتباعه ولا خير فيه)(الشيعة والسنة ص133 إحسان ظهير).

قيل للحسين بن عليّ: إنّ فلاناً زادَ في القرآن ونقصَ منه! فقال الحسين: أؤمنُ بما نقصَ وأكفرُ بما زادَ (متشابه القرآن ومختلفه لابن شهرآشوب 2/ 77).

وروى سالم بن سلمة قال: قرأ رجلٌ على أبي عبد الله ـ وأنا أسمع ـ حروفاً من القرآن، ليس على ما يقرؤها الناسُ!

فقال أبو عبد الله عليه السلام: كُفَّ عن هذه القراءة واقرأ كما يقرأ الناسُ. (الكافي للكليني 2/ 462 ح3 2).

فمثلا يروي محمد بن يعقوب الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: لم سمي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه، وهكذا أنزل في كتابه ” وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم (وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين) اصول الكافي، كتاب الحجة ج 1ص 479.

وروى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى سأل سائل بعذاب واقع للكافرين” (بولاية علي) ليس له دافع، ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآلهالكافي باب الحجة ج 1 ص 490.

وروى عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا ” فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا، قال: ونزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا “وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 493.

وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال هكذا نزلت هذه الآية “ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 492.

وعن منخل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا (في علي) نورا مبينا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 485.

وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا “بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 484.

ويذكر على بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره “أنه طرأ على القرآن تغيير وتحريف ويقول: وأما ما كان خلاف ما أنزل الله فهو قوله تعالى “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية: خير أمة تقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي؟ فقيل له: فكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال: نزلت كنتم خير أئمة أخرجت للناس” وقال: واما ما هو محرف منه فهو قوله: لكن الله يشهد بما أنزل إليك (في علي) كذا نزلت، وقوله: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (في علي). تفسير القمي مقدمة المؤلفج 1 ص 36.

عن أبي هريرة عن النبي قال: لما أسري بي الى السماء سمعت نداءا من تحت العرش أن عليا راية الهدى وحبيب من يؤمن بي، بلغ يا محمد، قال: فلما نزل النبي أسر ذلك، فأنزل الله يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك في علي بن أبي طالب وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس. شواهد التنزيل ج 1 ص 249.

ان اقوم الدين، الحنفية مسلمة غير مشركة، ومن يعمل صالحاً فلن يكفره، وما اختلف الذين أوتوا الكتاب آلا من بعد جاءتهم البينة، ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وفارقوا الكتاب لما جاءهم أولئك عند الله شر البرية، ما كان الناس آلا أمة واحدة، ثم أرسل الله النبيين مبشرين، ومنذرين، يأمرون الناس، يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويعبدون الله وحده، وأولئك عند الله هم خير البرية، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشيه ربه.راجع تفسير روح المعاني للالوسي 1/ 25.

سورة الولاية وسورة النورين اللتان حذفتا من القرآن

نص سورة الولاية

(يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم الى صراط مستقيم نبي وولي بعضهما من بعض، وأنا العليم الخبير، إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم، فالذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبين، إن لهم في جهنم مقام عظيم، نودي لهم يوم القيامة أين الضالون المكذبون للمرسلين، ما خلفهم المرسلين إلا بالحق، وما كان الله لنظر هم الى أجل قريب فسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين). راجع منهاج البراعة ميراز حبيب الله الهاشمي ج 2/ 217.

نص سورة النورين

(يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم إن الذين يوفون ورسوله في آيات لهم جنات النعيم والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول أولئك يسقون من حميم إن الله الذي نور السموات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين اولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم إن الله قد أهلك عاداً وثمود بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة فلا تتفون وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون أغرقته ومن تبعه أجمعين ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون إن الله يجمعهم في يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون إن الجحيم مأواهم وأن الله عليم حكيم يا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوف يعلمون قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون مثل الذين يوفون بعهدك أني جزيتهم جنات النعيم إن الله لذو مغفرة وأجر عظيم وإن علياً من المتقين وإنا لنوفيه حقه يوم الدين ما نحن عن ظلمه بغافلين وكرمناه على أهلك أجمعين فإنه وذريته لصابرون وأن عدوهم إمام المجرمين قل للذين كفروا بعد ما آمنوا طلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتوليه من بعدك يظهرون فأعرض عنهم إنهم معرضون إنا لهم محضرون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون إن لهم جهنم مقاماً عنه لا يعدلون فسبح باسم ربك وكن من الساجدين ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون فصبر جميل فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم الى يوم يبعثون فاصبر فسوف يبصرون ولقد آتينا لك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون. ومن يتولى عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون سنجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون إنا بشرناك بذريته الصالحين وإنهم لأمرنا لا يخلفون فعليهم مني صلوات ورحمة أحياء وأموتاً يوم يبعثون وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرين وعلى الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون والحمد لله رب العالمين). النوري الطبرسي كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 180

لائحة بأسماء علماء الشيعة الذين اقروا التحريف

علي بن إبراهيم القمي

وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. آل عمران 110). فقال أبو عبد الله لقاريء هذه الآية: خير أمة يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليهم السلام؟ فقيل له: وكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال: إنما نزلت:(كنتم خير أئمة أخرجت للناس) ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) تفسير ألقمي ج1/36.

أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار

فقد روى الصفار عن ابي جعفر الصادق انه قال: “ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما انزل الله إلا كذاب، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن ابي طالب والائمة من بعده (الصفار، بصائر الدرجات) ص 213.

كريم الكرماني الملقب “بمرشد الأنام”

قال: ان الامام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن، فيقول أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله على محمد والذي حرف وبدل “ارشاد العوام” ص 221 جـ3 فارسي ط ايران نقلا عن كتاب الشيعة والسنه للشيخ احسان الهى ظهير صـ115).

ما روي في (الكافي) عن البزنطي، قال: دفع إليَّ أبو الحسن الرضا مصحفاً، فقال: «لا تَنْظُر فيه». ففتحته وقرأت فيه (لم يكن الذين كفروا…) (البينة 98: 1) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم. قال: فبعث إليّ: «ابعث إليّ بالمصحف». راجع: الكافي 2: 631.

ما رواه الشيخ الصدوق في (ثواب الأعمال) عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله، قال: «سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من سورة البقرة، ولكن نقصّوها وحرّفوها». راجع: ثواب الأعمال: 100.

تفيد طائفةٌ من أحاديث الشيعة وأهل السنة أنّ علياً اعتزل الناس بعد وفاة النبي ليجمع القرآن، بعد ان رأى انه يزاد فيه عن عكرمة قال: لما كان بعد بيعة ابو بكر قعد علي بن ابي طالب في بيته، فقيل لابو بكر: قد كره بيعتك فارسل إليه فقال: أكرهت بيعتي؟ قال: لا والله قال ابو بكر: وما أقعدك عني؟ قال: رأيت كتاب الله يزاد فيه فحدثت نفسي ان لا البس ردائي الا للصلاة حتى اجمعه. اتقان 1/77. شرح ابن أبي الحديد 1: 27، أنساب الاشراف 1: 587، الطبقات الكبرى 2: 338، مناهل العرفان 1: 247، كنز العمال 2: 588.

وكان مصحف علي يمتاز عن المصحف الموجود بأنّه، كان مرتّباً على حسب النزول، وأنّه قدّم فيه المنسوخ على الناسخ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل على حقيقة تنزيلها، أي كتب فيه التفاسير المنزلة تفسيراً من قبل الله سبحانه، وأنّ فيه المحكم والمتشابه، وأنّ فيه أسماء أهل الحقّ والباطل، وأنّه كان بإملاء رسول الله وخطّ علي، وأنّ فيه فضائح قومٍ من المهاجرين والأنصار.

روى الفتّال والشيخ المفيد، عن أبي جعفر: «إذا قام القائم من آل محمد ضرب فساطيط لمن يُعلّم الناس القرآن على ما أنزله الله، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم؛ لاَنّه يخالف فيه التأليف». راجع: البيان في تفسير القرآن: 223. إرشاد المفيد 2: 386، روضة الواعظين: 265. غيبة النعماني: 318 و 319.

عن مالك بن ضمرة، عن أبي ذر قال: لما نزلت هذه الآية (يوم تبيّض وجوه وتسود وجوه) قال رسول الله ترد أمتي عليّ يوم القيامة على خمس رايات.) ثم ذكر أن رسول الله يسأل الرايات عما فعلوا بالثقلين، (فتقول الراية الأولى: أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا، وأما الأصغر فعاديناه وأبغضناه وظلمناه، وتقول الراية الثانية: أما الأكبر فحرفنّاه ومزقناه وخالفناه، وأما الأصغر فعاديناه وقاتلناه…) (تفسير القمي ج 1 ص 109).

عن أبي الزبير، عن جابر، قال: سمعت رسول الله يقول: يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل، المصحف والمسجد والعترة، يقول المصحف: يارب حرقوني ومزقوني، ويقول المسجد يارب عطلوني وضيعوني، وتقول العترة يارب قتلونا وطردونا وشردونا، فأجثوا للركبتين للخصومة، فيقول الله جل جلاله لي: أنا أولى بذلك. الخصال ص 175.

وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا (يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم…) وأما آخرها (نور مبيناً) فهو في نفس السورة آية: 147 هكذا (يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا). راجع: الكافي 1: 417/ 27

عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله أنه قرأ الفاتحة: اهدنا الصراط المستقيم، صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم، وغير الضالين. وذكر الطبرسي: وقرأ: غير الضالين عمر بن الخطاب تفسير القمي 1 29).

عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عن قوله تعالى: ما ننسخ من آية نُنْسها نأت بخير منها أو مثلها البقرة 2:106) فقال: كذبوا ما هكذا هي نزلت إذا كان ننسخها ويأت بمثلها لم ينسخها؟ قلت: هكذا قال الله. قال: ليس هكذا قال الله. قلت: كيف؟ قال: ليس فيها ألف ولا واوأي أو) وقال:  ما ننسخ من آية ننسها نأت بخير منها مثلها (تفسير القمي 1 – 58).

عن ابن سنان عن أبي عبد الله أنه قرأ: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين(البقرة 2:238) (فصل الخطاب 207).

قال الباقر: والذين كفروا بولاية على بن أبي طالب أولياؤهم الطاغوت(البقرة 2:257) قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا. (فصل الخطاب 210).

عن حمران بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله يقرأ: إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين. ال عمران 3:33 ثم قال: هكذا نزلت (فصل الخطاب 213).

عن الحكم بن عيينة عن أبي جعفر في قوله تعالى: يا مريم اقنتي لربك واسجدي شكراً لله واركعي مع الراكعين آل عمران 3:43) (فصل الخطاب 214).

عن الحسن بن خالد قال: قال أبو الحسن الأول: كيف تقرأ هذه الآية يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (آل عمران 3:102) ماذا؟ قلت: مسلمون. فقال: سبحان الله! يوقع الله عليهم اسم الإيمان فيسمّيهم مؤمنين ثم يسألهم الإسلام. والإيمان فوق الإسلام. قلت: هكذا يقرأ في قراءة زيد. فقال إنما هي في قراءة عليّ، عليه السلام وهي التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد:  إلا وأنتم مسلمون لرسول الله ثم الإمام من بعده (فصل الخطاب 216).

عن أبي بصير قال: قرأت عند أبي عبد الله: لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلّة(آل عمران 3:123) فقال: مه! والله ليس هكذا أنزلها الله، إنما أنزلت: وأنتم قليل (فصل الخطاب 218).

قوله تعالى: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (آل عمران 3:128) فقال أبو عبد الله: إنما أنزل الله: لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. فصل الخطاب 218 219).

عن حمزة بن الربيع، قال أبو عبد الله: يومئذٍ يودّ الذين كفروا وعصوا الرسول وظلموا آل محمد حقّهم لو تُسَوَّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً النساء 4:42) (فصل الخطاب 225).

عن أبي الحسن في قوله عز وجل: أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء وسبق لهم العذاب وعِظهم وقُل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً (النساء 4:63) (فصل الخطاب 225).

عن زرارة عن أبي جعفر قال: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك يا عليّ فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً (النساء 4:64) هكذا نزلت. (فصل الخطاب 225).

نعمة الله الجزائري

قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية 2/357، 358: (إن تسليم تواترها { القراءات السبع ) عن الوحي الآلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعرابا، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها(يقصد صحة وتصديق الروايات التي تذكر بأن القرآن محرف).

نعم قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل.

(والظاهر أن هذا القول (أي إنكار التحريف) إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لهاوهذا الكلام من الجزائرى يعني أن قولهم(أي المنكرين للتحريف) ليس عن عقيدة بل لاجل مصالح أخرى). الأنوار النعمانية 2/357، 358.

ويمضي نعمة الله الجزائري فيقرر أن أيادي الصحابة امتدت إلى القرآن وحرفته وحذفت منه الآيات التي تدل على فضل الأئمة فيقول 1/97:

(ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة – يقصد الاحاديث التي تروى مناقب وفضائل الصحابة – فإنهم بعد النبي قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم كما سيأتي بيانه في نور القرآن).

ويقول الجزائري: أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا علي وأن القرآن الصحيح عند المهدي وأن الصحابة ما صحبوا النبي إلا لتغيير دينه وتحريف القرآن فيقول 2/360،361،362:

·     قد استفاض في الأخبار أن القرآن كما أنزل لم يؤلفه إلا أمير المؤمنين بوصية من النبي، فبقي بعد موته ستة أشهر مشتغلا بجمعه، فلما جمعه كما أنزل أتي به إلى المتخلفين بعد رسول الله فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزل فقال له عمر بن الخطاب: لا حاجة بنا إليك ولا إلى قرآنك، عندنا قرآن كتبه عثمان، فقال لهم علي: لن تروه بعد اليوم ولا يراه أحد حتى يظهر ولدي المهدي.

·     وفي ذلك القرآن (يقصد القرآن الذي عند المهدي) زيادات كثيرة وهو خال من التحريف، وذلك أن عثمان قد كان من كتاب الوحي لمصلحة رآها النبي وهي أن لا يكذبوه في أمر القرآن بأن يقولوا إنه مفترى أو إنه لم ينزل به الروح الأمين كما قاله أسلافهم، بل قالوه أيضا وكذلك جعل معاوية من الكتاب قبل موته بستة أشهر لمثل هذه المصلحة أيضا وعثمان وأضرابه ما كانوا يحضرون إلا في المسجد مع جماعة الناس فما يكتبون إلا ما نزل به جبرائيل عليه السلام.

·     أما الذي كان يأتي به داخل بيته فلم يكن يكتبه إلا أمير المؤمنين علي لأن له المحرمية دخولا وخروجا فكان ينفرد بكتابة مثل هذا وهذا القرآن الموجود الآن في أيدي الناس هو خط عثمان، وسموه الإمام وأحرقوا ما سواه أو أخفوه، وبعثوا به زمن تخلفه إلى الأقطار والأمصار ومن ثم ترى قواعد خطه تخالف قواعد العربية. 2/360،361،362

·     وقد أرسل عمر بن الخطاب زمن تخلفه إلى علي بأن يبعث له القرآن الأصلي الذي هو ألفه وكان علي يعلم أنه طلبه لأجل أن يحرقه كقرآن ابن مسعود أو يخفيه عنده حتى يقول الناس: إن القرآن هو هذا الكتاب الذي كتبه عثمان لا غير فلم يبعث به إليه وهو الآن موجود عند مولانا المهدي مع الكتب السماوية ومواريث الأنبياء ولما جلس أمير المؤمنين على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى، وكما لم يقدر على إجراء المتعتين متعة الحج ومتعة النساء. وقد بقي القرآن الذي كتبه عثمان حتى وقع الى أيدي القراء فتصرفوا فيه بالمد والإدغام والتقاء الساكنين مثل ما تصرف فيه عثمان وأصحابه وقد تصرفوا في بعض الآيات تصرفا نفرت الطباع منه وحكم العقل بأنه ما نزل هكذا.

·     وقال أيضا في ج 2/363: فإن قلت كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع ما لحقه من التغيير، قلت قد روي في الأخبار ان أهل البيت أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين فيقرى ويعمل بأحكامه.

الهاشمي الخوئي

عدد الأدلة الدالة على نقصان القرآن ، ونذكر بعض هذه الأدلة كما قال هذا العالم الشيعي.

نقص سورة الولاية (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغه مؤسسة الوفاء – بيروت ج 2 المختار الاول ص214). نقص سورة النورين(المصدر السابق ص 217). نقص بعض الكلمات من الآيات(المصدر السابق ص 217). ثم قال ان الامام علياً لم يتمكن من تصحيح القرآن في عهد خلافته بسبب التقيه، وأيضاً حتى تكون حجة في يوم القيامه على المحرفين، والمغيرين(المصدر السابق ص 219). ثم قال ان الأئمة لم يتمكنوا من اخراج القرآن الصحيح خوفاً من الاختلاف بين الناس ورجوعهم الى كفرهم الأصلي(المصدر السابق ص 220).

الأردبيلي

قال: ان عثمان قتل عبد الله بن مسعود بعد أن أجبره على ترك المصحف الذي كان عنده وأكرهه على قراءة ذلك المصحف الذي ألفه ورتبه زيد بن ثابت بأمره وقال البعض إن عثمان أمر مروان بن الحكم، وزياد بن سمرة. الكاتبين له أن ينقلا من مصحف عبد الله ما يرضيهم ويحذفا منه ما ليس بمرضي عندهم ويغسلا الباقي. حديقة الشيعة: للأردبيلي ص 118 – 119 والشيعة والسنه للشيخ إحسان ألهى ظهير. ص 114).

أحمد بن منصور الطبرسي

روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي ذر الغفاري أنه قال:(لما توفي رسول الله جمع علي القرآن ، وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه علي وانصرف، ثم أحضروا زيد بن ثابت ـ وكان قارئا للقرآن ـ فقال له عمر: إن عليا جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن ، ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار. فأجابه زيد إلى ذلك.. فلما استخلف عمر سأل عليا أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم) الاحتجاج للطبرسي منشورات الأعلمي – بيروت – ص 155 ج1.

ويقول الطبرسي أن الله عندما ذكر قصص الجرائم في القرآن صرح بأسماء مرتكبيها، لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء.

يقول:إن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ، ليست من فعل، وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، واعتاضوا الدنيا من الدين. المصدر السابق 1/249.

وذكر الطبرسي أن في القرآن رموزا فيها فضائح المنافقين، وهذه الرموز لا يعلم معانيها إلا الأئمة من آل البيت، ولو علمها الصحابة لأسقطوها مع ما أسقطوا منه (المصدر السابق 1/253).

يقول الطبرسي:ولو شرحت لك كلما أسقط وحرف وبدل، مما يجري هذا المجرى لطال، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء، ومثالب الأعداء. المصدر السابق 1/254.

ويقول في موضع آخر محذرا الشيعة من الإفصاح عن التقيه وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل، والكفر، والملل المنحرفة عن قبلتنا، وإبطال هذا العلم الظاهر، الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الائتمار لهم والرضا بهم، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق) المصدر السابق 1/249.

محمد بن مسعود المعروف بــ العياشي

روى العياشي عن أبي عبد الله انه قال: لو قرئ القرآن كما إنزل لألفيتنا فيه مسمين (أي مذكور أسماء الائمة بالقرآن). تفسير العياشي ج 1 ص 25.

روي عن ابي جعفر: أنه قال لو لا انه زيد في كتاب الله ونقص منه، ما خفى حقنا على ذي حجي، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن (المصدر السابق).

الفيض الكاشاني

وممن صرح بالتحريف من علمائهم: مفسرهم الكبير الكاشاني صاحب تفسير “الصافي”. قال في مقدمة تفسيره معللا تسمية كتابه بهذا الأسم وبالحري أن يسمى هذا التفسير بالصافي لصفائه عن كدورات آراء العامة والممل والمحير. تفسير الصافي ج1 ص13.

وقد مهد لكتابه هذا باثنتي عشرة مقدمة، خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن. وعنون لهذه المقدمة بقوله (المقدمة السادسة في نبذ مما جاء في جمع القرآن، وتحريفه وزيادته ونقصه، وتأويل ذلك. المصدر السابق ص 40.

وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن، والتي نقلها من أوثق المصادر المعتمدة عندهم، خرج بالنتيجة التالية فقال: والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي، في كثير من المواضع، ومنها لفظة آل محمد غير مرة، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها، ومنها غير ذلك، وأنه ليس أيضا على الترتبيب المرضي عند الله، وعند رسول الله. تفسير الصافي 1/49.

ثم ذكر بعد هذا أن القول بالتحريف اعتقاد كبار مشايخ الإمامية قال: وأما اعتقاد مشايخنا في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن ، لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي فإن تفسيره مملوء منه، وله غلو فيه، وكذلك الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي فإنه أيضا نسج على منوالهما في كتاب الإحتجاج. تفسير الصافي 1/52.

الشيخ محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد

أما المفيد فيقول: واتفقوا أن أئمة (يقصد الصحابه) الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي، وأجمعت المعتزلة، والخوارج، والزيديه والمرجئة، وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه. أوائل المقالات ص 48 ـ 49.

وقال أيضا: أن الاخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمين فيه من الحذف والنقصان(المصدر السابق ص 91).

محمد باقر المجلسي

والمجلسي يرى أن أخبار التحريف متواترة ولا سبيل إلى إنكارها وروايات التحريف تسقط أخبار الإمامة المتواترة.

فيقول في كتابه (مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول) الجزء الثاني عشر ص 525 في معرض شرحه الحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال: إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد سبعة عشر ألف آية قال عن هذا الحديث (مرآة العقول للمجلسي ص 525 ح 12 دار الكتب الإسلامية ـ ايران).

ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسا، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الامامة فكيف يثبتونها بالخبر؟ أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟ وأيضا يستبعد المجلسي أن تكون الآيات الزائدة تفسيراً (المصدر السابق).

وأيضا بوب في كتابه بحار الأنوار بابا بعنوان (باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله) بحار الانوار ص 66 كتاب القرآن.

محمد بن يعقوب الكليني

عن جابر قال: سمعت أبا جعفر يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما أنزل الله تعالى الا علي بن ابي طالب والأئمة من بعده أصول الكافي كتاب الحجه جـ 1 ص 284.

عن جابر عن أبي جعفر انه قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن ظاهره وباطنه غير الأوصياء(المصدر السابق: ص 285).

قرأ رجل عند أبي عبد الله { فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) (سورة التوبة: 105) فقال ليست هكذا هي انما هي والمأمونون فنحن المأمونون(- أصول الكافي: كتاب الحجه جـ1 ص 492).

عن أبن بصير عن ابي عبد الله قال: ان عندنا لمصحف فاطمة وما يدريك ما مصحف فاطمة؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فاطمه فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد: قال: قلت هذا والله العلم (أصول الكافي: كتاب الحجه جـ1 ص 295).

عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال: أن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد سبعة عشر ألف آية (أصول الكافي: جـ2 كتاب فضل القرآن ص 597).

 يوسف البحراني

بعد أن ذكر الأخبار الدالة على تحريف القرآن قال: لا يخفى ما في هذه الأخبار من الدلالة الصريحة والمقالة الفصيحة على ما اخترناه ووضوح ما قلناه ولو تطرق الطعن إلى هذه الأخبار (أي الأخبار التي تطعن بالقرآن) على كثرتها وانتشارها لأمكن الطعن إلى أخبار الشريعة (أي شريعة مذهب الشيعة) كلها كما لا يخفى إذ الأصول واحدة وكذا الطرق والرواة والمشايخ والنقلة ولعمري ان القول بعدم التغيير والتبديل لا يخرج من حسن الظن بأئمة الجور (يقصد الصحابة وأنهم لم يخونوا في الأمانة الكبرى(يقصد القرآن) مع ظهور خيانتهم في الأمانة الأخرى(يقصد امامه على التي هي أشد ضررا على الدين – الدرر النجفيه يوسف البحراني ص 298 مؤسسة آل البيت لاحياء التراث.

وممن ذهب إلى هذا القول الشيخ فضل بن شاذان في مواضع من كتاب (الإيضاح. وممن ذهب اليه من القدماء الشيخ محمد بن الحسن الشيباني صاحب تفسير نهج البيان عن كشف معاني القرآن (فصل الخطاب: ص 25-26).

أما الباب الأول: فقد خصصه الطبرسي لذكر الأدلة التي استدل بها هؤلاء العلماء على وقوع التغيير والنقصان في القرآن. وذكر تحت هذا الباب اثنى عشر دليلا استدل بها على تحريف القرآن. وأورد تحت كل دليل من هذه الأدلة حشداً هائلاً من الروايات (فصل الخطاب: ص 3).

أما الباب الثاني: فقد قام فيه الطبرسي بذكر أدلة القائلين بعدم تطرق التغيير في القرآن ثم رد عليها ردا مفصلاً. فصل الخطاب: ص 357.

أبو الحسن العاملي

قال: اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها، أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات، وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى، ما جمعه علي وحفظه الى أن وصل الى ابنه الحسن. تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36.

مراجع شيعية ذكرت التحريف

1. أصول الكافي ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني-دار التعارف – بيروت.

2. فروع الكافي – دار الأضواء.

3. سائل الشيعه إلى تحصيل مسائل الشريعة محمد بن الحسن الحر العاملي

4. من لا يحضره الفقيه محمد بن علي الحسين إبن بابويه القمي(الصدوق).

5. بحار الأنوار الجامعه لدرر أخبار الأئمه الأطهار-محمد باقر المجلسي – دار إحياء التراث العربي – مؤسسة التاريخ العربي – بيروت.

6. مستدرك الوسائل حسين النوري الطبرسي.

7. الوافي محسن الفيض الكاشاني.

8. بصائر الدرجات الكبرى في فضل آل محمد (ع) محمد بن الحسن الصفار

9. تفسير الصافي محمد بن الفيض الكاشاني – الأعلمي – بيروت.

10. تفسير العياشي محمد بن مسعود العياشي – مؤسسة الاعلمي – بيروت.

11. تفسير القمي على بن إبراهيم القمي – دار السرور – بيروت

12. تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة الحاج سلطان محمد الجنابذي – الاعلمي – بيروت.

13. البرهان في تفسير القرآن السيد هاشم البحراني – دار الهادي – بيروت

14. التبيان في تفسير القرآن أبي جعفر الطوسي – مكتب الاعلام الاسلامي – ايران

15. مجمع البيان في تفسير القرآن أبو علي الفضل الطبرسي – مكتبة الحياة – بيروت.

16. مرآة الأنوار ومشكاة الاسرارأو (مقدمة البرهان في تفسير القرآن) أبي الحسن الشريف النباطي الفتوني.

17. البيان في تفسير القرآن أبو القاسم الخوئي – مؤسسة الاعلمي – بيروت

18. رجال الكشي لأبي عمرو محمد الكشي- تقديم احمد الحسيني.

19. رجال النجاشي لأبي العباس احمد بن علي النجاشي- دار الأضواء- بيروت.

20. لؤلؤة البحرين في الإجازات وتراجم رجال الحديث – يوسف البحراني – الأضواء – بيروت.

21. رجال العلامة الحلي – الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي – دار الذخائر – قم – إيران.

22. روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات – محمد باقر الخوانساري – الدار الإسلامية – بيروت

23. تنقيح المقال – للمامقاني.

24. جامع الرواة – محمد بن علي الأردبيلي – دار الأضواء – بيروت.

25. رجال الطوسي – محمد بن الحسن الطوسي – دار الذخائر – قم – إيران

26. الكني والألقاب عباس القمي.

27. الفهرست – للطوسي.

28. نقباء البشر في القرن الرابع عشر – اغا بزرك الطهراني.

29. أعيان الشيعه – محسن الأمين.

30. طبقات أعلام الشيعه – أغابزرك الطهراني.

31. الذريعة إلى تصانيف الشيعة – أغا بزرك الطهراني.

32. أمل الآمل – محمد بن الحسن الحر العاملي – دار الكتاب الإسلامي – قم – إيران.

33. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة – ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي مؤسسة الوفاء – بيروت.

34. شرح نهج البلاغة – ميثم البحراني – ط إيران.

35. القرآن ودعاوي التحريف- رسول جعفريان- قم – إيران.

36. آراء حول القرآن – السيد علي الفاني الأصفهاني – دار الهادي – بيروت.

37. لمحات في تاريخ القرآن – محمد علي – منشورات الاعلمي.

38. عقائد الأمامية – محمد رضا مظفر – دار الصفوة – بيروت

39. عقائد الاثنى عشرية – إبراهيم الموسوي الذنجاني – الاعلمي – بيروت

40. الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم – زين الدين أبي محمد علي النباطي – البياضي – المكتبة المرتضوية – إيران.

41. الأنوار النعمانية – السيد نعمة الله الجزائري – مؤسسة الاعلمي – بيروت.

42. أوائل المقالات في المذاهب المختارات – محمد بن النعمان (المفيد) – دار الكتاب الإسلامي – بيروت

43. الاختصاص – للمفيد.

44. علل الشرائع – أبي جعفر محمد بن علي (الصدوق) – الاعلمي – بيروت

45. المراجعات – عبدالحسين شرف الدين الموسوي – الدارالإسلامية – بيروت

46. الأحتجاج – أبى منصور احمد بن علي الطبرسي – مؤسسة الأعلمي – بيروت.

47. مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول – محمد باقر المجلسي – إيران

48. النجم الثاقب في أحوال الأمام الحجة الغائب – حسين النوري الطبرسي – أنوار الهدى – قم – إيران

49. تذكرة الأئمة – محمد باقر المجلسي – فارسي – منشورات مولانا – إيران

50. الشيعة – محمد صادق الصدر.

51. تحفة العوام مقبول – منظور حسين. اردو.

52. اصل الشيعه وأصولها – محمد حسين آل كاشف الغطاء – الاعلمي بيروت.

53. الألفين – ابن مطهر الحلي – الاعلمي – بيروت.

54. الحكومة الإسلامية – الخميني – المكتبة الإسلامية الكبرى

55. كشف الأسرار – الخميني.

56. مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية – الخميني.

57. فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب – حسين النوري الطبرسي.

58. مشارق الشموس الدرية – عدنان البحراني – المكتبة العدنانية – البحرين

59. الدرر النجفية – يوسف البحراني – مؤسسة آل البيت – إيران.

60. المصباح – تقي الدين إبراهيم الكفعمي – مؤسسة الاعلمي – بيروت.

61. المسائل السروية للمفيد – المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد.

 هذا غيض من فيض من روايات التحريف في أمهات كتب الشيعة. فماذا عن كتب أهل السنة؟

اهل السنة والتحريف

إنّ المعروف من مذهب أهل السنّة هو نفي التحريف عن القرآن، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وكتبهم في علوم القرآن والعقائد، ولا حاجة إلى نقل خصوص كلماتهم.

لكنّ الواقع: إن أحاديث نقصان القرآن في كتبهم كثيرة في العدد، صحيحة في الإسناد، واضحة الدلالة وذلك: لأنها مخرّجة في الكتب الستّة المعروفة بـ (الصحاح) عندهم والتي ذهب جمهورهم إلى أنّ جميع ما اخرج فيها مقطوع بصدوره عن النبي، لا سيمّا كتابي البخاري ومسلم بن الحجّاج النيسابوري، هذين الكتابين الملقّبين بـ «الصحيحين» والمبرّأين عندهم من كلّ شين، فهي في هذه الكتب، وفي كتبٍ أخرى تليها في الإعتبار والعظمة يطلقون عليها اسمها «الصحيح» واخرى يسمّونها بـ المساني.

ولنذكر نماذج ممّا رووه عن الصحابة في الزيادة والتبديل، ثمّ ما رووه عنهم في النقيصة ـ وهو موضوع هذا الفصل ـ ثم طرفاً مما نقل عن الصحابة من كلماتهم وأقوالهم في وقوع الخطأ واللحن في القرآن.

نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنة

ماذا قالوا عن البخاري ومسلم

يعتبر صحيح البخاري ومسلم عند أهل السنة كالكافي عند الشيعة. قال أحدهم: اِعلم أن أصحُّ كتاب بعد القرآن ، هو صحيحي البخاري ومسلم، ويكفي تسميتهم لها بـ(الصحاح)! هذا ما اجمع عليه علماء أهل السنة.

وقال الذهبي والسرخسي، وابن تيمية، وابن الصلاح: قد صرّحوا بأنّ ما في الصحيحين يفيد القطع، ذكر هذا الكشميري في فيض الباري على صحيح البخاري تحت عنوان: القول الفصل في أنَّ خبر الصحيحين يفيد). وقال: واعلم أنّه انعقد الإجماع على صحّة البخاري ومسلم. فيض الباري، للكشميري الديوبندي 1: 57.

ونجد ابن خلدون يصرح في تاريخه بأنَّ الاِجماع قد اتّصل في الاُمّة على تلقي الصحيحين بالقبول والعمل بما فيهما، ثم قال: وفي الاِجماع أعظم حماية، واعظم دفع. تاريخ ابن خلدون 1:556الفصل 52.

وفي عمدة القاري (اتّفق علماء الشرق والغرب (يعني: علماء العامّة) على أنّه ليس بعد كتاب الله تعالى أصحّ من صحيحي البخاري ومسلم). عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني 1: 5. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني: 381 من المقدمة. عمدة القاري شرح صحيح البخاري 1: 8 و 45 إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، القسطلاني 1: 29. وفيات الأعيان لابن خلكان 4: 208. صحيح مسلم بشرح النووي، النووي الشافعي 1: من المقدمة كشف الظنون، لحاجي خليفة 1: 641.

كما كان الكافي وغيره من كتب الحديث عند الشيعة، شاهد عدل على دعوى تحريف القرآن. هكذا أيضا سيكون البخاري ومسلم. شهود عدل على دعوة التحريف عند أهل السنة.

نذكر هنا ما ورد في الصحيحين البخاري ومسلم في تحريف القرآن.

·     عن عبدالله…(وما اُوتوا من العلم إلاّ قليلاً) قال الاعمش: هكذا في قراءتنا. والمذكور في المصاحف الشريفة:(وما أُوتيتم). صحيح البخاري رقم: 125.

·     عن ابن عباس: كان عكاظ و… فنزلت: ليس عليكم جناج ان تبتغوا فضلاً من ربّكم في مواسم الحج. صحيح البخاري رقم 1945 كتاب البيوع.

·     وعن انس… فكنا نقرأ: ان بلغوا قومنا ان قد لقينا ربّنا فرضي عنا وأرضانا) ثم نسخ بعد… صحيح البخاري رقم 2647 كتاب الجهاد. صحيح مسلم 5: 85. صحيح البخاري رقم 1328.

·     وعنه أُنزل في الذين قتلوا في بئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد: بلغوا قومنا ان قد لقينا ربّنا فرضي عنا ورضينا عنه. صحيح البخاري 2659 كتاب الجهاد.

·         وقرأ ابن عباس: امامهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصباً وأما الغلام فكان كافرا وكان ابواه مؤمنين.

·         وفي صحيح مسلم مثله بزيادة: سفينة صالحة. صحيح البخاري ذيل 3220 كتاب الانبياء صحح مسلم 15: 142.

·     عن علقمة… فقرأت عليه: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والاَُنثى) قال والله أقرأنيها رسول الله من فيه الى في. صحيح البخاري رقم 3532 كتاب فضائل الصحابة، وانظر صحيح مسلم 6: 109

·     عن ابن عباس: قال عمر لقد خشيت ان يطول بالناس زمان حتّى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله… صحيح البخاري رقم 6441 كتاب المحاربين.

·         وعن عكرمة… قال: لولا ان يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي. صحيح البخاري بعد رقم 6748 كتاب الاحكام.

·     عن عمر ـ في حديث طويل ـ ثم انّا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن ابائكم فانّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو (أن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم…). صحيح البخاري رقم 6442 كتاب المحاربين.

·     عن أبي يونس…فأملت عائشة عليَّ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) قالت عائشة: سمعتها من رسول الله. صحيح مسلم 1: 130، سنن النسائي 1: 236.

·     عن عائشة انّها قالت كان فيما اُنزل من القرآن:(عشر رضعات معلومات يحرمن) ثم نسخ بخمس معلومات، فتوفّى رسول الله صلعم وهن فيما يقرأ من القرآن. صحيح مسلم 10: 29 و30 كتاب الرضاع سنن ابى داود 2: 230.

·     عن عمر بن الخطاب… فكان مما أُنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلنا، فرجم رسول الله صلعم ورجمنا بعده، فاخشى ان طال بالناس زمان ان يقول قائل: مانجد الرجم في كتاب الله… وانّ الرجم في كتاب الله حق. صحيح مسلم 11: 191 كتاب الحدود.

·     عن عائشة: لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها. صحيح البخاري رقم 1945 كتاب النكاح.

هذا ما جاء في صحيح البخاري ومسلم. اصح كتابين بعد القرآن كما اجمع علية العلماء الأفاضل.

في لحن القرآن

والمقصود من اللحن هو الخطأ، وقد روي عن عثمان بن عفان بطرق كثيرة دعوى وجود اللحن في القرآن، ولا بأس بذكر بعضها.

1- قال ابوعبيد في فضائل القرآن: حدثنا حجاج، عن هارون بن موسى، قال أخبرني الزبير بن خريت، عن عكرمة، قال: لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان، فوجد فيه حروفا من اللحن، فقال: لا تغيروها فإن العرب ستغيرها، أو قال ستعربها بالسنتها، لو أن الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف. فضائل القرآن ج 2 ص 171).

قال السيوطي بعد نقل هذا الخبر في الإتقان: أخرجه ابن الأنباري في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان، وابن أشتة في كتاب المصاحف. أقول: والخبر صحيح على شرط البخاري ومسلم.

2- قال أبوبكر بن أبي داود: حدثنا ابوحاتم السجستاني، حثنا عبيد بن عقيل، عن هارون، عن الزبير بن الخريت، عن عكرمة الطائي، قال: لما أتي عثمان بالمصحف رأي فيه شيئا من لحن، فقال: لوكان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا. (كتاب المصاحف ص 142)

3- وقال الحافظ عمر بن شبة النميري في تاريخ المدينة المنورة: حدثنا عمرو بن مرزوق، قال حدثنا عمر بن القطان، عن عبدالله بن فطيم، عن يحي بن يعمر، قال: قال عثمان رضي الله عنه: إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بالسنتها.) (تاريخ المدينة المنورة ج 3 ص 1013)

4- وقال أبوبكر بن أبي داود: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أبوداود، حدثنا عمران بن داود القطان، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن عبدالله بن فطيمة، عن يحي بن يعمر: قال: قال عثمان رضي الله عنه:(إن في القرآن لحنا، وستقيمه العرب بالسنتها.) كتاب المصاحف ص 42.

5- وقال الحافظ عمر بن شبة في تاريخ المدينة المنورة: حدثنا علي بن أبي هاشم، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن عبدالأعلى بن عبيدالله بن عامر القرشي، قال: لما فرغ من المصاحف أتي به عثمان رضي الله عنه، فقال:(قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها) (تاريخ المدينة المنورة ج 3 ص 1013)

6- وقال أبوبكر بن أبي داود: حدثنا المؤمل بن هشام، حدثنا إسماعيل بن الحارث بن عبدالرحمن، عن عبدالأعلى بن عبدالله بن عامر القرشي، قال: لما فرغ من المصحف أتي به عثمان، فنظر فيه، فقال:(قد أحسنتم وأجملتم، أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بالسنتها.) كتاب المصاحف ص 41.

هذه بعض طرق الحديث، ذكرناها ليتضح تعدد طرقه مضافا لصحة سنده، وقد حاول عدة الطعن في هذا الحديث، ولكنه صحيح وفقا لقواعد الحديث، وربما يؤيد بعضه بعضا، ولذا قال السيوطي في مقام الرد على من حاول تضعيف الخبر المتقدم: (أما الجواب بالتضعيف، فلأن إسناده صحيح كما ترى) الإتقان ج 1 ص 391.

قال ابو عبد الله الحاكم في المستدرك: عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله تعالى(لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا) قال: أخطأ الكاتب،(حتى تستأذنوا).

قال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.(المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 430 حديث 3496 ط دار الكتاب العلمية).

وهذا الخبر أخرجه ابو عبيد و الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبري بعدة طرق وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في شعب الايمان و المقدسي في الضياء المختارة(الدر المنثور للسبوطي ج 5 ص 69، شعب الإيمان ج 6 ص 427، ح 8801، 8802، 8803، 8804، تفسير الطبري ج 18 ص 109.

قال أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي في فضائل القرآن: حدثنـا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن، عن قوله(إن هذان لساحران) وعن قوله(والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) وعن قوله(إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون). فقالت: هذا عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب.(فضائل القرآن ج 2 ص 103 ح 563)

قال السيوطي بعد إيراد هذا الخبر في الإتقان: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. (الإتفان في علوم القرآن ج 1 ص 388 النوع 41) المصاحف لإبن ابي داوود ص 43.

عن حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام، قال قلت لأبان بن عثمان: ما شأنها كتبت (والمقيمين)؟ فقال: إن الكاتب لما كتب قال: ما أكتب؟ قيل له: أكتب(والمقيمين الصلاة).(فضائل القرآن ج 2 ص 104 ح 565)

وقال ابو بكر بن ابي داود في المصاحف: حدثنا اسحاق بن وهب، حدثنا يزيد، قال أخبرنا حماد، عن الزبير أبي خالد، قال: قلت لأبان بن عثمان: كيف صارت (لكن الراسخوان في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) ما بين يديها ومن خلفها رفع، وهي نصب؟ قال: من قبل الكتاب، كتب ما قبلها ثم قال: أكتب؟ قال: أكتب(المقيمين الصلاة)، فكتب ما قيل له.(كتاب المصاحف ص 42).

أقول: وذهـب الى خطأ قـراءة قـولـه تعالى(إنّ هذان لساحران) من علماء السنة أبو عمرو وهو زبان بن العلاء التميمي أحد القرآء السبعة.(قال فيه الذهبي: و كان من أهل السنة و قال يحيى بن معين: ثقة) راجع سير أعلام النبلاء ج 1 ص 241 رقم 1012.

نقل ذلك عنهما عدة من المفسرين منهم الطبري والقرطبي والفخر الرازي.(تفسير الكبير للفخر الرازي ج 22 ص 74، تفسير الطبري ج 16 ص 181، تفسير القرطبي ج 11 ص 226).

وروي نحو ذلك عن سعيد بن جبير فيما أخرجه أبوبكر بن ابي داود حيث قال: عن أشعث، عن سعيد بن جبير، قال: في القرآن أربعة أحرف لحن:(الصابئون) و(المقيمين) و(فأصدّق وأكن من الصالحين) و(إن هذان لساحران).(كتاب المصاحف ص 42)

قال الطبري بشأن الآية(31) من سورة الرعد: عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرؤها(أفلم يتبين الذين آمنوا) قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس. (تفسير الطبري ج 18 ص 136).

وقال ابو عبيد في فضائل القرآن: حدثنا ابن أبي مريم، عن نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة، قال: إنما هي (أفلم يتبين). فضائل القرآن ج 2 ص 123 ح 624)

وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قرأ (أفلم يتبين الذين آمنوا) فقيل له إنها في المصحف(أفلم ييأس) فقال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس.(الدر المنثور ج 4 ص 118)

وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: وروى الطبري وعبد بن حميد باسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرأها (أ فلم يتبين) ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس.(فتح الباري ج 8 ص 475)

قال السيوطي في الإتقان:… وما أخرجه سعيد بن منصور من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله تعالى(وقضى ربك) إنما هي(ووصى ربك) التصقت الواو بالصاد.

قال السيوطي: وأخرجه ابن أشتة بلفظ: استمد الكاتب مدادا كثيرا، فالتزقت الواو بالصاد.

قال السيوطي أيضا: وأخرجه من طريق أخرى عن الضحاك أنه قال: كيف تقرأ هذا الحرف؟ قال: (وقضى ربك). قال: ليس كذلك نقرؤها نحن ولا ابن عباس، إنما هي(ووصى ربك) وكذلك كانت تقرأ وتكتب، فاستمد كاتبكم فاحتمل القلم مدادا كثيرا، فالتصقت الواو بالصاد، ثم قرأ(ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) ولو كانت قضى من الرب لم يستطع أحد رد قضاء الرب، ولكنه وصية أوصى بها العباد. الإتقان في علوم القرآن ج 1 ص 39.

وأخرج نحو ذلك الطبري وابو عبيد وابن المنذر (تفسير الطبري ج 15 ص 63).

وقال الحافظ ابن حجر بشأن الخبر المتقدم: أخرجه سعيد بن منصور باسناد جيد. (فتح الباري ج 8 ص 475).

قال السيوطي:… وما أخرجه ابن أشتة وابن ابي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: (مثل نوره كمشكاة).

قال: هي خطأ من الكاتب، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، إنما هي (مثل نور المؤمن كمشكاة). الإتقان ج 1ص393.

وقال ابو عبيد في فضائل القرآن: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه كان يقرأها: (مثل نور المؤمنين كمشكاة فيها مصباح). (فضائل القرآن ج 2 ص 129).

وقال أيضا: حدثنا خالد بن عمرو، عن ابي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن ابي العالية، قال: هي في قراءة أبي بن كعب: (مثل نور من آمن بالله) أو قال: (مثل من آمن به). (فضائل القرآن ج2 ص 130)

وقال الحاكم في المستدرك: عن ابن عباس في قوله عزوجل (الله نور السماوات والأرض مثل نور من آمن بالله كمشكاة) قال: وهي القبّرة، يعني الكوّة.

قال الحاكم: صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح. (المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 432).

أقول: لا بأس هنا بنقل عبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني بشأن نظره في عدة من الروايات حيث يقول بشأن بعض الروايات الواردة في تفسير الآية (31) من سورة الرعد: (وروى الطبري وعبد بن حميد باسناد صحيح كلهم رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرأها (أفلم يتبين) ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس،

ومن طريق ابن جريج قال: زعم ابن كثير وغيره أنها القراءة الأولى، وهذه القراءة جاءت عن علي وابن عباس وعكرمة وابن ابي مليكة وعلي بن بديمة وشهر بن حوشب وعلي بن الحسين وابنه زيد، وحفيده جعفر بن محمد في آخرين قرأوا كلهم (أفلم يتبين). وأما ما أسنده الطبري عن ابن عباس فقد اشتد انكار جماعة ممن لاعلم له بالرجال صحته، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته الى أن قال: هي والله فرية ما فيها مرية، وتبعه جماعة بعده،

وقد جاء عن ابن عباس نحو ذلك في قوله تعالى:(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) قال: (ووصى) التزقت الواو في الصاد، أخرجه سعيد بن منصور باسناد جيد عنه، وهذه الأشياء وإن كان غيرها المعتمد، ولكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس دأب أهل التحصيل، فلينظر في تأويله بما يليق به).(فتح الباري ج 8 ص 475).

قال أبو بكر بن ابي داود في المصاحف: حدثنا ابوالربيع، أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: (بلغنا أنه كان أنزل قرآن كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة، الذين كانوا قد وعوه، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب، فلما جمع أبوبكر وعمر).

وعثمان القرآن ولم يوجد مع أحد بعدهم، وذلك فيما بلغنا حملهم على أن يتتبعوا القرآن، فجمعوه في الصحف في خلافة ابي بكر خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن معهم كثير من القرآن فيذهبوا بما معهم من القرآن، فلايوجد عند أحد بعدهم، فوفق الله تعالى عثمان، فنسخ ذلك الصحف في المصاحف، فبعث بها الى الأمصار، وبثها في المسلمين. المصاحف لأبي بكر بن أبي داود ص 31.

وهذا الكلام صريح في نقيصة القرآن الموجود بين الدفتين، وأن النقص وقع بعد القتال يوم اليمامة في مواجهة مسيلمة الكذاب.

قال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابوعبيد، وسعيد بن منصور، وابن ابي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن الأنباري، والطبراني من طرق عن ابن مسعود، أنه كان يقرأ (فامضوا الى ذكر الله) ويقول: لو كانت (فاسعوا) لسعيت حتى يسقط ردائي.

أقول: وهذا الكلام واضح الدلالة في أن كلمة (فاسعوا) محرفة.

القرآن ذهب منه الكثير

وبسند صحيح عن ابن عمر قال: “لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه! قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر”. الدر المنثور 2/298.

وكلام ابن عمر هذا نصٌ صريح في سقوط كثير من آي القرآن وفقدانـها، وهو التحريف المقصود بحدّه وحدوده.

ولكن بعض علماء المسلمين يحاولون ستر ريح ما جاءهم به ابن عمر فقالوا مؤولين متلكئين: إنه قصد بالذي ذهب من القرآن منسوخ التلاو!.

وهذا الكلام باطل بلا ريب، لأمور:

1- ظاهر اللفظ حجة وخلافه يحتاج إلى دليل، فأين الدليل على أن ابن عمر قصد بقوله السابق منسوخ التلاوة؟!، لا دليل إلا الهرب من الفضيحة!

2- قوله (وما يدريه ما كله؟!) هو استفهام استنكاري يفيد النفي والتعجب من قول من يقول إنه قد أخذ القرآن كاملا وهذا لا يمكن تفسيره بنسخ التلاوة، لأن الله عز وجل في نسخ التلاوة يلغي الآية وينسخها فيحل محلها ويسد نقصها بآية أخرى مكانـها فلا ترفع آية أو تمحى إلا وتنـزل مثلها أو خير منها تقوم مقامها لذا لا تنقص الآيات وإنما تتبدل، وهذا لم يقصده ابن عمر وإنما قصد النقص وذهاب كثير من القرآن وليس في نسخ التلاوة نقص للقرآن وإنما تبديل وإحلال.

قال الشنقيطي في مذكرة أصول الفقه: “فالعجب كل العجب من كثرة هؤلاء العلماء وجلالتهم من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم القائلين بجواز النسخ لا إلى بدل ووقوعه مع أن الله يصرح بخلاف ذلك في قوله تعالى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) (البقرة/106). مذكرة أتصول الفقه للشيخ محمد الشنقيطي ص 49.

راجع: فضائل القرآن ج 2 ص 146. الإتقان للسيوطي 2/30 وروح المعاني 1/25 والدر المنثور 2/298.

عن سورة الأحزاب

أخرج أحمد بن حنبل في مسنده: “حدثنا عبد الله ثنا خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بـهدلة عن زر عن أبي بن كعب أنه قال: “كم تقرؤون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. قال: قط! لقد رأيتها وأنّها لتعادل سورة البقرة وفيها آية الرجم! قال زرّ: قلت وما آية الرجم؟ قال:(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم)”. مسند احمد 5/123 حديث 21245. والاتقان 2/25.

هذه الرواية صريحة في أن الأحزاب التي عرفها سيد القرّاء أبي بن كعب كانت ثلاثة أضعاف الموجود، وأنه لم يعهد السورة بـهذا العدد القليل من الآيات فتعجب من سقوط أكثرها، وكما ترى لو كان للضياع أصل يعوّل عليه لما خفي عن مثل سيد القراء أبي بن كعب، وإلا فما معنى أن الرسول أمر الصحابة أن يستقرئوه القرآن بعد عبد الله بن مسعود؟!

وهنا رواية أشكل من سابقتها: “عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن”. الاتقان 2/25.

فإن بين طياتـها اتـهاما لعثمان بتحريف المصاحف وحذف أكثر من مئتي آية من سورة الأحزاب وهذا الكلام موافق للروايات الصحيحة التي أخبرت أن عثمان حذف ستة أضعاف القرآن.

عن زر بن حبيش قال: قال لي أبيُّ بن كعب: كم تقدّرون سورة الأحزاب؟ قلت: إمّا ثلاثاً وسبعين آية، أو أربعاً وسبعين آية. قال: إنْ كانت لتقارن سورة البقرة، أوْ لهيَ أطول منها!!

وعن حذيفة قال: قال لي عمر بن الخطاب: كم تعدّون سورة الاحزاب؟ قلتُ: إثنتين أو ثلاثا وسبعين آية. قال: إن كانت لتعدل بسورة البقرة وإنْ كان فيها لاية الرجم. الدرّ المنثور 5 / 180.

قال ابن حزم في المحلّى عن إسناد هذه الرواية: «هذا إسناد صحيح لا مغمز فيه» راجع: المحلّى، لابن حزم 11: 234 مسألة 2204. والإتقان 3: 82. ومعالم التنزيل 1: 136. وفواتح الرحموت 2: 73.

نقل السيوطي في تفسير الدّر المنثور عن تاريخ البخاري، عن حذيفة أنّه قال: قرأت سورة الاحزاب على النبيّ، فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها. الدرّ المنثور 5 / 180، في أوّل تفسير سورة الاحزاب. جوامع السيرة ص 277؛ وتقريب التهذيب 1 / 156.

عن زر عن أُبيّ بن كعب قال: كانت سورة الاحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة). المستدرك وتلخيصه 2 / 415، تفسير سورة الاحزاب؛ والاتقان، النوع السابع والاربعون في ناسخه ومنسوخه 2 / 25.تذكرة الحفاظ ص 1405؛ وكشف الظنون 1 / 1624.

وإذا ما علمت أنّ في سورة البقرة (286) آية، وفي الأحزاب (73) آية فإنّه سيكون المقدار الناقص من آياتها بموجب هذه الرواية (صحيحة الإسناد!!) هو (213) آية أو أكثر من ذلك «أو لهي أطول منها» أمّا مقداره في قول عائشة فهو (127) آية، بينما نجد ابن حبّان في صحيحه يروي عن أبيُّ بن كعب بأن سورة الأحزاب توازي سورة النور، وسورة النور (64) آية. راجع: البرهان في علوم القرآن ، للزركشي 2: 41 ـ42.

ومن مراجعة صحيح مسلم، والبرهان للزركشي، والدر المنثور في تفسير سورة البينة، يعلم أنّ إحصاءهم ـ أو قل: تقديرهم لعدد آيات سورة البينة ـ ينقص عما هو عليه اليوم (121) آية؛ لاَنّهم رووا عن أبي موسى الاَشعري وغيره، بأنَّها في الطُّول كسورة براءة _التوبة_ أي: (219) آية! بينما المصحف يشهد على كونها ثمان آيات فقط. راجع: صحيح مسلم 2: 726. والبرهان في علوم القرآن 1: 43. والدر المنثور 8: 587.

على أنّ ما قدمناه أهون بكثير من إحصاء عمر بن الخطاب لحروف القرآن الكريم كما في رواية الطبراني، وقد شهد على ذلك السيوطي في الاِتقان، وإليك نص ما نسبه إلى عمر من أنَّه قال: «القرآن ألف ألف حرف، من قرأه صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من الحور العين». راجع: الاتقان في علوم القرآن : 242 ـ 243. كنز العمال 1 / 460، الحديث 2309 و ص 481، الحديث 2427؛ والاتقان 1 / 72 في آخر النوع التاسع عشر في عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه؛ والدرّ المنثور 6/ 422.تذكرة الحفاظ ص1118؛ وكشف الظنون 1 / 2 وذيله ص 648؛ وهدية العارفين 1 / 648.

وهنا لابدّ من وقفة قصيرة فنقول: إنّ المنقول في إحصاء حروف القرآن هو: عن ابن مسعود: (322670) حرفاً.

وعن ابن عباس قولان: أحدهما: (323621) حرفاً.

والآخر: (323670) حرفاً.

وعن مجاهد: (320621) حرفاً.

وعن إبراهيم التيمي: (323015) حرفاً.

وعن عبد العزيز بن عبدالله: (321200) حرفاً.

وعن غير هؤلاء: (321000) حرفاً.

بينما نقل الزركشي: أنّهم عدّوا حروف القرآن فكانت ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألف وسبعمائة وأربعون حرفا. البرهان في علوم القرآن 1 / 249.وبناء على ما روي عن الخليفة عمر، فقد ذهب ثُلثا القرآن!

وكلّ هذه الاستقراءات ذكرها الفقيه أبو الليث نصر بن محمّد السمرقندي في كتابه بستان العارفين، مطبوع بذيل كتاب تنبيه الغافلين في الموعظة بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين: 457 الباب 149.

بيد أنّ المنقول عن أكثر القراء هو: (323671) حرفاً.

الاختلاف كبير جدّا في عدد الآَيات بين العلماء، قال السيوطي تعديد الآي من معضلات القرآن ونقل عن الموصلي: اختلفَ في عدّ الآَي أهلُ المدينة ومكّة والشام والبصرة والكوفة، ولأهل المدينة عددان (الإتقان 1/1-232).

سورة التوبة

لقد جاء في روايات عديدة وصحيحة أن حذيفة بن اليمان كان يتحسف من تسمية الناس لهذه السورة باسم سورة التوبة وهي في الأصل سورة العذاب لأن الناس يقرؤون ربعها فقط! فالتي نزل بـها جبريل على محمد أضعاف الموجود، وهذا ما أخرجه: ” ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال: التي تسمّونـها سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها “.محمع الزوائد 7/28 سورة التوبة. المثنف لابن ابي الشيبة 10/509 حديث 10143.المستدرك على الصحيحين 3/208. الدر المنثور 3/208.

وأخرج الحاكم في موضع آخر بسنده:” عن حذيفة رضي الله عنه قال: ما تقرؤون ربعها يعني براءة وهي سورة العذاب”. المستدرك 2/230.

وفي مجمع الزوائد: “عن حذيفة قال: تسمون سورة التوبة وهي سورة العذاب وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها”. مجمع الزوائد 7/2.

ويا ليت أمرها اقتصر على الروايات فقط، بل تعداه إلى ما يعتقده القوم! حتى ذهب إمام المالكية مالك بن أنس إلى أن سورة براءة –التوبة- سقط منها الكثير عندما سقطت البسملة، وهذا ما ذكره الزركشي في البرهان عن الإمام مالك بن أنس حين تعرضه لأسباب سقوط البسملة من أوّل براءة فقال الزركشي:” وعن مالك أنّ أوّلـها لما سقط سقطت البسملة”. البرهان في علوم القرآن 1/263.

وذكره السيوطي في الإتقان: “وعن مالك أن أوّلـها لما سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنـها كانت تعدل البقرة لطولـها”. الاتقان 1/65.

وقد وافق ابن حزم قول الشيعة حيث قال في الإحكام: وأيضا فقد روي عن البراء أن آخر سورة نزلت سورة براءة وبعث النبي بـها فقرأها على أهل الموسم علانية، وقال بعض الصحابة وأظنه جابر بن عبد الله ما كنا نسمي براءة إلا الفاضحة. قال أبو محمد –ابن حزم-: فسورة قرئت على جميع العرب في الموسم وتقرع بـها كثير من أهل المدينة ومنها يكون منها آية خفيت على الناس؟! هذا ما لا يظنه من له رمق وبه حشاشة. الأحكام لابن حزم 6/266-268.

وفي تفسير سورة التوبة من الدرّ المنثور للسيوطي قال:

وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الاوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال: الّتي تسمّون سورة التوبة هي سورة العذاب. واللّه ما تركت أحدا إلاّ نالت منه، ولا تقرأون منها ممّا كنّا نقرأ ربعها. تفسير التوبة من الدرّ المنثور 3 / 208؛ تذكرة الحفاظ ص 432 و ص 945 وكشف الظنون 2 / 1711. مادّة المصنف.ولباب الانساب لابن الاثير 1 / 331؛ وكشف الظنون ص 1406؛ وهدية العارفين 1 / 447.

روى الحاكم بسندٍ صحّحه: عن حذيفة بن اليمان ـ العالم بأسماء المنافقين ـ أنّه قال عن سورة براءة: ما تقرأون ربعها، وإنّكم تسمّونها سورة التوبة، وهو سورة العذاب(المستدرك على الصحيحين 2/ 33).

وفي نقل آخر: التي تسمّونها سورة التوبة هي سورة العذاب، والله ما تركتْ أحدا إلا نالتْ منه، ولا تقرأون إلا ربعها. الدرّ المنثور 3/20.

وفي الاتقان: قيل لبراءة: الفاضحة. الاتقان 1 / 56 والدرّ المنثور 3 / 208.

وفي الاتقان قال: قال مالك: إنّ أوّلها لما سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة. الاتقان 1 / 67.

وسورة براءة في القرآن(129) آية، فمقتضى الحديث أنّها(516) يعني تقرب من ضعفي سورة البقرة أكبر سور القرآن!. المصنف للصنعاني ج 7 ص 330، حديث رقم 13363). التمهيد في شرح الموطأ ج 4 ص 275، شرح حديث 21).

ماذا قالوا عن الْمُعَوِّذَتَيْن؟

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللهِ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللهِ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى. رواه أحمد في مسند الأنصار(6/154) ح 20683. مجمع الزوائد(7/152).

وروى الأعمش عن إبراهيم قال: قيل لابن مسعودٍ لِمَ لَمْ تكتب الفاتحة في مصحفك؟ فقال: لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة. انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير(1/9)، وفتح القدير للشوكاني(1/62)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(1/81).

وعن ابن سيرين أن أُبَيَّ بن كعبٍ وعثمانَ كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوذتين، ولم يكتب ابن مسعودٍ شيئًا منهن. رواه عبد بن حميد في مسنده، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة، انظر فتح القدير(1/62).

وأما المعوذتان، إنه كان يَحكهما، ويقول: لا تخلطوا به ما ليس منه. يعني المعوذتين. الانتصار لنقل القرآن ص 93.

ويدل على ذلك ما رواه ابن أبي داود عن أبي جمرة قال: أتيت إبراهيم بمصحفٍ لي مكتوبٍ فيه: سورة كذا، وكذا آية، قال إبراهيم: امحُ هذا، فإن ابن مسعودٍ كان يكره هذا، ويقول: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس منه. رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف، باب كتابة الفواتح والعدد في المصاحف ص 154.

روي بعدة أسانيد في كتب السنة، بأن عبد الله بن مسعود كان يرى أن المعوذتين ليستا من القرآن الكريم، وروي عنه نحو ذلك بشأن سورة الفاتحة.

عن زر، قال: سألت أبي بن كعب، قلت: أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال أبي: سألت رسول الله فقال لي: قيل لي فقلت، فنحن نقول كما قال رسول الله (فتح الباري ج 8 ص 962).

وقال ابو بكر بن أبي شيبة في المصنف: عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله محا المعوذتين من مصاحفه، وقال لا تخلطوا فيه ما ليس منه.(المصنف ج 6 ص 146).

وقال ابو عبيد في فضائل القرآن: عن ابن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين و(اللهم إنا نستعينك) و(اللهم إياك نعبد) وتركهن ابن مسعود، وكتب عثمـأن منهـن فاتحة الكتاب والمعوذتين). فضائل القرآن ج 2 ص 144).

وقال الراغب الاصبهاني في المحاضرات: وأثبت ابن مسعود في مصحفه (لو كان لأبن آدم واديان من ذهب لابتغى اليهما ثالثا ويملاء جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. (محاضرات الأدباء ج 2 ص 433).

الى أن قال: وأثبت ابن مسعود (بسم الله) في سورة البراءة.

الى أن قال: وأسقط ابن مسعود من مصحفه أم القرآن والمعوذتين.

وقال ابن الجوزي في فنون الأفنان في بيان عدد سور القرآن:

(أما سوره، فقال ابو الحسين بن المنادي: جميع سور القرآن في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين مائة وأربع عشرة سورة، فيهن فاتحة الكتاب والتوبة والمعوذتان، وذلك هو الذي في أيدي أهل قبلتنا).

وجملة سوره على ما ذكر عن أبي بن كعب مائة وستة عشرة سورة، وكان ابن مسعود يسقط المعوذتين، فنقصت جلته سورتين عن جملة زيد، وكان زيد يلحقهما ويزيد اليهما سورتين، وهما الخلع والحفد)(فنون الأفنان في عيون القرآن ص 233، 234، 235).

قال الحافظ ابن حجر ردا على من ضعف الخبر المتقدم: والطعن في الرواية الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل. (فتح الباري ج 8 ص 964).

الدرّ المنثور للسيوطي 6 / 416. الاتقان 1 / 81 و1 / 67 ؛ ومسند أحمد 5 / 129 ولفظه: يحكّه من مصاحفه. تقريب التهذيب 1/ 401؛ وهدية العارفين 2 / 442.و 1 / 71. و1 / 825. و 1 / 54 و 2 / 44 تذكرة الحفاظ ص1051.و ص 204 و ص 920 و ص 417 ـ 418 بتاريخ بغداد 4 / 334. النوع التاسع عشر: في عدد سوره. البخاري في جزء القراءة، 1 / 113. ؛ تقريب التهذيب 2 / 117؛ تفسير المعوذتين بتفسير ابن كثير 4 / 71. 709؛ ومجمع الزوائد، 7 / 149 فهرست النديم، ط. مصر ، ص 39 ـ 40.

بلغ موقف ابن مسعود من المعوذتين شهرة أغنتنا عن تكلف ذكر أدلته، فأمره واضح لا يحتاج إلى بيان.

 عن مسند الحميدي: “قال ثنا سفيان قال ثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بـهدلة أنـهما سمعا زرّ بن حبيش يقول: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين، فقلت: يا أبا المنذر! إن أخاك ابن مسعود يحكـّها من المصحف! قال: إني سألت رسول الله قال: قال لي: قل، فقلت: فنحن نقول كما قال رسول الله. مسند الحميدي ج 1 ص 185 حديث 27.

ومن مجمع الزوائد: “عن زر قال: قلت لأبيّ: إن أخاك يحكهما من الصحف!، قيل لسفيان ابن مسعود فلم ينكر، قال سألت رسول الله فقال: فقيل لي، فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله”. مجمع الزوائد ج 7 ص 149 باي ما جاء في المعوذتين.

وعن عبد الرحمن بن يزيد يعني النخعي قال: كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول: إنـهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى.

وعن عبد الله، أنه كان يحك المعوذتين من الصحف، ويقول: إنما أمر النبي صلعم أن يتعوذ بـهما وكان عبد الله لا يقرأ بـهما.

وعن المصنّف لابن أبي شيبة:” حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله مـحا المعوذتين من مصاحفه، وقال: لا تخلطوا فيه ما ليس منه”. المصنف لابن ابي شيبة ج 10 ص 538 حديث 10254.

وعنه أيضا: “حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين قال: كان ابن مسعود لا يكتب المعوذتين”. المصنف لابن ابي شيبة ج 6 ص 147 حدبث 30212.

وعند الشافعي في الأم: “أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول لا تخلطوا به ما ليس منه”. الام ج 7 /189.

مسند أحمد: “حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم عن زر قال قلت: لأبي إن أخاك يحكهما من المصحف! فلم ينكر. قيل لسفيان بن مسعود، قال: نعم، وليسا في مصحف ابن مسعود كان يرى رسول الله يعوذ بـهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شيء من صلاته فظن أنـهما عوذتان وأصر على ظنه وتحقق الباقون كونـهما من القرآن فأودعوهما إياه”. مسند احمد ج 5 ص 130 حديث 21227.

وقال ابن جحر العسقلاني في فتح الباري: “وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: “كان ابن مسعود يحك المعوذتين من مصاحف ويقول إنـهما ليستا من كتاب الله”. فتح الباري بشرح صحيح الباري ج8 743. ومحمع الزوائد ج 7 ص 149 التفسير الكبير للرازي 1/213.

وقال السيوطي في الإتقان: “وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين، وفي مصحف أُبيّ ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع. وأخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال: كتب أُبيّ بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين و(اللهم إناّ نستعينك) و(اللهم إياك نعبد) وتركهن ابن مسعود وكتب عثمان منهن فاتحة الكتاب والمعوذتين”. الإتقان 1/65.

البخاري ذكر إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين في صحيحه!

ويكفينا أن إنكار ابن مسعود للمعوذتين قد أخرجه البخاري في صحيحه في (باب تفسير سورة قل أعوذ برب الناس): “عن زر قال: سألت أبي بن كعب قلت: يا أبا المنذر! إن أخاك ابن مسعود يقول: كذا وكذا، فقال أبي: سألت رسول الله، فقال لي: قيل لي، فقلت. قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صحيح البخاري ج 4 ص 1904 حديث 4693 و4692.

وكما ترى فقد حاول البخاري ستر رائحة ما قاله ابن مسعود ولكنه عجز عن ذلك، فإن ما أبـهمه البخاري بقوله (كذا وكذا) قد بيّنه كثير من أعلام وحفاظ أهل السنة كما مر، ونص على تستر البخاري رواة الأخبار والمحدثين، فهذا البيهقي يقول بعد ذكره هذه الرواية:

“وأنبأ أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق أنبأ بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بـهدلة أنـهما سمعا زر بن حبيش يقول: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقلت:يا أبا المنذر أن أخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف! قال: إني سألت رسول الله، قال: فقيل لي، فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله. رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة وعلي بن عبد الله عن سفيان “. سنن البيهقي الكبرى ج 2ص 394 حديث 3851.

 

وكذا الحافظ ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد علق على الرواية السابقة بقوله: “هو في الصحيح –أي صحيح البخاري- خلا (حكهما من المصحف)، رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح “.مجمع الزوائد 7/149.

اذا اتضح إلى هنا أن الروايات صريحة في إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين، بل إن بعضها يفيد أن موقف ابن مسعود كان معروفا ومشهورا بين الصحابة والتابعين.

فقدان سورتين إحداهما تعدل التوبة وأخرى المسبحات!

أخرج مسلم في صحيحه: “عن أبي الأسود ظالم بن عمرو قال: بَعثَ أبو موسى الأشعري إلى قرّاء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجلٍ قد قرءوا القرآن. فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقرّاؤهم. فأتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنـّـا كنّـا نقرأ سورةً كنّـا نشبِّهـها في الطّول والشّدة ببراءة، فأنْسيتُها، غير أنّي قد حفظت منها: (لو كان لابن آدم واديان من مالٍ لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب) وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبـّـهها بإحدى المسبِّحات فأنسيتها غير إنّي حفظت منها “يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادةٌ في أعناقكم فتُسألون عنها يوم القيامة”. صحبح مسلم ج 3 ص 100 وبشرح النووي ج 7 ص 139-140 الاتقان في علوم الران 1/64.

وفي الدر المنثور: وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة شديدة نحو براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها (إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم). الدر المنثور1/105.

وفي مجمع الزوائد: “عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة نحوا من براءة فرفعت فحفظت منها (أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم)”. مجمع الزوائد5/302.

والسؤال هنا: أين ذهبت هاتان السورتان؟، ولماذا لم يذكرهما غير أبي موسى الأشعري؟ وكيف أثبتوا ما ليس من القرآن فيه برواية آحاد؟ أسئلة كثيرة لا جواب عنها إلا تحريف القرآن بالزيادة أو النقيصة، كما مر سابقاً.

ترك كتابة سورة الفاتحة

قال القرطبيّ: أجمعت الاُمّة على أنّ الفاتحة من القرآن.

فإنْ قيل: لو كانتْ قرآنا لأثبتها عبدُ الله بن مسعود في مصحفه، فلمّا لم يُثبتْها دلّ على أنّها ليست من القرآن، كالمعوّذتين عنده.

فالجوابُ: ما ذكره أبو بكر الأنباريّ: قيل لعبد الله بن مسعود: لِمَ لمْ تكتبْ فاتحة الكتاب في مصحفك؟ قال: لو كتبتُها لكتبتُها مع كلّ سورة.

قال أبو بكر: يعني اختصرتُ بإسقاطها ووثقتُ بحفظ المسلمين لها. (تفسيرالقرطبي 1/ 114).

وروى السجستانيّ عن ابن مسعود أنّه أسقطَ (ولا يلتَفِتْ منكمْ أحَدٌ) من الآية(18) من سورة(52) هود. (المصاحف ص73).

يقرأ؟ قال: قال أبو الدرداء لعلقمة النخعيّ: تحفظُ كيف كان عبدُ الله بن مسعود قلت: نعم، قال (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) 1(وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) 2(………والذَّكَرَ وَالأُنْثَى) 3 قال علقمةُ: فقلتُ: (والذكر والاُنثى).

قال أبو الدرداء: والله الذي لا إله إلاّ هو، لهكذا أقْرأني رسولُ الله من فيهِ إلى فيَّ، فما زالَ هؤلاء حتّى كادوا أنْ يردّوني عنها. (أمالي المحاملي ص112 ح72).

وفي (البخاري 8/ 77): هؤلاء يريدونني على أنْ أقرأ: (وما خلق الذكر والاُنثى) والله، لا اُتابعهم. (أخرجه مسلم وأحمد) قال ابن حجر في(فتح الباري: 8707) هؤلاء: يعني أهل الشام.

زيادة(وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ): روى السجستاني في (المصاحف ص65) عن ميمون بن مهران، وتلا هذه السورة:(وَالْعَصْرِ) 1(إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) 2(إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ……….. وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) 3. ذكر أنّها هكذا في قراءة ابن مسعود، أي بحذف(…وَتَوَاصَوْا بِالحَق…).

سورتي الحفد والخلع للقرآن!

هذا نص سورة الخلع: “اَللّهُمّ إِنّا نَسْتَعِيْنُك وَنَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِيْ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ ولا نَكْفُرُك ونَخْلَعُ ونـَــتـْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك”

ونص سورة الحفد:

“اَللّهُمّ إيّاكَ نَعْبُدُ ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نَرْجُوْ رَحْمَتَكْ ونَخْشَى عَذَابَكَ اَلْجَد إِن عَذَاْبَكَ بِالكُفّاْرِ مُلْحِقٌ”

روايات المسلمين القائلة أنـهما قرآن منزّل!

لنستعرض بعض رواياتـهم التي تدل على أنـهما سورتان كغيرهما من سور القرآن، وأن بعض الصحابة كان يقرأ بـهما في صلاته بل ومنهم من يحلف بالله أنـهما نزلتا من السماء، وتارة أخرى تخبرنا الروايات كتابة بعض الصحابة للسورتين بين سور مصاحفهم، وهاك نبذة منها:

النص على كونـهما سورتين:

وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين (اللهم إياك نعبد) (واللهم إنا نستعينك). وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزى قال: قنت عمربالسورتين. وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبى ليلى أن عمر قنت بـهاتين السورتين: (اللهم إنا نستعينك) و(اللهم إياك نعبد). الدر المنثور ج 6 ص 420.

وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال: كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين:(اللهم إنا نستعينك) و(اللهم إياك نعبد). وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال يقرأ في الوترالسورتين:(اللهم إياك نعبد)(اللهم إنا نستعينك ونستغفرك).

“وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال: نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو على الكفار ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات”.

عن أبي اسحاق قال: أمّـنـا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بـهاتين السورتين (إنا نستعينك) و(نستغفرك). محمع الزوائد 7 157. والاتقان في علوم القرآن 3/36.

وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال كان أبو عبد الرحمن يقرئنا (اللهم إنا نستعينك) زعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ويزعم أن رسول الله كان يقرئهم إياها “.الدر المنثور ج 6 ص 422.

وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات عن أبان بن أبي عياش قال سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت فقال: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك) قال أنس: والله إن أنزلتا إلا من السماء! الدر المنثور ج 6 ص 420.

ولا أرى نصوصا هي أوضح وأجلى بيانا مما سبق في إثبات كونـهما سورتين كغيرهما من سور القرآن.

دمج بعض الصحابة لـهما في المصحف

وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين فذكرهما وأنه كان يكتبهما في مصحفه”. الاتقان في علوم القرآن 2/35-37

وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين، وفي مصحف أُبيّ ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع.

وأخرج ابن أبى شيبة في المصنف ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال (بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك …) وزعم عبيد أنه بلغه انـهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود “. الدر المنثور ج 6 ص 421.

شـبهة!

قد يقال إن تلك الروايات التي تحكي كتابة السورتين في مصحف كل من أَبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس لا يستفاد منها أنـهم ألحقوها بالمصحف كسورتين مثل بقية سور القرآن وإنما كتبتا كذكر ودعاء في آخر المصحف حتى يسهل إيجادهما وقراءتـهما، فليس كل ما يضاف في آخر المصحف يعتبر من القرآن المنـزل، وهذا أشبه بما يفعل اليوم من دمج دعاء ختم القرآن في آخره وهذا لا يعني أنه دمج كسورة في المصحف.

وهذا الكلام غير صحيح لأن الروايات صريحة في كونـهما سورتين ولم يعهد التعبير بالسورة عن الدعاء، وقد صرحت رواياتـهم عن كيفية وضع أبي بن كعب هاتين السورتين في مصحفه وكيفية ترتيبهما، وهذا بيانه: قال ابن أشته في كتاب المصاحف: أنبأنا محمد بن يعقوب، حدثنا أبو داود حدثنا أبو جعفر الكوفي قال: هذا تأليف مصحف أُبيّ: الحمد ثم البقرة ثم النساء ثم آل عمران ثم الأنعام ثم الأعراف ثم المائدة ثم يونس ثم الأنفال -إلى أن يقول- ثم الضحى ثم ألم نشرح ثم القارعة ثم التكاثر ثم العصر ثم سورة الخلع ثم سورة الحفد ثم ويل لكل همزة … إلخ”. الاتقان في علوم القرآن 1/64 طبعة الحلبي.

وقال النديم في الفهرست: “اب ترتيب القرآن في مصحف أبي بن كعب: … الصف، الضحى، ألم نشرح لك، القارعة، التكاثر، الخلع ثلاث آيات، الحفد ست آيات اللهم إياك نعبد وآخرها بالكفار ملحق، اللمز، إذا زلزلت، العاديات، أصحاب الفيل، التين، الكوثر، القدر، الكافرون، النصر، أبي لهب، قريش، الصمد، الفلق، الناس، فذلك مائة وستة عشر سورة قال إلى هاهنا أصبحت في مصحف أبي بن كعب وجميع آي القرآن في قول أبي بن كعب ستة آلاف آية ومائتان وعشر آيات وجميع عدد سور القرآن”. الفهرست ج 1 ص 40.

فالكل متفق على أن السورتين وقعتا بين السور، وترتيبهما بـهذا النحو في مصحف أبي بن كعب شاهد على أنـهما دمجتا كسورتين من سور المصحف لا كدعاء ألحق في آخر صفحاته! بل إن راوي الرواية قد صرّح بكونـهما سورتين، فجزئيتهما واضحة لا غبار عليها ، ومما يزيد الأمر وضوحا هذه الرواية: وأخرج محمد بن نصر عن الشعبي قال: ” قرأت أو حدثني من قرأ في بعض مصاحف أُبيّ بن كعب هاتين السورتين: (اللهم إنا نستعينك)، والأخرى، بينهما (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ) قبلهما سورتان من المفصل وبعدهما سور من الفصل ” الدر المنثور ج 6 ص 420

وواضح من موضع السورتين في المصحف أن دمجهما كان باعتبار قرآنيتهما وإلا لو كانت دعاءً لما صح أن توضع بين السور بل توضع في آخر المصحف أو في هامش الصفحات، وهذا التقريب ليس بذاك الشيء بعد صراحة الروايات السابقة ونصها على أنـهما سورتان.

من عدهما سورتين من الصحابة والتابعين

إن أدنى مراجعة لرواياتـهم تزودنا بقائمة بأسماء سلفهم الذين كانوا يقولون بقرآنيتهما، وهم: أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وإبراهيم، وسفيان الثوري، والحسن البصري، وعطاء بن رباح، وأبو عبد الرحمن بزعم عطاء بن السائب، وقد قال ابن عباس وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الرحمن بن أبزى وعبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب كان يقرأ هاتين السورتين في الصلاة.

أين ذهبت؟!

السؤال المهم الذي يلزمهم الإجابة عنه هو، أين ذهبت هاتان السورتان؟ ولماذا لم تكتبا في المصحف زمن عثمان؟ خاصة وأن الصحابة كانوا يقرؤونـها بعد وفاة النبي بمدة طويلة إلى ما بعد زمن عثمان، وكتبوهما في مصاحفهم؟.