عودة الشرق الأوسط للمسيح

لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ يَهْوِه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.

Archive for 9 أوت، 2007

مفهوم القتال في العهد القديم ومقارنة مع القتال في الإسلام -2

Posted by mechristian في أوت 9, 2007

للكتاب عبد المسيح (بتصرف)

تكملة المقالة الأولى : والمنشورة هنا

أما في الاسلام فمفهوم الحرب مختلف تماما فالاسلام له وجهان وجه متسامح ووجه آخر مغاير تماما لوجهه الأول حتى مع نفس الأشخاص .

فكثيرا ما نسمع من أصدقائنا المسلمين العديد من الآيات التي تتكلم على أن الاسلام دين سماحة و دين سلام مثل الآيات التالية :

( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين َ) (البقرة:191)

( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190)

( يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:217)

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة:2)

( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) (النساء:90)

( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (الأنعام:70)

( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (لأنفال:61)

( قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الجاثـية:14)

 

آيات مقبولة تدعو الى عدم مقاتلة الذين لا يقاتلوهم (دفاعية) والى الجنوح للسلم و المغفرة لغير المسلمين و عدم الأعتداء لكن بعد بحث في الآيات المنسوخة بالقرآن وجدت أن كل هذه الآيات التي يتكلم عنها أصدقائنا المسلمين عندما ننتقد الاسلام قد نسخت بالتالي :

 

 

( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:36)

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:123)

فمثلا في تفسير الآية 191 من سورة البقرة نجد الآتي :

قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى ” وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ” قَالَ هَذِهِ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ كَانَ رَسُول اللَّه – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُقَاتِل مَنْ قَاتَلَهُ وَيَكُفّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَة بَرَاءَة وَكَذَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ حَتَّى قَالَ هَذِهِ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ : ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ

و في تفسير الآية 190 من نفس السورة نجد الآتي :

وَلَمَّا صُدَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَيْت عَام الْحُدَيْبِيَة وَصَالَحَ الْكُفَّار عَلَى أَنْ يَعُود الْعَام الْقَابِل وَيُخْلُوا لَهُ مَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام وَتَجَهَّزَ لِعُمْرَةِ الْقَضَاء وَخَافُوا أَنْ لَا تَفِي قُرَيْش وَيُقَاتِلُوهُمْ وَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ قِتَالهمْ فِي الْحَرَم وَالْإِحْرَام وَالشَّهْر الْحَرَام نَزَلَ “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه” أَيْ لِإِعْلَاءِ دِينه “الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ” الْكُفَّار “وَلَا تَعْتَدُوا” عَلَيْهِمْ بِالِابْتِدَاءِ بِالْقِتَالِ “إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ” الْمُتَجَاوِزِينَ مَا حَدّ لَهُمْ وَهَذَا مَنْسُوخ بِآيَةِ بَرَاءَة .

و في تفسير الطبري الآية 217 من نفس السورة نجد الآتي :

– حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } قُلْت : مَا لَهُمْ وَإِذْ ذَاكَ لَا يَحِلّ لَهُمْ أَنْ يَغْزُوَا أَهْل الشِّرْك فِي الشَّهْر الْحَرَام , ثُمَّ غَزَوْهُمْ بَعْد فِيهِ , فَحَلَفَ لِي عَطَاء بِاَللَّهِ مَا يَحِلّ لِلنَّاسِ أَنْ يَغْزُوَا فِي الشَّهْر الْحَرَام , وَلَا أَنْ يُقَاتِلُوا فِيهِ , وَمَا يُسْتَحَبّ , قَالَ : وَلَا يَدْعُونَ إلَى الْإِسْلَام قَبْل أَنْ يُقَاتِلُوا وَلَا إلَى الْجِزْيَة تَرَكُوا ذَلِكَ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ عَطَاء بْن مَيْسَرَة , مِنْ أَنَّ النَّهْي عَنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ فِي الْأَشْهُر الْحُرُم مَنْسُوخ بِقَوْلِ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اثْنَا عَشَر شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنَفْسكُمْ , وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } 9 36 وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ نَاسِخ لِقَوْلِهِ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ غَزَا هَوَازِن بِحُنَيْنَ , وَثَقِيفًا بِالطَّائِفِ , وَأَرْسَلَ أَبَا عَامِر إلَى أَوْطَاس لِحَرْبِ مَنْ بِهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي بَعْض الشَّهْر الْحُرُم , وَذَلِكَ فِي شَوَّال وَبَعْض ذِي الْقَعَدَة , وَهُوَ مِنْ الْأَشْهُر الْحُرُم . فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِتَال فِيهِنَّ حَرَامًا وَفِيهِ مَعْصِيَة , كَانَ أَبْعَد النَّاس مِنْ فِعْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وأما تفسير القرطبي:

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي نَسْخ هَذِهِ الْآيَة , فَالْجُمْهُور عَلَى نَسْخهَا , وَأَنَّ قِتَال الْمُشْرِكِينَ فِي الْأَشْهُر الْحُرُم مُبَاح . وَاخْتَلَفُوا فِي نَاسِخهَا , فَقَالَ الزُّهْرِيّ : نَسَخَهَا ” وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة ” [ التَّوْبَة : 36 ] . وَقِيلَ نَسَخَهَا غَزْو النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَقِيفًا فِي الشَّهْر الْحَرَام , وَإِغْزَاؤُهُ أَبَا عَامِر إِلَى أَوْطَاس فِي الشَّهْر الْحَرَام . وَقِيلَ : نَسَخَهَا بَيْعَة الرِّضْوَان عَلَى الْقِتَال فِي ذِي الْقَعْدَة , وَهَذَا ضَعِيف , فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَلَغَهُ قَتْل عُثْمَان بِمَكَّة وَأَنَّهُمْ عَازِمُونَ عَلَى حَرْبه بَايَعَ حِينَئِذٍ الْمُسْلِمِينَ عَلَى دَفْعهمْ لَا عَلَى الِابْتِدَاء بِقِتَالِهِمْ . وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر مِنْ غَيْر حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي أَثَر قِصَّة الْحَضْرَمِيّ : فَأَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ : ” يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ ” الْآيَة , قَالَ : فَحَدَّثَهُمْ اللَّه فِي كِتَابه أَنَّ الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام حَرَام كَمَا كَانَ , وَأَنَّ الَّذِي يَسْتَحِلُّونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ مِنْ صَدّهمْ عَنْ سَبِيل اللَّه حِين يَسْجُنُونَهُمْ وَيُعَذِّبُونَهُمْ وَيَحْبِسُونَهُمْ أَنْ يُهَاجِرُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكُفْرهمْ بِاَللَّهِ وَصَدّهمْ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَالصَّلَاة فِيهِ , وَإِخْرَاجهمْ أَهْل الْمَسْجِد الْحَرَام وَهُمْ سُكَّانه مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَفِتْنَتهمْ إِيَّاهُمْ عَنْ الدِّين , فَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلَ اِبْن الْحَضْرَمِيّ وَحَرَّمَ الشَّهْر الْحَرَام كَمَا كَانَ يُحَرِّمهُ , حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ” بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله ” [ التَّوْبَة : 1 ]

بل و الأدهى من ذلك أن الرسول قد عقد معاهدة مع المشركين و كان لا يمانع في طوافهم بالكعبة حتى و لو كان ذلك بنفس طقوسهم الوثنية و كانوا يطوفون و هم عرايا و بعد نزول سورة التوبة ( براءة ) و قد جاءت في العام الثامن للهجرة حسب ما أتذكر و هو نفس العام الذي أستجمع فيه المسلمون قوتهم و قاموا بفتح مكة , قام الرسول بنقض العهد و غير أتفاقه مع المشركين

( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (التوبة:1)

تفسير الطبري

وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ بَرِئَ اللَّه وَرَسُوله إِلَيْهِ مِنْ الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأُذِنَ لَهُ فِي السِّيَاحَة فِي الْأَرْض أَرْبَعَة أَشْهُر , فَقَالَ بَعْضهمْ : صِنْفَانِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ :

أَحَدهمَا : كَانَتْ مُدَّة الْعَهْد بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلّ مِنْ أَرْبَعَة أَشْهُر , وَأُمْهِلَ بِالسِّيَاحَةِ أَرْبَعَة أَشْهُر ,

وَالْآخَر مِنْهُمَا كَانَتْ مُدَّة عَهْده بِغَيْرِ أَجَل مَحْدُود فَقَصَّرَ بِهِ عَلَى أَرْبَعَة أَشْهُر لِيَرْتَادَ لِنَفْسِهِ , ثُمَّ هُوَ حَرْب بَعْد ذَلِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَقْتُل حَيْثُمَا أَدْرَكَ وَيُؤْسِر إِلَّا أَنْ يَتُوب .

ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 12713 – حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَمِيرًا عَلَى الْحَاجّ مِنْ سَنَة تِسْع لِيُقِيمَ لِلنَّاسِ حَجّهمْ , وَالنَّاس مِنْ أَهْل الشِّرْك عَلَى مَنَازِلهمْ مِنْ حَجّهمْ . فَخَرَجَ أَبُو بَكْر وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَنَزَلَتْ سُورَة بَرَاءَة فِي نَقْضِ : مَا بَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْعَهْد الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنه وَبَيْنهمْ : أَنْ لَا يُصَدّ عَنْ الْبَيْت أَحَد جَاءَهُ , وَأَنْ لَا يُخَاف أَحَد فِي الشَّهْر الْحَرَام . وَكَانَ ذَلِكَ عَهْدًا عَامًّا بَيْنه وَبَيْن النَّاس مِنْ أَهْل الشِّرْك , وَكَانَتْ بَيْن ذَلِكَ عُهُود بَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن قَبَائِل مِنْ الْعَرَب خَصَائِص إِلَى أَجَل مُسَمًّى , فَنَزَلَتْ فِيهِ وَفِيمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِي تَبُوك وَفِي قَوْل مَنْ قَالَ مِنْهُمْ , فَكَشَفَ اللَّه فِيهَا سَرَائِر أَقْوَام كَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِغَيْرِ مَا يَظْهَرُونَ , مِنْهُمْ مَنْ سُمِّيَ لَنَا , وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسَمَّ لَنَا , فَقَالَ : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ } أَيْ لِأَهْلِ الْعَهْد الْعَامّ مِنْ أَهْل الشِّرْك مِنْ الْعَرَب , { فَسِيحُوا فِي الْأَرْض أَرْبَعَة أَشْهُر } إِلَى قَوْله : { أَنَّ اللَّه بَرِيء مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُوله } أَيْ بَعْد هَذِهِ الْحُجَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ إِمْهَال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِسِيَاحَةِ أَرْبَعَة أَشْهُر مَنْ كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد , فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ رَسُول اللَّه عَهْد فَإِنَّمَا كَانَ أَجَله خَمْسِينَ لَيْلَة , وَذَلِكَ عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّة وَالْمُحَرَّم كُلّه . قَالُوا : وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ أَجَل الَّذِينَ لَا عَهْد لَهُمْ كَانَ إِلَى اِنْسِلَاخ الْأَشْهُر الْحُرُم , كَمَا قَالَ اللَّه : { فَإِذَا اِنْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }

– حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ } قَالَ : أَهْل الْعَهْد مُدْلِج , وَالْعَرَب الَّذِينَ عَاهَدَهُمْ , وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْد. قَالَ : أَقْبَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوك حِين فَرَغَ مِنْهَا وَأَرَادَ الْحَجّ , ثُمَّ قَالَ : ” إِنَّهُ يَحْضُر الْبَيْت مُشْرِكُونَ يَطُوفُونَ عُرَاة فَلَا أُحِبّ أَنْ أَحُجّ حَتَّى لَا يَكُون ذَلِكَ ” فَأَرْسَلَ أَبَا بَكْر وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , فَطَافَا بِالنَّاسِ بِذِي الْمَجَاز , وَبِأَمْكِنَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهَا وَبِالْمَوْسِمِ كُلّه , وَآذَنُوا أَصْحَاب الْعَهْد بِأَنْ يَأْمَنُوا أَرْبَعَة أَشْهُر , فِي الْأَشْهُر الْحُرُم الْمُنْسَلِخَات الْمُتَوَالِيَات : عِشْرُونَ مِنْ آخِر ذِي الْحِجَّة إِلَى عَشْر يَخْلُونَ مِنْ شَهْر رَبِيع الْآخَر , ثُمَّ لَا عَهْد لَهُمْ . وَآذَنَ النَّاس كُلّهمْ بِالْقِتَالِ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا , فَآمَنَ النَّاس أَجْمَعُونَ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَسِحْ أَحَد . وَقَالَ : حِين رَجَعَ مِنْ الطَّائِف مَضَى مِنْ فَوْره ذَلِكَ , فَغَزَا تَبُوك بَعْد إِذْ جَاءَ إِلَى الْمَدِينَة.

وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ : ” اِبْتِدَاء الْأَجَل لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ وَانْقِضَاؤُهُ كَانَ وَاحِدًا ” . كَانَ اِبْتِدَاؤُهُ يَوْم نَزَلَتْ بَرَاءَة , وَانْقِضَاؤُهُ اِنْقِضَاء الْأَشْهُر الْحُرُم , وَذَلِكَ اِنْقِضَاء الْمُحَرَّم .

12727 – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا حُسَيْن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن قَرْم , عَنْ الْأَعْمَش عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْر بِبَرَاءَة , ثُمَّ أَتْبَعَهُ عَلِيًّا , فَأَخَذَهَا مِنْهُ , فَقَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : يَا رَسُول اللَّه حَدَثَ فِيَّ شَيْء ؟ قَالَ : ” لَا , أَنْتَ صَاحِبِي فِي الْغَار وَعَلَى الْحَوْض , وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ عَلِيّ ” , وَكَانَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ عَلِيًّا أَرْبَعًا : لَا يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا نَفْس مُسْلِمَة , وَلَا يَحُجّ بَعْد الْعَام مُشْرِك , وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَان , وَمَنْ كَانَ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد فَهُوَ إِلَى مُدَّته . 12728 – حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ عَامِر , قَالَ : بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَنَادَى : أَلَا لَا يَحُجَّن بَعْد الْعَام مُشْرِك , وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَان , وَلَا يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا نَفْس مُسْلِمَة , وَمَنْ كَانَ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد فَأَجَله إِلَى مُدَّته , وَاَللَّه بَرِيء مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُوله .

أما باقي تفسير الآيات المنسوخة و منها سورة التوبة و الآية 5 نجد فيها الاتي :

حَدَّثَنَا إسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم أَنْبَأَنَا حَكَّام بْن سَلَمَة حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ بِهِ سَوَاء وَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة هِيَ آيَة السَّيْف الَّتِي قَالَ فِيهَا الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم أَنَّهَا نَسَخَتْ كُلّ عَهْد بَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن أَحَد مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَكُلّ عَقْد وَكُلّ مُدَّة وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَهْد وَلَا ذِمَّة مُنْذُ نَزَلَتْ بَرَاءَة وَانْسِلَاخ الْأَشْهُر الْحُرُم وَمُدَّة مَنْ كَانَ لَهُ عَهْد مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَبْل أَنْ تَنْزِل بَرَاءَة أَرْبَعَة أَشْهُر مِنْ يَوْم أَذَّنَ بِبَرَاءَة إِلَى عَشْر مِنْ أَوَّل شَهْر رَبِيع الْآخِر وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ : أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَضَع السَّيْف فِيمَنْ عَاهَدَ إِنْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَام وَنَقْض مَا كَانَ سُمِّيَ لَهُمْ مِنْ الْعَقْد وَالْمِيثَاق وَأَذْهَبَ الشَّرْط الْأَوَّل وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إسْحَاق بْن مُوسَى الْأَنْصَارِيّ قَالَ : قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب : بُعِثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَةِ أَسْيَاف سَيْف فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْعَرَب قَالَ اللَّه تَعَالَى ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصَرًا وَأَظُنّ أَنَّ السَّيْف الثَّانِي هُوَ قِتَال أَهْل الْكِتَاب لِقَوْلِهِ تَعَالَى ” قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله وَلَا يَدِينُونَ دِين الْحَقّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة عَنْ يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ ” ” وَالسَّيْف الثَّالِث ” قِتَال الْمُنَافِقِينَ فِي قَوْله ” يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ ” الْآيَة . ” وَالرَّابِع ” قِتَال الْبَاغِينَ فِي قَوْله ” وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيء إِلَى أَمْر اللَّه ” ثُمَّ اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي آيَة السَّيْف هَذِهِ فَقَالَ الضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ هِيَ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى ” فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فَدَاء ” وَقَالَ قَتَادَة بِالْعَكْسِ .

—————————

ثم في دراسة عن الناسخ و المنسوخ في القرآن للكاتب سعود الفنيسان.. يقول:

فمثلاً الإمام محمد بن جرير الطبري شيخ المفسرين يرى أن آيات الجهاد والقتال ليس فيها ناسخ ومنسوخ، بل تحمل آيات القتال والغزو على حال ما إذا كانت الأمة المسلمة قوية ، وتحمل آيات الصبر والموادعة والمهادنة على ما إذا كانت الأمة ضعيفة مغلوبة على أمرها ، وهذا رأي راشد وسديد ، وعليه لا تكون آية السيف ناسخة لذلك العدد الكبير من آيات القتال .

مما سبق نرى أن القتال في الاسلام ناسخ للود و الرحمة و السماحة أو كما يقول الأمام الطبري : ليس فيه ناسخ و منسوخ و أنما عندما تكون الأمة الاسلامية ضعيفة تتكلم عن السلم و السماحة و عندما تكون قوية اعصف و تقتل كل المخالفين لها و سا عتها يصبح الاسلام كما يقولون بوجهين وديع مسالم عند الضعف , وحش كاسر عند القوة و ساعتها لا يلومنا المسلمون عندما نقول أن الاسلام حمال أوجه .

مما سبق نستخلص الآتي في أوجه الخلاف بين الحرب في العهد القديم و الاسلام .

1 – الحرب في العهد القديم لا علاقة لها بالمسيحية حتى و أن كان الآله واحد لأن ظروف العهد القديم و شعوبه الوثنية أختلفت عنها في العهد الجديد فلا داعي لمحاولة ربطها بالمسيحية .

العهد القديم كتبت أسفاره بحوالي ثلاثة آلاف عام قبل مجئ السيد المسيح كانت نوعية القبائل الوثنية و الموجودة تحديدا في بعض المناطق في فلسطين تختلف عن الشعوب المختلفة التي وجدت وقت مجئ السيد المسيح و التي دعا تلاميذه الى تبشيرها ( بالسلم ) و ليس بالسيف .

مفهوم تعامل الله مع البشر أختلف في المسيحية عنه في اليهودية ليس لأنه الله يتغير و لكن لأن البشرية أختلفت مفاهيمها بين العهدين .

2 – حتى في العهد القديم الله لم يدعو لقتال سوى عدد معين من القبائل الوثنية و ذكرها تحديدا في النصوص التي عرضناها .

لقد كانت هناك العديد من الشعوب الوثنية لكن الله لم يدعو الى قتالهم فكان هناك العديد من الحضارات العظيمة الوثنية و لكن الله لم يدعو شعبه الى قتالهم .

لذلك نقول أن القتال في العهد القديم كان ( حالة خاصة ) و ليس ( حالة عامة ) على عكس الاسلام الذي دعا الى قتال الجميع دون أستثناء كما أوضحت في مداخلاتي السابقة .

الشئ الغريب أنه دعا الى قتال حتى أهل الكتاب الذين سبق و أشاد بهم في البداية ثم عاد و نسخ ذلك بآيات أخرى في سورة التوبة و يهيأ لي أنت تعلم ذلك جيدا .

3 – الله في العهد القديم لم يدعو اليهود الى نشر كلمته بالقتال , لقد دعاهم لقتال قبائل معينة ذكرت تحديدا كما أوضحت لك .

الله في العهد القديم كان يعلم جيدا أن هذه القبائل مستمرة في العصيان رغم صبره عليهم قرون كثيرة و لهذا وقع العقوبة عليهم تحديدا و لم يجعل الجهاد الفريضة الغائبة و أو كما يقول البعض أحد أركان الدين .

كما أن هذه الحروب كلها كانت في نطاق أرض الميعاد و ليس خارجها .

4 – الله في المسيحية عندما رأى تطور البشرية و أختلاف مفاهيمها و أستعدادها لقبوله قدم فداءه و دعا الأمم كلها بالسلم و ليس بالسيف الى قبول ذلك الفداء لأن الله لا يحب أن يأتي أليه أحد على مضض و لكن من يأتي أليه يجب أن يكون مقتنع بشخصه و دعوته ليس خوفا من قتل أو غرامة مالية قد تفرض عليه .

5 – لم يدعو الله شعبه في العهد القديم لأخذ أي غنائم من القبائل الوثنية بل كان يدعوهم الى قتل البهائم و الدواب الخاصة بتلك القبائل لكي لا يتحول شعبه لمجموعة من اللصوص و قطاع الطرق فيستعذبون الغنائم و يعيشون على السرقة بدلا من الزراعة و رعي الأغنام و بهذا يتحولون الى القنص و السرقة بدلا من العمل و الأنتاج .

و نرى هذا في تثنية 7 : 25وَتَمَاثِيل آلِهَتِهِمْ تُحْرِقُونَ بِالنَّارِ. لا تَشْتَهِ فِضَّةً وَلا ذَهَباً مِمَّا عَليْهَا لِتَأْخُذَ لكَ لِئَلا تُصَادَ بِهِ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِكَ. 26وَلا تُدْخِل رِجْساً إِلى بَيْتِكَ لِئَلا تَكُونَ مُحَرَّماً مِثْلهُ. تَسْتَقْبِحُهُ وَتَكْرَهُهُ لأَنَّهُ مُحَرَّمٌ».

و أيضا في تثنية 20 : 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ.

إنما الإله في الإسلام أباح اقتناص الغنائم و توزيعها بنسب معينة يأخذ منها الرسول قدر و باقي المؤمنين قدر كما أنه أقتسم جزء للمؤلفة قلوبهم أو بمعنى أصح نوع من الرشوة للذين ما زالوا لم يقتنعوا بالإسلام و لم ينضموا بعد لرسول الإسلام .

6 – الله في العهد القديم كانت كلمته واحدة فلقد أدان القبائل الوثنية و لم يحدث أبدا أن أشاد بهم في البداية و عقد معهم معاهدات ثم رجع بعد هذا و نقض تلك المعاهدات كما فعل الإله في الإسلام .

لقد أشاد الإسلام بأهل الكتاب ثم نسخ ذلك و دعا إلى قتالهم أو إلى أخذ الجزية منهم

لقد عقد معاهدة مع المشركين و سمح لهم بطواف الكعبة ثم عاد و نقض تلك المعاهدة

في سورة التوبة و أعلن الحرب عليهم بعد أن استجمع المسلمون قوتهم و عتادهم من الغزوات المختلفة كغزوة بدر مثلا في السنة الثامنة من الهجرة و هو عام فتح مكة و هذه المراوغة و نقض العهود غير مقبولة من آله من المفروض أنه كلمته واحدة و لا يتغير و لا ينسخ آياته .

—————————

النقطة الأولى

الأخوة الأحباء , دعونا نراجع سويا النقطة الأولى في الفارق بين القتال في العهد القديم و بينه في الاسلام

بتدقيق و ذلك بدراسة بعض الآيات المنسوخة في القرآن و المتعلقة

بالقتال و كيف غير آله الاسلام موقفه من عدم الأعتداء على الغير الى الأعتداء و نقض عهوده

و غير من كلامه مع المشركين , مع موقف الآله في العهد القديم من الوثنيين .

( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190)

التفسير لأبن كثير:

قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى” وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ” قَالَ هَذِهِ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ كَانَ رَسُول اللَّه – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُقَاتِل مَنْ قَاتَلَهُ وَيَكُفّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَة بَرَاءَة وَكَذَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ حَتَّى قَالَ هَذِهِ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ : ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْله ” الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ” إِنَّمَا هُوَ تَهْيِيج وَإِغْرَاء بِالْأَعْدَاءِ الَّذِينَ هِمَّتهمْ قِتَال الْإِسْلَام وَأَهْله أَيْ كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ أَنْتُمْ كَمَا قَالَ ” وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة ” وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة” وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ” أَيْ لِتَكُونَ هِمَّتكُمْ مُنْبَعِثَة عَلَى قِتَالهمْ كَمَا هِمَّتهمْ مُنْبَعِثَة عَلَى قِتَالكُمْ وَعَلَى إِخْرَاجهمْ مِنْ بِلَادهمْ الَّتِي أَخْرَجُوكُمْ مِنْهَا قِصَاصًا .

تفسير الجلالين:

وَلَمَّا صُدَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَيْت عَام الْحُدَيْبِيَة وَصَالَحَ الْكُفَّار عَلَى أَنْ يَعُود الْعَام الْقَابِل وَيُخْلُوا لَهُ مَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام وَتَجَهَّزَ لِعُمْرَةِ الْقَضَاء وَخَافُوا أَنْ لَا تَفِي قُرَيْش وَيُقَاتِلُوهُمْ وَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ قِتَالهمْ فِي الْحَرَم وَالْإِحْرَام وَالشَّهْر الْحَرَام نَزَلَوَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه” أَيْ لِإِعْلَاءِ دِينه “الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ” الْكُفَّار “وَلَا تَعْتَدُوا” عَلَيْهِمْ بِالِابْتِدَاءِ بِالْقِتَالِ “إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ” الْمُتَجَاوِزِينَ مَا حَدّ لَهُمْ وَهَذَا مَنْسُوخ بِآيَةِ بَرَاءَة أَوْ بِقَوْلِهِ :

فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ

تفسير الطبري:

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هَذِهِ الْآيَة هِيَ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي أَمْر الْمُسْلِمِينَ بِقِتَالِ أَهْل الشِّرْك . وَقَالُوا : أُمِرَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَالْكَفّ عَمَّنْ كَفّ عَنْهُمْ , ثُمَّ نُسِخَتْ بِ ” بَرَاءَة ” . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 2530 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , وَابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ } قَالَ : هَذِهِ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ , فَلَمَّا نَزَلَتْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِل مَنْ يُقَاتِلهُ وَيَكُفّ عَمَّنْ كَفّ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَتْ بَرَاءَة . وَلَمْ يَذْكُر عَبْد الرَّحْمَن ” الْمَدِينَة ” . 2531 – حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } إلَى آخِر الْآيَة . قَالَ : قَدْ نُسِخَ هَذَا , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } 9 36 وَهَذِهِ النَّاسِخَة , وَقَرَأَ : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله } حَتَّى بَلَغَ : { فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } إلَى : { إنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم

تفسير القرطبي:

هَذِهِ الْآيَة أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْأَمْر بِالْقِتَالِ , وَلَا خِلَاف فِي أَنَّ الْقِتَال كَانَ مَحْظُورًا قَبْل الْهِجْرَة بِقَوْلِهِ : ” اِدْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن ” [ فُصِّلَتْ : 34 ] وَقَوْله : ” فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ” [ الْمَائِدَة : 13 ] وَقَوْله : ” وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ” [ الْمُزَّمِّل : 10 ] وَقَوْله : ” لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر ” [ الْغَاشِيَة : 22 ] وَمَا كَانَ مِثْله مِمَّا نَزَلَ بِمَكَّة , فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة أُمِرَ بِالْقِتَالِ فَنَزَلَ : ” وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ” قَالَهُ الرَّبِيع بْن أَنَس وَغَيْره , وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق أَنَّ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال : ” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ” [ الْحَجّ : 39 ] , وَالْأَوَّل أَكْثَر , وَأَنَّ آيَة الْإِذْن إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْقِتَال عَامَّة لِمَنْ قَاتَلَ وَلِمَنْ لَمْ يُقَاتِل مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مَعَ أَصْحَابه إِلَى مَكَّة لِلْعُمْرَةِ , فَلَمَّا نَزَلَ الْحُدَيْبِيَة بِقُرْبِ مَكَّة – وَالْحُدَيْبِيَة اِسْم بِئْر , فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَوْضِع بِاسْمِ تِلْكَ الْبِئْر – فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْ الْبَيْت , وَأَقَامَ بِالْحُدَيْبِيَةِ شَهْرًا , فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَرْجِع مِنْ عَامه ذَلِكَ كَمَا جَاءَ , عَلَى أَنْ تُخْلَى لَهُ مَكَّة فِي الْعَام الْمُسْتَقْبِل ثَلَاثَة أَيَّام , وَصَالَحُوهُ عَلَى أَلَّا يَكُون بَيْنهمْ قِتَال عَشْر سِنِينَ , وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة , فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِل تَجَهَّزَ لِعُمْرَةِ الْقَضَاء , وَخَافَ الْمُسْلِمُونَ غَدْر الْكُفَّار وَكَرِهُوا الْقِتَال فِي الْحَرَم وَفِي الشَّهْر الْحَرَام , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , أَيْ يَحِلّ لَكُمْ الْقِتَال إِنْ قَاتَلَكُمْ الْكُفَّار , فَالْآيَة مُتَّصِلَة بِمَا سَبَقَ مِنْ ذِكْر الْحَجّ وَإِتْيَان الْبُيُوت مِنْ ظُهُورهَا , فَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يُقَاتِل مَنْ قَاتَلَهُ وَيَكُفّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ , حَتَّى نَزَلَفَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ” [ التَّوْبَة : 5 ] فَنُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَة , قَالَهُ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء , وَقَالَ اِبْن زَيْد وَالرَّبِيع : نَسَخَهَاوَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة ” [ التَّوْبَة : 36 ] فَأُمِرَ بِالْقِتَالِ لِجَمِيعِ الْكُفَّار

فكما نرى نسخت سورة التوبة 36

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:36)

و سورة التوبة 5

( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)

سورة البقرة 190 و كذلك نسخت العديد من الآيات التي تتحدث عن السلم و منها فصلت 34 و المائدة 13 و المزمل 10

و الغاشية 22 .

و الأدهى من ذلك أن صلح بئر الحديبية كما قرات من التفسير كان مدته عشرة سنوات هدنة دون قتال بين الرسول

و كفار قريش و لكنه بعد نزول سورة التوبة ( براءة ) سنة ثمانية من الهجرة نسخ هذا العهد و رجع ( الله ) في كلامه و أباح قتالهم .

و الآن ننتقل للآية الأخرى من سورة البقرة

( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين َ) (البقرة:191)

تفسير ابن كثير:

قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى ” وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ” قَالَ هَذِهِ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ كَانَ رَسُول اللَّه – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَيُقَاتِل مَنْ قَاتَلَهُ وَيَكُفّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَة بَرَاءَة وَكَذَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ حَتَّى قَالَ هَذِهِ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ : ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” وَفِي هَذَا نَظَر لِأَنَّ قَوْله ” الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ” إِنَّمَا هُوَ تَهْيِيج وَإِغْرَاء بِالْأَعْدَاءِ الَّذِينَ هِمَّتهمْ قِتَال الْإِسْلَام وَأَهْله أَيْ كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ أَنْتُمْ كَمَا قَالَ ” وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة ” وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة” وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ” أَيْ لِتَكُونَ هِمَّتكُمْ مُنْبَعِثَة عَلَى قِتَالهمْ كَمَا هِمَّتهمْ مُنْبَعِثَة عَلَى قِتَالكُمْ وَعَلَى إِخْرَاجهمْ مِنْ بِلَادهمْ الَّتِي أَخْرَجُوكُمْ مِنْهَا قِصَاصًا . ” وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْل ” قَالَ أَبُو مَالِك أَيْ مَا أَنْتُمْ مُقِيمُونَ عَلَيْهِ أَكْبَر مِنْ الْقَتْل . وَقَالَ : أَبُو الْعَالِيَة وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْلهوَالْفِتْنَة أَشَدّ مِنْ الْقَتْل” . يَقُول الشِّرْك أَشَدّ مِنْ الْقَتْل وَقَوْله ” وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام ” كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِنَّ هَذَا الْبَلَد حَرَّمَهُ اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهُوَ حَرَام بِحُرْمَةِ اللَّه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَلَمْ يَحِلّ إِلَّا سَاعَة مِنْ نَهَار وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَام بِحُرْمَةِ اللَّه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا إِنَّ اللَّه أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَن لَكُمْيَعْنِي بِذَلِكَ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ قِتَاله أَهْله يَوْم فَتْح مَكَّة فَإِنَّهُ فَتَحَهَا عَنْوَة وَقُتِلَتْ رِجَال مِنْهُمْ عِنْد الْخَنْدَمَة وَقِيلَ صُلْحًا لِقَوْلِهِ ” مَنْ أَغْلَقَ بَابه فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِد فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ دَار أَبِي سُفْيَان فَهُوَ آمِنٌ

يعني الخلاصة أن الآله في القرآن أعتبر أن الشرك به ( الفتنة ) أشد من القتل و لهذا رجع في كلامه و عهوده و اعتبر أن قتال
المشركين حتى و لو لم يبدأوا بالعدوان مباح لأن شركهم و فتنتهم للمسلمين نوع أسوأ من القتال .

وفي تفسير الطبري:

وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْفِتْنَة أَشَدّ مِنْ الْقَتْل } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَالْفِتْنَة أَشَدّ مِنْ الْقَتْل } وَالشِّرْك بِاَللَّهِ أَشَدّ مِنْ الْقَتْل . وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى أَنَّ أَصْل الْفِتْنَة الِابْتِلَاء وَالِاخْتِبَار فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَابْتِلَاء الْمُؤْمِن فِي دِينه حَتَّى يَرْجِع عَنْهُ فَيَصِير مُشْرِكًا بِاَللَّهِ مِنْ بَعْد إسْلَامه أَشَدّ عَلَيْهِ وَأَضَرّ مِنْ أَنْ يُقْتَل مُقِيمًا عَلَى دِينه مُتَمَسِّكًا عَلَيْهِ مُحِقًّا فِيهِ . كَمَا : 2536 – حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { وَالْفِتْنَة أَشَدّ مِنْ الْقَتْل } قَالَ : ارْتِدَاد الْمُؤْمِن إلَى الْوَثَن أَشَدّ عَلَيْهِ مِنْ الْقَتْل . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 2537 – حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَالْفِتْنَة أَشَدّ مِنْ الْقَتْل } يَقُول : الشِّرْك أَشَدّ مِنْ الْقَتْل . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله .

وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ } وَالْقُرَّاء مُخْتَلِفَة فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة : { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ } بِمَعْنَى : وَلَا تَبْتَدِئُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْمُشْرِكِينَ بِالْقِتَالِ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يَبْدَءُوكُمْ بِهِ , فَإِنْ بَدَءُوكُمْ بِهِ هُنَالِكَ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام فِي الْحَرَم فَاقْتُلُوهُمْ , فَإِنَّ اللَّه جَعَلَ ثَوَاب الْكَافِرِينَ عَلَى كُفْرهمْ وَأَعْمَالهمْ السَّيِّئَة الْقَتْل فِي الدُّنْيَا وَالْخِزْي الطَّوِيل فِي الْآخِرَة . كَمَا : 2542 – حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ } كَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ فِيهِ حَتَّى يُبْدَءُوا بِالْقِتَالِ . ثُمَّ نُسِخَ بَعْد ذَلِكَ فَقَالَ : { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة } حَتَّى لَا يَكُون شِرْك { وَيَكُون الدِّين لِلَّهِ } أَنْ يُقَال : لَا إلَه إلَّا اللَّه , عَلَيْهَا قَاتَلَ نَبِيّ اللَّه وَإِلَيْهَا دَعَا . 2543 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ } فَأَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُقَاتِلهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام إلَّا أَنْ يُبْدَءُوا فِيهِ بِقِتَالٍ , ثُمَّ نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 فَأَمَرَ اللَّه نَبِيّه إذَا انْقَضَى الْأَجَل أَنْ يُقَاتِلهُمْ فِي الْحِلّ وَالْحَرَم وَعِنْد الْبَيْت , حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّه , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه . 2544 – حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبَى جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ } فَكَانُوا لَا يُقَاتِلُونَهُمْ فِيهِ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْد , فَقَالَ : { قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة }

تفسير القرطبي:

وَقَالَ قَتَادَة : الْآيَة مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ” فَإِذَا اِنْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” [ التَّوْبَة : 5 ] , وَقَالَ مُقَاتِل : نَسَخَهَا قَوْله تَعَالَى : ” وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ” ثُمَّ نَسَخَ هَذَا قَوْله : ” اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” , فَيَجُوز الِابْتِدَاء بِالْقِتَالِ فِي الْحَرَم , وَمِمَّا اِحْتَجُّوا بِهِ أَنَّ ” بَرَاءَةنَزَلَتْ بَعْد سُورَة ” الْبَقَرَة ” بِسَنَتَيْنِ , وَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّة وَعَلَيْهِ الْمِغْفَر , فَقِيلَ : إِنَّ اِبْن خَطَل مُتَعَلِّق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة , فَقَالَ : ( اُقْتُلُوهُ ) . وَقَالَ اِبْن خُوَيْز مَنْدَاد : ” وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام ” مَنْسُوخَة ; لِأَنَّ الْإِجْمَاع قَدْ تَقَرَّرَ بِأَنَّ عَدُوًّا لَوْ اِسْتَوْلَى عَلَى مَكَّة وَقَالَ : لَأُقَاتِلكُمْ , وَأَمْنَعكُمْ مِنْ الْحَجّ وَلَا أَبْرَح مِنْ مَكَّة لَوَجَبَ قِتَاله وَإِنْ لَمْ يَبْدَأ بِالْقِتَالِ , فَمَكَّة وَغَيْرهَا مِنْ الْبِلَاد سَوَاء . وَإِنَّمَا قِيلَ فِيهَا : هِيَ حَرَام تَعْظِيمًا لَهَا , أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِد بْن الْوَلِيد يَوْم الْفَتْح وَقَالَ : ( اُحْصُدْهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى تَلْقَانِي عَلَى الصَّفَا ) حَتَّى جَاءَ الْعَبَّاس فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , ذَهَبَتْ قُرَيْش , فَلَا قُرَيْش بَعْد الْيَوْم . أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ فِي تَعْظِيمهَا : ( وَلَا يَلْتَقِط لُقَطَتهَا إِلَّا مُنْشِد ) وَاللُّقَطَة بِهَا وَبِغَيْرِهَا سَوَاء , وَيَجُوز أَنْ تَكُون مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ : ” وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة ” [ الْبَقَرَة : 193 ]

————————

الأخوة الأحباء , لو قارنا موقف الآله في العهد القديم و بين الآله في القرآن نجد فارقا رهيبا , الآله في العهد القديم

كانت كلمته واحدة لا تتغير في أدانة الشعوب و القبائل الوثنية و لم يحدث أبدا أن طالب بتوقيع عهود

و أتفاقيات مع الوثنيين ثم عاد مرة أخرى و نسخها كما فعل آله الاسلام

و لنراجع الآتي من الكتاب المقدس :

خروج 23 : 32لاَ تَقْطَعْ مَعَهُمْ وَلاَ مَعَ آلِهَتِهِمْ عَهْداً. 33لاَ يَسْكُنُوا فِي أَرْضِكَ لِئَلاَّ يَجْعَلُوكَ تُخْطِئُ إِلَيَّ. إِذَا عَبَدْتَ آلِهَتَهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَكَ فَخّاً».

لقد رفض الإله في سفر الخروج عقد أي اتفاقات أو معاهدات مع الوثنيين حتى و شعبه في منتهى الضعف عند خروجه

من أرض مصر و لما خاف الشعب من مواجهة الشعوب الوثنية و هم بهذه الحالة من الضعف قال لهم الإله :

تثنية 7 : لا تُشْفِقْ عَيْنَاكَ عَليْهِمْ وَلا تَعْبُدْ آلِهَتَهُمْ لأَنَّ ذَلِكَ شَرَكٌ لكَ. 17إِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: هَؤُلاءِ الشُّعُوبُ أَكْثَرُ مِنِّي. كَيْفَ أَقْدِرُ أَنْ أَطْرُدَهُمْ؟ 18فَلا تَخَفْ مِنْهُمُ. اذْكُرْ مَا فَعَلهُ الرَّبُّ إِلهُكَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ المِصْرِيِّينَ. 19التَّجَارِبَ العَظِيمَةَ التِي أَبْصَرَتْهَا عَيْنَاكَ وَالآيَاتِ وَالعَجَائِبَ وَاليَدَ الشَّدِيدَةَ وَالذِّرَاعَ الرَّفِيعَةَ التِي بِهَا أَخْرَجَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. هَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ إِلهُكَ بِجَمِيعِ الشُّعُوبِ التِي أَنْتَ خَائِفٌ مِنْ وَجْهِهَا.

لماذا لم يعلن الإله في الإسلام موقفه صراحة من المشركين و الوثنيين و دعا إلى قتالهم منذ البداية ؟؟؟؟

لماذا لجأ للمراوغة فلجأ إلى المهادنة و الموادعة في البداية بل و عقد معهم الاتفاقيات ثم بعد هذا نقض

تلك المعاهدات و أعلن الحرب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الأخوة الأحباء هل هذا التصرف المخادع يليق بالله ؟؟؟؟؟؟؟؟

————————–

النقطة الثانية

الآن الأخوة الأحباء دعونا نبحث في النقطة الثانية :

هل القتال في العهد القديم كان حالة خاصة أم قاعدة عامة ضد كل ما هو غير يهودي كما في الاسلام؟؟؟

الأخوة الأحباء العديد من أصدقائنا المسلمين ياخذون النصوص الموجود في العهد القديم عن قتال بعض من القبائل الوثنية

و يصورونها على أن القتال مباح بأمر آلهي في العهد القديم و بالتالي فهو شرعي أيضا في الاسلام و ليس لنا

كمسيحيين حق الأعتراض عليه في الاسلام و هذا الكلام عار تماما من الصحة ………… لماذا ؟؟؟؟؟

لأن القتال في العهد القديم كان موجه لقبائل معينة و ليس لكل من هو غير يهودي , على عكس الاسلام

الذي فيه القتال موجه لكل من هو غير مسلم و هو ما سوف نراه بعد قليل من الآيات القرآنية و أمهات كتب التفاسير

لنرى في البداية من هم الذين أمر الله بقتالهم في العهد القديم و ما هي ظروف ذلك .

الله في العهد القديم لم يأمر بقتال كل الشعوب الغير يهودية بل حدد سبعة منهم تحديدا في سفر التثنية و لكنه على العكس حفظ عهد الذين كرموا الشعب اليهودي و أرتحلوا معه عند خروجه من أرض مصر و كانوا القينيين و نتيجة لهذا حفظ الشعب اليهودي الجميل للقينيين و عندما أمر الرب شاول الملك بقتال العماليق تحقيقا لوعد سابق منه بقتالهم لمحاولتهم أبادة الشعب العبراني عند خروجه من أرض مصر طلب شاول من القينيين أن يبتعدوا عن العماليق لكي لا يهلكهم الشعب العبراني مع العماليق .

صمويل الأول 15 : 5ثُمَّ جَاءَ شَاوُلُ إِلَى مَدِينَةِ عَمَالِيقَ وَكَمَنَ فِي الْوَادِي. 6وَقَالَ شَاوُلُ لِلْقِيْنِيِّينَ: «اذْهَبُوا حِيدُوا انْزِلُوا مِنْ وَسَطِ الْعَمَالِقَةِ لِئَلَّا أُهْلِكَكُمْ مَعَهُمْ, وَأَنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ مَعْرُوفاً مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ صُعُودِهِمْ مِنْ مِصْرَ». فَحَادَ الْقِيْنِيُّ مِنْ وَسَطِ عَمَالِيقَ. 7وَضَرَبَ شَاوُلُ عَمَالِيقَ مِنْ حَوِيلَةَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى شُورَ الَّتِي مُقَابَِلَ مِصْرَ.

أما الشعوب السبعة التي وعد الله بأعطائها لشعبه و نراجع الآتي من سفر التثنية :

تثنية 7 : 3 «مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا وَطَرَدَ شُعُوباً كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الحِثِّيِّينَ وَالجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ 2وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ وَضَرَبْتَهُمْ فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لا تَقْطَعْ لهُمْ عَهْداً وَلا تُشْفِقْ عَليْهِمْ 3 وَلا تُصَاهِرْهُمْ. ابْنَتَكَ لا تُعْطِ لاِبْنِهِ وَابْنَتَهُ لا تَأْخُذْ لاِبْنِكَ. 4لأَنَّهُ يَرُدُّ ابْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى فَيَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ عَليْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعاً. 5وَلكِنْ هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِهِمْ: تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ وَتُحْرِقُونَ تَمَاثِيلهُمْ بِالنَّارِ. 6لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَكُونَ لهُ شَعْباً أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الذِينَ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ 7ليْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الشُّعُوبِ التَصَقَ الرَّبُّ بِكُمْ وَاخْتَارَكُمْ لأَنَّكُمْ أَقَلُّ مِنْ سَائِرِ الشُّعُوبِ. 8بَل مِنْ مَحَبَّةِ الرَّبِّ إِيَّاكُمْ وَحِفْظِهِ القَسَمَ الذِي أَقْسَمَ لآِبَائِكُمْ أَخْرَجَكُمُ الرَّبُّ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَفَدَاكُمْ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ مِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ. 9فَاعْلمْ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ اللهُ الإِلهُ الأَمِينُ الحَافِظُ العَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلى أَلفِ جِيلٍ 10وَالمُجَازِي الذِينَ يُبْغِضُونَهُ بِوُجُوهِهِمْ لِيُهْلِكَهُمْ. لا يُمْهِلُ مَنْ يُبْغِضُهُ. بِوَجْهِهِ يُجَازِيهِ. 11فَاحْفَظِ الوَصَايَا وَالفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ التِي أَنَا أُوصِيكَ اليَوْمَ لِتَعْمَلهَا.

و عن ما يخص تلك الشعوب الوثنية نجد الآتي :

تثنية 7 : 25وَتَمَاثِيل آلِهَتِهِمْ تُحْرِقُونَ بِالنَّارِ. لا تَشْتَهِ فِضَّةً وَلا ذَهَباً مِمَّا عَليْهَا لِتَأْخُذَ لكَ لِئَلا تُصَادَ بِهِ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِكَ. 26وَلا تُدْخِل رِجْساً إِلى بَيْتِكَ لِئَلا تَكُونَ مُحَرَّماً مِثْلهُ. تَسْتَقْبِحُهُ وَتَكْرَهُهُ لأَنَّهُ مُحَرَّمٌ».

أما لماذا أمر الله بقتال تلك الشعوب تحديدا و أبادتها فنجده في الآتي :

لاويين 16 : 22وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَراً مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ. 23وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. وَلاَ تَقِفِ امْرَأَةٌ أَمَامَ بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا. إِنَّهُ فَاحِشَةٌ. 24«بِكُلِّ هَذِهِ لاَ تَتَنَجَّسُوا لأَنَّهُ بِكُلِّ هَذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ الشُّعُوبُ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ 25فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ. فَأَجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا فَتَقْذِفُ الأَرْضُ سُكَّانَهَا. 26لَكِنْ تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي وَلاَ تَعْمَلُونَ شَيْئاً مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ لاَ الْوَطَنِيُّ وَلاَ الْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ 27(لأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ قَدْ عَمِلَهَا أَهْلُ الأَرْضِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ). 28فَلاَ تَقْذِفُكُمُ الأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ الشُّعُوبَ الَّتِي قَبْلَكُمْ.

بالأضافة الى كل هذه الشرور , الشذوذ الجنسي , مضاجعة الحيوانات , عبادة الأوثان كانت هذه الشعوب الموجودة في أرض الميعاد تقدم الذبائح البشرية و كان النساء يقدمن أطفالهن محرقة للآلهة الوثنية و كانوا يحرقون الأطفال تحت دوي صوت الطبول لكيلا يسمعوا صوتهم و هم يصرخون و كلها أمور تغضب الله و العديد من الحفريات الأثرية أوضحت عادات تلك الشعوب .

أحبائي ان أيماننا بعدالة الله و صبره على الخاطئ يؤكد لنا أن هذه الشعوب قد أستنفذت كافة محاولات الله لأصلاحهم

و لكنهم أًستمروا أكثر في الخطأ و بدلا من الرجوع للرب حاولوا أبادة شعبه الذي يحمل كلمته و هو ما سنراه لاحقا .

أن ما فعله الله مع تلك الشعوب مماثل لمافعله أيام سدوم و عمورة و أيام الطوفان و لكن الوسيلة أختلفت فبدلا

من أستخدام قوى الطبيعة لتأديبهم كما سبق أستخدم هذه المرا شعبه لكي يعطى درس للشعوب في أن تعرف أن هذا التأديب ليس بسبب غضب الآلهة عليهم كما يظنون بل من غضب آله أسرائيل عليهم .

نأتي الآن لنقطة أخرى هامة نراها في سفر يشوع 9 و هو موقف الشعب العبراني من الجبعونيين الذين خافوا من

الرب آله أسرائيل و طلبوا العهد من يشوع و شيوخ أسرائيل و أكدوا ألتزامهم بأوامر آله أسرائيل

يشوع 9 : . 3 وَأَمَّا سُكَّانُ جِبْعُونَ لَمَّا سَمِعُوا بِمَا عَمِلَهُ يَشُوعُ بِأَرِيحَا وَعَايٍ 4عَمِلُوا بِغَدْرٍ, وَمَضُوا وَدَارُوا وَأَخَذُوا جَوَالِقَ بَالِيَةً لِحَمِيرِهِمْ, وَزِقَاقَ خَمْرٍ بَالِيَةً مُشَقَّقَةً وَمَرْبُوطَةً, 5وَنِعَالاً بَالِيَةً وَمُرَقَّعَةً فِي أَرْجُلِهِمْ, وَثِيَاباً رَثَّةً عَلَيْهِمْ, وَكُلُّ خُبْزِ زَادِهِمْ يَابِسٌ قَدْ صَارَ فُتَاتَاً. 6وَسَارُوا إِلَى يَشُوعَ إِلَى الْمَحَلَّةِ فِي الْجِلْجَالِ, وَقَالُوا لَهُ وَلِرِجَالِ إِسْرَائِيلَ: «مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ جِئْنَا. وَالآنَ اقْطَعُوا لَنَا عَهْداً». 7فَقَالَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ لِلْحِوِّيِّينَ: «لَعَلَّكَ سَاكِنٌ فِي وَسَطِي, فَكَيْفَ أَقْطَعُ لَكَ عَهْداً؟» 8فَقَالُوا لِيَشُوعَ: «عَبِيدُكَ نَحْنُ». فَقَالَ لَهُمْ يَشُوعُ: «مَنْ أَنْتُمْ, وَمِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟» 9فَقَالُوا لَهُ: «مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ جِدّاً جَاءَ عَبِيدُكَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ, لأَنَّنَا سَمِعْنَا خَبَرَهُ وَكُلَّ مَا عَمِلَ بِمِصْرَ 10وَكُلَّ مَا عَمِلَ بِمَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ اللَّذَيْنِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ, سِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ وَعُوجَ مَلِكِ بَاشَانَ الَّذِي فِي عَشْتَارُوثَ. 11فَكَلَّمَنَا شُيُوخُنَا وَجَمِيعُ سُكَّانِ أَرْضِنَا قَائِلِينَ: خُذُوا بِأَيْدِيكُمْ زَاداً لِلطَّرِيقِ, وَاذْهَبُوا لِلِقَائِهِمْ وَقُولُوا لَهُمْ: عَبِيدُكُمْ نَحْنُ. وَالآنَ اقْطَعُوا لَنَا عَهْداً. 12هَذَا خُبْزُنَا سُخْناً تَزَوَّدْنَاهُ مِنْ بُيُوتِنَا يَوْمَ خُرُوجِنَا لِنَسِيرَ إِلَيْكُمْ, وَهَا هُوَ الآنَ يَابِسٌ قَدْ صَارَ فُتَاتَاً. 13وَهَذِهِ زِقَاقُ الْخَمْرِ الَّتِي مَلَأْنَاهَا جَدِيدَةً, هُوَذَا قَدْ تَشَقَّقَتْ. وَهَذِهِ ثِيَابُنَا وَنِعَالُنَا قَدْ بَلِيَتْ مِنْ طُولِ الطَّرِيقِ جِدّاً. 14فَأَكَلَ الرِّجَالُ مِنْ زَادِهِمْ, وَمِنْ فَمِ الرَّبِّ لَمْ يَسْأَلُوا. 15فَعَمِلَ يَشُوعُ لَهُمْ صُلْحاً وَقَطَعَ لَهُمْ عَهْداً لاِسْتِحْيَائِهِمْ, وَحَلَفَ لَهُمْ رُؤَسَاءُ الْجَمَاعَةِ. 16وَفِي نِهَايَةِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَمَا قَطَعُوا لَهُمْ عَهْداً سَمِعُوا أَنَّهُمْ قَرِيبُونَ إِلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ سَاكِنُونَ فِي وَسَطِهِمْ. 17فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَجَاءُوا إِلَى مُدُنِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَمُدُنُهُمْ هِيَ جِبْعُونُ وَالْكَفِيرَةُ وَبَئِيرُوتُ وَقَرْيَةُ يَعَارِيمَ. 18وَلَمْ يَضْرِبْهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لأَنَّ رُؤَسَاءَ الْجَمَاعَةِ حَلَفُوا لَهُمْ بِالرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. فَتَذَمَّرَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ عَلَى الرُّؤَسَاءِ. 19فَقَالَ جَمِيعُ الرُّؤَسَاءِ لِكُلِّ الْجَمَاعَةِ: «إِنَّنَا قَدْ حَلَفْنَا لَهُمْ بِالرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. وَالآنَ لاَ نَتَمَكَّنُ مِنْ مَسِّهِمْ. 20هَذَا نَصْنَعُهُ لَهُمْ وَنَسْتَحْيِيهِمْ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْنَا سَخَطٌ مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ الَّذِي حَلَفْنَا لَهُمْ».

فكما نرى فرغم أن الجبعونيين أستخدموا الحيلة و الخديعة مع يشوع و الشعب العبراني و أدعوا أنهم لا يسكنون في وسط أرض الميعاد و أنما جاءوا من بلاد بعيدة بعد ان رأوا بأس الله في أريحا و عاي و كان من الممكن أن يعتبر شيوخ أسرائيل أن ما بني على باطل فهو باطل و بالتالي بسهولة ينقضوا عهدهم معهم و يقاتلوهم , لكن القسم بأسم الله و العهد الذي أعطوه شيوخ اسرائيل للجبعونيين منعهم من ذلك .

لقد أدرك الجبعونيين هذا الأمر و أرتدعوا و طلبوا العهد من الشعب العبراني و لهذا لم يعاقبهم الله كما رأينا و ليس هذا فقط بل لقد دافع عنهم يشوع و العبرانيين عندما حاول ملوك الأموريين الفتك بهم لأنهم عقدوا العهد

مع الشعب العبراني و أخذوا العهد من شيوخ أسرائيل .

يعني لو كانت باقي الشعوب المذكورة أرتدعت و خافت من الله لغضبهم عليهم بسبب كل شرورهم لحدث لهم ما حدث للجبعونيين و لكان الشعب العبراني أعطاهم العهد و لما عاقبهم و لكن على العكس نجدهم بدلا من الأرتداع أصروا على الخطأ و جمعوا قوتهم لمحاولة أبادة الشعب العبراني و الجبعونيين الذين أخذوا العهد منهم و هو ما نراه في سفر يشوع .

يشوع 10 : 1فَلَمَّا سَمِعَ أَدُونِي صَادَقَ مَلِكُ أُورُشَلِيمَ أَنَّ يَشُوعَ قَدْ أَخَذَ عَايَ وَحَرَّمَهَا. كَمَا فَعَلَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا فَعَلَ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا, وَأَنَّ سُكَّانَ جِبْعُونَ قَدْ صَالَحُوا إِسْرَائِيلَ وَكَانُوا فِي وَسَطِهِمْ, 2خَافَ جِدّاً, لأَنَّ جِبْعُونَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ كَإِحْدَى الْمُدُنِ الْمَلَكِيَّةِ, وَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ عَايٍ, وَكُلُّ رِجَالِهَا جَبَابِرَةٌ. 3فَأَرْسَلَ أَدُونِي صَادِقَ مَلِكُ أُورُشَلِيمَ إِلَى هُوهَامَ مَلِكِ حَبْرُونَ, وَفِرْآمَ مَلِكِ يَرْمُوتَ, وَيَافِيعَ مَلِكِ لَخِيشَ, وَدَبِيرَ مَلِكِ عَجْلُونَ يَقُولُ: 4«اصْعَدُوا إِلَيَّ وَأَعِينُونِي, فَنَضْرِبَ جِبْعُونَ لأَنَّهَا صَالَحَتْ يَشُوعَ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ». 5فَاجْتَمَعَ مُلُوكُ الأَمُورِيِّينَ الْخَمْسَةُ: مَلِكُ أُورُشَلِيمَ وَمَلِكُ حَبْرُونَ وَمَلِكُ يَرْمُوتَ وَمَلِكُ لَخِيشَ وَمَلِكُ عَجْلُونَ, وَصَعِدُوا هُمْ وَكُلُّ جُيُوشِهِمْ وَنَزَلُوا عَلَى جِبْعُونَ وَحَارَبُوهَا. 6فَأَرْسَلَ أَهْلُ جِبْعُونَ إِلَى يَشُوعَ إِلَى الْمَحَلَّةِ فِي الْجِلْجَالِ يَقُولُونَ: «لاَ تُرْخِ يَدَيْكَ عَنْ عَبِيدِكَ. اصْعَدْ إِلَيْنَا عَاجِلاً وَخَلِّصْنَا وَأَعِنَّا, لأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْنَا جَمِيعُ مُلُوكِ الأَمُورِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي الْجَبَلِ». 7فَصَعِدَ يَشُوعُ مِنَ الْجِلْجَالِ هُوَ وَجَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ مَعَهُ وَكُلُّ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «لاَ تَخَفْهُمْ, لأَنِّي بِيَدِكَ قَدْ أَسْلَمْتُهُمْ. لاَ يَقِفُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِوَجْهِكَ».

يعني هؤلاء الملوك بدلا من محاولة الرجوع صمموا على الحرب بل و حاربوا حتى الجبعونيين الذين أعطاهم يشوع و شيوخ أسرائيل

العهد مما جعل الجبعونيين يستغيثون بيشوع لينقذهم و هو ما فعله فعلا .

أيضا أمر الله بحفظ العهد للأمم التي لم تغضب الرب بشدة كما فعلت تلك القبائل السابق ذكرها و نرى هذا

في الآتي : سفر صموئيل الثاني 21

“وكان جوع في ايام داود ثلاث سنين سنة بعد سنة فطلب داود وجه الرب.فقال الرب هو لاجل شاول ولاجل بيت الدماء لانه قتل الجبعونيين”

الخلاصة أن الله في العهد القديم لم يبيح قتال سوى مجموعة قبائل معينة عددها سبعة كما ورد في سفر التثنية

و لم يقاتل اليهود بأمر من الله سوى هؤلاء الا المديانيين و العماليق الذين بدأوا بالأعتداء عليهم كما أوضحنا

في المداخلات الأولى فالعماليق حاولوا الفتك بالشعب العبراني و هو خارج من مصر و المديانيين جروا الشعب

الى الزنا فأصابهم وباء مهلك أباد منهم 24 ألف شخص كما شرحنا في المداخلات الأولى .

نأتي الآن للأسلام و نجد أن القتال في الاسلام ليس موجه لناس أو فئات معينة عقابا على شئ أو حادثة

معينة كما فعل المديانيين أو العماليق بل هو موجه للناس كافة و لكل من هو غير مسلم مهما كان مسالما

و لم يعتدي على المسلمين .

————————–

لقد شرحنا في المداخلات الأولى الآية 190 من سورة البقرة و رأينا كيف أنها نسخت بآية السيف

بسورة التوبة و الآن لنراجع التفاسير ثانية

( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190)

تفسير الطبري

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هَذِهِ الْآيَة هِيَ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي أَمْر الْمُسْلِمِينَ بِقِتَالِ أَهْل الشِّرْك . وَقَالُوا : أُمِرَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَالْكَفّ عَمَّنْ كَفّ عَنْهُمْ , ثُمَّ نُسِخَتْ بِ ” بَرَاءَة ” . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 2530 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , وَابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ } قَالَ : هَذِهِ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ , فَلَمَّا نَزَلَتْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِل مَنْ يُقَاتِلهُ وَيَكُفّ عَمَّنْ كَفّ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَتْ بَرَاءَة . وَلَمْ يَذْكُر عَبْد الرَّحْمَن ” الْمَدِينَة ” . 2531 – حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } إلَى آخِر الْآيَة . قَالَ : قَدْ نُسِخَ هَذَا , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } 9 36 وَهَذِهِ النَّاسِخَة , وَقَرَأَ : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله } حَتَّى بَلَغَ : { فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } إلَى : { إنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم

يعني ببساطة القتال في الاسلام موجه لجميع المشركين حتى الذين لم يقوموا بالأعتداء على المسلمين أو يعادوهم و قد نسخ آله الاسلام عهده معهم ( أي الذين لم يعادوا المسلمين ) بما أنزله في سورة التوبة

 

لنرى الآن التفاسير الخاصة بالآيتين الشهيرتين بسورة التوبة ( براءة ) .

( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)

تفسير الجلالين

“فَإِذَا انْسَلَخَ” خَرَجَ “الْأَشْهُر الْحُرُم” وَهِيَ آخِر مُدَّة التَّأْجِيل “فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ” فِي حِلّ أَوْ حَرَم “وَخُذُوهُمْ” بِالْأَسْرِ “وَاحْصُرُوهُمْ” فِي الْقِلَاع وَالْحُصُون حَتَّى يُضْطَرُّوا إلَى الْقَتْل أَوْ الْإِسْلَام “وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلّ مَرْصَد” طَرِيق يَسْلُكُونَهُ وَنُصِبَ كُلّ عَلَى نَزْع الْخَافِض “فَإِنْ تَابُوا” مِنْ الْكُفْر “وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتَوْا الزَّكَاة فَخَلُّوا سَبِيلهمْ” وَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُمْ “إنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم” لِمَنْ تَابَ

تفسير ابن كثير

. حَدَّثَنَا إسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم أَنْبَأَنَا حَكَّام بْن سَلَمَة حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ بِهِ سَوَاء وَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة هِيَ آيَة السَّيْف الَّتِي قَالَ فِيهَا الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم أَنَّهَا نَسَخَتْ كُلّ عَهْد بَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن أَحَد مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَكُلّ عَقْد وَكُلّ مُدَّة وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَهْد وَلَا ذِمَّة مُنْذُ نَزَلَتْ بَرَاءَة وَانْسِلَاخ الْأَشْهُر الْحُرُم وَمُدَّة مَنْ كَانَ لَهُ عَهْد مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَبْل أَنْ تَنْزِل بَرَاءَة أَرْبَعَة أَشْهُر مِنْ يَوْم أَذَّنَ بِبَرَاءَة إِلَى عَشْر مِنْ أَوَّل شَهْر رَبِيع الْآخِر وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ : أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَضَع السَّيْف فِيمَنْ عَاهَدَ إِنْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَام وَنَقْض مَا كَانَ سُمِّيَ لَهُمْ مِنْ الْعَقْد وَالْمِيثَاق وَأَذْهَبَ الشَّرْط الْأَوَّل وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إسْحَاق بْن مُوسَى الْأَنْصَارِيّ قَالَ : قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب : بُعِثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَةِ أَسْيَاف سَيْف فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْعَرَب قَالَ اللَّه تَعَالَى ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصَرًا وَأَظُنّ أَنَّ السَّيْف الثَّانِي هُوَ قِتَال أَهْل الْكِتَاب لِقَوْلِهِ تَعَالَى ” قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله وَلَا يَدِينُونَ دِين الْحَقّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة عَنْ يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ ” ” وَالسَّيْف الثَّالِث ” قِتَال الْمُنَافِقِينَ فِي قَوْله ” يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ ” الْآيَة . ” وَالرَّابِع ” قِتَال الْبَاغِينَ فِي قَوْله ” وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيء إِلَى أَمْر اللَّه ” ثُمَّ اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي آيَة السَّيْف هَذِهِ فَقَالَ الضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ هِيَ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى ” فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فَدَاء ” وَقَالَ قَتَادَة بِالْعَكْسِ .

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:36)

تفسير الطبري

وَأَمَّا قَوْله : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } فَإِنَّهُ يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا غَيْر مُخْتَلِفِينَ , مُؤْتَلِفِينَ غَيْر مُفْتَرِقِينَ , كَمَا يُقَاتِلكُمْ الْمُشْرِكُونَ جَمِيعًا مُجْتَمِعِينَ غَيْر مُتَفَرِّقِينَ . كَمَا : 12977 – حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } أَمَّا كَافَّة فَجَمِيع وَأَمْركُمْ مُجْتَمِع. 12978 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة } يَقُول : جَمِيعًا . 12979 – حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة } : أَيْ جَمِيعًا . وَالْكَافَّة فِي كُلّ حَال عَلَى صُورَة وَاحِدَة لَا تُذَكَّر وَلَا تُجْمَع , لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِلَفْظِ فَاعِلَة فَإِنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَصْدَر كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَة , وَلَا تُدْخِل الْعَرَب فِيهَا الْأَلِف وَاللَّام لِكَوْنِهَا آخِر الْكَلَام مَعَ الَّذِي فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمَصْدَر , كَمَا لَمْ يُدْخِلُوهَا إِذَا قَالُوا : قَامُوا مَعًا وَقَامُوا جَمِيعًا.

وَأَمَّا قَوْله : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } فَإِنَّهُ يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا غَيْر مُخْتَلِفِينَ , مُؤْتَلِفِينَ غَيْر مُفْتَرِقِينَ , كَمَا يُقَاتِلكُمْ الْمُشْرِكُونَ جَمِيعًا مُجْتَمِعِينَ غَيْر مُتَفَرِّقِينَ . كَمَا : 12977 – حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } أَمَّا كَافَّة فَجَمِيع وَأَمْركُمْ مُجْتَمِع. 12978 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة } يَقُول : جَمِيعًا . 12979 – حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة } : أَيْ جَمِيعًا . وَالْكَافَّة فِي كُلّ حَال عَلَى صُورَة وَاحِدَة لَا تُذَكَّر وَلَا تُجْمَع , لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِلَفْظِ فَاعِلَة فَإِنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَصْدَر كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَة , وَلَا تُدْخِل الْعَرَب فِيهَا الْأَلِف وَاللَّام لِكَوْنِهَا آخِر الْكَلَام مَعَ الَّذِي فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمَصْدَر , كَمَا لَمْ يُدْخِلُوهَا إِذَا قَالُوا : قَامُوا مَعًا وَقَامُوا جَمِيعًا.

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ

وَأَمَّا قَوْله : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَاعْلَمُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ أَنَّكُمْ إِنْ قَاتَلْتُمْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّة , وَاتَّقَيْتُمْ اللَّه فَأَطَعْتُمُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ وَلَمْ تُخَالِفُوا أَمْره فَتَعْصُوهُ , كَانَ اللَّه مَعَكُمْ عَلَى عَدُوّكُمْ وَعَدُوّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ; وَمَنْ كَانَ اللَّه مَعَهُ لَمْ يَغْلِبهُ شَيْء , لِأَنَّ اللَّه مَعَ مَنْ اِتَّقَاهُ فَخَافَهُ وَأَطَاعَهُ فِيمَا كَلَّفَهُ مِنْ أَمْره وَنَهْيه.

وَأَمَّا قَوْله : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَاعْلَمُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ أَنَّكُمْ إِنْ قَاتَلْتُمْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّة , وَاتَّقَيْتُمْ اللَّه فَأَطَعْتُمُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ وَلَمْ تُخَالِفُوا أَمْره فَتَعْصُوهُ , كَانَ اللَّه مَعَكُمْ عَلَى عَدُوّكُمْ وَعَدُوّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ; وَمَنْ كَانَ اللَّه مَعَهُ لَمْ يَغْلِبهُ شَيْء , لِأَنَّ اللَّه مَعَ مَنْ اِتَّقَاهُ فَخَافَهُ وَأَطَاعَهُ فِيمَا كَلَّفَهُ مِنْ أَمْره وَنَهْيه.

تفسير القرطبي

وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ

” قَاتِلُوا ” أَمْر بِالْقِتَالِ . و ” كَافَّة ” مَعْنَاهُ جَمِيعًا , وَهُوَ مَصْدَر فِي مَوْضِع الْحَال . أَيْ مُحِيطِينَ بِهِمْ وَمُجْتَمَعِينَ . قَالَ الزَّجَّاج : مِثْل هَذَا مِنْ الْمَصَادِر عَافَاهُ اللَّه عَافِيَة وَعَاقَبَهُ عَاقِبَة . وَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَع , وَكَذَا عَامَّة وَخَاصَّة . قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : كَانَ الْغَرَض بِهَذِهِ الْآيَة قَدْ تَوَجَّهَ عَلَى الْأَعْيَان ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَجُعِلَ فَرْض كِفَايَة . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَمْ يُعْلَم قَطُّ مِنْ شَرْع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَلْزَمَ الْأُمَّة جَمِيعًا النَّفْر , وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة الْحَضّ عَلَى قِتَالهمْ وَالتَّحَزُّب عَلَيْهِمْ وَجَمَعَ الْكَلِمَة ثُمَّ قَيَّدَهَا بِقَوْلِهِ : ” كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة ” فَبِحَسَبِ قِتَالهمْ وَاجْتِمَاعهمْ لَنَا يَكُون فَرْض اِجْتِمَاعنَا لَهُمْ . وَاَللَّه أَعْلَم .

أذا فكما رأينا غي الاسلام المر بالقتال هو للمشركين كافة سواء بدأوا بالأعتداء أم لا و ووجه السيف الاسلامي

لأربعة :

1 – المشركين

2 – أهل الكتاب

3 – الكفار و المنافقين

4 – الباغين

من من الناس يتبقى بعد هذا و لم يسلم من سيف الاسلام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

يهيئ لي لا أحد .

————————–

النقطة الثالثة

و الآن سأعرض النقطة الثالثة في المقارنة بين القتال في العهد القديم و بين القتال في الاسلام

و هي هل في العهد القديم كان القتال وسيلة لنشر الدين اليهودي كما في الاسلام ام لا ؟

و هل كانت الحروب في العهد القديم فتوحات لنشر الدين أم تأديب و دينونة على بعض القبائل الوثنية ؟

عندما ننظر للعهد القديم نجد أن الله لم يستخدم القتل كوسيلة للدعوة , الله في العهد القديم لم يخير الشعوب التي حددها اسما بين اليهودية أو القتل , لقد كان قضاء الله نهائيا على تلك الشعوب بعد أن استنفذت هذه الشعوب كل محاولات التوبة و رفضت كل الإنذارات التي أعطاها لهم الله .

فرض العقيدة على الشعوب بالإكراه يولد منافقين يدعون الأيمان بلسانهم فقط و لكنهم بقلوبهم

ما زالوا يشتهون نفس الشرور التي كانوا و سيظلون يفعلوها لهذا طلب الله من النبي موسى و من يشوع

القائد الحربي بعده الآتي :

تثنية 20 : 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ.

و في توضيح من الرب لأسباب رفضه تلك الشعوب نجد الآتي :

لاويين 16 : 22وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَراً مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ. 23وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. وَلاَ تَقِفِ امْرَأَةٌ أَمَامَ بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا. إِنَّهُ فَاحِشَةٌ. 24«بِكُلِّ هَذِهِ لاَ تَتَنَجَّسُوا لأَنَّهُ بِكُلِّ هَذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ الشُّعُوبُ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ 25فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ. فَأَجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا فَتَقْذِفُ الأَرْضُ سُكَّانَهَا. 26لَكِنْ تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي وَلاَ تَعْمَلُونَ شَيْئاً مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ لاَ الْوَطَنِيُّ وَلاَ الْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ 27(لأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ قَدْ عَمِلَهَا أَهْلُ الأَرْضِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ). 28فَلاَ تَقْذِفُكُمُ الأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ الشُّعُوبَ الَّتِي قَبْلَكُمْ.

بالإضافة إلى كل هذه الشرور , الشذوذ الجنسي , مضاجعة الحيوانات , عبادة الأوثان كانت هذه الشعوب الموجودة في أرض

الميعاد تقدم الذبائح البشرية و كان النساء يقدمن أطفالهن محرقة للآلهة الوثنية و كانوا يحرقون الأطفال تحت دوي صوت الطبول

لكيلا يسمعوا صوتهم و هم يصرخون و كلها أمور تغضب الله و العديد من الحفريات الأثرية أوضحت عادات تلك الشعوب .

إذا فقد رفض الله أن يستخدم القتل وسيلة لإكراه تلك الشعوب على عقيدته لأنه يعرف جيدا أن الإكراه لن يفيد

في شئ و لأن الله لا يحتاج شئ من البشر و لن يحدثه مع أي فارق لو أزداد عدد الذين قبلوه من عدمه

لأنه لا يريد مؤمنين بالاسم بل مؤمنين حقيقيين مختونين بالقلب و الروح و ليس فقط بالجسد .

أما موقف الإسلام في هذه النقطة فيختلف تماما فقد أستخدم القتل وسيلة للإكراه على العقيدة

و خير الكفار بين الذبح أو الإسلام و كأن الله يحتاج لعدد حتى و لو كان عدد كبير ينافقه فقط

بحسب الظاهر و يرفضه قلبيا من الداخل .

أذا راجعنا الآيات التالية من القرآن نفهم ما أقصده

( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:67)

لقد كان المسلمون الأوائل يرفضون الأبقاء على أي أسير من المشركين و الكفار و لكن

عندما أحتاج الرسول في بداية معركه الى الأموال و الغنائم رأى هو و أبو بكر ان من الأفضل

مفاداة ( مبادلة ) هؤلاء الأسرى بأموال تنفعهم فنسخت الآية التالية الآية السابقة :

( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) (محمد:4)

و هو ما نراه في الآتي من تفاسير الآيتين

من تفسير ابن كثير للآية 67 من سورة الأنفال نجد الآتي :

قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن هَاشِم عَنْ حُمَيْد عَنْ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ اِسْتَشَارَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاس فِي الْأُسَارَى يَوْم بَدْر فَقَالَ ” إِنَّ اللَّه قَدْ أَمْكَنَكُمْ مِنْهُمْ ” فَقَامَ عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه اِضْرِبْ أَعْنَاقهمْ فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَادَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ” يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّه قَدْ أَمْكَنَكُمْ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا هُمْ إِخْوَانكُمْ بِالْأَمْسِ ” فَقَامَ عُمَر فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه اِضْرِبْ أَعْنَاقهمْ فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلنَّاسِ مِثْل ذَلِكَ فَقَامَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه نَرَى أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُمْ وَأَنْ تَقْبَل مِنْهُمْ الْفِدَاء قَالَ فَذَهَبَ عَنْ وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْغَمّ فَعَفَا عَنْهُمْ وَقَبِلَ مِنْهُمْ الْفِدَاء .

من تفسير الجلالين لنفس الآية :

وَنَزَلَ لَمَّا أَخَذُوا الْفِدَاء مِنْ أَسْرَى بَدْر “مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُون” بِالتَّاءِ وَالْيَاء “لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِن فِي الْأَرْض” يُبَالِغ فِي قَتْل الْكُفَّار “تُرِيدُونَ” أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ “عَرَض الدُّنْيَا” حُطَامهَا بِأَخْذِ الْفِدَاء “وَاَللَّه يُرِيد” لَكُمْ “الْآخِرَة” أَيْ ثَوَابهَا بِقَتْلِهِمْ “وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم” وَهَذَا مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ “فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء”

 

و من تفسير الطبري

وَإِنَّمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَرِّفهُ أَنَّ قَتْل الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَسَرَهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بَدْر ثُمَّ فَادَى بِهِمْ كَانَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ أَخْذ الْفِدْيَة مِنْهُمْ وَإِطْلَاقهمْ . وَقَوْله : { حَتَّى يُثْخِن فِي الْأَرْض } يَقُول : حَتَّى يُبَالِغ فِي قَتْل الْمُشْرِكِينَ فِيهَا , وَيَقْهَرهُمْ غَلَبَة وَقَسْرًا , يُقَال مِنْهُ : أَثْخَنَ فُلَان فِي هَذَا الْأَمْر إِذَا بَالَغَ فِيهِ , وَحُكِيَ أَثْخَنْته مَعْرِفَة , بِمَعْنَى : قَتَلْته مَعْرِفَة . { تُرِيدُونَ عَرَض الدُّنْيَا } يَقُول لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تُرِيدُونَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَرَض الدُّنْيَا بِأَسْرِكُمْ الْمُشْرِكِينَ , وَهُوَ مَا عَرَضَ لِلْمَرْءِ مِنْهَا مِنْ مَال وَمَتَاع , يَقُول : تُرِيدُونَ بِأَخْذِكُمْ الْفِدَاء مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَتَاع الدُّنْيَا وَطَعْمهَا . { وَاَللَّه يُرِيد الْآخِرَة } يَقُول : وَاَللَّه يُرِيد لَكُمْ زِينَة الْآخِرَة , وَمَا أَعَدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَهْل وِلَايَته فِي جَنَّاته بِقَتْلِكُمْ إِيَّاهُمْ وَإِثْخَانكُمْ فِي الْأَرْض , يَقُول لَهُمْ : وَاطْلُبُوا مَا يُرِيد اللَّه لَكُمْ وَلَهُ اِعْمَلُوا لَا مَا تَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَهْوَاء أَنْفُسكُمْ مِنْ الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَأَسْبَابهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 12648 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُون لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِن فِي الْأَرْض } وَذَلِكَ يَوْم بَدْر وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمئِذٍ قَلِيل ; فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سُلْطَانهمْ , أَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد هَذَا فِي الْأُسَارَى : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء } 47 4 فَجَعَلَ اللَّه النَّبِيّ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي أَمْر الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا اِسْتَعْبَدُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا فَادَوْهُمْ . 12649 – حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُون لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِن فِي الْأَرْض تُرِيدُونَ عَرَض الدُّنْيَا } الْآيَة , قَالَ : أَرَادَ أَصْحَاب نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بَدْر الْفِدَاء , فَفَادَوْهُمْ بِأَرْبَعَةِ آلَاف , وَلَعَمْرِي مَا كَانَ أَثْخَنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ ! وَكَانَ أَوَّل قِتَال قَاتَلَهُ الْمُشْرِكِينَ .

عندما كثرت الأموال و الغنائم مع الرسول و أحتاج مع هذا الى عدد كبير من المؤمنين لكي يكونوا دعما له

فللمرة الثانية ينسخ المن بالفداء بالقتل أو الاسلام أي تغير موقف الاسلام من القتال و حوله من وسيلة تأديبية الى

وسيلة للدعوة و الأكراه على العقيدة كما سنرى في سورة التوبة 5 و الأشارات المختلفة من

بعض الآيات مثل التوبة 1 و الممتحنة 8 و الأعراف 199 و المزمل 10 .

من تفسير ابن كثير لسورة محمد 4 .

يَقُول تَعَالَى مُرْشِدًا لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَا يَعْتَمِدُونَهُ فِي حُرُوبهمْ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ” فَإِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَاب ” أَيْ إِذَا وَاجَهْتُمُوهُمْ فَاحْصُدُوهُمْ حَصْدًا بِالسُّيُوفِ” حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ ” أَيْ أَهْلَكْتُمُوهُمْ قَتْلًا” فَشُدُّوا الْوَثَاق ” الْأُسَارَى الَّذِينَ تَأْسِرُونَهُمْ ثُمَّ أَنْتُمْ بَعْد اِنْقِضَاء الْحَرْب وَانْفِصَال الْمَعْرَكَة مُخَيَّرُونَ فِي أَمْرهمْ إِنْ شِئْتُمْ مَنَنْتُمْ عَلَيْهِمْ فَأَطْلَقْتُمْ أُسَارَاهُمْ مَجَّانًا وَإِنْ شِئْتُمْ فَادَيْتُمُوهُمْ بِمَالٍ تَأْخُذُونَهُ مِنْهُمْ وَتُشَاطِرُونَهُمْ عَلَيْهِ وَالظَّاهِر أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ بَعْد وَقْعَة بَدْر فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى عَاتَبَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الِاسْتِكْثَار مِنْ الْأُسَارَى يَوْمئِذٍ لِيَأْخُذُوا مِنْهُمْ الْفِدَاء وَالتَّقْلِيل مِنْ الْقَتْل يَوْمئِذٍ فَقَالَ ” مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُون لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِن فِي الْأَرْض تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا , وَاَللَّه يُرِيد الْآخِرَة , وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم لَوْلَا كِتَاب مِنْ اللَّه سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَاب عَظِيم ” ثُمَّ قَدْ اِدَّعَى بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّ هَذِهِ الْآيَة الْمُخَيِّرَة بَيْن مُفَادَاة الْأَسِير وَالْمَنّ عَلَيْهِ مَنْسُوخَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى ” فَإِذَا اِنْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” الْآيَة رَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَقَالَهُ قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَابْن جُرَيْج

 

من تفسير الطبري لنفس السورة

فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً

وَقَوْله : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء } يَقُول : فَإِذَا أَسَرْتُمُوهُمْ بَعْد الْإِثْخَان , فَإِمَّا أَنْ تَمُنُّوا عَلَيْهِمْ بَعْد ذَلِكَ بِإِطْلَاقِكُمْ إِيَّاهُمْ مِنْ الْأَسْر , وَتُحَرِّرُوهُمْ بِغَيْرِ عِوَض وَلَا فِدْيَة , وَإِمَّا أَنْ يُفَادُوكُمْ فِدَاء بِأَنْ يُعْطُوكُمْ مِنْ أَنْفُسهمْ عِوَضًا حَتَّى تُطْلِقُوهُمْ , وَتُخَلُّوا لَهُمْ السَّبِيل . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاق , فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مَنْسُوخ نَسَخَهُ قَوْله : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 قَوْله { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْب فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْ } 8 57 . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24251 – حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن عِيسَى الدَّامْغَانِيّ , قَالَا : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج أَنَّهُ كَانَ يَقُول , فِي قَوْله : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء } نَسَخَهَا قَوْله : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 . 24252 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ { فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء } قَالَ : نَسَخَهَا { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 . 24253 – حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء } نَسَخَهَا قَوْله : { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْب فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْ } 8 57 . * – حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } إِلَى قَوْله : { وَإِمَّا فِدَاء } كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا لَقُوا الْمُشْرِكِينَ قَاتَلُوهُمْ , فَإِذَا أَسَرُوا مِنْهُمْ أَسِيرًا , فَلَيْسَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُفَادُوهُ , أَوْ يَمُنُّوا عَلَيْهِ , ثُمَّ يُرْسِلُوهُ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْد قَوْله : { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْب فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْ } 8 57 . أَيْ عِظْ بِهِمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاس لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . 24254 – حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ , قَالَ : كُتِبَ إِلَى أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي أَسِير أُسِرَ , فَذَكَرَ أَنَّهُمْ اِلْتَمَسُوهُ بِفِدَاءِ كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ أَبُو بَكْر : اُقْتُلُوهُ , لَقَتْل رَجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ , أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا . 24255 – حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَإِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْب الرِّقَاب }. .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : الْفِدَاء مَنْسُوخ , نَسَخَتْهَا : { فَإِذَا اِنْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم } . .. 9 5 إِلَى { كُلّ مَرْصَد } س 9 5 . قَالَ : فَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَهْد وَلَا حُرْمَة بَعْد بَرَاءَة , وَانْسِلَاخ الْأَشْهُر الْحُرُم . 24256 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء } هَذَا مَنْسُوخ , نَسَخَهُ قَوْله : { فَإِذَا اِنْسَلَخَ الْأَشْهُر الْحُرُم فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 . فَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَهْد وَلَا ذِمَّة بَعْد بَرَاءَة .

من تفسير القرطبي

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة عَلَى خَمْسَة أَقْوَال :

الْأَوَّل : أَنَّهَا مَنْسُوخَة , وَهِيَ فِي أَهْل الْأَوْثَان , لَا يَجُوز أَنْ يُفَادُوا وَلَا يُمَنّ عَلَيْهِمْ . وَالنَّاسِخ لَهَا عِنْدهمْ قَوْله تَعَالَى : ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” [ التَّوْبَة : 5 ] وَقَوْله : ” فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْب فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْ ” [ الْأَنْفَال : 57 ] وَقَوْله : ” وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة ” [ التَّوْبَة : 36 ] الْآيَة , قَالَ قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَابْن جُرَيْج وَالْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَقَالَهُ كَثِير مِنْ الْكُوفِيِّينَ . وَقَالَ عَبْد الْكَرِيم الْجَوْزِيّ : كُتِبَ إِلَى أَبِي بَكْر فِي أَسِير أُسِرَ , فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ اِلْتَمَسُوهُ بِفِدَاءِ كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ اُقْتُلُوهُ , لَقَتْل رَجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا .

 

الثَّانِي : أَنَّهَا فِي الْكُفَّار جَمِيعًا . وَهِيَ مَنْسُوخَة عَلَى قَوْل جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء وَأَهْل النَّظَر , مِنْهُمْ قَتَادَة وَمُجَاهِد . قَالُوا : إِذَا أُسِرَ الْمُشْرِك لَمْ يَجُزْ أَنْ يُمَنّ عَلَيْهِ , وَلَا أَنْ يُفَادَى بِهِ فَيُرَدّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ , وَلَا يَجُوز أَنْ يُفَادَى عِنْدهمْ إِلَّا بِالْمَرْأَةِ ; لِأَنَّهَا لَا تُقْتَل . وَالنَّاسِخ لَهَا : ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” [ التَّوْبَة : 5 ] إِذْ كَانَتْ بَرَاءَة آخِر مَا نَزَلَتْ بِالتَّوْقِيفِ , فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَل كُلّ مُشْرِك إِلَّا مَنْ قَامَتْ الدَّلَالَة عَلَى تَرْكه مِنْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان وَمَنْ يُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة . وَهُوَ الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة , خِيفَة أَنْ يَعُودُوا حَرْبًا لِلْمُسْلِمِينَ . ذَكَرَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة ” فَإِمَّا مَنًّا بَعْد وَإِمَّا فِدَاء ” قَالَ : نَسَخَهَا ” فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْ ” . وَقَالَ مُجَاهِد : نَسَخَهَا ” فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ” [ التَّوْبَة : 5 ] . وَهُوَ قَوْل الْحَكَم .

و الحديث التالي يوضح نفس الفكرة ( القتل كوسيلة للدعوة ) .

1663 – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ‏.‏ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏.‏ وَعَمُّ أَبِي قِلاَبَةَ هُوَ أَبُو الْمُهَلَّبِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو وَيُقَالُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو قِلاَبَةَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ ‏.‏ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ أَنَّ لِلإِمَامِ أَنْ يَمُنَّ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنَ الأُسَارَى وَيَقْتُلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَفْدِيَ مَنْ شَاءَ ‏.‏ وَاخْتَارَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَتْلَ عَلَى الْفِدَاءِ ‏.‏ وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ بَلَغَنِي أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏(‏فَإِِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً‏)‏ نَسَخَتْهَا‏:‏ ‏(‏وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ‏)‏ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ هَنَّادٌ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ‏.‏

أما الآيات الناسخة للمن و الفداء فهي الآتي :

( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)

طبعا الآية واضحة فهي قد جعلت الشرط الوحيد لأطلاق سراح الأسرى هو أن يدخلوا في الاسلام

و لم تشر لا من قريب أو بعيد للمن أو الفداء .

بل قالتها صراحة : فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

يعني ببساطة الشرط الوحيد لإطلاق سراحهم ليس هو العفو أو الفدية المالية كما يفعل بعض الخاطفون

بل الدخول في الإسلام و هذا يؤكد فكرة أن القتل و المذابحة كانت وسيلة للدعوة في الإسلام

الأخوة و الأصدقاء الأعزاء ليس فقط آية السيف هي التي نسخت المن و الفداء بل هناك أيضا إشارات

إلى ذلك في العديد من الآيات فمثلا :

في سورة التوبة و الآية 1

( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (التوبة:1)

تفسير الطبري:

 

وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ بَرِئَ اللَّه وَرَسُوله إِلَيْهِ مِنْ الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأُذِنَ لَهُ فِي السِّيَاحَة فِي الْأَرْض أَرْبَعَة أَشْهُر , فَقَالَ بَعْضهمْ : صِنْفَانِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ : أَحَدهمَا : كَانَتْ مُدَّة الْعَهْد بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلّ مِنْ أَرْبَعَة أَشْهُر , وَأُمْهِلَ بِالسِّيَاحَةِ أَرْبَعَة أَشْهُر , وَالْآخَر مِنْهُمَا كَانَتْ مُدَّة عَهْده بِغَيْرِ أَجَل مَحْدُود فَقَصَّرَ بِهِ عَلَى أَرْبَعَة أَشْهُر لِيَرْتَادَ لِنَفْسِهِ , ثُمَّ هُوَ حَرْب بَعْد ذَلِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَقْتُل حَيْثُمَا أَدْرَكَ وَيُؤْسِر إِلَّا أَنْ يَتُوب .

طبعا كما نرى يوضح التفسير أن الأسير : يؤسر الى ان يتوب و ليس يؤسر الى أن يمن عليه أو يفادى .

و أيضا في الآية التالية نجد نفس الأشارة .

(لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8)

تفسير الطبري:

وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهَا مِنْ مُشْرِكِي مَكَّة مَنْ لَمْ يُقَاتِل الْمُؤْمِنِينَ , وَلَمْ يُخْرِجُوهُمْ مِنْ دِيَارهمْ ; قَالَ : وَنَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بَعْد بِالْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26307 – حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه } . .. الْآيَة , فَقَالَ : هَذَا قَدْ نُسِخَ , نَسَخَهُ الْقِتَال , أُمِرُوا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ , وَيُجَاهِدُوهُمْ بِهَا , يَضْرِبُونَهُمْ , وَضَرَبَ اللَّه لَهُمْ أَجَل أَرْبَعَة أَشْهُر , إِمَّا الْمُذَابَحَة , وَإِمَّا الْإِسْلَام . 26308 – حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه } . .. الْآيَة , قَالَ : نَسَخَتْهَا { اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }

التفسير يوضح بجلاء الآتي :

أما المذابحة و أما الإسلام أي لا يوجد من أو فداء .

و أيضا هناك أشارة أخرى لذلك في سورة الأعراف 199

( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (لأعراف:199)

تفسير ابن كثير

قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله ” خُذْ الْعَفْو ” يَعْنِي خُذْ مَا عُفِيَ لَك مِنْ أَمْوَالهمْ وَمَا أَتَوْك بِهِ مِنْ شَيْء فَخُذْهُ وَكَانَ هَذَا قَبْل أَنْ تَنْزِل بَرَاءَة بِفَرَائِض الصَّدَقَات وَتَفْصِيلهَا وَمَا اِنْتَهَتْ إِلَيْهِ الصَّدَقَات قَالَهُ السُّدِّيّ وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس ” خُذْ الْعَفْو” أَنْفِقْ الْفَضْل وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس” خُذْ الْعَفْو ” قَالَ الْفَضْل وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ فِي قَوْله ” خُذْ الْعَفْو ” أَمَرَهُ اللَّه بِالْعَفْوِ وَالصَّفْح عَنْ الْمُشْرِكِينَ عَشْر سِنِينَ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ

تفسير الطبري

وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : { خُذْ الْعَفْو } مِنْ أَمْوَال النَّاس , وَهُوَ الْفَضْل . قَالُوا : وَأُمِرَ بِذَلِكَ قَبْل نُزُول الزَّكَاة , فَلَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاة نُسِخَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12066 – حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { خُذْ الْعَفْو } يَعْنِي : خُذْ مَا عَفَا لَك مِنْ أَمْوَالهمْ , وَمَا أَتَوْك بِهِ مِنْ شَيْء فَخُذْهُ . فَكَانَ هَذَا قَبْل أَنْ تَنْزِل بَرَاءَة بِفَرَائِض الصَّدَقَات وَتَفْصِيلهَا وَمَا اِنْتَهَتْ الصَّدَقَات إِلَيْهِ . 12067 – حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن . قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { خُذْ الْعَفْو } أَمَّا الْعَفْو : فَالْفَضْل مِنْ الْمَال , نَسَخَتْهَا الزَّكَاة . 12068 – حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك , يَقُول فِي قَوْله : { خُذْ الْعَفْو } يَقُول : خُذْ مَا عَفَا مِنْ أَمْوَالهمْ , وَهَذَا قَبْل أَنْ تَنْزِل الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَتَرْك الْغِلْظَة عَلَيْهِمْ قَبْل أَنْ يُفْرَض قِتَالهمْ عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12069 – حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { خُذْ الْعَفْو } قَالَ : أَمَرَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ عَشْر سِنِينَ بِمَكَّة . قَالَ : ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ وَأَنْ يَقْعُد لَهُمْ كُلّ مَرْصَد وَأَنْ يَحْصُرهُمْ , ثُمَّ قَالَ : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة } الْآيَة كُلّهَا , وَقَرَأَ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } 9 73 قَالَ : وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّار وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَة } 9 123 بَعْدَمَا كَانَ أَمَرَهُمْ بِالْعَفْوِ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه } 45 14 ثُمَّ لَمْ يَقْبَل مِنْهُمْ بَعْد ذَلِكَ إِلَّا الْإِسْلَام أَوْ الْقَتْل , فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَة الْعَفْو .

أما في تفسير سورة المزمل 10 المنسوخة فنجد الآتي :

( وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) (المزمل:10)

من تفسير القرطبي للآية نجد الآتي :

وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا

أَيْ لَا تَتَعَرَّض لَهُمْ , وَلَا تَشْتَغِل بِمُكَافَأَتِهِمْ , فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَرْك الدُّعَاء إِلَى اللَّه . وَكَانَ هَذَا قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ , ثُمَّ أُمِرَ بَعْد بِقِتَالِهِمْ وَقَتْلهمْ , فَنُسِخَتْ آيَة الْقِتَال مَا كَانَ قَبْلهَا مِنْ التَّرْك ; قَالَهُ قَتَادَة وَغَيْره . وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء : إِنَّا لَنَكْشِر فِي وُجُوه ( أَقْوَام ) وَنَضْحَك إِلَيْهِمْ وَإِنَّ قُلُوبنَا لَتَقْلِيهِمْ أَوْ لَتَلْعَنهُمْ .

تفسير الطبري

27315 – حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا } بَرَاءَة نَسَخَتْ مَا هَهُنَا ; أَمَرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه , لَا يَقْبَل مِنْهُمْ غَيْرهَا .

وَقَوْله : { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصْبِرْ يَا مُحَمَّد عَلَى مَا يَقُول الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك لَك , وَعَلَى أَذَاهُمْ , وَاهْجُرْهُمْ فِي اللَّه هَجْرًا جَمِيلًا , وَالْهَجْر الْجَمِيل : هُوَ الْهَجْر فِي ذَات اللَّه , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذَا رَأَيْت الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْره } … 6 68 الْآيَة , وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ نُسِخَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27315 – حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا } بَرَاءَة نَسَخَتْ مَا هَهُنَا ; أَمَرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه , لَا يَقْبَل مِنْهُمْ غَيْرهَا .

الحديث واضح و صريح : أَمَرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه , لَا يَقْبَل مِنْهُمْ غَيْرهَا

أي أن القتل الناسخ في الإسلام أصبح هو الوسيلة الرئيسية للدعوة التي كانت

بالحكمة و الموعظة الحسنة عند ضعف الإسلام في بدايته و لكن يبدو أن الإسلام رأى أن حجته

غير قوية فلجأ إلى قوة السيف كوسيلة للدعوة بدلا من قوة الحجة .

 

الأخوة و الأصدقاء الأحباء المرة القادمة ننتقل الى النقطة التالية و هي موقف العهد القديم

من الغنائم و موقف الاسلام منها

 

ولكم السلام و التحية

عبد المسيح.

ولكم السلام و التحية

عبد المسيح .

Posted in لاهوت دفاعي -عام, إسلاميات عامة | Leave a Comment »

Persecution Against Christians In Iraq

Posted by mechristian في أوت 9, 2007

Posted in الارهاب الإسلامي | Leave a Comment »

Church bombings in Iraq

Posted by mechristian في أوت 9, 2007

Posted in الارهاب الإسلامي | Leave a Comment »

الثالوث الأقدس- للقديس غريغورويس النيزنزي

Posted by mechristian في أوت 9, 2007

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثالوث الأقدس

للقديس غريغورويس النزينزى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هوبلس

 

1ـ إن الله غير مُدرَك بعقولنا البشرية :

+ لا يوجد الإنسان الذى اكتشف أو يستطيع أن يكتشف من هو الله فى الطبيعة أو الكنه.

Phillip Schaff & Henry Wace, Nicene & Post Nicene Fathers, Vol.VII, Second Series. Hendrickson Publishers June 1995, Article XVII Second Theological Oration. P.294

+ كان يمكن أن يحاط الله بالكلية لو كان فى الإمكان حتى أن يدرك بالفكر لأن الإدراك هو صورة من صور الإحاطة.

Ibid, 2nd Theological Oration, Article X, p.292.

+ كل ما يصل إلينا ما هو إلا فيض ضئيل من نور عظيم. حتى إن كان أحدٌ قد عرف الله أو نال شهادة الكتاب المقدس عن معرفته لله، فلنفهم : إن مثل هذا الشخص قد نال درجة من المعرفة تجعله يبدو أكثر استنارة عن الآخر الذى لم يحظَ بنفس القدر من التنوير.

Ibid, 2nd Theological Oration, Article XVII, p.294

 

2 ـ الصفات الأقنومية للأقانيم الثلاثة المتمايزة للثالوث الأقدس :

+ دعنا نلتزم بحدودنا ونتكلم عن “غير المولود” و”المولود” و”ذاك الذى ينبثق من الآب” كما قال الله الكلمة نفسه فى أحد المواضع.

Ibid, 3rd Theological Oration, Article II P.301

+ هذا هو ما نقصده من “الآب” و”الابن” و”الروح القدس”. الآب هو الوالد والباثق، بلا ألم طبعاً وبلا إشارة للزمن، وليس بطريقة حِسّية. والابن هو المولود، والروح القدس هو المنبثق.

Ibid, 3rd Theological Oration (on the Son), Article II, p.301

 

3 ـ أزلية الابن والروح القدس :

 

+ “متى جاء هذان إلى الوجود؟” “إنهما فوق كل “متى” بل إذا تكلمت بأكثر اجتراء لأقول ومتى نجد الآب. متى جاء الآب إلى الوجود؟ لم يكن أبداً وقت لم يكن فيه الآب. ونفس الشئ صحيح بالنسبة للابن وللروح القدس. ولتسألنى مرة تلو المرة، أجيبك. متى ولد الابن؟ حينما لم يولد الآب، متى انبثق الروح القدس؟ حينما لم ينبثق الابن بل ولد -خارج دائرة الزمن وفوق قبضة (استيعاب) المنطق. هذا وبالرغم من أننا لا نستطيع أن نقدم ما هو الذى فوق الزمن إذا كنا نود أن نتحاشى التعبيرات التى تتضمن فكرة الزمن. لأن تعبيرات مثل “متى” و”قبل” و”بعد” و”من البدء” ليست خالية من معنى الزمن مهما على أى حال طوعناها إلا طبعاً إذا اعتبرنا الدهر أنه تلك الفترة التى تتزامن مع الأشياء الأزلية ولا تُقَسَّم أو تقاس بأى حركة ولا بدوران الشمس كما يقاس الزمن. لماذا إذاً ليسا بالمثل غير منبوعين ماداما أيضاً أزليين؟ لأنهما منه وإن كانا ليسا لاحقين له. لأن غير المنبوع أزلى ولكن الأزلى ليس بالضرورة غير منبوع مادام يُنسب إلى الآب كأصل له. لذلك فبالنسبة للسبب هما ليسا غير منبوعين مادمنا ننسب إلى الآب أنه مصدرهما. ومن الواضح أن السبب ليس بالضرورة سابق لآثاره فالشمس ليست سابقة لضوئها. إلا أنهما بمعنى ما بلا مبتدأ من ناحية الزمن (أى لا بداية زمنية لوجودهما)، حتى وإن كنت تُرعِبْ بسطاء العقول بمراوغاتك لأن مصادر الزمن لا يمكن أن تكون موضوعاً للزمن.

Ibid, 3rd Theological Oration, Article III, pp.301,302

+ لقد دُعى “الكلمة” لأنه يُنسَب إلى الآب كما تنسب الكلمة إلى العقل.

Ibid, Forth Theological Oration, Article XX, p. 316

 

 

4 ـ استعمال النماذج والأمثلة لشرح الثالوث الأقدس :

+ لقد تدارست هذا الأمر فى عقلى الخاص بتدقيق وقلبت الأمر من كل الجهات ومن جميع وجهات النظر لأجد بعض النماذح الموضِّحة لهذا الأمر الهام. ولكننى لم أجد شيئاً على هذه الأرض يصلح للمقارنة بطبيعة اللاهوت. لأنه حتى إن وجدت بعض التشابه الطفيف فإن الأكثر يهرب منى ويتركنى فى الأسافل مع نموذجى. لقد تصورت عيناً، وينبوعاً، ونهراً، وهكذا فعل غيرى من قبل، لأرى هل يتماثل الأول مع الآب والثانى مع الابن والثالث مع الروح القدس لأن فى هذه لا فرق هناك زمنياً ولا ينفصلون عن بعضهم البعض وإن كانوا يتمايزون فى ثلاثة شخوص. ولكنى خفت أولاً أن أجعل فى اللاهوت سرياناً لا يمكن أن يتوقف. وفى المقام الثانى فإن بهذا النموذج نُدخِل وحدة رقمية لأن كلاً من العين والنبع والنهر هم عددياً واحد وإن اختلفت الأشكال. وفكرت ثانياً فى الشمس والشعاع والضوء ولكن هنا أيضاً خفت أن يدخل فى روع الناس فكرة التركيب وينسبوها إلى الغير مُركَّب. ومن ناحية أخرى لئلا ننسب الجوهر للآب وننكره على الشخصين الآخرين ونجعلهما مجرد قوتين إلهيين وليسا شخصين. لأنه ليس الشعاع ولا الضوء شمساً ولكنهما مجرد فيضاً من الشمس وصفات لجوهرها. وأخيراً وحسب هذا النموذج ننسب لله الوجود وعدم الوجود فى آن واحد وهذا أكثر رعباً.

Ibid, 5th Theological Oration (on the Holy Spirit), Articles XXXI and XXXII, p.328

 

 

5 ـ الأقانيم الثلاثة لهم ذات الجوهر الواحد :

+ إن أحادية الأصل هى ما نحفظه بتكريم. إنها مع ذلك أحادية الأصل (من جهة الثالوث بالنسبة للخليقة) غير المقصورة على أقنوم واحد بعينه. بل إنها ناشئة من تساوى الطبائع ووحدة الفكر وتطابق المشيئة والتئام المكونات نحو الوحدة -وهى ما تعجز الطبائع المخلوقة أن تصله. حتى أنه رغم التعددية فليس هناك أبداً انقسام فى الجوهر.

Ibid, 3rd Theological Oration (on the Son), Article II, p.301

+ فى رأيى إنه يدعى “ابن” لأنه يطابق الآب فى الجوهر وليس لهذا السبب فحسب بل وأيضاً لأنه منه وكان يسمى الابن الوحيد ليس لأنه كان الابن الوحيد للآب. بل لأن بنوته كانت خاصة بشخصه ولا يقاسمه فيها أى جسد. وكان يسمى الكلمة لأنه يُنسَب إلى الآب كما تنسب الكلمة إلى العقل ليس فقط للإخبار عن ولادته التى بغير ألم بل أيضاً من أجل الوحدة ومن أجل وظيفته الإخبارية (الإعلانية).

Ibid, 4th Theological Oration , Article XX, p.316

+ والصورة هى من نفس جوهره

Ibid p.317

 

6 ـ المساواة بين الأقانيم الثلاثة :

+ ماذا يقولون إذن؟ هل يوجد نقص ما فى الروح يمنعه أن يكون ابناً؟ لأنه إن لم يكن هناك نقص ما لكان ابناً؟ نحن نؤكد أن ليس ثمة نقص لأن فى الله لا يوجد أى نقص. ولكن اختلاف التعبير، إذا استطعت أن أعبر عن نفسى هكذا، أو بالأحرى تبادل العلاقات بينهم أدى إلى اختلاف أسمائهم. وبالتأكيد ليس نقص ما هو ما يمنع الابن أن يكون الآب (لأن البنوة ليست نقصاً) ومع ذلك ليس هو الآب. وحسب هذا الخط من الجدال فلابد أن يكون هناك نقص ما فى الآب لأنه ليس الابن لأن الآب ليس الابن، ومع هذا فليس ذلك لأجل نقص ما أو خضوع فى الكينونة، بل لأجل هذه الحقيقة بعينها عن كونه: غير مولود أو مولود أو منبثق هو الذى أعطى الاسم الآب للأول والابن للثانى والروح القدس للثالث الذى نحن نتكلم بصدده فالتمايز بين الثلاثة شخوص محفوظ فى الطبيعة الواحدة ومجد اللاهوت. ليس الابن “الآب” لأن الآب واحد مع أن له ما للآب، وليس الروح القدس ابناً لأن الابن واحد مع أن الروح من الله؛ وله ما للابن. الثلاثة فى الله الواحد والله الواحد ثلاثة فى الخصائص . حتى لا تكون الوحدة سابيلية ولا التثليث له الوجه القبيح (الذى للأريوسيين والأنوميين).

Ibid, 5th Theological Oration (on the Holy Spirit), Article IX, p.320

 

7 ـ الاشتراك فى نفس الصفات التى للجوهر :

 

+ فإننا تعلمنا أن نؤمن ونُعلِّم عن ألوهية الابن من الكلمات السابقة العظيمة التى نطقوا بها وأى كلمات هذه؟ إن الله الكلمة كان فى البدء ومع البدء وكان هو البدء “فى البدء كان الكلمة، وكان الكلمة عند الله، وكان الكلمة الله” (يو1:1) و”معك كان البدء” “وهو الذى دعاها البداءة من أجيال” (أش41: 4). لهذا فإن الابن هو الابن الوحيد “الابن الوحيد الكائن فى حضن الآب هو خبَّر” (يو1: 18). الطريق والحق والحياة والنور “أنا هو الطريق والحق والحياة” “أنا هو نور العالم” الحكمة والقوة “المسيح حكمة الله وقوة الله” الفيض والرسم والختم “الذى هو بهاء مجده ورسم جوهره” * و”صورة صلاحه” و”الذى ختمه الله الآب”. الرب والملك والقادر على كل شئ “أنزل الرب ناراً من السماء” و”صولجان حقه هو صولجان ملكه” و”الكائن الذى كان والآتى أيضاً والقادر على كل شئ”. كلها قد قيلت بوضوح عن الابن مع كل القطع الأخرى التى بنفس القوة قيلت. لم يُضَفْ أى منها فيما بعد إلى الابن أو الروح القدس ولا كان أى منها فكراً لاحقاً ولا عن الآب نفسه. لأن كمالهم لم يتأثر بالإضافات. لم يوجد وقت أبداً لم يكن فيه بدون الكلمة أو متى لم يكن الآب أو متى لم يكن الحق أو غير حكيم أو غير قوى أو خالٍ من الحياة أو السؤدد أو الصلاح .

Ibid, 3rd Theological Oration, Article XVII, p. 307

+ إن الابن هو نموذح توضيحى مُركّز وتقديمه مُيَسّر لطبيعة الآب. لأن كل ما هو مولود هو كلمة صامتة لذلك الذى ولده.. “هو.. يدعى.. صورته لأنه من نفس جوهره ولأن الابن هو من الآب وليس الآب من الابن. لأن هذه هى طبيعة الصورة أن تكون نسخة من الأصل الذى تحمل اسمه وفى حالتنا هذه ما هو أكثر. لأن كل صورة هى إيماءة أقل تمثيلاً من التى أومئت بها ولكن فى حالتنا هذه هى نسخة حيَّة من (كائن) حى بل وأكثر شبهاً من شيث إلى آدم أو أى ابن إلى أبيه، لأن هكذا هى طبيعة الوجود لأنه ليس من الصواب أن نقول أنه يتشابه فى جزئية ولا يتشابه فى جزئية أخرى، ولكن هنا التماثل كامل ويجدر أن يقال عنه أنه تطابق بدلاً من تشابه. وبالأكثر من ذلك فهو يُدعَى النور حيث ينير النفوس ويطهرها بالكلمة والحياة لأنه إذا كان الجهل والخطية هى الظلام، والمعرفة والحياة حسب الله هو النور.ويسمى الحياة لأنه هو النور وهو المنشئ والقوة الخالقة لكل نفس عاقلة. لأن فيه نوجد ونحيا ونتحرك، حسب القوة المزدوجة التى للنسمة التى نُفِخَت فينا. لأننا جميعاً قد ألهمنا بالنفخة وكثير منا كانوا قادرين على ذلك وللآب نفتح أفواه عقولنا مع الله الروح القدس.

Ibid, 4th Theological Oration (2nd on the Son), Article XX, pp.316,317

 

 

8 ـ الروح القدس ينبثق من الآب :

+ هذه هى الأسماء العامة للاهوت ولكن الاسم المناسب لغير المنبوع هو الآب وللمولود بلا بداية هو الابن وللمنبثق غير المولود الروح القدس.

Ibid, 4th Theological Oration (2nd on the Son), Articles XIX, p.316

 

9 ـ أحادية الأصل الأبوى فى الثالوث الأقدس :

+ لماذا إذاً ليسا بالمثل غير منبوعين ماداما أيضاً أزليين؟ لأنهما منه وإن كانا ليسا لاحقين له. لأن غير المنبوع أزلى ولكن الأزلى ليس بالضرورة غير منبوع مادمنا نشير إلى الآب كأصل لهما. لذلك فبالنسبة للسبب هما ليسا غير منبوعين. ولكن من البيِّن أن السبب ليس بالضرورة سابق لنتيجته كالشمس مثلاً ليست سابقة لنورها.

Ibid, 3rd Theological Oration (on the Son), Article III, p.302

+ الآب هو الوالد والباثق

Ibid, 3rd Theological Oration (on the Son), Article II, p.301

 

 

10 ـ العطايا الإلهية هى من الآب من خلال الابن فى الروح القدس :

+ إنه هو (الروح القدس) العطية، والهبة، والإلهام، والوعد، والشفيع لنا، وبدون الدخول فى تفاصيل أكثر، فإن أى عبارات أخرى من هذا النوع، تُنسَب إلى السبب الأول (الآب) حتى يظهر (يتضح) ممن هو (الروح القدس)، وحتى لا يعترف الناس بثلاثة مصادر ( ثلاث آلهة مستقلة) على الطريقة الوثنية. لأن الخلط بين الأقانيم مع السابيليين (أتباع سابيليوس) يتساوى فى عدم التقوى مع تقسيم الطبائع مع الأريوسيين.

Ibid, 5th Theological Oration (on the Holy Spirit), Article XXX, p.328

 

+ “لأن فيه نحيا ونتحرك ونوجد” حسب القوة المزدوجة فى النفخة فينا، لأننا جميعاً نُلهَم بالنفخة، وكثيرون منا قادرون على ذلك وإلى الآن نفتح أفواه عقولنا لله والروح القدس .

Ibid, 4th Theological Oration (2nd on the Son), Article XX, p.317

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ترجمة النصوص لنيافة الأنبا بيشوى فى المؤتمر الثانى للدراسات الآبائية بالاشتراك مع جامعات أثينا وتسالونيكى المنعقد فى دير القديس الأنبا بيشوى بوادى النطرون

Posted in آبائيات, عقيدة مسيحية | Leave a Comment »

لا تلمسيني – للقديس اغسطينوس

Posted by mechristian في أوت 9, 2007

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا تلمسيني – للقديس اغسطينوس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

هوبلس

1 ـ اليوم قرأنا من بشارة القديس يوحنا عن موضوع قيامة السيد الرب. وقد سمعنا بأمور عن الانجيل, لم نسمعها في أي من البشائر الأخري.. فكما شرحت لمحبتكم مرارا عن الانجيل, فان البشائر الاربعة أجمعت علي ذكر أحداث معينة, وبعض الأحداث أُعلنت في ثلاث بشائر فقط وأخري في اثنتين بل وقد ينفرد أحدهم بذكر تفاصيل أخري. فالحقيقة ان البشارة بالحق هي الشئ الذي يجمع بين كل الانجيليين اذ ان جميعهم قد ارتووا من نفس الينبوع. وهكذا فيوحنا البشير هو الوحيد الذي ذكر في انجيله ما قد سمعناه الآن وهو قصة مريم المجدلية عندما رأت السيد الرب وقال لها :”لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد الي أبي” ( يو 20 : 17 ) . ففي هذا الصدد اذن يجب أن أكلم قداستكم. فاذ قد رأت النسوة الأكفان في القبر اعتقدن أن أحدا قد أخذ جسده وليس أن الرب قد قام … والكلمات الآتية تدل علي ذلك, فما سمعناه مكتوب كالآتي “لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي ان يقوم من الأموات” ( يو 20 : 8 , 9 ). لقد صدقن ما كان بالعيان وليس بالايمان.2

ـ والأكثر من ذلك, فما يمكن أن يُحير عقل القارئ والمستمع اليقظ والمدقق هو فهم العبارة القائلة: “لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد الي أبي” ( يو 20 : 17 ) فلنفكر في هذا بمعونة الرب. في الحقيقة ان مغزي هذه الآية صعب . فمتي صعد الابن الي الآب؟ في اليوم الأربعين من بعد قيامته كما ذكر سفر أعمال الرسل, هذا اليوم الذي سنحتفل به قريبا تكريما للرب, حين صعد الي الآب, وتابعته أنظار الرسل الذين لمسوه بايديهم قبلا, ثم قال الملاك لهم “أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الي السماء؟ أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الي السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا الي السماء” ( أع 1 : 11 ). فان كان قد صعد الي السماء آنذاك ( فيما بعد لقائه مع مريم ) فماذا تكون الاجابة يا أخوتي ؟ أما كانت مريم قادرة أن تلمسه حينما كان واقفا أمامها هنا علي الأرض بينما تستطيع ذلك وهو جالس في السموات ؟! فاذا لم تستطع أن تلمسه علي الأرض فكم بالحري سيكون ذلك صعبا عليها في السموات ؟ فما هو معني هذه الكلمات : “لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد الي أبي” ؟ . في الواقع هذه الكلمات تبدو لي كأنه يقول: “المسيني عندما أكون قد صعدت, ولا تلمسيني قبلما أصعد”. يارب! ألا ألمسك وأنت هنا, وألمسك بعد أن تكون قد صعدت؟! بالاضافة الي ذلك, اذا كان المسيح قد امتنع عن التلامس مع البشر قبل صعوده الي الآب فكيف ظهر لتلاميذه لا ليروه فقط بل ليجسوه ايضا اذ قال : “ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم؟ انظروا يدي ورجلي اني أنا هو, جسوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون” ( لو 24 : 38 , 39 ) . بالاضافة الي ذلك فتوما , التلميذ الذي يشك, حين لمس جنب المسيح المطعون وقال “ربي والهي!” ( يو 20 : 29 ) لم يكن يسوع قد صعد بعد الي الآب. قد يقول شخص ما تنقصه الحكمة : ” كان يمكن للرجال أن يلمسوه قبل أن يصعد الي الآب ولكن لم يكن للنساء أن يلمسوه الا بعد صعوده الي الآب”. هذا فكر سخيف ورأي ملتوي. ففي كلمة واحدة, لتسمع الكنيسة ما قد سمعته مريم, فليسمع الجميع وليفهم الجميع, ليفعل الجميع ذلك. فما معني “لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد الي أبي” ؟ معناه : ألأنك تريني فأنت تعتقدين أنني مجرد انسان ولا تعلمين أنني مساو للآب؟ لا تلمسيني بهذا الفكر, لا تظني أنني مجرد انسان بل افهمي أن الكلمة مساو للآب. اذن ما معني: “لا تلمسيني” ؟ معناه: “لا تؤمني بما ترينني عليه فقط”. أنني سأعد الي أبي, حينئذ المسيني. فبالنسبة لك ان صعودي الي الآب يتم عندما تفهمين أنني مساو للآب. فطالما أنك تظنيني أقل من الآب فأنا لم أصعد بعد بالنسبة لك.

3 ـ علاوة علي ذلك, فأنا اعتقد أننا بواسطة المرأة التي لمست هدب ثوب المسيح وشُفيت, نستطيع أن نفهم بسهولة أن التلامس هو الايمان. فكما تذكرون في الانجيل: ان الرب يسوع المسيح ذهب لزيارة ابنة رئيس المجمع التي قيل عنها اولا انها مريضة وبعد ذلك ماتت. وفيما هو ذاهب رأي امرأة آتية من احدي الأزقة, وكانت قد صرفت كل معيشتها للأطباء حتي تشفي, اذ كانت تعاني من نزيف منذ اثني عشر عاما, وصف لها الأطباء العلاج دون جدوي. فقالت في نفسها: “ان لمست هدب ثوبه فقط شفيت” . فقولها مثل تلك العبارة كان بمثابة الملامسة الفعلية. واختصارا للموضوع لنسمع حكم الرب ( انظر لو 8 : 45 , 48 ) . فحينما شفيت بسبب ايمانها قال الرب يسوع المسيح: “من الذي لمسني؟” وقال له التلاميذ: “الجموع يزحمونك وتقول من الذي لمسني؟” ولكنه أجاب قائلا “قد لمسني واحد لأني علمت أن قوة قد خرجت مني” فقد خرجت منه النعمة الالهية فشُفيت المرأة ولكن دون أن ينقص الرب شيئا. لذلك قال له التلاميذ: “يا معلم الجموع يضيقون عليك فهل علمت من هو ذاك الرجل أو تلك المرأة؟” فقال يسوع “احد قد لمسني”, فما معني “أحد قد لمسني, الباقون يضيقون علي ولكن واحد لمسني”, فما معني “هم يضيقون, ولكن واحد لمس”؟ فلا يزال اليهود يتصارعون أما الكنيسة فقد آمنت.

4 ـ وبناء علي هذا التفسير نري أن المرأة تلامست أي آمنت, فنفس التفسير قد قيل لمريم المجدلية: “لا تلمسيني: اني سأصعد فحينئذ المسيني”. فالمسيني حينما تفهمين معني “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله” ( يو 1 : 1 ) فبالفعل “الكلمة صار جسدا” ( يو 1 : 14 ) ولكن لم يزل الكلمة نقيا, بلا عيب, غير متغير وغير ملموس. ولكن لأنك لا ترين سوي انسانا فانك لا ترين الكلمة. فأنا أريدك أن تؤمني ببشريته ولا تتجاهلين الكلمة. ليكن المسيح ظاهرا بكامله لك لأنه بصفته الكلمة فهو مساو للآب. ولذلك قال “لا تلمسيني الآن لأنك لا تعلمين بعد من أنا”. اذن فلتسمع الكنيسة التي ترمز لها مريم, ما قالته مريم. فكلنا نتلامس مع المسيح ان كنا نؤمن أنه قد صعد الي الآب وهو جالس عن يمين الآب. فالكنيسة اليوم بأسرها تعترف بهذا اذ تقول “وصعد الي السموات وجلس عن يمين أبيه” (من نص قانون الايمان). فالذين يعتمدون يسمعون هذا الكلام ويؤمنون به قبل أن يعتمدوا. ولذلك عندما يؤمنون فمريم (أي الكنيسة) تتلامس مع المسيح. فالفهم غامض ولكنه سليم أي انه مغلق لغير المؤمنين ولكنه مفتوح لمن يقرع علي الباب بايمان. فالرب يسوع المسيح هناك وهو أيضا هنا معنا, هو مع الآب وأيضا فينا. هو لا يترك الآب ولا يتركنا نحن أيضا. وكالرب يعلمنا كيف نصلي وكالابن ينصت الينا مع الآب.

Posted in آبائيات, عقيدة مسيحية | Leave a Comment »

صورة الله ومثاله- غريغوريوس النيسي

Posted by mechristian في أوت 9, 2007

 

+
+ خلق الانسان علي صورة الله ومثاله +
+ القديس غريغوريوس النيسي +

هوبلس

المقدمة :

•·         تمت الترجمة عن النص اليوناني EP E المجلد العاشر الصفحات من 109 الي 139

•·         قام بالترجمة المباشرة عن اليونانية الدكتور سعيد حكيم

•·         قام بالمراجعة الدكتور نصحي عبد الشهيد

•·         قام بطباعة النسخة العربية مؤسسة القديس انطونيوس المركز الارثوذكسي للدراسات الآبائية ( نصوص آبائية 103 )

•·         سيقوم بنعمة الفادي خادمكم آخر الكل hopeless_refugee بتحويل الترجمة الي مادة رقمية ( سأوالي نشره علي أجزاء )

•·         صلوا من أجل اتمام العمل ليستخدمه الله لمجد اسم كنيسته لينال الجميع بركته

تتكون العظة من خمس أجزاء :

1 ــ معني الصورة والمثال

2 ــ افهم ذاتك لتفهم الله

3 ــ طبيعة النفس العاقلة

4 ــ خلق الانسان وادراك سر الثالوث

5 ــ الانتقال من الأصل الي الصورة

1- معني الصورة والمثال :

لا توجد طريقة أخري أمام الذين يرغبون في فهم جمال وجوههم المخلوقة من الله بشكل جيد , والتي بها يتطلعون الي صورتهم , سوي مرآة نقية جدا , يتلامسون فيها مع صورة وجوههم , ويرون فيها بوضوح شكلا يعكس ايقونتهم التي تشبههم تماما , ونحن اذ ننظر بالتدقيق كما في مرآة الي الأشعة الالهية التي للشمس العقلية , ندرك بكل وضوح الملامح العامة والشكل والصورة التي لطبيعتنا “بحسب الصورة والمثال” لأنه بالحقيقة , علي الأقل كما أتصور أنا , أن خلق الانسان هو شئ مرهوب ويصعب تفسيره ويحمل داخله الكثير من أسرار الله الخفية. وتماما كما أن الطبيعة العين تدرك بسهولة تلك الأشياء التي توجد خارجها, الا أنها لا يمكنها أن تدرك ذاتها, هكذا بالنسبة لعين الذهن الانسانية , فان مسألة خلقتنا هو أمر يصعب رؤيته ويصعب ادراكه.

الحقيقة ان الخالق بعدما أتم خلق العالم العاقل للقوات غير المرئية , ثم خلق العالم المادي المرئي قال عندئذ ” ونعمل الانسان علي صورتنا كشبهنا” ( تك 1 : 26 ), لقد خلق الله حينئذ كائنا حيا , كما من عالم مختلط يتشكل من أمرين , فهو مكون من نفس غير جسدانية وغير ائتة وغير فاسدة , ومن جسد مادي ومرئي من أربعة عناصر , وبعد أن تم ذلك , يقول الكتاب أيضا ” فخلق الله الانسان علي صورته” ( تك 1 : 27 ) . وعندما يقول ان الله خلق فهو يقصد الآب والابن والروح القدس.

لقد عبر المفسرون فيما يتعلق بهذا الموضوع عن آراء كثيرة ومختلفة , قال البعض : ان عبارة “بحسب الصورة والمثال” تشير الي قدرة الانسان علي أن يسود وأن يتسلط , وقد اعتبر البعض أن هذا يتعلق بالنفس العاقلة غير المرئية , والبعض الآخر يربطه بالانسان غير الفاسد وغير الخاطئ عندما خُلق آدم , والبعض اعتبر ان “بحسب الصورة والمثال” يمثل نبؤة عن المعمودية وآخر الكل كما للسقط , بدا لي انا أيضا أنه أمر حسن أن أعبر عن بعض الأفكار التي تخص هذا الموضوع , وقبل كل شئ رأيت أنه من الأهمية بمكان أن نفحص هذا الأمر بالتساؤل عن : لماذا لم ينسب الله عبارة “بحسب الصورة والمثال” للكائنات العاقلة غير المرئية وللسمائيين والملائكة الذين هم بالقرب منه ؟ لأن هؤلاء هم بالحقيقة أكثر قدرة من الانسان ولديهم القوة أن يسودوا ويتسلطوا علي الأرض كلها وعلي الانسان نفسه . وعلي نفس السياق فان غير الفاني , وغير المرئي , والطاهر أو النقي, وكل ما يمكن أن تمتدحه في آدم , يوجد وبدرجة فائقة بين الصفوف السمائية غير الجسدانية.

اذا يشار بعبارة “بحسب الصورة والمثال” الي شئ عميق , وبمعني أن الانسان ليس لديه صورة واحدة ومثالا واحد لله , بل لديه صورة ثانية وثالثة , ومثالا ثانيا وثالثا , كما لو كانت هناك مرآة عاكسة لملامح شكلية , ومن المؤكد أنها ليست صورة طبيعية أو جوهرية لسر الأقانيم الالهية الثلاثة. وليس هذا فقط بل انها تعطي مثالا واضحا لتأنس الأقنوم الثاني في الثالوث القدوس , الله الكلمة . ولكن من الأفضل أن نرجع الي بداية الأمر ونبحث أولا , تري لماذا لم يخلق الله أجدادنا الأوائل أقصد آدم وحواء والابن الذي أنجباه بنفس الطريقة التي بها خلق الكائنات العاقلة , أي الملائكة , ليكونوا مساويين الكائنات الروحية ؟ فالله قد أحضر آدم الي الوجود بدون انسان , بدون أب وولادة , بينما الانسان الثاني بعده , اي ابنه , أحضره الي الوجود بالولادة , أيضا حواء قد أتت الي الوجود , لا بالولادة ولا بسبب الانسان بل أتت بانبثاق غير موصوف , من آدم بدون ولادة. تري هل حدثت هذه البدايات الثلاث للمخلوقات الأولي ( آدم ــ حواء ــ الابن ) , الكيانات المتساوية في الجوهر , كما يتصور ميثوديوس لكي تعطي صورة شكلية وليست جوهرية للثالوث القدوس الواحد في الجوهر ؟ فآدم الذي أتي بدون أن تكون هناك علة لوجوده ولا بولادة هو نموذج وصورة الله الآب ضابط الكل الذي لا توجد علة سابقة لوجوده , بل هو علة كل الموجودات . الابن أيضا الذي ولد من آدم وحواء , يرسم صورة للابن كلمة الله المولود . وحواء التي أتت من الانبثاق , ترمز الي انبثاق أقنوم الروح القدس. ولهذا لم ينفخ الله فيها نسمة حياة , لانها هي نموذج لنسمة الحياة التي للروح القدس لانه بواسطة الروح القدس صار لها أن تستقبل الله في حياتها والذي هو النسمة الحقيقية وحياة الجميع .

هكذا نستطيع أن نري ونندهش أن آدم غير المولود , ليس له شبيه بين البشر , فهو غير مولود , وهكذا الحال بالنسبة لحواء المنبثقة , حتي أنهما يشكلان مثالين حقيقيين للآب غير المولود والروح القدس المنبثق . أما الابن الذي أنجباه فهو شبيه بكل البشر , الذين هم أبناء وأتوا من ولادة فهم أخوة له ومساويين له . وهذا الابن يشكل صورة ومثالا ونموذجا للمسيح , الابن المولود , الذي صار بكرا بين أخوة كثيرين ( رو 8 : 29 ) بدون وساطة رجل . فلو أن الأمر ليس هكذا , وأن عبارة “بحسب الصورة” لم تُفهم وفقا لهذا الشرح , فلماذا لم يصبح أجدادنا الأوائل اثنين أو أكثر من ثلاث كيانات , ولماذا هم مختلفون في الصفات الخاصة بكياناتهم وأقصد غير المولود , المولود , والمنبثق , بل هم فقط ثلاث كيانات أو أقانيم ؟ وبناء علي ذلك فان تعبير “بحسب الصورة والمثال” يتخذ شكل صورة الثالوث , ثلاثة أقانيم في وحدة , وبالتالي ينبغي أن تفهم الآن أيضا , معني الوحدة في ثالوث .

2ــ افهم ذاتك لتفهم الله :

ولكن كيف يمكنك أن تميز بشكل صحيح. اسمع أحد الحكماء الذي ينصحك ويقول لك “ان أردت أن تفهم الله, ينبغي أولا أن تفهم ذاتك, من خلال تكوينك, من خلال خلقتك, من خلال عالمك الداخلي, انسحب وادخل الي داخل نفسك, انظر داخل نفسك كما في مرآة, ميز خلقتها, وستري أنك مخلوق علي صورة الله ومثاله”. ان جوهر نفسك العاقل وغير المائت هو أمر مجهول الاسم وغير معروف, وهو مخلوق بحسب صورة ومثال الله غير المدرك وغير المائت. لأنه لا يوجد أي انسان من الذين ولدوا عبر العصور, قد أدرك الجوهر العاقل لله أو للنفس. النفس تعطي حياة, تؤلف وترعي طبيعة الجسد رباعية التركيب, صورة الله, ذاك الذي يتعهد خليقته المكونة هنا من أربعة عناصر والتي هي سمائية أيضا. ولهذا فأننا لا نستطيع أن نعرف حتي المكان الذي يسكن فيه الله, لكننا نؤمن فقط أنه موجود في كل مكان. ولا نعرف أيضا المكان الذي تسكن فيه النفس في الجسد, نعرف فقط أن النفس توجد وتعمل في كل الجسد.

النفس أيضا تملك شيئا آخر باعتبارها صورة الله, وأعني أن جوهرها مختلف عن طبيعة الكون كله. والأكثر غرابة من كل شئ, والتي تحمله خلقتنا علي صورة الله, أنه لا جوهر النفس, كما أن ماهيتها والكيفية التي بها تأتي الي الوجود, تعد أمورا لا يمكن للذهن الانساني أن يفهمها. ولهذا فكل من ادعوا خطئا أنهم قد فهموا, فهؤلاء قد تعثروا جدا. لقد قال البعض ان النفوس تأتي الي الأجساد من السماء, وآخرون يرون أن النفوس تأتي الي الوجود اذ ان الله يخلقها مع الجسد. البعض قال أيضا بأن الانسان الذي خُلق علي صورة الخالق, أصبح سببا لولادة الجسد والنفس في ذات الوقت. البعض يدعون أن النفس تولد من خلال التعاون المشترك للطرفين, الرجل والمرأة, كما يحدث عند احتكاك الحديد والحجر, فان هذا الاحتكاك يولد الشعلة. البعض أيضا يعلم بأنه في اللحظة ذاتها التي يُحمل فيها بالجسد تأخذ النفس وجودا. البعض الآخر يرجح أن اليوم الأربعين من الحمل هو اليوم الذي يؤتي فيه بالنفس كما يتصورون, باعتبار أن ذلك يعتبر قانون لهذا التكوين. ويتخيل البعض الآخر أن النفس هي واحدة في الجوهر مع الملائكة, وآخرون قالوا انها أقل من الملائكة, بينما يري غيرهم أنها تهيم في الهواء, والبعض قال انها تتحرك في الكون كحقيقة الهية. ومن أجل هذا, علي الرغم من أنها تتحد بالجسد, وهي مخلوقة علي صورة الله, وتُحيي الجسد, الا أنها تبقي خارج تأثير الشهوات الجسدية وأضرار الجسد المختلفة, ولا نستطيع ان نراها, ولا أن نفهم طبيعتها ونوعها وهيكلها وشكلها ونوعيتها وكمها وجودها ومما تتألف وجمالها.

ولذلك يقول ميثوديوس في وليمته ان النفس لها جمال فائق لا يوصف, ولهذا السبب يبدو أن الأرواح المشادة تحسدها, لأنها أخذت شكا أسمي من الكائنات العاقلة ذاتها. أما عدم الفهم وعدم الوضوح والغموض الخاص بالنفس لا يشار اليه الا لأنها تعتبر بالحقيقة, وعلي سبيل الحصر, صورة فقط لله غير المدرك. ولهذا ولأننا نجهل كل الأمور الخاصة بها, فاننا نتحقق ونتأكد من وجودها من خلال أعمالها فق داخل الجسد. مثلما نتأكد من وجود الله من خلال أعماله داخل الكون المرئي. لنأت الي النقطة الأساسية لموضوع الخلق”بحسب الصورة والمثال”, لكي نُبين, كما وعدنا, فرادة الثالوث الالهي.

وما هي النقطة الأساسية ؟ من الواضح أنها النفس أيضا, وكلمتها العاقلة, التي دعاها الرسول بولس, روحا, عندما يعطينا وصية أن نكون مقدسين في النفس والجسد والروح. النفس أيضا غير مولودة ولا علة لها, وهي مثال لله الآب غير المولود والذي لا يوجد علة لوجوده. الا أن كلمة النفس العاقلة ليست بدون ولادة, بل تولد من النفس بطريقة لا يعبر عنها وغير منظورة ولا تُفسر, وليست لها علاقة بالألم أو الشهوة. بينما الفكر له علة أو سبب وهو ليس بدون ولادة, ولكنه ينبثق, يدرك كل شئ ويفحص كل شئ ويتلامس معه بشكل غير مرئي, علي مثال الروح كلي القداسة, والذي ينبثق أيضا والذي قيل عنه “الروح يفحص كل شئ حتي أعماق الله”( 1 كو 2 : 10 ) . النفس حين توجد داخل الجسد فهي لا تعتبر منبثقة, لأنها اذا كانت منبثقة, لكنا قد متنا كل ساعة. وكلمتنا لا توجد بدون ولادة, لأنه اذا حدث عكس ذلك سنكون مثل الحيوانات غير العاقلة. والأكثر دهشة من هذه الأمور أننا لدينا نفسا بسيطة, وعقلا واحد غير مركب, أما كلمتنا فهي مزدوجة في ذاتها ومحفوظة كواحدة غير منقسمة. فالكلمة تولد داخل القلب ولادة غير مدركة, غير متجسدة, وتبقي مجهولة داخلنا. وبعد ذلك تولد ولادة جسدية من خلال الشفاه, وحينئذ تصير معروفة للجميع. ولكنها لا تنفصل عن النفس التي ولدتها, حتي أننا ندرك بكل وضوح الميلادين اللذين لكلمة الله من خلال الميلادين الذي لكلمتنا “بحسب الصورة والمثال”

حقا لقد ولد من الآب قبل كل الدهور, بصورة غير مرئية, لا تُشرح وغير مدركة. وكان غير معروف, كما لو كان داخل الآب الي أن ولد جسديا من العذراء القديسة بدون فساد, بدون رجل, وظهر الي العالم, دون أن ينفصل عن جوهر الآب الذي ولده. وبناء علي ذلك تري أن فرادة جوهر نفوسنا غير المائتة والعاقلة تحمل صورة لها ثلاث خواص أقنومية, عدم ولادة النفس, ولادة الكلمة, وانبثاق الروح, أي الفكر. وأتشجع وأتجرأ بأن أقول انه بحسب هذه النظرية الثالوثية غير المرئية للنفس, قال الرسول بولس ان الانسان خلق بحسب صورة الله غير المرئي. فان لم يكن هذا حقيقيا, فلماذا لم تُخلق النفس اذا من الله ولها قسمان أو أربعة أقسام, بل لها ثلاثة أقسام فقط, والتي لا تختلط فيما بينها وفقا لصورة الثالوث القدوس المحيي الواحد في الجوهر, حتي أنه لو كان مسموحا أن أقول ان داخل الانسان وبالأحري الانسان البار يسكن, بصورة شكلية وليس جوهريا, كل ملء الألوهة التي تحدد بصورة غير مُعلنة الله الثالوث؟ ولهذا فان حكماء العالم قد حددوا, من منظور آخر, أن النفس تتكون من ثلاثة أقسام, مُعلمين كيف أنها تحمل الرغبة, الفكر, الاحساس, حتي أنه عندما تتحد الرغبة في محبة الله بالفكر يمكن أن تستقبل في داخلها المعرفة والحكمة التي تأتي من الله, وباحساسها تقاوم الأرواح الشريرة الخبيثة, مُبينين أيضا من خلال هذه الأمور الثلاث, معني “بحسب صورة الله”. لأن الثالوث يحكم ويضبط ثلاثة أقسام بثلاثة طرق أي السماويات, والأرضيات, وما تحت الأرض, من خلال قدرته الخالقة, وعنايته, وسلطانه العادل. وكل ما يعمله الله, فانه يعمله وفقا لاحدي هذه الطرق الثلاث, اما أنه يخلق, أو يعتني, أو يُهذب. وصورة الله الخالق هي في الرغبة. لأن الرغبة تقود الي العمل, أما عنايته فرمزها في القوة الفكرية للنفس. الاحساس أيضا هو مطابق للتهذيب. وربما الخاصية المميزة للنفس هي في الرغبة. لأن الأطفال حتي قبل أن يتكلموا, باعتبارهم نفوس, نجدهم يشتهون علي الفور أن يرضعوا وأن يناموا. أيضا القدرة الفكرية من الواضح أنها خاصية العقل, بينما الاحساس يرافق العقل, وكل من يغضب بالمخالفة للطبيعة يثير فيه اضطرابا.

– طبيعة النفس العاقلة :

اذا فان أراد أحد أن يعرف كيف خُلق الانسان بحسب “صورة الله ومثاله”, فليأت الي هذه الأمور غير المطروقة, والمعاني المشابهة لها, وليبحث في تكوين طبيعة نفسه العاقلة. وليكن هدفه أن يعرف أقسامها بالتدقيق, وأقسام أقسامها, كلماتها, طرقها, وحداتها, تميزاتها, تفردها, وحدتها, ثالوثيتها, كيف أنها واحدة وتعتبر ثلاثة أقسام, وحدة في ثلاثة, بحسب صورة الله ومثاله, ويُعترف بها كثلاثة أقسام في وحدة. وأنها من المؤكد واحدة في الجوهر, لكن ليست واحدة من جهة أقسامها الثلاثة, وذاك الذي قال “أصلي بالروح وأصلي بالذهن أيضا. أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضا”( ا كو 14 : 15) قد جعل هذا الأمر واضحا جليا. أيضا بعض الناس يكلموننا بشكل واضح جدا عن هذا الثالوث الذي يُستعلن فينا ويُعطي مثالا لصورة الله, وهؤلاء تكون لهم نفس. ولكنهم يكونون ـ بسبب ما ـ بلا عقل ولا كلمة. أيضا البعض ممن يحملون نفسا وكلمة, قد تجدهم فقراء في العقل تماما. أيضا البعض لديهم عقلا ونفسا, ولكنهم محرومين من الكلمة. ولهذا فان الرضيع, الذي يولد من داخل جو مظلم, ويأتي الي النور, يُظهر علي الفور أنه يحمل نفسا هي مثال لله الآب والتي لها قوة عاقلة, تحمل أيضا داخلها الكلمة والعقل. الآن يتقدم هذا الرضيع, حي ينمو الجسد ويكتمل, فيظهر الكلام بعد ذلك, والكلام لا يظهر بشكل كامل ومفاجئ, بل أنه يتلعثم أولا, مُعلنا عن حضور ذهني, عندما ينمو الرضيع ويظهر كرجل كامل, وهذا يشير الي الكلمة حين تجسد

لكن فيما تساهم هذه الأمور بالنسبة للبحث الذي نباشره عن خلق الانسان؟ بالطبع يمكن أن تساهم جدا, آه أيها الانسان, اننا بهذه الأمور نعرف طريقة استعلان الله وظهوره في العالم, عندما أخذ جسدا هكذا أدركت طبيعتنا سر الثالوث حينما استعلن في الحين المناسب. حقا لقد حُمل بالانسان من بذرة الشرير, كما لو كان في بطن الخداع, جالسا في الظلمات وفي ظلال الموت. ثم تقدم بعد ذلك في نور المعرفة الالهية, في البداية كطفل, تعهده الناموس, اذ أنه يحمل نفسا, مدركا أن الله الآب يحتوي الكلمة كأقنوم, والروح القدس أيضا, كما هو الوضع بالنسبة للنفس. ولأن الانسان بسبب ضعفه الشديد وطفولته المعرفية, لم يكن قادرا علي اظهار الكلمة والفكر, ولكي لا ينزلق الي عبادة الآلهة المتعددة, فان طبيعتنا المادية أو العالمية قد اكتسبت بمرور الزمن حكمة, مثلما يحدث مع الطفل الذي يكبر, كما لو كان قد تعلم من نفس ما أن تكون له معرفة عن الله الآب ولكنها معرفة غير مُعلنة, مثلما يحدث في البداية من تلعثم غير واضح في الكلام, ثم يكتسب خبرة من خلال التعاليم النبوية, ثم ادراك ومعرفة كلمة الآب كأقنوم.

وبعد هذه الأمور المتلعثمة, وأقصد التعبيرات الموسوية والنبوية التي تحمل ألغازا, وبعدما خرج كلمة الله بصوت مسموع وناطق من الأحشاء البتولية, كما تخرج الكلمة من الشفاه, ستعرف طبيعتنا الانسانية ككل كمالها الثالوثي بعد أن تكون قد اجتازت هذا التلعثم, من خلال الكلمة, طالما أنها قد قبلت الروح القدس واستنارت ذهنيا, والذي لم يجعل انتقاله وسكناه في هؤلاء من الخارج, لكنه استعلن فيها, من خلال تلك الأمور التي هي في داخلها, أي النفس والكلمة, مقابل الآب والابن, فتلد النفس كلمتها الأقنومية, ليس كمخلوقة, ولا كشئ مُغاير, ولا كجنس مختلف, بل بشكل أساسي هو وجود شخصي فطري يحمل طبيعة مشتركة. مظهرا الطبائع المشتركة في ارتباطها بروح الذهن, كما لو كانت تشكل جسدا واحدا. وبالاضافة الي هذه العناصر فان النفس غير الجسدانية تُغرس فيها أعضائها غير الجسدانية, كما لو كانت هذه الأعضاء نماذج توصف وتُصاغ وتتجمع معا, تلك التي هي فوق كل شكل وهيئة, وهي تحمل روح الذهن كنسمة لجسدها, وكحياة لها, وتملك الكلمة كرفيق لها. فاذا حُرمت النفس من كل هذه الأمور, فلن يكون من الممكن أن توجد ولا أن يُعترف بها كنفس ناطقة وعاقلة, تلك التي خُلقت بحسب صورة الله ومثاله. ومن خلال هذه العناصر الموجودة داخل النفس ستعلم وتعترف أن الآب, والابن, لم يكونا كائنين قبل الروح القدس. فكما في حالة النفس العاقلة, توجد الكلمة داخلها في نفس الوقت, ويوجد داخلها الروح الذي يُحييها ويُجمعها ويُكملها, هكذا فان الله الكلمة هو كائن مع الآب, وفي نفس الوقت الروح القدس كائن مع الابن ومع الآب. أما ان فصلت وعزلت الكلمة عن النفس, فان نفسك ستبقي بدون كلمة. هكذا ستعرف من خلال حقيقة الخلق علي صورة الله, أنك لو رفضت الله الكلمة, قائلا انه غير كائن مع الله الآب, فانك تكرز حينئذ بأن الله هو غير عاقل وشبيه بالحيوانات غير العاقلة. ولو أنك فصلت الروح عن الله, فانك تتحدث عن من هو ميت وليس عن اله حي. لذلك لو أنك أردت أن تجد فلسفة لعبارة “بحسب الصورة والمثال” فينبغي أن تفلسفها هكذا, وليس من قبل الأمور التي هي خارجك, بل من تلك التي هي داخلك. أن تعرف الله غير المعروف, من خلال الثالوث الذي في داخلك, اقتن معرفة للثالوث من خلال الأشياء الموجودة حقا. هذه الشهادة هي شهادة مؤكدة وجديرة بثقة أكثر من أي شهادة أخري للناموس وللكتاب.

4ـ خلق الانسان وادراك سر الثالوث :

حقيقة أنه لهذا السبب فقط خلق الله مثل هذا الكائن الحي ( أي الانسان ). لأنه كان يرغب أن يعلن للعالم سر الثالوث القدوس غير المدرك, لكي تحمل داخلك أنت يا من خُلقت بحسب صورة الله ومثاله, الصورة والمثال والنماذج والأمثلة التي توضح سر الثالوث, حين تتطلع في صورة نفسك المخلوقة. لا تُعبر بالتساؤل الساخر, ان كان الله ثالوث, فكيف يكون واحدا؟ وان كان الكلمة هو ابن, فكيف يمكن أن يكون المولود موجودا منذ البدء مع والده؟ وان كان الروح يأتي من الآب, فلماذا لم يولد, لكنه ينبثق؟ أو من هو الذي أحضره الآب الي النور أولا؟ الابن أم الروح القدس؟ فان كان الاثنان معا في نفس الوقت, فهل يوجد يا تري داخل الثالوث الهان أخوة, وولادة تؤأم؟ وكيف ستُميز الفرق بين الولادة والانبثاق في الكائنات غير الجسدانية, والغير متحركة والثابتة وكيف يكون ممكنا أن يكون للوالد والمولود نفس المجد؟ وهل الآب يا تُري ولد بارادته أم لا؟ ومن يشهد علي أن الآب والابن والروح القدس هم جوهر واحد؟ وان كان الله الآب هو أقنوم كامل. وان كان الله الكلمة هو أقنوم كامل, والروح القدس اله كامل, فمن لا يقول ان عقل الله هو اقنوم الهي آخر لله, واله آخر هو ذراع الله, وأقنوم آخر هو اصبع الله, وكذلك يمين الله, وكل الأمور الأخري التي يُقال عنها انها أعضاء الله في الكتاب المقدس؟

اذا فلكي لا تتكلم ولا تفكر في هذه الأمور, التي تعثر فيها الهراطقة, وسقطوا بتفكيرهم, فان الله خلقك بحسب صورة ومثال وجوده الثالوثي, لتكون نموذجا يحمل الشكل الثالوثي, والذي يُعرف أنه واحد في الجوهر. وان كانت لك رؤية مستقيمة, فستجد في هذا الثالوث, وبحق, كل ما يختص بالتعاليم التقوية عن الله, كما في مرآة, وكنموذج أو شكل ( للثالوث القدوس ). وأقصد أن الأقانيم ثلاثة, والجوهر واحد غير منقسم, وغير مُدرك, وهو الذي لا هيئة له, الذي لا يُشار اليه, غير المولود, المولود, المنبثق, الخالق, الراعي, الديان, غير المحسوس, غير الجسدي, الأبدي, غير المتجزئ, غر المائت, الذي لا يُعبر عنه, الفائق الجمال, وبعبارة واحدة ستجد كل ما يقال بتقوي عن النماذج والصور الالهية كظلال مرسومة داخل نفسك, ولهذا قال الله ” لنخلق الانسان علي صورتنا كشبهنا”.

5 ـ الانتقال من الأصل الي الصورة :

ومع هذا فان هذه الأمور لم يفهمها الهراطقة غير المؤمنين في عصرنا ولا فكروا فيها, لأنهم لو فهموا بشكل صحيح عبارة “بحسب الصورة والمثال” كملمح للانسان, ما كانوا ليتذبذبوا في سر الثالوث, ما كانوا ليُخضعوا الفائق للطبيعة لأفكارهم. ما كانوا لينشروا ادعائهم المظلم, بأنه لا يمكن أن يكون الله ثلاثة أقانيم. فلو أن آريوس قد فهم الخلق “بحسب الصورة”, ما كان له أن يُعلم بأن الابن هو من جوهر مختلف عن الآب. لو أن مقدونيوس تعرض بتقوي لموضوع الخلق “بحسب الصورة” ما كان له أن يصف الروح القدس بأنه مخلوق. لكنهم أصيبوا بالعمي وعانوا ما عاناه أولئك الذين بينما كانوا يمتلكون الجوهرة في أعماقهم, لم يعرفوها, وبحثوا عنها في الهاوية وهذا بسبب أنهم مخدوعون. لاحظ اذا أن النفس هي “بحسب صورة الله” من حيث الشكل وليست بمساواة طبيعية. كيف صار هذا؟ سأشرح علي الفور ما أقوله بوضوح. نحن نؤمن أن الله الآب غير محدود, وينطبق نفس الشئ علي الابن وعلي الروح القدس, ولهذا فهم كأقانيم غير محدودين, يحملون أسماء, يُعلن فيها الواحد عن الآخر, كما يوجد بينهم ترابط مشترك بمعني أنه عندما يُذكر اسم الآب فمن الواضح أنه يُعلن عن وجود ابن له. كيف يكون ممكنا أن يدعي ابا, ان لم يكن له ابن؟ نفس الشئ عندما يقول روح, فهو يعلن عن الله, لأن الله روح كما يقول الكتاب.

فلنأت بعد ذلك من هذا الثالوث القدوس الي صورته, اي الي الثالوث الذي يوجد داخلنا, وستري الاسماء الثلاثة, حيث يحوي الواحد الآخر وهم متحدين. بمعني أنك عندما تُشير الي النفس الناطقة العاقلة, فمن الواضح أنك تُعلن عن الكلمة والعقل. نفس الشئ اذا ذكرت كلمة عقل, فانك تعلن بكل الطرق عن النفس والكلمة. لأنه بأي شئ يتعلق الذهن, ان لم يكن بالنفس والكلمة؟ وهكذا فان اسم أحد الأقانيم يستدعي حتما الاشارة الي الأقنوم الآخر, فهناك ترابط قوي يجمع أسماء الأقانيم معا. يتضح من ذلك أن الأقانيم تحمل نفس الطاقة والجوهر المشترك غير المنقسم, بمعني أن طاقة الله الآب والابن والروح القدس هي واحدة ومتساوية, والقوة واحدة, والارادة واحدة, والرأي واحد. فان الابن غير منفصل عن الآب في كل ما يعمل وهو عامل معه, وأيضا في كل ما يفعل الابن أو الروح القدس فان الآب يعمل معهما في كل الأحوال بشكل غير منفصل. فلا الابن يفعل شيئا بالانفصال عن الآب, ولا الآب بالانفصال عن الابن والروح القدس, بل ولا الروح القدس أيضا يفعل شيئا بدون الابن والآب.

وعندما ننتقل من الأصل الي الصورة, الي صورة نفوسنا التي هي مخلوقة “بحسب صورة الله ومثاله” ستري فينا أن الفعل هو واحد ومتساوي. لأن النفس لا تفعل شيئا بدون الكلمة, ولا الكلمة بدون النفس, ولا أيضا العقل يفعل شيئا وحده بدون النفس وبدون الكلمة, بسبب قوتهم وطاقتهم المشتركة المتساوية الأبعاد والفطرية المترابطة فيما بينهما, بحسب خلقتها علي صورة الله ومثاله. ولكن اذا قلت لي ان النفس لا تفعل اي شئ وحدها بدون الجسد, وهذا بالضبط ما سبق وأعلناه, اذ انها قد خُلقت في هذا الجسد بحسب صورة الله ومثاله. فانها من خلال المادة المرئية تعلن عن قوتها غير المرئية. الا انها عندما تنفصل عن الجسد أيضا فان الجوهر والنفس النقية بحسب طبيعتها, اذ توجد في استنارة وبساطة وهدوء وبهاء, يمكن أن تُدعي وتكون بحق مخلوقة بحسب “صورة الله ومثاله”.

ولكن اذا تهكم المقاوم, كما هو متوقع, علي كل ما قلته, لأننا لم نُدلل علي أنه توجد ثلاثة أقانيم في النفس بالمساواة مع أقانيم الثالوث القدوس, فليعلم الأحمق أن النفس خلقت علي شكل الصورة وليست بمساواة حقيقية للثالوث القدوس. بل وفي الألوهة أيضا, ان لم يكن هذا أمرا مخيفا أن يقوله المرء, فان هناك تمايز للآب عن الابن, وتمايز للروح القدس عن الابن. وفي تشابهك مع صورة الله, أنت لا تتجاوز هذا أيضا, أي أنه بولادة الكلمة جسديا من الشفاة تصير الفضيلة والحكمة والاستنارة والقوة والعمق والمعرفة التي لنفسك وذهنك معروفة ومُعلنة للجميع. وهذا المثال يُعلن لك أنك خلقت وتوجد بحسب “صورة الله ومثاله”. لأنه بولادة كلمة الله جسديا استعلنت للعالم القوة, المعرفة, الحكمة وجميع أنواع الصلاح الأخري التي للآب والروح القدس.

لاحظ اذا كم وتنوع أعمال الكلمة في العالم, من جهة التشبه بكلمة الله. وكيف أنه بواسطة الكلمة, يُخلق كل شئ ويصير له وجود. لقد أخذت الملائكة كيانها بواسطة الكلمة, وبالكلمة يُمجدون الخالق, وبالكلمة خلق كل ما نراه, بالكلمة أُنير سر الكون, بالكلمة صارت الكيانات معروفة. بواسطة الكلمة فقط ظهرت هذه الكيانات, بالكلمة تحققت الانجازات, بواسطة الكلمة تجلي الكون. لقد بُشر بمعرفة الله بواسطة الكلمة, وبواسطة الكلمة أخذنا هذه المعرفة. بواسطة الكلمة توحدت وانجمعت كل الاشياء معا. وكما أن الطفل الذي لا يتكلم يعتبر قليل العقل بحسب تقديرات الناس, الي أن تولد الكلمة من شفتيه, هكذا كلمة الله المولود بحسب الجسد, عبر كل مراحل عدم الكلام الخاصة بطبيعتنا, حين استعلن بكل وضوح في عملية الخلق مع الآب والروح القدس. ولأن نفوسنا هي مخلوقة من الله, فهي غير مُرسلة لخدمة ما, بعد انفصالها عن الجسد, كما يحدث بالعكس مع الملائكة, لأن الملائكة هي أرواح مُرسلة للخدمة, بينما أنفس القديسين هي بشكل أساسي مخلوقة بهيبة بحسب صورة الله ومثاله, لأنه ان كان الانسان بعد عصيانه, قد طاله نقص بسيط عن الملائكة, الا أنه باتحاده بالله الكلمة صار أعظم من الملائكة, لأن ذاك الذي خُلق بحسب “صورة الله ومثاله”, اتحد الآن بالله وذاك الذي أخذ أولا صورة الله, يعكس الآن صورة الله, هذا الذي يليق به المجد الي أبد الآبدين . آمين

Posted in آبائيات, عقيدة مسيحية | Leave a Comment »

الثالوث – القديس باسيليوس الكبير

Posted by mechristian في أوت 9, 2007

الإيمان بالأقانيم الثلاثة والجوهر الواحد  (منقول عن الأخ فادي)

عندما سلمنا ربنا صيغة الإيمان بالآب والابن والروح القدس, لم يقرن هذه النعمة بعدد فهو لم يقل باسم الأول والثانى والثالث ولا أشار إلى واحد واثنين وثلاثة. بل منحنا نعمة معرفة الإيمان الذى يقودنا إلى الخلاص, حتى أننا نخلص بالإيمان وبمعرفتنا بأسماء الأقانيم المقدسة, أما العدد فقد اخترعه العقل كوسيلة لحصر الكميات. أما الذين يجلبون الدمار على أنفسهم, فيريدون استخدام طريقة “العد” ضد الإيمان. ومع أن الأشياء لا تتغير إذا حسبت عددياً كلٌ بعد الأخر فى تسلسل عددى، إلا أن أولئك الذين يرون استخدام العدد فى الكلام عن الطبيعة الإلهية يتجاوزون الإكرام اللائق بالباراقليط…. ونحن نعلم عن كل أقنوم على حدى،

 

وإن كان يجب علينا استخدام الأعداد، فإننا لا نسمح لأنفسنا، فإننا لا نسمح لأنفسنا بأن تحملنا قواعد الحساب إلى تعدد الآلهة فى الوثنية. نحن لا نجمع بالإضافة واحد زائد واحد وبذلك نتدرج من الوحدة إلى الكثرة. كما أننا لا نقول واحد, اثنان, ثلاثة ولا نقول أولاً وثانياً وثالثاً بل مكتوب “أنا الله الأول وأنا الآخر” (إش44: 6). ولم نسمع قط حتى هذا اليوم عن إله ثان بل أننا نبعد الإله من الإله, ونعترف بتمايز الأقانيم وفى نفس الوقت نتمسك بالوحدانية. ولا نبدد اللاهوت بتجزئته إلى أقسام متعددة, بل جوهر واحد غير مجزأ نراه فى الله الآب والله الابن الوحيد. ووحدة بلا انقسام لأن الابن فى الآب والآب فى الابن وهو ما ينفى وجود اختلاف بينهما, بل يجعلهما جوهرًا واحدًا. وبالتمايز هما الاثنان أقنوم وأقنوم وبالاشتراك فى الطبيعة الإلهية الواحدة هما واحد. كيف إذاً وهما واحد وواحد ليس اثنين؟

السبب هو أننا نتحدث عن ملك واحد وعن صورته, وهذا لا يعنى وجود ملكين. فلا السلطة ولا القدرة ولا المجد ينقسم, بل السيادة والسلطة والحكمة هى واحدة. وفى اللاهوت نفس الوضع لأن المجد الذى نقدمه لله يقدم إلى الواحد وليس إلى تعدد الآلهة, لأن إكرام صورة الملك هو إكرام الملك. وفى حالة الملك والصور فإن الفرق بين الملك والصورة هو فى الطبيعة, إذ هى تمثل الملك, أما فى حالة الآب والابن فالطبيعة واحدة. وفى الفنون يحاول الفنان أن يرسم شبيهاً متقناً, أما فى اللاهوت فالطبيعة الإلهية بسيطة غير مركبة فإن الوحدة بين الآب والابن هى وحدة قائمة على الشركة فى الجوهر الإلهى بينما الوحدة بين الملك والصورة هى وحدة فى الملامح فقط. واحد هو الروح القدس الذى هو واحد مع الآب الواحد والكل هو الثالوث المبارك المسجود له.

وواضح بشكل كافٍ أن الروح القدس قائم فى شركة الجوهر مع الآب والابن, لأنه لا يحسب ضمن الخليقة المتعددة بل نتكلم عنه كواحد لا مثيل له فى الخليقة. وكما أن الآب واحد والابن واحد, كذلك الروح القدس واحد وهذا يجعله بعيداً تماماً عن الطبيعة المخلوقة لأن الفكر السليم لا يسمح لنا بأن نضع الواحد الذى لا مثيل له والبسيط غير المركب مع الخليقة المركبة القائمة فى كثرة من الأجساد. أما الروح القدس فهو متحد مع الآب والابن فى وحدة لا مثيل لها.

وما ذكرناه سابقاً ليس هو المصدر الوحيد للبراهين على الشركة فى الجوهر, بل لأن الروح القدس “هو من الله” (1كو1: 12), ومعنى “من الله” ليس مثل الكلام عن الخليقة التى هى أيضاً من الله، بل المعنى الدقيق المتعارف عليه وهو انه صار من الله, ليس بالولادة مثل الابن وإنما مثل النفخة الصادرة من الفم. ولكن الفم هنا لا يعنى مطلقاً ذلك العضو الجسد, ولا نفخة الفم التى تتبدد بمجرد خروجها من الفم, بل هو الفم على المستوى الإلهى الذى منه يصدر الروح القدس أقنوماً حياً متميزاً بطبيعة التقديس الفائقة. وهكذا يمكننا أن ندرك وحدته مع الآب والابن، بينما يظل كيانه الإلهى غير المدرك فوق القدرة على التعبير.

 

ويقال عن الروح القدس أنه روح المسيح لتأكيد علاقته الروحية بالابن كما قيل “من لم يكن فيه روح المسيح فهو ليس منه” (المسيح) (رو8: 9). فبالروح هو وحده الذى يمجد الرب حسبما قيل “هذا يمجدنى”(يو16: 14).

ولكن ذلك التمجيد ليس مثل تمجيد الخليقة, بل يمجده لأنه “روح الحق” (يو14: 17). الذى يعلن الحق فى ذاته بكل وضوح وكروح الخدمة يعلن لى عظمة المسيح الذى هو ” قوة الله وحكمة الله” (1كو1: 24). ولأنه البارقليط (المعزى) يعلن فى ذاته صلاح الباراقليط (الابن) الذى أرسله ويظهر فى كرامته وعظمة الذى منه انبثق (الآب).

ولكى ندرك أن الروح القدس ليس مثل الخليقة ولا منها، علينا أن نميز بين المجد الذاتى الذى يشع من ذات الله مثل إشعاع نور الشمس, والمجد الذى يعطى بحرية لمن يستحقه وهو مجد يضاف من الخارج. والمثل الواضح هو ما قيل أن ” الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده” (ملاخى6:1). وإكرام العبد هو ما تقدمه الخليقة، أما الإكرام الآخر الذى يمكن أن يقال أنه إكرام المتساويين فى الكرامة فهو ما يحققه الروح القدس. وكما قال ربنا “أنا مجدتك على الأرض العمل الذى أعطيتنى قد أكملته (يو17: 4) يقال نفس الكلام عن الباراقليط ” ذاك يمجدنى لأنه يأخذ مما لى ويعلنه لكم” (يو16: 14) وكما أن الابن يُمَجدْ من قِبل الآب كما قال ” مجدتك وسوف أُمجدك أيضاً” (يو12: 28). وأيضاً يمجد الروح فالشركة فى الجوهر التى له مع الآب والابن, وبشهادة الابن الوحيد عنه التى يقول فيها ” كل خطية وتجديف يغفر للناس, أما التجديف على الروح فلن يغفر”(مت12: 31).

وعندما نستنير بالقوة التى فينا, ونحدق النظر فى جمال صورة الله غير المنظور, ومن الصورة نبلغ إلى الجمال الفائق الذى للأصل وعندما يكون روح المعرفة حاضراً بلا انفصال فإنما فى ذاته, لمن يحب رؤية الحقيقة وقوة معاينة الصورة, لا من الخارج بل يقودهم إلى معاينتها فى ذاته (الروح القدس). وكما أنه لا أحد يعرف الآب إلا الابن (مت11: 27), وأيضاً لا يقول أحد أن يسوع هو الرب إلا “بالروح القدس” (1كو12: 3) ولم يقل بواسطة الروح القدس, بل يقول بالروح القدس, لأن الله روح والذين يسجدون له, فبالروح والحق يجب أن يسجدوا (يو4: 24), كما هو مكتوب, فى نورك نعاين النور أى باستنارة الروح ” النور الحقيقى الذى ينير لكل إنسان آتٍ إلى العالم” (مز36: 9) ـ (يو1: 9) ـ وهذا يوصلنا إلى أن الروح القدس هو الذى يعلن فى ذاته مجد الابن الوحيد وأنه هو الذى يمنح للساجدين الحقيقيين المعرفة الحقيقية لله. إذن طريق معرفتنا بالله يبدأ بالروح الواحد من خلال الابن الواحد إلى الآب الواحد ولكن بعكس ذلك يصلنا الصلاح الإلهى وقداسة الله ومجد الملكوت من الآب بالابن الوحيد فى الروح القدس. وفى كلا الاتجاهين يظهر الاعتراف بالأقانيم ولا ينتهك الإيمان الحق بالوحدانية, أما أولئك الذين يعتمدون على فلسفة الأعداد ويقولون أول وثان وثالث بقصد إظهار اختلاف الأقانيم، فعليهم أن يعرفوا أنهم يجلبون مبدأ تعدد الآلهة من ضلال الوثنية ويحاولون إدخاله فى لاهوت المسيحيين النقى. وضلال الاعتماد على الأعداد ظاهر، لأنه يؤدى إلى الاعتراف بأكثر من إله ويصبح ثمة إله أول وثان وثالث. أما نحن فيكفينا التسليم الذى سلمه إلينا الرب, وكل من يمزج بين هذا التسليم والمعرفة الغريبة فإنه ليس أقل جرماً فى تعدى الشريعة من الوثنيين الضالين.

 

عن كتاب الروح القدس للقديس باسيليوس الكبير, الفصل الثامن عشر, الفقرات: 44ـ46, إصدار مطرانية الغربية للأقباط الأرثوذكس, الكلية الإكليريكية اللاهوتية, سلسلة آباء الكنيسة-11, تعريب جورج بباوى, القاهرة 1981, 123ـ128 .

Posted in آبائيات, عقيدة مسيحية | 1 Comment »