عودة الشرق الأوسط للمسيح

لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ يَهْوِه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.

المسيح : شجرة الحياة

Posted by mechristian في مارس 11, 2013

المسيح : شجرة الحياة

306132_157425057749089_548814175_n

بقلم ابراهيم القبطي

 

يتحير الكثير من المسيحيين وغير المسيحيين في معاني جسد المسيح التي تملأ أسفار العهد الجديد : جسد المسيح الذي عاش به على الارض وأخذه من العذراء ، وجسد المسيح الذي هو الكنيسة ، والاشتراك في جسد المسيح ودمه بالافخارستيا … فهل هناك علاقة إنجيلية توضح العلاقة بين الثلاثة ؟

وحتى نجيب على الاسئلة من الكتاب المقدس نفسه علينا أن نستعمل التشبيهات التي استعملها المسيح ، ولا شئ غيرها ، فلا نبني على شئ سواها .

عندما تكلم المسيح عن صليبه وقيامته قال لتلاميذه : “الحق الحق اقول لكم ان لم تقع حبة الحنطة في الارض وتمت فهي تبقى وحدها.ولكن ان ماتت تأتي بثمر كثير.” (يوحنا 12: 24)

وأيضا قال : “فقال ماذا يشبه ملكوت الله وبماذا اشبهه. يشبه حبة خردل اخذها انسان والقاها في بستانه فنمت وصارت شجرة كبيرة وتآوت طيور السماء في اغصانها” (لوقا 13: 18-19)

ومن هنا فهمنا أن ناسوت المسيح الذي أخذه من العذراء اعتبره هو نفسه كحبة الحنطة أو حبة الخردل ….أو البذرة ، هذه البذرة كانت تحمل في جوهرها قابلية أن تنمو إلى شجرة كاملة ، وتصير ككرمة كاملة تأوى إليها طيور السماء

المسيح قال أيضا: “انا الكرمة الحقيقية وابي الكرّام. كل غصن فيّ لا يأتي بثمر ينزعه.وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر اكثر.” (يوحنا 15: 1-2)

إذن ناسوت المسيح بعد القيامة لم يبق كما هو ، بل كما قال المسيح قد نما وأصبح شجرة كاملة، و أعضاء الكنيسة -المؤمنين به والمعتمدين إلى جسده – هم أغصان هذه الكرمة أو الشجرة العظيمة ،العلاقة بين البذرة أو الحبة (ناسوت المسيح قبل الصليب والقيامة) … وبين الكرمة أو الشجرة (ناسوت المسيح بعد الصلب والقيامة) ، هي علاقة حية ديناميكية لنفس الناسوت البشري الإلهي ، لأن البذرة هي هي من نفس طبيعة الشجرة … وكلاهما كيان واحد

لأنه قبل أن تدفن البذرة في الأرض كانت تحمل كل المقومات الوراثية لشجرة كاملة ، وتحققت امكانيات البذرة بموتها ودفنها في الأرض ،فبدأت تنمو إلى شجرة كاملة أي إلى المسيح كرأس وكنيسته كجسد .

في هذه الشجرة يمكن أن نميز أصل الشجرة عن الفروع ، اصل الشجرة هو جذعها الذي نما من البذرة ، والفروع هي الأطراف ، وكلاهما نفس الكيان ، ونفس الكائن الحي ، ولكن الفروع دائما في احتياج إلى الأصل (الجذع)، كما نحتاج نحن دائما إلى المسيح لأنه الاصل . والفروع يمكن أن تموت إذا لم يصلها غذاء الجذع أو الأصل ، لهذا نحن نحيا بالمسيح وفيه.

وحتى يضمن المسيح لنا بعد قيامته أن تنتقل عصارة الحياة منه (الجذع والاصل) إلى الفروع ، قرر أن يمنحنا عصارة حياته … اي الافخارستيا ، التي تحمل حياة الجذع إلى الفروع ، وهذا هو خبز جسده وخمر دمه الذي نأكله لتملأ اجسادنا البشرية عصارة جسده ودمه بالايمان ، وبينما يوحدنا الروح القدس على مستوى الروح والقلب بالمسيح ، توحدنا عصارة الحياة على مستوى عضوي قوي برب الحياة .
وعلى الرغم أن العصارة التي تنتقل من الجذع (الاصل) إلى الفروع ليست هي عينها الجذع نفسه ولكنها تحمل كل الصفات الوراثية وطبيعة الجذع ، وغذاء وحياة الجذع ، لهذا أكد المسيح أننا يجب أن تغذي به على مستوى الروح قبل الجسد ، ليس بمجرد أكل خبز مادي ودخمر مادي ، بل على مستوى الروح .

فهو يؤكد اهمية أن نتغذى به : “فقال لهم يسوع الحق الحق اقول لكم ان لم تأكلوا جسد ابن الانسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة ابدية وانا اقيمه في اليوم الاخير. لان جسدي ماكل حق ودمي مشرب حق. من ياكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وانا فيه. كما ارسلني الآب الحي وانا حيّ بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي.” (يوحنا 6: 53-57)

ولكن حتى لا يفهم أحد أن هذا الكلام بحسب المادة وعل مستوى التحول المادي المحدود وإنما بحسب الروح ، يعود المسيح في نفس الاصحاح ليؤكد ويقول :” الروح هو الذي يحيي اما الجسد فلا يفيد شيئا الكلام الذي اكلمكم به هو روح و حياة” (يو 6 : 63) .

فحياة الشجرة (الكرمة) كلها مبني على المسيح نفسه وعلى روحه القدوس ، ومن خلال كلامه نعرف أن شركتنا في عصارة الحياة ليست مجرد أكل خبز وشرب خمر ، بل هي في الحقيقة تمييز لفعل الروح القدس في القلب قبل الاكل بالفم ، وقبول للمسيح في الحياة الداخلية على مستوى الروح قبل الجسد ، واتحاد ببقية الأعضاء والاعصان على مستوى الحياة المعاشة وليس كممارسة طقسية جافة .

بالاشتراك في الخبز والخمر كمادتين ، تكون لنا حياة المسيح على مستوى الروح الغير منظور ، ليس لتحويل الخبز والخمر بل لتحويلنا نحن إلى جسده ودمه وطبيعته . ونكون كنيسة واحدة وفروع كثيرة في كرمة واحدة ، ولأن العصارة هي من أجل ثبات الفرع (المسيحي المؤمن) في الكرمة أو الشجرة ، فهي تحولنا تدريجيا لنشابه الجذع أو الاصل ، ونصير من طبيعة الاصل أي من طبيعة المسيح نفسه . وبهذا نكون جسده ولحمه وعظامه ، وتكون لنا نحن اعضاء الجسد حياة الابن والآب والروح القدس

وبهذا نتيقن بأن الفروع (الكنيسة) تحمل نفس طبيعة الجذع (المسيح) ومن نفس كيان الجذع ، كما أعلن لنا المسيح نفسه “أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.” (يوحنا 15: 5)

اي أننا باتحادنا في المسيح نكتسب طبيعته كما تكون الاغصان من نفس طبيعة الكرمة ، فنكون من المسيح وفي المسيح ولا حياة لنا الآن إلا فيه ، ولو قطعنا منه لصرنا أموات .

فمن كلام المسيح نفسه نتعلم المعنى الحقيقي لجسده : أن ناسوته من العذراء كان حبة الحنطة قبل أن تموت وتقوم ، بينما ناسوت المسيح بعد القيامة هو حبة الحنطة في مرحلة النمو إلى شجرة (كرمة) كاملة . ومازلنا نري نموها يوما بعد يوم . ولن يكتمل نموها إلا في مجيئه الثاني. أما الخبز والخمر الذي نشترك فيهما هما عصارة الحياة التي تنقل حياة الأصل أو الجذع (اي المسيح) إلى الفروع (أي المؤمين به) على مستوى الروح والحق والجياة لا كمجرد فعل طقسي ، بل فعل القلب قبل الفم .
كلهم جسد واحد كرمة واحدة لمسيح واحد مع كنيسته التي اقتناها بدمه …

هذا ليس كلام بلاغة أو تشبيهات أو رموز ، بل حقائق روحية تنقلها اللغة العاجزة على قدر الاستطاعة إلى فهمنا وعالمنا المادي .

فأي مجد اعدنا الرب له واعده لنا حتى نصير أبناء له في المسيح يسوع ؟؟!!

Sorry, the comment form is closed at this time.

 
%d مدونون معجبون بهذه: