كتاب : لـماذا يجـب أن نـؤمن بالـتـوراة ؟ جون يونان
Posted by جان في أكتوبر 21, 2011
لتحميل الكتاب بصيغة بي دي اف :
لماذا يجب ان نؤمن بالتوراة – جون يونان – pdf
لـماذا يجـب أن نـؤمن بالـتـوراة ؟
إقـرأ في هذا الكتاب ..
الفصل الأول : المسيح يصادق على صحة التوراة !
يسوع يواجه التجارب بالتوراة !
الشيطان كان أول محارب وعدو لكلمة الله !
شهادة المسيح بأن نبوات العهد القديم قد تمت بخصوصه!
اجابة على اعتراض ما معنى ” الذين قبلي سراق ولصوص ” ؟
يسوع يصدق كل كتب العهد القديم .. من أولها لآخرها !
الفصل الثاني : رسل المسيح يثبتون ” وحي ” التوراة !
الكنيسة المسيحية مبنية على صخرة التوراة والانجيل.
الفصل الثالث : اسئلة واعتراضات !
لو كان موسى هو كاتب التوراة فكيف سجل تفاصيل موته ؟
لماذا لا نكتفي فقط بالإنجيل دون التوراة ؟ وما هي علاقة العهد القديم بالعهد الجديد؟
هل اقتبست التوراة من الأساطير القديمة ؟
وهل أُقتبست التوراة عن قوانين حمورابي ؟
لماذا اعتبرت التوراة اليهود كشعب الله المختار ؟
الفصل الرابع : هل يمكن تحريف التوراة ؟
______________________
زؤان جديد !
ابليس لا يعرف الكلل ولا الملل ! فهو في حرب مستمرة ضد الله وكلمته منذ البدء والى يومنا!
وها هو قد زرع بذار ” زؤان ” جديد ، بغية خنق كلمة الله ونزعها من النفوس .. وهذا الزؤان هو : الطعن في التوراة ! ولا غرابة من مسلك ابليس ، فمكتوب عنه انه :
· ” .. يصنع حرباً مع الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح ” (رؤيا 17:12).
فقد شاع بين مسيحيين ” مزيفين ” ومنذ فترة ليست بالطويلة ، فكر جديد لم تسمع به الكنيسة المسيحية منذ نشأتها وحتى منتصف القرن الفائت الا بدرجات ضئيلة. وكان صادراً من قبل مروجي الهرطقات، مفادُه بأنَّ الإنجيل قد ألغى التوراة وحلَّ محلها، وأنه لم يعُد يلزم للمسيحي أن يقرأ العهد القديم! وبسبب شيوع وغرابة هذا الرأي بين بعض المنتمين للمسيحية، رأينا أن نُظهِر الرأي الكِتابي السليم فيما يتعلق بهذه المسألة، وقد أعددنا هذا البحث كرد على بعض الأفكار التي تتعلق بالموضوع من بعض جوانبه، وسنعتمد في بحثنا هذا على إثباتات من العهد الجديد دون الإسترسال في شروحات طويلة، وسنترك المجال لكلمة الله الحيّة والفعّالة في إظهار الحق الإنجيلي الصادق بما يتعلق بهذا الموضوع الخطير .. ” لأن كلمة الله حيّة وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين“( عبرانيين 12:4).
بالاضافة الى كون البحث دفاعي عن التوراة وسلامتها ، الا انه جاز استخدام ذات الاسلحة الدفاعية، للذود عن الانجيل ايضاً واثبات سلامته. لأن اعداء الكتابين واحد ، ويستقيان من مصدر شرير واحد. هذه لا أعتبرها ” مقدمة ” ! من التي اعتدنا على قراءتها في معظم الكتب – ولو اجبارياً – فلا أحب المقدمات ، ولا كان الرب يسوع ورسله الابرار يبدأون بها ! انما هذا دخول سريع الى عمق بحثنا ، وخير ما نستهل به جولتنا هو موقف الرب يسوع من التوراة .. فلنبدأ !
_____________
( 1 ) جاء في كتاب ( برهان جديد يتطلب قراراً لجوش مكدويل ص 369 ) : ” أثناء القرنين الأولين من العصر المسيحي لا يوجد أي نقد سُجِّل يعد معادياً للكتاب المقدس بين آباء الكنيسة أو في الكنيسة الأرثوذكسية نفسها. وقبل زمان آباء كنيسة نيقية كانوا يعتقدون أن موسى هو الذي كتب الأسفار الخمسة، وأن العهد القديم كتاب مقدس.” !
الفصل الأول
المسيح يصادق على صحة التوراة ..!
ماذا تظنون في التوراة ، كتاب من هو ؟
إن الإيمان بكتب العهد القديم هو إيمان بالمسيح يسوع الذي صادق على الكتب المقدسة وإعترف بصحتها وأقّر بها. فلقد نسب المسيح سلطاناً مطلقاً لاسفار العهد القديم واقتبس منها كحكم نهائي ، فان سلطان العهد القديم وسلطان المسيح متصلان بشكل وثيق. قد يؤمن البعض بالمسيح كربهم وسيدهم ولكنهم من جهة اخرى لا يتورعون عن مهاجمة العهد القديم بالفاظ صعبة وفكر هابط !.. وهذا الموقف متناقض لانه لا يمكن ان نؤمن بالمسيح وننتقده في نفس الوقت !
وكما سأل الرب في تلك الايام :
” ماذا تظنون في المسيح ، ابن من هو ” ؟
يمكننا ايضاً ان نسأل : ” ماذا تظنون في الكتاب المقدس بعهديه كتاب من هو ” ؟!
دعونا نلقي الضوء الان عما علمه المسيح وقاله بخصوص العهد القديم ومصداقيته :
المسيح لم يعترض ولا على حرف واحد من التوراة !
إن المسيح المبارك حين وطئت قدماه ارض عالمنا هذا، لم يتوانى من حثَّ اليهود على تفتيش التوراة وقراءتها بتمعن والتحري في معانيها. وأوضح بابسط لغة وأوضحها بأنه لم يأتِ لينقض أو يُبطل التوراة والأنبياء. ومع أن المسيح كان يوبخ اليهود على قساوة قلوبهم وعلى تقاليدهم الباطلة وعلى تمسُّكَهم بقشور الدين والأمور الخارجية بدلاً من الجوهرية، إلاّ إنه لم يوجه يوماً إصبَع الإتهام إلى الأسفار المقدسة ( التوراة وكتب العهد القديم ) بل بالعكس نسمعه يقول:
· “لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس والأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأُكمل” (متى 17:5).
ولكنه كان يوبخهم لتعلقهم بالتقاليد وتعاليم الناس بدلاً من وصايا الله وكلمته ( التوراة ) لنسمعه يقول :
· ” فأجاب وقال لهم حسناً تنبأ إشعياء عنكم . أنتم المرائين كما هو مكتوب هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً وباطلاً يعبدونني وهم يعلّمون تعاليم هي وصايا الناس ، لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس غسل الأباريق والكؤوس وأمور أخر كثيرة مثل هذه تفعلون، ثم قال لهم حسناً رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم ” (مرقس 7:7و8 ).
ماذا قصد المسيح بقوله ” وصية الله ” ؟ اليست هي وصايا التوراة ؟ فكيف يفتري بعض المدعين اليوم إنه لا يلزم وجود التوراة، بينما كان المسيح يعاتب من يرفضونها ؟
ويزيد يسوع له المجد من نبرة دفاعه عن التوراة اذ صرّح أنه بدون الكتب المقدسة فهناك الضلال والضياع ! اذ قال :
· “تُضِلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قدرة الله” (متى 29:22).
حين انهالت توبيخاته على الصدوقيين، فقد كان يمزجها بالتعليم والانذار بأن ضلالهم ناتج ليس عن اتباعهم للتوراة ، بل العكس ! كان الضلال هو عدم طاعتهم لتعاليمها . فالكتب التي قصدها هي كتب التوراة والعهد القديم ، كلمة الرب. فالذي يؤسس عقيدته وسلوكه على كلمة الله لا يضّل.
وقال المسيح بشكل قاطع بأن الأسفار المقدسة لا يمكن أن تُنقض أو تزول أو تُبدَل :
· “الحق أقول لكم أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطه واحده من الناموس حتى يكون الكل” (متى 18:5).
فكيف يجرؤ البعض على انكار وحي العهد القديم والناموس ؟!
فالمسيح يقول : لا يمكن ان ينقض المكتوب، اي كتب التوراة والعهد القديم ، وانه لن يزول حرف واحد منها او حتى نقطة ، بينما المعاندين يعاندون المسيح ويزعمون في ذات الوقت انهم اتباعه!
المنطق السليم ، بل ايضاً رياضي يقول : لو كان المسيح هو اعظم من وطأت قدماه كوكب الارض .. وقد احترم المسيح التوراة وجلّها وعظّمها واقتبس منها، فلتوضع اذن التوراة على رأس وهامة كل مسيحي يؤمن بالمسيح، وكل من يعتبر نفسه من اتباعه. هذا هو القول الفصل وما هو بالهزل !
المسيح يشهد بآيات العهد القديم ويقتبس منها
إنّ المسيح لم يُعلِّم تعاليمه الذاتية الجديدة وحسب، بل كان يقتبس من نصوص العهد القديم وتعاليمه وتاريخه ايضاً ، وقد أوضح ذلك بقوله :
· “كُل كاتب متعلم في ملكوت السموات يشبه رجلاً رب بيت يخرج من كنزه جدداً وعُتقاء” (متى 52:13).
فقد اعتبر المسيح بان كل كتب العهد القديم هو موحى بها من الله. واذا ما انتقلنا لنقرأ ما جاء في ( انجيل يوحنا 35:10) نرى انه في حواره مع اليهود كان يدافع عن وجهة نظره بالرجوع الى العهد القديم ، وبعد ان اقتبس عن الكتاب اضاف هذه الكلمات :
· ” ولا يمكن ان ينقض المكتوب ” !
فما معنى قول الرب : ” لا يمكن ” ؟ بكل يسر يعني : لا يمكن ! فلا يمكن ان تسقط او تهدم كلمة الله الموحى بها. فالكتاب المقدس لا يمكن ان ينقض والمسيح هو من علمنا هذا !
يسوع يواجه التجارب … بالتوراة !
نقرأ عن تجربة الشيطان للمسيح في البرية، ونرى أن الشيطان قد تجرأ بأن يهاجم المسيح بثلاثة تجارب قوية ( كما جاء في متى 1:4-11).
فكيف أجاب المسيح وكيف واجه سهام ابليس ؟!
نقرأ بأن ردود يسوع لم تكن فلسفية او تاريخية او ما شابه، بل كانت تعتمد على الكُتب المقدسة الموحى بها من الله، هذا واضح في قوله: (مكتوب) وقد رد المسيح على الشيطان بثلاثة آيات إقتبسها جميعاً من التوراة وبالتحديد من سفر التثنية وحده ، وها هي كالتالي:
§ “مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فَم الله” (تثنية 3:8).
§ “مكتوب أيضاً لا تُجرِّب الرب إلهك” (تثنية 16:6).
§ “مكتوب للرب إالهك تسجُد وإياه وحده تعبد”(تثنية 13:6 و 20:10).
فالمسيح علَّمنا أن سِلاح الإنسان المؤمن هو الكتاب المقدس لكي يستطيع أن يواجه التجارب لأنه هو كلمة الله، وهي “حيّه وفعّاله وأمضى من كل سيف ذي حدين” (عبرانيين 12:4).
فلماذا استخدم المسيح سلاح التوراة في مواجهة ابليس وتجاربه ..؟
فلو كانت التوراة مرفوضة ، من جهة الجاحدين والملحدين ، فانهم بذلك يرفضون المسيح نفسه ، الذي يحمل بعضهم اسمه كمسيحي !
داود انتخب خمسة احجار .. ويسوع انتخب خمسة اسفار !
قرأنا بأن الرب يسوع قد استخدم التوراة في مواجهته لتجارب ابليس ، والتوراة كما هو معلوم تحوي خمسة كتب ( التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية ). ولكنه اختار بعناية فائقة سفراً واحداً من الخمسة ليقتبس منه سلاحه في مجابهة ابليس وهو سفر التثنية. اي انه اختار خمسة كتب لكنه اقتصر على استخدام كتاباً واحداً منها .. وانتصر !
وهذه الحادثة نفهم مغزاها بسبب حادثة مماثلة جرت مع داود النبي في مواجهته لجليات الجبار الفلسطيني ( وهو رمز للشيطان المتحدي لكنيسة الرب ) ، اذ انتخب داود لنفسه خمسة احجار من الوادي ! .. خمسة بالتحديد .. لنقرأ :
· ” فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه وعزم ان يمشي لانه لم يكن قد جرب.فقال داود لشاول لا اقدر ان امشي بهذه لاني لم اجربها.ونزعها داود عنه.واخذ عصاه بيده وانتخب لهخمسة حجارة ملس من الوادي وجعلها في كنف الرعاة الذي له اي في الجراب ومقلاعه بيده وتقدم نحو الفلسطيني.”(1 صم 17: 40 ).
التوراة .. هي المقلاع !
نقرأ كيف انتصر داود وكيف استخدم الخمسة احجار :
· ” وكان لما قام الفلسطيني وذهب وتقدم للقاء داود ان داود اسرع وركض نحو الصف للقاء الفلسطيني ومد داود يده الى الكنف واخذ منهحجرا ورماه بالمقلاع وضرب الفلسطيني في جبهته فارتزّ الحجر في جبهته وسقط على وجهه الى الارض. فتمكن داود من الفلسطيني بالمقلاع والحجر وضرب الفلسطيني وقتله ..” ( 1 صم 17: 48 و49 ).
استخدم منها حجراً واحداً .. وانتصر !!
الشيطان كان أول محارب وعدو لكلمة الله !
فالشيطان هو عدو التوراة !
ولأن الشيطان قد تلقى الهزيمة المنكرة بسيف التوراة .. فهكذا أمست التوراة والانجيل عدواً لدوداً لابليس وجنوده !.. ولكن قبل كل هذا زمنياً ، بل وقبل التاريخ المكتوب ، ومنذ اول ظهور للبشر على كوكب الارض، أعتبر الشيطان كأول معتدي وعدو لكلمة الله !!
لأن أول سهم صوبه الشيطان في حربه ضد البشرية ( المتمثلة في ابوينا الأولين ) كان موجهاً الى ” كلمة الله ” ! فلنقرأ بتدقيق :
· “وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟” (تك 1:3).
أحقاً قال الله ؟! وهذا تشكيك بأقوال الله ، وهذه الحرب مازال يمارسها ابليس وعملاؤه ضد الكتاب المقدس الى يومنا هذا ، فهم إما يشككون بسلامته وصحته او يفسرونه بأهوائهم ! فابليس يكره كلمة الله لأنها السلاح ” النووي “! الذي يدمر كل اعماله . لذلك فقد واجه المسيح سهام إبليس مستخدماً هذا السلاح الفعال: كلام الله، اي كتب العهد القديم، التوراة !
يشهد المسيح بأن نبوات العهد القديم قد تمت بخصوصه !
لا عجب ان تحتوي التوراة المقدسة ( العهد القديم ) على اكثر من 333 نبوة عن الرب يسوع المسيح ، اذ هي كتاب الله تبارك اسمه !
فالنبوات التي وردت فيها عن المسيح له كل المجد قد شملت حياته وتعاليمه ، بل وحتى مكان ميلاده ، وتفاصيل صلبه وآلامه وقيامته وصعوده .. كلها مسرودة في التوراة بأحرف من نور، وكلها دونت بقلم الانبياء قبل قرون من تحقيقها ، الذي تم في المسيح بالحرف الواحد !
فمنذ دخل المسيح عالمنا كانت التوراة هي سلاحه وسيفه الأمضى الذي به اثبت شخصيته وكونه ” المسيا ” المنتظر !
ولننظر في مثالين اثنين .. الأول من بداية خدمته ، والآخر من نهاية خدمته !
v ففي بداية خدمة المسيح استشهد بالتوراة :
نقرأ في الانجيل المقدس بأنه دخل مجمع ( كنيس ) الناصرة ” كعادته ” ! ليقرأ من التوراة ، فقرأ منها في سفر اشعياء النبي ثم فسر لهم النبوة هكذا :
· “فإبتدأ يقول لهم: أنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم” (لوقا 20:4و21).
v في نهاية خدمة المسيح استشهد بالتوراة :
فبعد ان قام من بين الأموات ، ظهر لاثنين من تلاميذه وقام بالقاء محاظرة دراسية في الكتب المقدسة اي من العهد القديم والتوراة ، حول الأمور ” المختصة به ” ! وهذا يعتبر أول ” درس كتاب مقدس ” Bible Study ! قد أُلقي في تاريخ الكنيسة ، القاه رب المجد نفسه ! .. اذ نقرأ :
· “ثم إبتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يُفسر لهما الأمور المختصه به في جميع الكتب” (لوقا 27:24).
· “وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم، أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير” (لوقا 44:24).
وفي هذا نرى الأقسام الرئيسية الثلاثة للعهد القديم: الناموس أي التوراة، الأنبياء، والكتب. وعلى جميعها شهد المسيح واستشهد منها ليبرهن شخصيته وتعاليمه !
فالمسيح انتقد التقاليد اليهودية ووصايا الناس ، بينما تمسك بالمكتوب والكتاب (التوراة ) !
فالتوراة نعتبرها ” البنية التحتية ” للإنجيل ، والمسيحي الذي يرفض التوراة هو بمثابة من ينتحر مدمراً نفسه وعقيدته. فازالة التوراة معناه انهيار البناء الذي أكمله فوقها المسيح له كل المجد .
لهذا فان المسيح هو مرجعنا واساس ايماننا بالتوراة والكتب المقدسة .. فهو من أمرنا بتصديقها وهو من صدقها وأكملها !
بعض النبوات التي وردت عن المسيح في التوراة ( العهد القديم )
|
|||
النبوة
|
من التوراة
|
اتمامها في الانجيل
|
|
يكون من سبط يهوذا
|
تكوين 10:49
|
لوقا23:3-33
|
|
يولد في بيت لحم اليهودية
|
ميخا 2:5
|
متى 4:2-8
|
|
وقت ميلاده محدد بالسنة
|
دانيال 25:9
|
لوقا 3
|
|
يولد من عذراء
|
اشعيا 14:7
|
متى18:1-25
|
|
من نسل الملك داود
|
اشعيا 7:9
|
متى 1:1
|
|
يدخل الهيكل
|
ملاخي 1:3
|
متى 12:21
|
|
يدخل اورشليم راكبا على أتان
|
زكريا 9:9
|
متى 1:21-9
|
|
خيانة صديقه
|
مزمور 9:41
|
يوحنا 18:13
|
|
يباع بثلاثين من الفضة
|
زكريا 12:11
|
متى 14:26-16
|
|
يدفع الثمن لشراء حقل الفخاري
|
زكريا 13:11
|
متى 5:27 و7
|
|
يبقى صامتاً في محاكمته
|
اشعيا 7:53
|
متى 11:27-14
|
|
يقترعون على لباسه
|
مزمور 18:22
|
متى 35:27
|
|
يثقبون يديه ورجليه
|
مزمور 16:22
|
لوقا 33:23
|
|
يصلب بين آثمين
|
اشعيا 12:53
|
متى 38:27
|
|
في عطشه يسقونه خلاً
|
مزمور 21:69
|
يوحنا 28:19
|
|
يُشتم وهو معلق على الخشبة
|
مزمور 7:22و8
|
متى 39:27-43
|
|
لا يُكسَر عظم من عظامه
|
مزمور20:34
|
يوحنا 33:19و36
|
|
يُدفن مع غني
|
اشعيا 9:53
|
متى 57:27-60
|
|
يقوم من الموت
|
مزمور 10:16
|
اعمال 24:2و27
|
|
يصعد الى السماء
|
مزمور 18:86
|
اعمال 9:1
|
|
لو لم تصدقوا التوراة ، فكيف تصدقون الانجيل ؟!
يقول يسوع بكل وضوح لليهود :
· “فتشوا الكتب، وهي التي تشهد لي، لأنكم لو كنتم تُصدقون موسى لكنتم تُصدقونني، لأنه هو كتب عني، فإن كنتم لستم تُصدقون كتب ذاك فكيف تصدقون كلامي” ؟ (يوحنا 40:5و46و47).
فإن كان المسيحي لا يؤمن بكتب موسى فكيف يستطيع الإيمان بكلام المسيح؟!
و بكلمات اخرى : ان كنتم لا تؤمنون بالتوراة ، فكيف ستؤمنون بالانجيل ..؟!
هل لكم اذنان للسمع يا اعداء التوراة لتسمعوا ..؟ من لا يؤمن بكتب موسى فهو لا يؤمن بكلام المسيح !
فالمسيح في حديثه هنا قد القى ثلاثة حقائق بارزة :
§ صحة التوراة وصدقها !
§ بأن موسى النبي هو الذي كتب التوراة { كتب عني } ! رداً على الناقدين الذين زعموا بأن موسى لم يكن هو كاتب التوراة .
§ وبأن التوراة قد تنبأت عن مجيء المسيح كما جاء في (تث15:18-19). ولم تكن تتنبأ عن نبي خارج شعب اسرائيل !
فالسيد المسيح قد حسم الاعتراض الذي اثاره النقاد الملحدون في القرن التاسع عشر ، بأن التوراة لم تكن بقلم موسى ، اذ في اقتباسه من التوراة كان ينسبها لموسى ! كما قرأنا اعلاه، وكما بأقواله الاخرى مثل :
· ” اذهب أر نفسك للكاهن وقدم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم ” ( متى 4:8) .
فلو لم يكن موسى هو الكاتب لصحح المسيح هذا الخطأ ، والمسيح له المجد لم يكن يتسامح مع اي ضلال ، لأن من اسماءه الحسنى اسم : “ الحق ” ( يوحنا 6:14) وهو الذي ” جاء ليشهد للحق ” ( يوحنا 37:8). اذن فقد شهد المسيح لقانونية أسفار العهد القديم وبكل شفافية ووضوح. وكما قلنا أنه إعترض على تقاليد الفريسيين (يوحنا 21:10-32) لكنه لم يعترض ابداً على الأسفار القانونية !
سؤال نطرحه على رافضي التوراة :
لو كان المسيح له المجد قد رفض التوراة وعارضها فما الذي منع الكتبة والفريسين من الدفاع عنها واتهامه برفضها ، وهي تهمة توازي الكفر والتجديف ؟! لماذا صمتوا وهم الذين كانوا يراقبونه لكي يصطادوه بكلمة ؟! ما الذي حال بينهم وبين تقديم هذه التهمة كشكاية ضده ، اثناء محاكمته أمام مجلس السنهدريم ..؟!
تأملوا وفكروا جيداًَ بهذا السؤال …!
استشهادات المسيح من التوراة والعهد القدم .. دليل صدقها !
واقتبس المسيح آيات أُخرى كثيرة من العهد القديم لا يُمكن حصرها، فنورد منها لِلذكر لا للحصر الآيات التالية:
· ” فقال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكُتب الحجر الذي رفضه البناؤُون هو قد صار رأس الزاوية” (متى 42:21). اقتبسها من ( سفر اشعياء 16:28).
· “إني أُ ريد رحمة لا ذبيحة” (متى 9: 13). مُقتبسة من (هوشع 6:6).
· ” يا مراؤُون، حسناً تنبأ اشعياء قائلاً: يقترب إلي هذا الشعب بشفتيه، وأما قلبُه فمُبتعد عني بعيداً” (متى 7:15و8) مقتبسة من (اشعياء 13:29).
· “لأني أقول لكم أنه ينبغي أن يتم فيَّ هذا المكتوب، وأُحصي مع أثمة” (لوقا 37:22) مقتبسة من ( اشعياء 53).
· ” وحينئذٍ يُبصرون إبن الإنسان آتياً في سحاب بقوةٍ كثيره ومجد”(مرقس 26:13) مقتبسة من (دانيال 13:7و14). وعلى الصليب إقتبس يسوع قول المزمور )1:22 ) :
· “إلهي إلهي لماذا تركتني” (متى 46:27). وإقتبس قول المزمور (5:31) :
· “في يديك أستودع روحي” (لوقا 46:23).
· “وبعد هذا رأى يسوع أن كل شئ قد كمل فلكي يتم الكتاب قال: أنا عطشان” (يوحنا 28:19) وذلك حتى يتم قول المزمور 21:66 “في عطشي يسقوني خلاً “.
وغيرها من النبوات والنصوص الكثيرة.
“فتشوا الكتب ” .. المسيح فتش التوراة !
حوادث التوراة والعهد القديم التي ذكرها المسيح واستشهد بها مؤكداً على صحتها :
§ خلق آدم وحواء والزواج ( تكوين 24:4) ذكرها المسيح في ( متى 4:19).
§ هابيل ( تكوين 8:4) ، ذكره المسيح في( متى 35:23).
§ حادثة الطوفان ونوح والفلك ( تكوين اصحاح 6- 9) ، ذكرها المسيح في
( متى 37:24).
§ حرق سدوم وعمورة ولوط وامرأته التي نظرت الى الوراء ( تكوين 19) ، ذكرها المسيح في( لوقا 18:17) و ( لوقا 32:17).
§ ابراهيم واسحق ويعقوب ( تك 50:12) ، ذكرهم المسيح في ( يوحنا 56:8)
( متى 11:8 ؛ متى 32:19).
§ موسى ( خروج 4 و16 و 18 و 20 ) ، ذكره المسيح في ( لوقا 37:20).
§ الوصايا العشر ( التي يزعم الجاحدون بأن موسى اقتبسها من حمورابي ) ( خروج 20) ، استشهد بها المسيح في ( متى 18:19).
§ داود واكل خبز التقدمة ( 1 صم 6:21 ) ، ذكره المسيح في( متى 3:12-4).
§ سليمان وثيابه الملكية وحكمته وملكة التيمن التي جاءت لتسمع حكمته ( 1 مل 10 ) ، ذكرها المسيح في ( متى 27:6 ) ( متى 43:12).
§ ايليا النبي ومنع المطر بصلاته واعاله ارملة صرفة صيدا ( 1 مل 8:17-17) ، ذكره المسيح في ( لوقا 25:4).
§ اليشع النبي ومعجزة شفاء نعمان السرياني من البرص ( 2 مل 5) ذكره المسيح في ( لوقا 27:4).
§ يونان النبي وبقاؤه في جوف الحوت ثلاثة ايام ، اعتبره المسيح ” الآية ” التي سيخلص بها العالم ! (إنجيل متى 12: 38-40).
وكل هؤلاء الانبياء القديسين والابرار قصصهم مسرودة بتفصيل في العهد القديم. فلو كانت التوراة تحوي اساطير .. فما الذي منع المسيح من رفضها ؟ هل كان يخشى احداً ، ام كان يجامل على حساب الحقيقة ؟ اليس ذكر المسيح لجميع اولئك الانبياء فيه دلالة جلية كالشمس على صدق الحوادث التي جرت معهم والتي ذكرتها التوراة بكل امانة.
إعتراض: ما معنى الذين قبلي سراق ولصوص !؟
قد يتقدم احد الادعياء بعد قراءة كل تلك الاستشهادت التي استخدمها المسيح من العهد القديم والانبياء وقد غصت في حلقه ، فيزعم وكأنه يحتضر بأن المسيح قد اتهم انبياء العهد القديم بأنهم كانوا ” سراق ولصوص ” بقوله :
” جميع الذين أتوا قبلي هم سراق و لصوص ” ( يوحنا 8:10). وللرد نقول بنعمة الرب :
اولاً :
جرت عادتهم على اقتباس هذا النص مقتطعاً من نصفه الثاني ! .. لأن النصف الثاني من النص يشرح الاول .. وها هو كاملاً :
“جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص، ولكن الخراف لم تسمع لهم ” ( يوحنا 8:10).
فمن غير المنطقي ان يكون قصد المسيح هو انبياء العهد القديم ، لأن الشعب القديم قد سمع لهم وعرف رسائلهم وآمن بكتبهم .. وها هي اسفار الانبياء المقدسة بيد اليهود منذ القدم والى اليوم ! فكيف لم يسمعوا لهم ( لو كان المقصود باللصوص هو الانبياء ، حاشا ) ..؟
ثانياً :
كيف يكون قصد المسيح هو الانبياء في حين انه قد جعل فرحة الملكوت هو رؤية الانبياء في ملكوت الله !!
· ” متى رأيتم ابراهيم واسحق ويعقوب وجميع الانبياء في ملكوت الله ..” ( لوقا 26:13).
فهل يدخل السراق واللصوص الى ملكوت الله …؟! وهل يتكئ المؤمنون في مجلس واحد مع ” سراق ولصوص ” في ملكوت الله ..؟! سؤال اطرحه على المعترضين ولن يجيبوا عليه الا في حالة واحدة وهي : ان يرفضوا المسيح ذاته !!
وقد قال الرب يسوع بأن المؤمنين به من كل الشعوب سيتكئون مع الانبياء في ملكوت السموات وكأنها حفلة سماوية لا تنتهي :
· ” وأقول لكم: إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات” ( متى 11:8).
فلو كان الانبياء ” سراق ولصوص ” فكيف سيتكئ المؤمنون بيسوع معهم في ملكوت السموات الا ان كان المؤمنون قد انضموا الى تلك ” العصابة ” السماوية !!!
ونسأل : هل يكتب السراق واللصوص عن مجيء المسيح …؟ لنقرأ :
· “ثم إبتدأ ( يسوع ) من موسى ومن جميع الأنبياء يُفسر لهما الأمور المختصه به في جميع الكتب” (لوقا 27:24).
وقال الرب ايضاً بأن موسى قد شهد له ، وبأن من لا يصدق كلام موسى فلا يصدق كلام المسيح :
· ” لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك فكيف تصدقون كلامي“(يوحنا 46:5).
فلو كان موسى سارقاً ولصاً .. فمعنى هذا ان شهادته عن المسيح ملفقة لأن شهادة اللص والسارق باطلة امام اي محكمة في العالم .. وهذا المنطق لا يتمكن من صده اغبى معاند !!
ونسأل : لمن يشهد سراق ولصوص … وهل تصدق شهادة لص ؟
· ” له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا ” ( اعمال 43:10).
لذلك نجد بولس الرسول وهو يقول :
· ” هكذا أعبد إله آبائي، مؤمناً بكل ما هو مكتوب في الناموس والأنبياء. ” (اعمال 14:24).
والانجيل المقدس قد مدح الانبياء القديسون ..وامر بالتمثل بصبرهم :
· ” خذوا يا اخوتي مثالا لاحتمال المشقات والاناة الانبياء الذين تكلموا باسم الرب ” (يعقوب 10:5 ).
ويأمر بحفظ كلامهم ووصفهم بالقديسين :
· ” لتذكروا الاقوال التي قالها سابقا الانبياء القديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلّص ” ( 1 بطرس 3:2).
· ” ثم قال لي هذه الاقوال امينة وصادقة . والرب اله الانبياء القديسين ارسل ملاكه ليري عبيده ما ينبغي ان يكون سريعا ” ( رؤيا 6:22).
ولا ادري كيف تفتقت للجاحدين عقولهم السقيمة وآفاقهم الضيقة ان يتجرؤا على القاء هكذا اعتراض واهن ، لمجرد اثارة الغبار ضد التوراة ؟! ولو قلبوا عدة صفحات في الانجيل المقدس لادركوا معنى وقصد الرب يسوع في كلامه .. اذ كان يقصد الانبياء الكذبة والمعلمين والرعاة الفاسدين قبله .. وقد ذكر لنا سفر اعمال الرسل اسم شخصين من الذين ادعوا انهم “المسيح ” ( اعمال الرسل اصحاح 5 ) وهما ثوداس ويهوذا الجليلي .. فالمسيح لم يشير باصبع الاتهام ضد اي نبي ، ولم يقل ابداً بأن السراق واللصوص من قبله كانوا هم الانبياء ، فمن اين اخترع اعداء التوراة هذه الفرية ؟
والادهى ان بعض اولئك الجاحدين من يقف في الكنيسة ايام الآحاد ، وفيها يتلى “ قانون الايمان ” الذي يحوي احد بنوده على هذه الكلمات :
· ” وأومن بالروح القدس الرب المحي .. الناطق بالأنبياء ” !
فالروح القدس ناطق بالانبياء .. فهل ينطق في ” سراق ولصوص ” ؟!
ام انهم يتلون الصلوات دون فهم ولا وعي ؟ ويصدق فيهم كلام الرب :
· ” لأنهم مبصرين لا يُبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون” ( متى 13:13).
لذا فان هذا الاعتراض يحتاج الى عقل كعقول مدعيه ليتم استيعابه !
فلنترك هذا الاعتراض الذي هشمناه حطاماً ، ولنواصل مع شهادة الرب يسوع لكتب العهد القديم .. ونقول :
يسوع يصدق كل كتب العهد القديم .. من أولها لآخرها !
جاء في انجيل البشير لوقا 51:11 وانجيل البشير متى 30:23 كلام السيد المسيح وهو يلوم اليهود ويقرعهم، لأنهم بقتلهم إياه سيأتي عليهم دم جميع الأنبياء، من دم هابيل إلى دم زكريا، قائلاً :
· ” لكي ياتي عليكم كل دم زكي سفك على الارض من دم هابيل الصديق الى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل و المذبح ” !
وهنا يشهد المسيح بقانونية جميع الأسفار المقدسة (أي العهد القديم)، فهابيل هو الشهيد الأول (تكوين 8:4) وزكريا هو آخر شهيد رُجم وهو يشهد في الهيكل (2 أخبار أيام 21:24). وبحسب ترتيب أسفار العهد القديم عند اليهود نجد بأن سفر التكوين هو السفر الأول، وسفر أخبار الأيام هو السفر الاخير ، فكأن المسيح يقول من التكوين الى ملاخي !
اي كل اسفار العهد القديم، دون استثناء سفر واحد !
قال يسوع : مكتوب !
نسأل القارئ الكريم : ماذا قصد يسوع مراراً بــ : ” مكتوب ” ؟
الا يقصد بأن مرجعيته تكمن في التوراة والعهد القديم ؟ لدرجة انه في حالة اقسى الجدالات مع المناوئين لم يحتاج الرب يسوع الى اي سلاح آخر سوى الكتاب ، ” انه مكتوب ” ( راجع : متى 4: و7 و10 ؛ لوقا 4: و8 ). فمن هنا فان قبولنا لسلطة وصدق العهد القديم انما اساسه قبول السيد المسيح نفسه ، فهو سلمنا اياه واخبرنا انه كلام الله ، وان الانبياء تكلموا بواسطة الروح القدس ، وان العهد القديم لا يمكن ان ينقضّ . والمسيح باقتباساته المتعددة من العهد القديم قام بتوحيده ودمجه بالعهد الجديد بحيث اصبحا الان يشكلان كتاباً واحداً ، بعنوان مفرد هو : الكتاب المقدس ! وبالانجيلزية The Bible وهي من اصل يوناني βιβλία ” بيبلوس ” وتعني : كتاب ! فهو ” الـكتاب ” بالمفرد ! فالعهدان ليبس لهما سوى صوت واحد ، ويجب ان يثبتا أو يسقطا معاً !
فيستحيل ان نقبل بازدواجية المعايير وانقلاب المقاييس عند المدعين بأنهم مسيحيين ، والذين يرفضون التوراة ، مع بقاءهم مسيحيين ! وما اصدق المثل الانجليزي القائل : ” ليس أعمى كمن لا يريد أن يرى ” !
اذ من غير المنطقي ان نقبل بالانجيل دون القبول بالتوراة ..
فما يحل بهذا يحل على ذاك ، فلا انتقائية هنا ولا اختيار شخصي ولا انتخابات حرة. فنحن أمام كلمة الله كما هي .. فاما ان نقبلها كاملة او نرفضها كاملة ..
والعهدان القديم والجديد اما صحيحان معاً ، او باطلان معاً ..!
الفصل الثاني
رسل المسيح يثبتون ” وحي ” التوراة !
إننا نحن المسيحيين نؤمن إيماناً ثابتاً بأن أسفار العهد القديم قد كُتبت بإلهام ووحي الروح القدس، إستناداً على تعاليم الرب يسوع المسيح نفسه ورُسُلِه الكِرام في الإنجيل كما سنوضح فيما يلي:
داود النبي يتكلم بالروح القدس
يقول يسوع سائلاً اليهود عن المسيح ونسبه :
· “إبن من هو فقالوا إبن داود. فقال يسوع: فكيف إذاً يدعوه داود بالروح قائلاً: قال الرب لربي إجلس عن يميني” (متى 41:22-43) .
فقوله (بالروح) معناه بوحي الروح القدس وذلك في مزمور 110. فيسوع يخبرنا بصريح العبارة بأن داود كان يكتب مسوقاً من الروح القدس ! وتلك شهادة داود النبي عن نفسه ايضاً : ” روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني ” ( صموئيل الثاني 2:23).
وأوضح الرسول بطرس ذلك أيضاً قائلاً:
· “كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا” (اعمال الرسل 16:1) .
اذ قد إستشهد بطرس بالمزامير (مزمور 9:41 و 25:69 و 8:109).
الله أوحى لجميع الأنبياء !!
وقال بطرس أيضاً بأن الله كان يتنبأ بأفواه الانبياء ، فقال:
· “وأما الله فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح” (أعمال 18:3).
وأيضاً قال بأن كل النبوات السابقة قد تكلم بها الانبياء بالروح القدس :
· “لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين بالروح القدس” (2 بطرس 21:1).
أي أن كُتُب العهد القديم قد كتبها رجال الله بوحي الروح القدس. ويقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس أن كل كتب العهد القديم موحى بها من الله ونافعة :
· ” كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البِر، لكي يكون إنسان الله كاملاً مُتأهباً لكل عمل صالح” (2 تيموثاوس 16:3و17).
أما من جهة فوائد العهد القديم فنقول إن له فوائده العظيمة لجميع المؤمنين بالمسيح.
اذ يقول الإنجيل:
· “لأن كل ما سبق فكُتِب، كُتِب لأجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء” (روميه 4:15).
فقول الرسول بولس واضح هنا عن أهمية كتب العهد القديم. كل ” ماسبق فكتب كتب لأجلنا ” ! فهل يعترض احد على أهمية ” ما سبق فكُتب ” ؟
ويقول الرسول ايضاً بأن وصايا موسى والأنبياء هي من أجلنا ولصالحنا :
· ” أم يقول مطلقاً من أجلنا إنه من أجلنا مكتوب ” (1 كورنثوس 10:9).
وعن تاريخ بني إسرائيل في العهد القديم، إنها كُتبت لإنذارنا وفائدتنا، إذ يقول:
· “فهذه الأُمور جميعها أصابتهم مثالاً وكتبت لإنذارنا نحن الذين إنتهت إلينا أواخر الدهور” (1 كورنثوس 11:10).
وقد تكلم أيضاً عن فوائد الكتب المقدسة وعدّد مزاياها، فهي :
· “نافعة للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب والعمل الصالح” (2 تيموثاوس 15:3-17).
يجب على كل مسيحي أن يؤمن بالعهد القديم ويقرأه. فمن أهم فوائد العهد القديم اضافة الى وصاياه وتعاليمه ومزاميره وصلواته وتواريخه، فهو يوضح لنا إلى جانب ذلك كله من هو المسيح حقيقة ويتنبأ عنه في كل آياته وكتبه، وقد فهم ذلك تلاميذ المسيح وإستشهدوا به في جميع أقوالهم وكتاباتهم لسيرة المسيح. فهُم دائماً يُكررون القول: (لكي يتم ما قيل بالنبي القائل…) أو (حتى تُكمل الكُتب…) أو (لكي يتم أيضاً هذا المكتوب…).
وقد أشار الرسل إلى هذه النبوات الإلهيه في التوراة في الشواهد التالية:
· “الذي سبق فوعد به بأنبيائه في الكتب المقدسة عن إبنه” (رومية 2:1-4).
· “أما الله فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه هكذا” (أعمال 18:3).
· “له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال بإسمه غفران الخطايا” (أعمال 43:10).
· “ولما تمموا كل ما كتب عنه أنزلوه عن الخشبة” (أعمال 29:13).
· “فدخل بولس إليهم حسب عادته وكان يُحاجهم ثلاثة سبوت من الكتب موضحاً ومُبيناً أنه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات، وأن هذا هو المسيح يسوع” (أعمال 2:7و3).
· “المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب” (1 كورنثوس 3:15و4).
فلماذا ينكر بعض الجاحدين صحة العهد القديم والتوراة مع علمهم بقبول المسيح ورسله لها ؟ لماذا يخالفون الاجماع المسيحي على مر العصور ؟!
لو كانت التوراة مزيفة فكيف شهد لها المسيح وجميع رسله وتلاميذه ؟
لو شهد للتوراة شاهد واحد فقط لربما دخل الشك في شهادته بحسب القاعدة الكتابية :
“شاهد واحد لا يشهد” (عدد 30:35). بينما التوراة قد شهد لها المسيح وكل رسله ، والكنيسة جمعاء وعلى مر العصور ، فكيف تُرفض شهادتهم ( ؟ )
الكنيسة المسيحية .. مبنية على صخرة التوراة والانجيل !
قال القديس اغسطينوس : “ ان العهد الجديد مخبوء في القديم ، والعهد القديم مكشوف في الجديد ” !
إن الكنيسة المسيحية ومنذ نشأتها وإلى يومنا هذا قد نفَّذت أمر المسيح ورسله من جهة أسفار العهد القديم، وحافظت عليها بكل حرص، وإقتبست منها في كتابات الآباء الأولين أو اللاحقين، وقد فسرّه الآباء القديسين في مجلدات ضخمة، وتأملوا فيه وفي تعاليمه ووصاياه. ومع أن المسيحية قد تفرّقت إلى طوائف ومذاهب، إلاّ أنهم جميعاً يتفقون على كتاب مقدس واحد بعهديه القديم والجديد، ويقرأونه ويفسرونه في كنائسهم وإجتماعاتهم ويصلون بصلواته ويستقون من تعاليمه وآدابه كل ما هو بركه وخير جزيل وتقدم ورقي لأي مجتمع وبلد .
اذ يقول يوحنا الرسول بأن الكنيسة لها البصيرة والحق:
· “إننا نعلم أن إبن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الاله الحق والحياة الأبدية“(1يوحنا 20:5).
وقد أعطى المسيح كنيسته الروح القدس (روح الحق) الذي يُرشدهم إلى الحق، فلذلك حافظت المسيحية طوال تاريخها على أسفار العهد القديم، كما حافظت على أسفار العهد الجديد، لأن العهد القديم يشهد للمسيح ولخلاصه. فبكتب العهد القديم كان الرسل والتلاميذ يخلصون الناس !
سفر اشعياء .. يخلص وزير الحبشة !
إذ نقرأ في بداية عهد الكنيسة وفي أعمال الرسل عن الشماس القديس فيلبس كيف بشر وزير ملكة الحبشة وعمّدهُ بعد أن كرز له عن يسوع المسيح الذي كان يقرأ عنه الوزير في سفر اشعياء الاصحاح (7:53و8) وهو الاصحاح الشهير الذي يسرد آلام وصلب المسيح بتفصيل دقيق ، فنقرأ : “ففتح فيلبس فاه وإبتدأ من هذا الكتاب (أي من سِفر اشعياء) فبشره بيسوع” (أعمال 30:8-35).
فآمن واعتمد .. وذهب في طريقه فرحاً ! وكان السبب في ادخال بشارة الخلاص الى اثيوبيا !
وبنفس الطريقة كان الرسول بولس يكرز بالمسيح معتمداً على الكتب (أعمال 1:17-3) والذين آمنوا يقول عنهم سفر أعمال الرسل 11:17 “فقبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا”. وتلك الكتب ما هي إلا أسفار العهد القديم.
كما نقرأ أيضاً عن القديس أبلوس أنه كان إسكندري الجنس رجل فصيحاً مقتدراً في الكتب (أعمال 24:18)، أي مُلماً ومعتمداً بقوه على كُتب العهد القديم ، وقد إستخدم قدرته هذه في تبشير اليهود أن يسوع هو المسيح ، إذ نقرأ عنه :
· “لأنه كان بإجتهاد يُفحم اليهود جهراً مُبيناً بالكتب أن يسوع هو المسيح” (أعمال 28:18).
فكُتُب العهد القديم ضرورية جداً لإثبات أن يسوع هو المسيح لليهود الذين يُنكرون ذلك.
والرسول بولس كان يكتب لتلميذه المُبشر تيموثاوس مادحاً إياه على إعتماده على الكتب المقدسة (أي العهد القديم) في عمله الكرازي، اذ كتب اليه بوحي الروح القدس :
· “وإنك منذ الطفولية تعرف الكُتب المقدسة القادرة أن تُحكمّك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع” (2 تيموثاوس 15:3).
فهل بعد هذا النص الواضح يتجرأ البعض ان يرفضوا العهد القديم والتوراة؟
كما نقرأ في الانجيل ( العهد الجديد ) مديح الرسول بطرس بشدة للكنيسة لتمسكها وثباتها بكُتب العهد القديم والأنبياء لأنها نور وسراج لسبيلنا، فيقول:
· “وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت التي تفعلون حسناً إن إنتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مُظلم” (2 بطرس 19:1).
وفي الرسالة الى العبرانيين 7:3 يقتبس الكاتب كلمات صاحب المزمور ناظراً اليها ككلمات الروح القدس :
· ” لذلك كما يقول الروح القدس اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم ” ( مزمور 7:95 ).
وكذلك نرى في سفر الاعمال ان كلمات داود في المزمور 10 : 16 ينسبها الرسول بولس الى الله : ” لذلك قال ايضاً في مزمور آخر : لن تدع تقيك يرى فساداً ” ( اعمال 35:13 ).
ويمكننا ان نلاحظ ان الرسل كانوا يمزجون كلمات العهدان وكأنهما كتاب واحد ! .. فبولس الرسول يمزج سفر التثنية بالانجيل حسب لوقا تحت عنوان مشترك ” الكتاب “. وذلك أمر طبيعي جداً ، فيقول :
· ” لان الكتاب يقول لا تكّم ثوراً دارساً ، والفاعل مستحق أجرته ” . ( راجع : تثنية 4:25 ولوقا 7: 10 ).
إنَ هذه الآيات والنصوص الواضحة والصريحة في الإنجيل تشهد لسلامة وصحة وضرورة التوراة وكُتُب العهد القديم جميعها، وتُلزِم المسيحيين في كل الأجيال على التمسُك بها وعدم رفضها لأنها كلمة الله المُقدسة ، كما تمسكت بها الكنيسة المسيحية والى اليوم !
سؤال خطير :
نسأل الرافضين للتوراة : ما هي الكنيسة او الطائفة التي لم تعترف بالتوراة ككتاب مقدس مع الانجيل …؟!
هل يمكن ان يدلنا اعداء التوراة على كنيسة ازالت التوراة من كتابها المقدس وطرحته بعيداً ، مع تحديد في اي زمان ومكان وجدت مثل تلك الكنيسة او الطائفة …؟!
والى ان يجيبوا على هذا السؤال التحدي .. سنتركهم لقرون ونواصل مع نقطة اخرى وهي اعتراضات المعترضين .. ضمن الفصل الثالث .
الفصل الثالث
اسئلة واعتراضات !
اعتراض :
لو كان موسى هو كاتب التوراة فكيف سجل تفاصيل موته (تثنية 34: 5 – 12) ؟
والجواب بسيط :
1- لقد نسب الرب يسوع التوراة الى موسى وانه هو كاتبها وهذا يقطع الشك باليقين لأن المسيح كما قلنا هو ” الحق ” !
2- لماذا لا تكون تفاصيل موت موسى قد أوحيت اليه من الرب الذي يعرف الغيب ؟ ألم يوحي الرب اليه بتفاصيل خلق الخليقة ( تكوين 1 ) وبتفاصيل حياة الاباء الأولين ابراهيم واسحق ويعقوب ؟! وقد أوحى اليه النبوة بمجيء المخلص مستقبلاً (تثنية 18:18) والتي نسبها المسيح الى نفسه كما شرحنا اعلاه ؟
فان كان الرب قد أوحى اليه بتفاصيل كثيرة لم يشهدها موسى فهل يكون عظيماً على الفهم ان يكون قد أوحى اليه ان يكتب تفاصيل موته ؟!
سؤال:
لِماذا لا نكتفي فقط بالإنجيل دون التوراة ؟ وما هي علاقة العهد القديم بالعهد الجديد؟
لأن الكنيسة المسيحية الحقة قد آمنت بكتب العهد القديم والجديد ككتاب واحد ، لكون اليهودية تعتبر ” تمهيد ” للمسيحية .. وهذا ما اعلنه الوحي المقدس حين قال على لسان الرسول بولس :
· ” لأن غاية الناموس هي المسيح ” ( رومية 4:1).
فاليهودية تعتبر اساس البناء والمسيحية هي البيت كاملاً، وان كانت المسيحية هي الشجرة فان اليهودية هي جذروها العميقة .. ومن هدم الاساس سينهار البيت ! لهذا قال الرب بكل وضوح:
· ” لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئتُ لأنقض بل لأكمَّل“(متى 5: 17).
فلا يمكن ترك التوراة والاكتفاء بالانجيل .. لأسباب :
1- أننا سنحذف كنزاً من الروحيات جاءت في العهد القديم، ونكون قد حذفنا وصايا إلهية وأدبية وحِكَم وصلوات ومزامير وتسابيح وتواريخ وسير حياتيه هي في غاية الأهمية دون فائده تُذكر من حذفها.
2- ولو حذفنا التوراة فإننا والحالة هذه يجب أن نحذف الإنجيل أيضاً، لأنه يحتوي على آيات ووصايا ونبوات لا حصر لها مُقتبسه حرفياً ومعنوياً من العهد القديم، لدرجة أنه قلَّما تجد صفحة في الإنجيل لا تحتوي على آيات أو إشارات من العهد القديم. فالتوراة متغللة في جميع صفحات الانجيل كانتشار الدم في جميع اوردة وشرايين الجسم !
3- ولو حذفنا التوراة، نكون قد حذفنا أقوى وأعظم شاهد ودليل أن يسوع هو المسيح بسبب النبوات والإشارات الكثيرة الوارده عنه في العهد القديم. ونكون كذلك قد هدمنا الكثير من العقائد المسيحية مثل حقيقة التجسد والفداء وأُلوهية المسيح وغيرها.
أما عن القسم الثاني من السؤال عن علاقة العهد القديم بالجديد، فنقول :
يجب أن لا يغيب عن أذهاننا حقيقة هامة للغاية وهي أن وصايا التوراة نوعان:
(1) طقسية، فرائضية.
(2) أدبية روحية.
والوصايا الطقسية هي خاصة ببني إسرائيل وهي محدودة ووقتية، والغرض منها:
أولاً: عزل اليهود عن الأُمم الوثنية في تلك العصور المُظلمة حتى لا يتأثروا بعقائد الوثنية الفاسدة.
ثانياً: حتى يتعلموا عملياً بأن تلك الطقوس وإن كانت أوامر إلهية، إلا أنها لم تكن إلا رموزاً إلى حقائق روحية هي المقصودة بالذات. فكل الطقوس والشعائر اليهودية الوقتية قد تمت تماماً في ملئ روحانية العهد الجديد ، ولم يعد على المسيحي اي ثقل لكي يطبقها ويمارسها فقد كانت رموزاً وقتية. فالإنجيل لم ينسخها ولم يُبطلها، بل قد أكملها وأوضحها. ومن تلك الوصايا والشرائع:
1) الذبائح الحيوانية: كذبيحة المحرقة وذبيحة الخطية وذبيحة الاثم وذبيحة السلامة ( اربعة انواع من الذبائح ) كلها تكملت في المسيح ( كما اثبتت الاربعة اناجيل !) والمسيحيون لا يقدمونها الآن، إكتفاءً بذبيحة المسيح التي كانت تلك الذبائح تُشير إليه (عبرانيين 1:10-10).
2) الكهنوت الهاروني: وقد أمسى في العهد الجديد أعظم وأكمل، إذ تكمّل بكهنوت الكاهن الأعظم يسوع المسيح ، اذ “أقسم الرب ولن يندم، أنت كاهن إلى الأبد على رُتبة ملكي صادق” (مزمور 4:110).).
3) الختان : وكان غرض التوراة أيضاً من الختان، هو إشارة إلى ختن القلب من الشهوات (تثنية 16:10؛ 6:30). ولما كمل العهد القديم بالجديد، عيّن الله بدلاً من الختان المعمودية (متى 19:28؛ كولوسي 5:3-17).
وهناك فرائض طقسية أُخرى لا مجال لذكرها كلها، والمُراد منها توجيه القلب إلى الحقائق الروحية، والإنجيل لم ينسخها بل أثبتها ورفع درجتها، وهذا ما عناه السيد المسيح بقوله: ” لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس والأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأُكمِل” (متى 17:5). فالنقض من مناقضة ، تناقض، والمسيح لم يأت ” ليناقض ” التوراة انما ليكملها ! فلا ” تناقض ” بين العهدين انما مسيرة وتوافق !
أما من جهة الوصايا الأدبية، فهي أزلية أبدية، والبشر مُلزمون بها في كل زمان ومكان، ومنها:
عبادة الله الواحد و الوصايا العشر والوصايا الأخلاقية. وهي ثابتة لأنها مُتعلقة بالله، فهي في العهد القديم عينها كما في العهد الجديد، إلا انها مشروحة في العهد الجديد شرحاً كاملاً. فمثلاً:
إن القتل مُحَّرم في التوراة (خروج 30:20). أما المسيح فشرح القتل أنه الغضب الذي يؤدي إلى القتل (متى 21:5و22). لم ينقض الوصية انما شرحها شرحاً أكمل ! فالذي ينقض يفعل العكس .. ” لا تقتل ” نقيضه هو : اقتل ! والمسيح لم ينقض بل أكمل ! وكذلك حرمت التوراة الزنا (خروج 14:20؛ تثنية 18:5) أما المسيح فإعتبر أن كل من ينظر إلى إمرأة وإشتهاها فقد زنى بها في قلبه ، وهذا اكمال وليس نقض (متى 27:5و28). وقد حرّمت التوراة القسم بغير الله وعدم النطق بإسمه باطلاً (خروج 7:20؛ تثنية 11:6). أما المسيح فأمر بترك القسم نهائياً والإكتفاء بالكلام الصادق ، سواء الايجابي او السلبي هكذا : “نعم نعم ولا،لا“(متى 23:5-27). لذلك تنبأت التوراة عن مجئ عهد جديد لتكملة العهد القديم. فقد قال النبي إرمياء:
· “ها أيامٌ تأتي يقول الرب، فأقطع مع بيت إسرائيل وبيت يهوذا عهداً جديداً ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأُخرجهم من أرض مصر. بل هذا هو العهد الذي قطعته مع بيت إسرائيل، بعد تلك الأيام يقول الرب، أجعل شريعتي في داخلهم، وأكتبها على قلوبهم، وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً” (إرمياء 31:31-34 )
فالعهد القديم كان كان عقداً مبرماً بين الله وبني إسرائيل فقط، أما العهد الجديد الذي تنبأ عنه إرمياء النبي فهو بين الله وبين المؤمنين بالمسيح سواء كانوا من بني إسرائيل أو من الأُمم. فالعهد الأول القديم كما قلنا يُشبه بذرة في الأرض، والعهد الجديد يُشبه شجرة نامية. فكأن بذرة العهد القديم قد أنبتت شجرة العهد الجديد والإثنان واحد جوهراً. فلا يصح أن يُقال أن الشجرة قد نَسخت وأبطلت البذرة، بل أتمتها. فلا نسخ ولا إبطال لأن كلمة الله ثابته لا تزول ولا تتبدل.
فالشرائع الطقسية قد اتمها المسيح واكملها ولا يلزم لنا كمسيحيين ممارستها ، اما الوصايا الادبية الروحية والمزامير والنبوات والاحداث التاريخية وسير الانبياء فهي جميعها نافعة لنا روحيا.فالتوراة تعتبر اساس البيت، والانجيل هو البيت المقام عليه كاملاً .
اعتراض :
هل اقتبست التوراة من الأساطير القديمة ؟!..
وهذا سؤال بات يطرحه البعض، ويبني عليه الابراج الوهمية لنزع قدسية التوراة من نفوس المؤمنين .. بينما الأمر في غاية البساطة ، لأن الأمم القديمة كالبابلية والآشورية والسريانية.. مازالت حية قائمة ، وهذه الأمة قد آمنت بالمسيح له كل المجد ..وبكل كتب العهد القديم والجديد كاملة ..لا بل ترجمتها ايضاً الى السريانية وتدعى ” البشيطا ” اي البسيطة !
وتتم تلاوة نصوص من العهد القديم في كل قداس يقام فيها !
فما يزعمه البعض بأنه انتحال من حضارات قديمة نعتبره سخف علمي ، والا لما وجدت اليوم الكنيسة السريانية بكافة فروعها ! تؤمن بالاله الواحد وبكتب العهد القديم، وبالمخلص الآتي من اسرائيل يسوع المسيح !ولكانوا قد عارضوا كل من اتى ليبشرهم بأنه سارق من الاساطير البابلية !؟ وأما عن تلك الحقائق حول : قصة الخليقة ، وجنة عدن ، وآدم وحواء، ونوح والطوفان ، وايوب .. فليست سوى حقائق تاريخية حدثت ودونت في كتب تراثيات وتواريخ ( بابل وآشور ) لكنها اختلطت بالاساطير الوثنية والاسماء المختلفة فيما بعد ..وجاءت التوراة المعصومة ( الموحى بها من الروح القدس ) لتعيد رواية تلك الاحداث ببساطة ووضوح ودقة (خالية من اي اثر للاساطير والخرافات ) فالعكس اذن هو الصحيح !اذ ان تواريخ تلك الشعوب حول احداث الخليقة والطوفان الخ قد زادت من وثاقة التوراة ورسخت الايمان أعمق في قلوب المؤمنين بها ! فما تذكره التوراة عن حوادث سابقة هو توثيق رسمي لتلك الحوادث.
فالخلق والخليقة لم تظهر من العدم الى الوجود نتيجة مصارعة ومعارك بين آلهة وربات وارباب كما علمت اساطير بلاد النهرين ! بل “بكلمة الرب صُنعت السماوات ” (مزمور 32: 6).
فحادثة الطوفان ونوح مسرودة بتفاصيل عديدة في المكتشفات الاثرية لبلاد اشور وبابل ( مع اختلاطها باساطير الآلهة وصراعاتها ) في حين انها في التوراة تخلو من عنصر الاسطورة والخرافة. فالحادثة حقيقية قد وقعت ولكن التفاصيل الصغيرة تختلف بين الاسطورة البابلية و الحقيقة التوراتية. كإسم بطل حادثة الطوفان الذي اسمه هو ” نوح ” في التوراة ،بينما هو “اوتنابشتيم ” في اسطورة ملحمة جلجاميش ، لأن حادثة الطوفان قد جرى تداول قصتها بين الاجيال المتعاقبة بعد نوح شفوياً فاختلطت بالحكايات والاساطير الى ان تمت كتابتها على الاثارات البابلية ، فتحول اسم “نوح ” مع الزمن الى ” اوتنابشتيم ” ! لكن لن يعوق اختلاف الاسم عن الاعتقاد بأن الحادثة قد وقعت احداثها !
فما ورد في كتابات الاشوريين والبابلين حول احداث الخليقة والطوفان الخ .. تعتبر المدماك التي تزيد من صدقية التوراة المقدسة وتسندها بالتوثيق !
سؤال : هل اقتبست شريعة موسى من شريعة حمورابي ؟!
ونُجيب بنعمة الرب :
ان وجود تشابه بين بعض الوصايا لا يعني نقلاً ، انما هو توافق في ” صيغ ” انسانية ! لأنه ان كانت شريعة حمورابي المدنية تعتمد على العدل في محاسبة المخطئ ، فيمكن اعتبارها شريعة الهية في ضمير البشر ، قد زرعت فيهم منذ ايام آدم وحواء والى نوح. والحق يبقى حقاً لانه من الله ، فهو الذي أمر بأن ” يُشرق نور من ظلمة ” ( 2 كورنثوس 6:4). وهو يقدر ان يجعل نبياً عرافاً ان ينطق بكلام الحق حتى لو كان بغير ارادته كما حدث مع بلعام ! ( سفر العدد 17:24).
وجعل رئيس الكهنة قيافا يقول كلمة حق كنبوة ! ( يوحنا 50:11). وهكذا قد اشرق بعض النور بين ظلام الوثنية وسطع في قلب حمورابي، فوضع احكاماً عادلة نافعة لذلك العصر.
فالوحي استخدم بعض الالفاظ المتعارف عليها عند البشر ، وكلمهم كما يفهمون ، واستخدم صيغ ما يدركون .. فان كان الرب قد استخدم ” صيغة ” قديمة لصياغة بعض الوصايا المقدسة في التوراة ، فان هذا استخدام لما هو مفهوم ومتداول عند الناس ، وقد صار لتلك الوصية بعداً مقدساً وسلطة .
يقول العلامة ف. كنيون: F. Kenyon “من الطبيعي أن شرائع تعالج مشاكل مماثلة في بلاد مجاورة قد تكون بينها عناصر وعقابات متشابهة. ولكن حمورابي أغفل معظم ما ذكره موسى والعكس بالعكس.“
لذلك نسأل بناء على استنتاج كنيون :
لو كانت التوراة قد نقلت من شريعة حمورابي فلماذا لم تنقل بالضبط كنسخة كربونية ؟ لماذا لم تنقل كل شيء ؟ اذ نجد اختلافاً في الصيغ ، بل اختلافاً ايضاً في الجوهر !
اختلافات جوهرية بين شريعة التوراة وقوانين حمورابي !
فلننظر في بعض هذه الاختلافات الجوهرية :
– في قانون حمورابي رقم 6 نقرأ بأن من يسرق معبداً او ممتلكات حكومية فعقوبته هي الاعدام والموت . بينما في شريعة التوراة فالعقوبة هي التعويض للمجني عليه (خروج 21: 37). اختلاف جوهري !
– في قانون حورابي رقم 16 نقرأ بأن من يساعد عبداً هارباً أو آواه فعقوبته هي الاعدام ! اما في شريعة التوراة فلا يجب اعادة العبد الهارب الى سيده ( سفر التثنية 15:23 ).
– في قانون حمورابي رقم 154 نقرأ إذا ما قام رجل برتبة بمجامعة ابنته، فإن الأب سيجبر على مغادرة المدينة ! اما في شريعة التوراة فعقوبته هي الاعدام !( سفر اللاويين 29:19).
– في قانون حمورابي رقم 195 نقرأ : ” من ضرب أباه تُقطع يده ” ، بينما في شريعة التوراة : “من ضرب أباه أو أمه يُقتل قتلاً ” (خروج 15:21).
– في قانون حمورابي رقم 230 نقرأ عن تشريع يقول بأنه اذا سقط بيت فوق ابن صاحبه فإن ابن الباني يساق الى الموت ! وهذا جرم بحق البريء ويشابه هذا القانون القانون رقم 210 الذي يقول اذا ضرب رجل حر امرأة حرة وماتت ، فان ابنة الضارب تستوجب الموت !
بينما في التوراة هذا ظلم شديد لأن الابناء لا يؤخذون بذنب آبائهم ! ” النفس التي تخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من اثم الاب ، والآب لا يحمل من ذنب الابن ” ! ( حزقيال 20:18).
– في شريعة حمورابي يُلاحظ التفريق في مستوى العقوبة وشدتها اعتماداً على الطبقية بين الاحرار والعبيد. في حين ان التوراة تمنع المهادنة مع السيد على حساب العبد.
وهكذا فإن هذه الفوارق الشديدة تظهر البون الشاسع بين شرع البشر وبين حكم الرب في التوراة المقدسة والتي شهد لها المسيح ورسله .
جاء في الكتاب الشهير (برهان جديد يتطلب قراراً ) هذه الشروحات من علماء واساتذة حول شريعة حمورابي ما يلي :
· ” يشرح أرشر أنه يجب أن يكون مفهوماً أن الاختلافات بين التوراة وشريعة حمورابي مذهلة أكثر من تشابههما، وأن الاختلافات تنتج من المجموعة النظامية من المفاهيم في موضوع الحياة أو الثقافة البشرية التي تتقيد بها كل واحدة من هاتين الثقافتين. (Archer, SOTI,162). ومن ناحية أخرى: فإن الشريعة البابلية تزعم أن حمورابي تلقاها من إله الشمس. وموسى تلقي قوانينه (الناموس) من الله. بالرغم من ادِّعاء حامورابي أنه تلقى قوانينه من إله الشمس فإنها تأخذ سمعتها من المقدمة والخاتمة، فهو وليس إله الشمس الذي أسس النظام والعدالة في كل الأرض، وعلى العكس من ذلك، فإن موسى كان مجرد أداة، فالتشريعات تقول: «هكذا يقول يهوه». (Unger, AOT,156)
علاوة على ذلك، «فإن القوانين العبرانية وضعت قيمة أكبر على الحياة البشرية، واهتماماً أكبر لتكريم المرأة، ومعاملة آدمية للعبيد، فضلاً عن ذلك فإن مجموعة القوانين البابلية لا يوجد بها شيء يتماثل مع ذلك الخيط الذهبي الموجود في التشريع الموسوي – حب الله وحب الجار (متى 22:37-40). (Unger, AOT,157). واستمر انجر فيقول إن قوانين حمورابي تتكيف مع حضارة الري وزرع الأرض، ومع التجارة في المجتمع المدني (منسوب إلى المدينة) في أرض ما بين النهرين. ومن ناحية أخرى فإن وصايا موسى تناسب شعباً تقوم حياته على الزراعة والرعي في أرض جافة مثل فلسطين، التي هي أقل تقدماً في التطور الاجتماعي والتجاري، ولكنهم واعون في كل مراحل حياتهم على دعوتهم الإلهية». (Unger, AOT, 156). وأخيرا،ً تحتوي مجموعة القوانين العبرية الكثير من الوصايا والطقوس الدينية، أما مجموعة قوانين حمورابي فهي قوانين مدنية. على أي حال فإن النواميس الكهنوتية في سفر اللاويين تحتوي على كثير من نقط التلامس مع الطقوس الكهنوتية في غرب آسيا سواء في كنعان أو فينيقية أو في ما بين النهرين». (Unger, AOT, 156) يجد فري عدم وجود ارتباط حقيقي بين القوانين الموسوية (الناموس) وقوانين حمورابي. مثل هذه المعلومة قالها بارتون وهو أستاذ ليبرالي في جامعة بنسلفانيا، الذي قال «إن المقارنة بين مجموعة قوانين حمورابي ككل مع شرائع أسفار موسى الخمسة ككل في حين أنها تكشف لنا تشابهات معينة، فإنها تقنع الدارس أن قوانين العهد القديم لا تعتمد مطلقاً على القوانين البابلية، التي تحتوي على قوانين خاصة بالجنود، وجامعي الضرائب، وتجار الخمور.(Free, ABH,121) ويتوصل سايس وهو عالم متخصص في الحضارة الأشورية إلى أن الاختلاف بين التشريعيين فيما يتعلق بتجار الخمور على وجه التحديد هو سمة مميزة للاختلاف الذي يظهر في كثير من الأمور بينهما، كما يجعل التباين بينهما أكبر بكثير وأكثر حدة من أي اتفاق يمكن أن يشار إليه. (Sayce, MFHCF,72) ..” ( كتاب : برهان جديد يتطلب قراراً – ص 389).
ومن جهة اخرى : فإن المعترضون على التوراة بسبب هذه الحجة الواهنة انما يعترضون ايضاً على قرآن المسلمين ! فكيف يشهد القرآن لكلام مقتبس من حمورابي علي انه وحي ؟
اذ جاء في سورة المائدة قوله :
· “وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ “) المائدة 45).
فالقرآن يشهد بأن الله هو من ” كتب ” تلك الوصايا في التوراة لبني اسرائيل.
والسؤال الذي يحيرني : لماذا يعترض السطحيون على التوراة بسبب شريعة حمورابي ، في حين انهم يصمتون صمتاً مطبقاً امام القرآن الذي حوى ذات الصيغ ؟!
سؤال : لماذا اعتبرت التوراة اليهود كشعب الله المختار ؟!
الجواب: نقول إن اليهود كانوا شعباً خاصاً مُختاراً لله وذلك حتى يأتي المسيح منهم وبه تتبارك جميع أُمم وقبائل الأرض، ويُصبح كل مؤمن به إبناً لله، ومُنتمياً لشعب الله الجديد الجامع لكل الشعوب والأجناس. فإن الرسول بطرس يقول:
-
“ أنتم (أي الشعب المسيحي) فجنسٌ مُختار وكهنوت ملوكي، أُمة مُقدسة شعب إقتناء لكي تُخبروا بفضائل الذي دعاكُم من الظلمة إلى نوره العجيب، الذين قبلاً لم تكونوا شعباً، وأما الآن فأنتم شعب الله. الذين كُنتم غير مرحومين وأما الآن فمرحومون” (1بطرس 9:2و10).
وفي قراءتنا من رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية الإصحاحات الهامة 9-11 نرى بولس يوضِّح علاقة شعب الله الجديد (المسيحي) بالشعب القديم (أي اليهود)، فيقول عنهم:
-
“الذين هم إسرائيليون ولهم التبني والمجد والعهود والإشتراع والعباده والمواعيد، ولهم الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلهاً مُباركاً” (رومية 4:9).
وقد أوضح بولس بعبارات صريحه أن الله لم يرفض كل شعبه إسرائيل، بل أبقى بقية حسب نعمته، والباقون تقسّوا وذلك ليس لكي يسقطوا ويهلكوا بل ليصير الخلاص لجميع الأُمم والشعوب. فيجب على المسيحي ألا يفتخر على اليهود (رومية 1:11-18). وقد أنبأ بولس أن إسرائيل أيضاً سيخلُص أخيراً ويؤمن بالمسيح فيقول:
-
“إن القساوة حصلت جزئياً لإسرائيل إلى أن يدخل ملئ الأُمم. وهكذا سيخلص جميع إسرائيل كما هو مكتوب، من جهة الإنجيل هم أعداء من أجلكم، وأما من جهة الإختيار فهم أحباء من أجل الآباء” (رومية 25:11-28).
والله لم يرفض شعبه القديم .. ولكن تركه لاسباب :
-
” فاقول ألعل الله رفض شعبه.حاشا.لاني انا ايضا اسرائيلي من نسل ابراهيم من سبط بنيامين لم يرفض الله شعبه الذي سبق فعرفه.” ( رومية 1:11)
فعبارة ” شعب الله المختار ” صحيحة .. ولكن باعتبارات !
اذ ان الشعب الاسرائيلي هو الشعب الذي اختاره الرب لنفسه – اذ كان يجب ان يختار اي شعب لكي يتسنى ان يأتي منه المسيح المنتظرمخلص العالم أجمع – ولكن برفضهم اياه .. فقد سحبت منهم هذه الرتبة ( ان جاز التعبير ) الى ان يعودوا في أواخر الايام ويؤمنوا بأن يسوع هو المسيح ..مثلهم مثل الابن الضال الذي ضرب المسيح مثله ( لوقا 15) .. اذ طلب الميراث من ابيه وترك البيت وذهب الى كورة بعيدة، فهو امام الناس لا يعيش في بيت ابيه ولا تحت سلطانه ولا ابوته ( مع كونه بالطبيعة هو ابن ابيه بالولادة). هكذا اليهود سيؤمنون بيسوع انه المسيح ، وسيعودون لبيت الآب ..وستتحقق فيهم النبوة الواردة في سفر زكريا ..بأنهم سينظرون الى الذي طعنوه على الصليب وينوحون عليه كنائح على وحيده :
-
” ويكون في ذلك اليوم اني التمس هلاك كل الامم الآتين على اورشليم .وافيض على بيت داود وعلى سكان اورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون اليّ الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له ويكونون في مرارة عليه كمن هو في مرارة على بكره “(زكريا اصحاح 12 عدد 10).
ولكن لن يؤمن الجميع .. انما سيهلك ثلثلين من اسرائيل .. ويخلص الثلث بعدما سيعاني من ضيقة عظيمة سميت ” ضيقة يعقوب ” (راجع : زكريا 9:13). فاليهود سيؤمنون بيسوع انه المسيح قبل النهاية .. ولهذا سمح الرب بعودتهم تمهيداً وعلامة من علامات مجيء المسيح ثانية بمجد عظيم ..اذ سبق ان تنبأ الكتاب المقدس بهذه العلامة وبعودة اليهود ..ثم لم يبقى سوى ان يمروا بالضيقة العظيمة التي ستأتي عليهم وعلى الارض ..وها بوادرها تلوح في الافق .. من تهديدات ايران الاسلامية بمحو اسرائيل من خارطة العالم!( 1 )
وهذا التهديد تنبأ عنه الكتاب بقول الوحي :
-
” قالوا هلم نُبدهم من بين الشعوب , ولا يُذكر إسم اسرائيل بعد “(مزمور 4: 84).
فاليهود سيؤمنون بالرب يسوع بعد عودتهم الى اورشليم ..وبعد حصار الأمم الوثنية والاسلامية لها ومحاولة ابادتهم ..فسينزل الرب على جبل الزيتون .. وسيفيض على شعبه
” روح النعمة والتضرعات ” ليؤمنوا ..وسيعاقب كل الأمم الاتية الى اورشليم، وهذا ما حددته النبوة المباركة في سفر زكريا النبي :
-
“ هوذا يوم للرب ياتي فيقسم سلبك في وسطك . واجمع كل الامم على اورشليم للمحاربة فتؤخذ المدينة وتنهب البيوت وتفضح النساء ويخرج نصف المدينة الى السبي وبقية الشعب لا تقطع من المدينة فيخرج الرب ويحارب تلك الامم كما في يوم حربه يوم القتال . وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام اورشليم من الشرق فينشق جبل الزيتون من وسطه نحو الشرق ونحو الغرب واديا عظيما جدا وينتقل نصف الجبل نحو الشمال ونصفه نحو الجنوب . وتهربون في جواء جبالي لان جواء الجبال يصل الى آصل وتهربون كما هربتم من الزلزلة في ايام عزّيا ملك يهوذا. ويأتي الرب الهي وجميع القديسين معك ويكون في ذلك اليوم انه لا يكون نور . الدراريّ تنقبض . ويكون يوم واحد معروف للرب“( زكريا 1:14-7)
__________
( 1 ) صرح الرئيس الايراني احمدي نجاد مراراً بوجوب ازالة اسرائيل من الخارطة ! ويمكن مراجعة هذا الخبر من موقع قناة الجزيرة الاخبارية : “نجاد يتحدث عن بدء العد التنازلي لزوال إسرائيل”
http://www.aljazeera.net/News/archive/archive?ArchiveId=1059832
فمصطلح : ” شعب الله المختار ” متفق عليه في التوراة والانجيل ، بل في القرآن ايضاً !
كما صرح القرآن بكل وضوح :
-
” وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ” ( الدخان 32).
جاء في تفسير القرطبي :
-
” وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ يعني بني إسرائيل . علَى عِلْمٍ أي على علم منا بهم لكثرة الأنبياء منهم .عَلَى الْعَالَمِينَ أي عالمي زمانهم , بدليل قوله لهذه الأمة : ” كنتم خير أمة أخرجت للناس ” آل عمران : 110 . وهذا قول قتادة وغيره . وقيل : على كل العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء . وهذا خاصة لهم وليس لغيرهم ; حكاه ابن عيسى والزمخشري وغيرهما . ويكون قوله : ” كنتم خير أمة ” أي بعد بني إسرائيل . والله أعلم . وقيل : يرجع هذا الاختيار إلى تخليصهم من الغرق وإيراثهم الأرض بعد فرعون .” ( الجامع لاحكام القران – القرطبي – سورة الدخان: 32).
فالقرآن صريح بأن اليهود هم شعب الله المختار ، لاحظ المفردة القرآنية : ” إخترناهم “..! وكذلك اعترف القرآن بتفضيل بني اسرائيل على العالمين ! .. اذ قال :
-
“يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين“( سورة البقرة :47)
وأعاد ترداد ذات الكلام بالحرف في الآية 122 من ذات سورة البقرة لأهميته. كما صرح بأنه أعطاهم الارض من شرقها الى غربها ، وكأن القرآن يقول من النيل الى الفرات !
-
” واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا” ( سورة الاعراف: 137).
فالقران ايضاً يوافق الكتاب المقدس ويثبت في نصوصه ملكية بني اسرائيل لهذه الارض ! نقرأ:
-
” اذ قال موسى : يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التيكتب الله لكم ” (المائدة 21-22).
جاء في تفسير الزمخشري : ” يعني أرض بيت المقدس ” ! وذات التفسير بالحرف جاء في تفسير النسفي والطبري والبغوي والقرطبي والطبرسي ! فهو اجماع من كبار علماء القرآن !
-
” اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم ” ( الاعراف 161).
وقال القرطبي والجلالين وابن كثير بان القرية هي : بيت المقدس!
-
وفي سورة الشعراء :59 نقرأ ” فاخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك اورثناها بني اسرائيل ” !
سؤال : أليس اليهود هم من أشاعوا نظرية الشعب المختــار ؟
والجواب على ذلك:
أولاً: إن إختيار الله لهم ليكونوا شعباً خاصاً هو من تدبيره الأزلي وحكمته ليجمع بهم جميع الشعوب والأُمم بالمسيح، وهذا ثابت بشواهد لا حصر لها في كُتب العهد القديم والتي أثبتنا صحة وحيها وصدق نبواتها بشواهد من الإنجيل صريحة وواضحة.
ثانياً: لا يمكن لليهود تحريف التوراة والإدّعاء أنهم شعب الله، وإلا ما كانت تحتوي كُتب العهد القديم عن قصص إرتدادهم عن الله وعبادتهم العجل وخطاياهم وعبادة البعل والآلهة الكاذبة، ولا كانت قد ذكرت التوراة بأنهم شعب صُلب الرقبة وقاسي القلب (خروج 20:32؛ تثنية 7:9-29؛ 1ملوك 18)؛ وأيضاً ما كانت قد ذكرت مُعاقبة الرب لهم كُلّما أخطأوا في جميع أجيالهم وتركوا وصايا الرب. فلو أنهم حرّفوا التوراة، فالأولى لهم أن لا يذكروا عيوبهم وخطاياهم.
ثالثاً: إن كُتب العهد الجديد (الإنجيل) قد حوت شواهد كثيره تُثبت إختيار الله لبني إسرائيل شعباً، ومن هذه الشواهد:
يوضح الإنجيل أن الله سلّمهم الكُتب المقدسة وقد حافظوا عليها. يقول بولس الرسول :
-
“إذاً ما هو فضل اليهودي…أما أولاً فلأنهم إستؤمنوا على أقوال الله” (رومية 1:3و2).
وقول الرب يسوع للسامرية :
-
“لأن الخلاص هو من اليهود” (يوحنا 22:4).
كذلك المسيح دعاهم بـ أبناء الله و ” بنو الملكوت” (متى 12:8؛ 26:15). وقد جعل كل سنوات خدمته لليهود، كما أنه أوصى تلاميذه قائلاً:
-
“إلى طريق أُمم لا تمضوا، وإلى مدينةٍ للسامريين لا تدخلوا، بل إذهبوا بالحري إلى خِراف بيت إسرائيل الضالة” (متى 5:10و6).
وعندما إنتهت خدمة يسوع على الأرض، أرسل تلاميذه إلى جميع الأُمم والشعوب ولكن إبتداءً من أورشليم وأن “يكرزوا بإسم المسيح بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأُمم مبتدأً من أورشليم” (لوقا 47:24). ولذلك كان الرسل يُنادون بالخلاص لبني إسرائيل أولاً، ومتى رفضوا ، كانوا يذهبون إلى الأُمم (أعمال الرسل 46:13؛ 6:18؛ 28:28).
سؤال : هل كان هذا الإله عنصرياً لليهود دون غيرهم؟
بالتأكيد لا ! للأسباب الآتية:
أولاً :
ان الرب اله العهد القديم قد احب كل الشعوب وليس بني اسرائيل وحدهم ، ولكنه اختارهم ليكونوا كالشاهد له بين الشعوب ! ” انتم شهودي يقول الرب ” ( اشعياء 8:44-20). وهم الذين اختارهم من بين الشعوب ، وهذا ليس دلالاً وغنجاً لهم انما خدمة سيعاقبون ان قصروا فيها :
-
” اياكم فقط عرفت من جميع قبائل الارض لذلك اعاقبكم على جميع ذنوبكم ” ( عاموس 3:2).
فاختيارهم كان مسؤولية ، يحاسبهم عليها بقسوة اضعاف غيرهم .. اذ قال :
-
” وان كنتم مع ذلك لا تسمعون لي ازيد على تأديبكم سبعة اضعاف حسب
خطاياكم” ( لاويين 26:18).
ومن جهة اخرى فقد مدح الرب وتنبأ عن خلاص الأمم الاخرى قائلاً :
-
· ” في ذلك اليوم تكون سكة من مصر الى اشور فيجيء الاشوريون الى مصر والمصريون الى اشور ويعبد المصريون مع الاشوريين . في ذلك اليوم يكون اسرائيل ثلثا لمصر ولاشور بركة في الارض بها يبارك رب الجنود قائلا مبارك شعبي مصر وعمل يدي اشور وميراثي اسرائيل “
( اشعياء 24:19و25).
لذلك لم تتغاضى التوراة عن ذكر شخصيات كتابية عظيمة ،كانت من خارج شعب اسرائيل! مثال :
ملكي صادق ، الذي بارك ابراهيم ! ( تكوين 19:14و20 ؛ عبرانيين 6:5-11 ؛ 1:7-3).
يثرون كاهن مديان وحمو موسى ( خروج 9:18-12).
راحاب من اريحا – جدة المسيح المنتظر – ( يشوع 9:2-12 و عبرانيين 31:11 ويعقوب 25:2).
راعوث المؤابية – جدة المسيح المنتظر – ( راعوث 16:1-17).
نعمان السرياني ( 2 ملوك 15:5-17).
مدينة نينوى الآشورية ! ( سفر يونان ). وقد دعاها الرب بهذا الوصف : ” المدينة العظيمة “!
اسفار في العهد القديم بأسماء غير يهودية !
فنقرأ عن أيوب الذي لم يكن يهودياً، ونقرأ قصة حياته ونرى تعاملات الله معه، وقد دّون سفر كامل في الكتاب المقدس باسمه ( سفر أيوب ) !
ونقرأ عن راعوث المؤابية ( غير يهودية ) وعلاقتها بالرب وكتابة سفر كامل باسمها ، وكيف اصبحت جدة للملك داود الذي سيأتي من نسله المسيا المنتظر ( المسيح ) !
هل كنا سنحلم ان نقرأ بأن جدة المسيا المنتظر هي من غير شعب اسرائيل ، أي من الأمم البعيدة ، لو كانت التوراة من صناعة وطبخ اليهود وليس وحي الروح القدس ؟!
في التوراة : لا فرق بين ابيض وأسود !
التوراة لا تفرق بين الشعوب ولا بين الابيض والاسود !
فموسى النبي ( كاتب التوراة الملهم ) كان قد تزوج بسيدة سوداء ( كوشية ) !
وحين اعترضت اخت موسى :
-
“و تكلمت مريم و هرون على موسى بسبب المراة الكوشية التي اتخذها لانه كان قد اتخذ امراة كوشية “( سفر العدد 12: 1)
يخبرنا الكتاب المقدس بأن الرب قد حمي غضبه على مريم وضربها بالبرص ! ( العدد 10:12)
ولكن لماذا البرص بالذات وليس بأي عقاب آخر ؟
ونجيب : بأن البرص كان العقاب الملائم لعنصريتها ضد المرأة الكوشية ذات الجلد والبشرة السوداء ! فضرب الرب مريم ” بجلدها ” وجعله ابيض بزيادة ، برصاء ! ولسان حال الرب كان : هل ترفضين امرأة بسبب لون جلدها الاسود ، اذن تمتعي يا مريم بالبرص الذي حول لون جلدك الى بياض ومرض خطير !!
التوراة لا تفرق بين الشعوب ولا الألوان !
ولن ننسى ان نخبر بأن الذي انقذ إرمياء النبي حين القي في البئر الموحل كان رجلاً كوشياً اسوداً ! ( راجع سفر إرمياء الاصحاح 38) واقرأ عن ” عبد ملك الكوشي ” !
ثانياً :
يخاطب الرب شعبه بأنهم كمثل الشعوب الاخرى ! ( عاموس 7:9 ؛ اشعياء 24:29-25)
-
” التفتوا اليّ واخلصوا يا جميع اقاصي الارض لاني انا الله وليس آخر. ” ( اشعياء 21:45-22).
وابناء الغريب مقبولون عند الرب ولهم اسم ، لأن الهيكل هو لكل الشعوب !
-
“.. وابناء الغريب الذين يقترنون بالرب ليخدموه وليحبوا اسم الرب ليكونوا له عبيدا كل الذين يحفون السبت لئلا ينجسوه ويتمسكون بعهدي آتي بهم الى جبل قدسي وافرحهم في بيت صلاتي وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحي لان بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب.” ( اشعياء 3:56-7).
ورسالة بني اسرائيل هي ان تخبر بمجد الرب بين الامم لأنهم اخوتهم !
-
” ويحضرون كل اخوتكم من كل الامم تقدمة للرب على خيل وبمركبات وبهوادج وبغال وهجن الى جبل قدسي اورشليم قال الرب كما يحضر بنو اسرائيل تقدمة في اناء طاهر الى بيت الرب.” ( اشعياء 21:66).
فالرب يعتبر الأمم الاخرى كأخوة لبني اسرائيل !
وكل الأمم ستمجد اسم الرب :
-
” لأنه من مشرق الشمس الى مغربها اسمي عظيم بين الأمم وفي كل مكان يُقرب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة لأن اسمي عظيم بين الأمم قل رب الجنود ..” ( ملاخي 11:1)
-
” لأني انا ملك عظيم قال رب الجنود واسمي مهيب بين الأمم ” ( ملاخي 14:1)
والأمم الاخرى ستعبد الرب اينما كانوا :
-
” فسيسجد له الناس كل واحد من مكانه ، كل جزائر الأمم ” ( صفنيا 11:2).
وعبادتهم تلك سيقبلها الرب عندما ينطقون باسمه كل واحد في ارضه وبلغته :
-
” لأني حينئذ أحول الشعوب الى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة ” ( صفنيا 9:3)
فأي انسان من اي أمة ولسان ولغة يدعو باسم الرب يخلص !
-
” ويكون ان كل من يدعو باسم الرب ينجو ” ( يوئيل 32:2).
ثالثاً :
اهتم الرب ان يوحي بأيات ووصايا عديدة توصي بمحبة الغريب والاعتناء به ومعاملته بالضبط كما يُعامل اليهودي ! يقول الكتاب المقدس وبالتحديد من التوراة المقدسة :
-
” لا تكره ادومياً لانه اخوك لا تكره مصرياً لانك كنت نزيلا في ارضه “) التثنية 7:23).
“لا تكره مصرياً”، هذه هي وصية التوراة لشعب اسرائيل ، لأنهم عارفون نفس الغريب !!
فلو كان هذا الكتاب عنصرياً او محرفاً ، او كارهاً لغير اليهود فهل يُعقل ان تجد في مضمونه أمراً ووصية وتعليماً بعدم كراهية اي مصري ؟ لدرجة حمل الجميل والامتنان لهم، لأن الشعب الاسرائيلي كان نزيلاً في ارض مصر، في حين ان المصريين قد إستعبدوهم بقهر !
لا بل أوصاهم الرب بأن يحبوا كل الغرباء ” كأنفسهم ” ولو كانوا وثنيين .. مثلهم مثل “الوطني ” الاسرائيلي :
-
“كالوطني منكم يكون لكم الغريب النازل عندكم وتحبه كنفسك لانكم كنتم غرباء في ارض مصر . انا الرب الهكم ” ( لاويين 34:19).
فهل هذا كلام عنصري من أناس عنصريين ؟
-
” فاحبوا الغريب لانكم كنتم غرباء في ارض مصر ” (تثنية 19:10).
هل هذا كلام عنصري من كتاب عنصري ؟
ونقرأ عن كيفية استخراج جزءاً من المحصول ليتم تخصيصه للغريب الاجنبي وللارامل والايتام وبما في هذا من خير ورحمة وانسانية وبركة :
-
” اذا حصدت حصيدك في حقلك ونسيت حزمة في الحقل فلا ترجع لتأخذها للغريب واليتيم والارملة تكون لكي يباركك الرب الهك ” ( تثنية 24:19).
-
“واذا خبطت زيتونك فلا تراجع الاغصان وراءك . للغريب واليتيم والارملة يكون” (تثنية 24:20).
-
“وعندما تحصدون حصيد ارضكم لا تكمل زوايا حقلك في حصادك ولقاط حصيدك لا تلتقط . للمسكين والغريب تتركه . انا الرب الهكم” (لاويين 23:22).
وحصة اللاويين ( الكهنة ) من مدخول الارض والعشور والبواكير .. يعطي نصيب منه للغرباء الاجانب المقيمين مع بني اسرائيل ! لنقرأ :
-
“فيأتي اللاوي لانه ليس له قسم ولا نصيب معك والغريب واليتيم والارملة الذين في ابوابك وياكلون ويشبعون لكي يباركك الرب الهك في كل عمل يدك الذي تعمل” (تثنية 14:29).
فالرب يحب الغريب الاجنبي ويرزقه المعيشة والكسوة كما يرزق اليتيم والارملة من بني اسرائيل !لنقرأ :
-
” الصانع حق اليتيم والارملة والمحب الغريب ليعطيه طعاما ولباسا “( التثنية 10:18).
ويحتفل حتى الغريب ويفرح في كل اعياد بني اسرائيل مثله مثل كل الشعب بكل فئاته :
-
” وتفرح في عيدك انت وابنك وابنتك وعبدك وامتك واللاوي والغريب
واليتيم والارملة الذين في ابوابك“(تثنية 16:14).
ويحذر الرب تحذيراً شديداً كل من يعوج قضاء وحكم الغريب الاجنبي ! لنقرأ :
-
” لا تعوج حكم الغريب واليتيم ولا تسترهن ثوب الارملة ” (تثنية 17:24).
ويشدد محذراً من ان يتم اضطهاد او كراهية الغريب الاجنبي في ارض اسرائيل ! فلنقرأ :
-
“ولا تضطهد الغريب ولا تضايقه . لانكم كنتم غرباء في ارض مصر” (خروج 22:21).
وليس فقط الاضطهاد .. انما لا تجوز حتى مضايقته !!
-
“ولا تضايق الغريب فانكم عارفون نفس الغريب . لانكم كنتم غرباء في ارض مصر” (خروج 23:9).
لا بل يتجاوز الى ما هو ارفع من هذا ، اذ يعتبر الغريب كالوطني من بني اسرائيل .. ويحبه كنفسه!
-
” كالوطني منكم يكون لكم الغريب النازل عندكم وتحبه كنفسك لانكم
كنتم غرباء في ارض مصر . انا الرب الهكم “( لاويين 19:34).
والاحكام القضائية والجنائية تكون احكاماً عادلة متساوية بين المواطنين والاجانب !
-
“حكم واحد يكون لكم . الغريب يكون كالوطني . اني انا الرب الهكم” (لاويين24:22).
لا بل يأمر وبكل صراحة بمحبة الغريب الاجنبي !
-
“فاحبوا الغريب لانكم كنتم غرباء في ارض مصر“( تثنية 10:19).
اسأل متعجباً هل هناك يهود يقولون من انفسهم :
” في ذلك اليوم يكون اسرائيل ثلثا لمصر ولاشور بركة في الارض “( اشعياء 24:19) ؟
اعتراض : هل تم تحريف التوراة ؟
ولهذا الاعتراض قد أفردنا فصلاً كاملاً لمناقشة هذه التهمة الزائفة بتمهل وتفصيل !
الفصل الرابع
هل يمكن تحريف التوراة …؟
علامات الاستفام كلها !
ان اكذوبة تحريف التوراة ترفع امام أعين الزاعمين اسئلة لا حصر لها بل كل علامات الاستفهام التي نعرفها: متى ، أين ، كيف ، من ، لماذا ..؟
ولنطرح أول علامة استفهام وهي : من هو المتهم ؟
فمن الذي حرف التوراة ؟
اتراهم اليهود ؟ فإن كانوا هم ، فلماذا لم يتكلم المسيحيون ؟ لماذا لم يكشفوا تحريفهم للتوراة وقد امست التوراة كتاباً مقدساً لدى المسيحية ؟
لماذا لم يوبخهم المسيح ورسله ..؟
بل بالعكس نرى الانجيل يصرح بأوضح الكلمات بأن اليهود قد استؤمنوا على اقوال الله …!
اليهود استؤمنوا على اقوال الله !
هذا ماقاله الانجيل .. وبكل صراحة ووضوح .. اذ قال عن اليهود :
-
” اذا ما هو فضل اليهودي ، أو ما هو نفع الختان كثيرٌ على كل وجه ، أما أولاً فلأنهم اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللّهِ ” ( رومية 3: 1 و2 )
وهذا يعني أنهم استحفظوا على أقوال الله ,أي على كتب العهد القديم والتوراة.
لقد استأمن الله تسامت حكمته أنبياء اليهود وأحبارهم لحفظ أقواله, فهل يستأمن الله أناساً يحرفون كلمته، وهو العليم الخبير؟
كلام الانجيل قاطع كالسيف بأن اليهود استؤمنوا على كلام الله ، ولكنه لا يعجب الخارجين عن الايمان والجاحدين للمسيح ..!
ثلاثة تسابيح .. تمجد شعب اسرائيل !
بل اننا اذا قلبنا صفحات انجيل القديس لوقا سنجد فيه ثلاثة تسبيحات او ترانيم على فم ثلاثة قديسين .. أولهم قديسة الاجيال مريم العذراء ! والقديس الكاهن زكريا والد يوحنا المعمدان، والثالث هو سمعان الشيخ البار الذي حمل الطفل يسوع !
والثلاثة قد سبحوا بوحي الروح القدس المتكلم فيهم .. والثلاثة قد مجدوا شعب اسرائيل !!
نقرأ في نشيد مريم العذراء :
-
“عضّد اسرائيل فتاه ليذكر رحمةً. كما كلم لآبائنا إبراهيم ونسله إلى الأبد” (لوقا 54:1).
كذلك أنشد زكريا الكاهن قائلاً:
-
“مُبارك الرب إله إسرائيل لأنه إفتقد وصنع فِداءً لشعبه” (لوقا 68:1).
وفي صلاة سمعان الشيخ أيضاً نقرأ:
-
“لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قُدام جميع الشعوب نور إعلان للأُمم ومجداً لشعبك إسرائيل” (لوقا 30:2-32).
فكيف لعاقل ان يتهم اليهود بهذه الجريمة بعد شهادة الانجيل لهم ؟!
ثم لو كان اليهود هم المحرفين ، فلماذا ابقوا كل تلك النبوات عن المسيح يسوع في التوراة وكتب العهد القديم ، ما الذي صدهم عن تحريفها ؟
مثل الاصحاح 53 من سفر النبي اشعياء وهو الاصحاح الذي يسبب لهم كل الاحراج ، لكونه يسرد بالتفاصيل الدقيقة حادثة صلب المسيح ! .. وهذا بعض ما فيه :
-
“لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا” (اشعياء 53: 4-5).
لماذا أبقوا عليه ولم يشملوه بالتحريف ؟!
لماذا لم يحرفوا عيوبهم ؟
فلو قام اليهود بتحريف توراتهم ، فالمنطق البشري يقول بأنهم ما كانوا سيبقون القصص والحوادث التي تسرد إرتدادهم عن الله وعبادتهم العجل وخطاياهم وعبادة البعل والآلهه الكاذبة، ولا كانت قد ذكرت التوراة أنهم شعب صُلب الرقبة وقاسي القلب (خروج 20:32؛ تثنية 7:9-29؛ 1ملوك 18). وأيضاً ما كانت قد ذكرت مُعاقبة الرب لهم كُلّما أخطأوا في جميع أجيالهم وتركوا وصايا الرب. اذ قد ورد الكثير من التفاصيل حول كل ذلك كما جاء في سفر ( مراثي إرمياء ). فلو أنهم حرّفوا التوراة، فالأولى لهم أن لا يذكروا عيوبهم وخطاياهم.
فمؤرخي الشعوب عادة ما يتحاشون ذكر ما يسيء الى شعوبهم وملوكهم ، في حين امتازت التوراة ( والانجيل ) بالنزاهة والصدق والعدل في كل احكامها ، مثال النبي موسى الذي اعترف في سفر العدد انه ارتكب خطية نال بسببها عقاباً شديداً وهو حرمانه من دخول أرض الموعد ! ( العدد 2:20-12). وهذه النزاهة قلما تشاهدها في كتابات البشر ، انما تجدها في الكتاب المقدس لأنه كتاب الله الموحى به من الروح القدس !
يقتلون من يخالف تفسير التوراة ، فكيف بمن يحرفها !!
لنتصور في اذهاننا ولنتأمل في أحوال شعب كان لا يتورع من ايقاع حكم الموت بالقتل على صاحب اي تفسير يخالف تفسيرهم هم للتوراة .. !
فكيف كانوا سيفعلون بمن يتجرأ على تحريفها ؟!
اذ نقرأ في الانجيل بأن الرب يسوع قد خالف تفسير احدى مدارس التفسير اليهودي التي كانت تمنع فعل الخير يوم السبت ، اذ قام يسوع بالشفاء يوم السبت مبطلاً تقاليد تلك المدرسة ( مع ملاحظة بأنه لا ينتقد النص التوراتي ابداً ، انما ينتقد تفسيرهم ) اذ قال :
-
” ألا يحل كل واحد منكم في السبت ثوره أو حماره من المذود ويمضى ويسقيه، وهذه هى ابنة ابراهيم قد ربطها الشيطان ثمانى عشرة سنة، أما كان ينبغى أن تُحل من هذا الرباط فى يوم السبت” (لوقا 13: 15، 16).
وكذلك حين شفى في المجمع الرجل ذو اليد اليابسة وكان يوم سبت :
-
” ثم دخل ايضا الى المجمع.وكان هناك رجل يده يابسة. فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت.لكي يشتكوا عليه. فقال للرجل الذي له اليد اليابسة قم في الوسط. ثم قال لهم هل يحل في السبت فعل الخير او فعل الشر.تخليص نفس او قتل.فسكتوا. فنظر حوله اليهم بغضب حزينا على غلاظة قلوبهم وقال للرجل مدّ يدك.فمدها فعادت يده صحيحة كالاخرى .فخرج الفريسيون للوقت مع الهيرودسيين وتشاوروا عليه لكي يهلكوه ” ( انجيل مرقس الاصحاح 3 ).
لقد تشاروا ان يهلكوه .. لأنه خالف تفسيرهم .. فكيف لو وجد من يرفض التوراة نفسها !؟
نذر اربعين ان يقتلوا بولس !
ولنا مثال لتشديدهم على حفظ التوراة وتقاليدهم وحتى تفاسيرهم ، ما فعلوه مع الرسول بولس ، الذي خالف تفسيرهم المتشدد. اذ نذر اربعون شخصاً منهم ان لا يأكلوا طعاماً إلا بعد ان يقتلوه ! ( راجع سفر اعمال الرسل اصحاح 23 ).
اربعون ليقتلوا رجلاً واحداً !!
ان مجرد معارضة صغيرة ، تقوم في وجه التفسير اليهودي للتوراة كانت تواجه بالعنف والموت، فكيف كانوا سيفعلون مع من يجرؤ على تحريف نص التوراة نفسها !!!
اليهود والرقم القياسي !
اليهود يعد الشعب الذي حصل على الرقم القياسي في مدى اعتنائه وحفظه لكتبه المقدسة !
فقد جاء في احد كتبهم وهو ” برقي ابهوث ” ثلاثة قواعد على كل مسؤول يهودي ان يلتزم بها وهي : احترس في القضاء – علم كثيرين – كن حصناً منيعاً للتوراة !
لذلك بذل اليهود قصارى جهدهم في صيانة التوراة وبدرجة تفوق التصور ، وما من أمة اعتنت بكتابها كما فعلت الأمة اليهودية لدرجة انهم احصوا كلماتها وحروفها ، بل احصوا عدد احرف كل سطر !
بل احصوا الحرف الاوسط من كل سفر ، بل عينوا الايات التي تحتوي كلماتها على كل الاحرف الابجدية ، وعند القراءة منه لم يكن مسموحاً بلمس الكلمات بالاصبع ، انما يخصصون قلماً خاصاً للمتابعة !
واطرح عليك عزيزي القارئ هذا السؤال وهو : ما معنى كلمة : ” سفر ” ..؟ اعلم بأن كثيرون قد لا يملكون الجواب !
ان معناها هو : ” يُحصي ” ! لأن كل كتاب من كتب التوراة كان عبارة عن جدول احصاء! وكان كتبة التوراة يدعون بـ ” السوفريم ” Sopherim وكلمة ” سافار ” من الفعل العبري : يُحصي ، ومنه جاء مصطلح : السوفريم ” اي المشرفون على احصاء كل كلمات وحروف التوراة . فأي محاولة للتحريف كان سيتم اكتشافها .. وهم لا يتساهلون في هذا !
وما اصدق قول الرب يسوع عن التوراة المحصاة كل حروفها :
“الحق أقول لكم أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطه واحده من الناموس حتى يكون الكل” (متى 18:5).
ولنطرح علامة استفهام اخرى :
علامة استفهام عن التحريف : كيف ؟!
كيف حرفوا ؟ هل حرفوا التوراة كلها وجاؤوا بكتاب جديد ، ام اكتفوا بتحريف جزء فقط، هل حرفوا اسفاراً وتركوا اخرى ؟ وكيف اختفت النسخة الاصلية التي لم يعتريها التحريف ، والتي شهد لها المسيح ورسله وكنيسته ؟
لا توجد نسخة او مخطوطة للتوراة تخالف التي بين ايدينا ، والمحفوظة بعناية في اشهر متاحف العالم الأول !
وتلك اكتشفت بعد المسيحية ويرجع تاريخها الى ما قبل قرون قبلها ، فمن يا ترى وكيف حرف هذه ايضاً وهي قابعة في جوف الارض وغياهب الكهوف والجرار الاثرية القديمة ، كالتي أكتفشت في مغاير قمران ؟ أم انضمت الى عصابة المحرفين مجموعة من الجن والعفاريت التي ساعدتهم على تحريف مخطوطات التوراة الاثرية !!!
ولنطرح علامة استفهام اخرى :
علامة استفهام : مـــتى ؟
فلو سألناهم متى وقع التحريف المزعوم ، لتخبطوا وتضاربوا ! ولنزيدهم حيرة بهذا السؤال :
متى تم تحريف التوراة ..؟ هل قبل مجيء المسيح ام ما بعده ؟
فلو كان اليهود قد حرفوا التوراة قبل مجيء المسيح .. فاننا نسأل : لماذا اذن قد صادق عليها المسيح واثبت صحتها واستخدمها لاثبات شخصيته ؟
لو كانت التوراة محرفة ، فلماذا لم يفضح المسيح فعل اليهود وتحريفهم ؟!
لماذا قال : لا يمكن ان ينقض المكتوب !؟ بينما لم يشير باصبع الاتهام الى التوراة ابداً!
لماذا لم يحدد ويشير الى مواضع التحريف او الاساطير في التوراة ، ليقوم بالتالي بتوضيح الحقيقة لكي لا تضل كنيسته فيما بعد ؟!
وان كان التحريف في التوراة قد حدث بعد مجيء المسيح ، فنقول :
ان المسيحيون قد احتفظوا بالتوراة بسبب تصديق المسيح عليها وامضائه بصحتها ، واصبحت كتابهم المقدس ، وبالتالي كان من المستحيل على اليهود ان يحرفوها ، هذا لو فكروا في ذلك اصلاً في اي وقت من الاوقات !
فما مصلحة المسيحين الاوائل – والى اليوم – في احتفاظهم بالتوراة ككتاب مقدس لهم ، يتلونها في الكنائس ويحفظونها وينكبون على دراستها بشغف وخشوع ؟! من الذي اجبرهم على الايمان بها …؟!
ام انهم فعلوا بناء على ايمانهم بربهم المسيح الذي أنزلها وأوحى بها ، لأنه كان هو الله الظاهر في الجسد وهو كان رب موسى وداود واشعياء ودانيال ..!
ثم كيف حدث هذا التحريف بعد المسيح ، مع كتاب منتشر في المسكونة بشكل لا يحد ، ويقرأ ويتعبد به في المجامع والكنائس ؟!
التوراة أول كتاب ديني يُترجم في التاريخ !!
اضافة الى سعة انتشاره المذهلة ، فإن التوراة والعهد القديم هو أول كتاب في التاريخ تتم ترجمته من لغته الاصلية الى لغة اخرى ! ويطلق على تلك الترجمة : الترجمة السبعينية ! نسبة الى 72 عالماً يهودياً قاموا بترجمته من العبرانية الى اليونانية ( لغة العالم المتمدن حينها ) في الاسكندرية بأمر من بطليموس الذي بدوره قد عمل بنصيحة يهودي اخبره بالفوائد الجزيلة التي ستعم البلاد لو ترجم كتاب الله الى لغتها ، فأرسل وفداً لأليعازر رئيس الكهنة في أورشليم الذي اختار ستة من الشيوخ المترجمين من كل سبط من أسباط إسرائيل الأثني عشر وأرسلهم للإسكندرية، ومعهم نسخة معتمدة من التوراة مكتوبة على رقوق جميلة. وقد لقي العلماء المترجمون كل عناية ملكية وأقاموا في جزيرة فاروس، حيث كانت المنارة الشهيرة. وقد أكملوا ترجمة الأسفار الخمسة في 72 يوماً وقد تم ذلك سنة 250 قبل الميلاد. ( راجع : برهان جديد يتطلب قراراً – الفصل الرابع – جوش مكدويل).
ومن المعلوم بأنه كلما زادت ترجمات الكتاب فهي دلالة على صلاحيته وتأثيره كما حدث مع الكاتب الشهير نجيب محفوظ الذي نال جائزة نوبل لتعدد ترجمات مؤلفاته !
الكتاب المقدس مترجم الى 2000 لغة ولهجة !
واليوم بلغت ترجمة الكتاب المقدس الى ألفي لغة ولهجة! وكلها نسخه واحدة عند الجميع اليهود والمسيحيين !
ففي عام 1998 تم توزيع 20.751.515 نسخة في العالم وبـ 2212 لغة ولهجة !! (رقم مخيف حين يتعلق بتوزيع كتاب واحد وبسنة واحدة ! ) فالكتاب المقدس ( توراة وانجيل ) متوفر لأكثر من 89% من سكان الأرض ! وأحياناً تبلغ معدلات توزيعه اسبوعياً الى مليون نسخة ! انه الكتاب الفريد الذي لا يضاهيه كتاب ولا يقترب اليه اي مؤلف من مؤلفات البشر ! فكل اجناس البشر قد قبلته ورضت به دستوراً وحياة ، الشرقي والغربي ، والأسود والأبيض ، انه الكتاب العالمي بلا منازع ! وكل ترجماته وبأي لغة لا تنزع منه صفة القدسية والتوهج ولا تفقده الطلاوة والجمال ، بل حين قراءة ترجمته تحسبه قد كُتب باللغة التي ترجم اليها . فكيف يمكن لكتاب عظيم كهذا ان يُحرف ؟ كيف تم جمع كل نسخ التوراة من كل ربوع الارض لتحريفها ؟ لا سيما بأن وسائل الطباعة حينها كانت بدائية ، فالنسخ كانت تنسخ باليد بشكل مرهق ، مع كتاب ضخم يتطلب بذل الوقت والجهد والاموال ، فليخبرنا اعداء التوراة كيف حدث هذا ..؟
هل صمت المسيحيون ؟
ثم اين كان المسيحيون ؟ والتوراة قد اصبحت كتابهم المقدس ، كيف سمحوا بتحريفها وهل وافقوا على ذلك دون معارض منهم ؟!
وكيف يتجرأ اليهود على تحريف كتابهم الذي بدوره كان بيد المسيحيين الذين يتلونه ويحفظونه ويتعبدون بتلاوته ؟ الم يكن سيظهر التباين والاختلاف بين الذي مع اليهود والذي مع المسيحيين ؟ ولو حدث التحريف بيد اليهود فلماذا لم يظهر صوت مسيحي واحد يرفض التوراة باعتبارها محرفة ؟ صوت واحد عبر القرون ليجلي الحقيقة .. ولا اثر له !
ام ان الخيال الصحراوي الواسع بإمكانه الزعم بأن اليهود والمسيحيين قد اتفقا معاً على التحريف !؟
تحذير لكلا الفريقين !
كيف يتفقون على التحريف ، بينما الانجيل يحذر المسيحيين من مغبة الزيادة والحذف في كلمة الله ( سفر الرؤيا 18:22و19 ).
والتوراة تحذر اليهود من جريمة الحذف والزيادة بالدينونة ( التثنية 2:4 و 32:12).
فهل قام كل فريق بنكران ايمانه في سبيل التحريف الذي هو على عكس صالحه ، ويصب في مصلحة الفريق المضاد ؟!
اتفاق وهمي !
كيف ومتى حدث التقاء بين ملايين في العالم لعقد اتفاق مشترك بين الخصوم الافرقاء اي اليهود مع المسيحيين ، على اقتراف تلك الفعلة وهما فريقين مختلفين ؟
بل ان كل فريق كان واقعاً تحت سلطة سياسية من فريق ثالث اجنبي !
فهل وجد مؤرخ من اي ديانة ، مسلماً او هندوسياً او ملحداً قد تحدث او كتب عن مؤتمر او مجمع ضم اليهود والمسيحيين باختلاف اجناسهم لتحريف التوراة ؟
وكم من السنوات استغرقت لعقد ذلك الاتفاق ؟ وكيف اتفقوا وهم المتباعدين عن بعضهم جغرافياً بل في قارات متفرقة ، بل متفرقون حتى في لغاتهم !
كان يمكن استيعاب هذا لو كانوا جميعاً يعيشون في بقعة جغرافية واحدة ولهم لسان واحد ، حينها كان يمكنهم ان يحرفوا ! على فرضية ان جميعهم – بلا استثاء – قد ماتت ضمائرهم !
بل كيف اتفقوا على التحريف مع تعدد مذاهبهم ، وكل اتباع مذهب يثبت أفكاره من الكتاب المقدس ! فلو تجرأت فرقة على التحريف لفضحتها الفرقة الاخرى ! فأي مذهب من مذاهب اليهود قد حرف التوراة اذن ؟! كيف تواطئوا ولم يختلفوا بحرف واحد ، لدرجة ان التوراة التي بيد كل منهما هي مطابقة للاخرى بالحرف والفاصلة وكأنها نسخة كربونية خرجت من مطبعة واحدة !
وكيف حرفوا التوراة ولم تنج نسخة واحدة منها في اي مكان لتبقى شاهدة على جريمتهم ؟!
ولو افترضنا بأنهم تمكنوا بقدرة اعجازية على جمع جميع نسخ التوراة مع ترجماتها ، فقد كان عليهم ان يحرفوها بطريقة تخدع القياس المعروف بــ ” الكربون المشع ” الذي من خلاله يتم التعرف على عمر المخطوطات الاثرية ، حتى اذا اكتشفت تلك المخطوطات بعد قرون وفحصت بالكربون ، فلا يعثر العلماء على اثر التحريف !!
وطبعاً عليهم بعد التحريف ان يعيدوا كل تلك النسخ الى اماكنها في القارات المختلفة .. وبسرية تامة بأن تكتب على تلك النسخ : سري للغاية !
وبعد ذلك عليهم ان يجمعوا كل كتابات الآباء المسيحيون الاوائل والاباء اليهود في كل الاجيال وتفاسيرهم من تلمود ومشنا ، لكي يحرفوا كل اقتباس من التوراة والكتاب المقدس وجد فيها ، والتي لا تحصى بالملايين !
وطبعاً لا يجب ان ينسوا اعادتها مع السرية التامة !
حتى كتب الخرافات كألف ليلة وليلة التي تحكي عن مارد الجن الذي يمكنه ان يبني قصراً في لمح البصر وفي وقت واحد ، لا توازي خرافاتها مع خرافة من يعتقد بأن كل نسخ التوراة قد تم تحريفها في كل مكان في ارجاء المعمورة باتفاق الملايين المختلفين وفي وقت واحد!
نظرية داروين ونظرية التحريف !..
نظرية داروين ثبت بطلانها باكتشاف اقدم هيكل لكائن يشبه البشر والذي اطلق عليه اسم ” آردي ” والذي اثبت استحالة تطور الانسان من قرد( 1 ) .. كذلك الحال مع نظرية التحريف التي ثبت زيفها !
وكما ان نظرية التطور الداروينية قد تأسست على ” الحلقة المفقودة ” ! والتي لم يعثر عليها أحد. هكذا نظرية التحريف مؤسسة على ” النسخة المفقودة ” من الكتاب المقدس ، والتي لم يعثر عليها احد ولمدة قرون .. وبالتالي لم يقدمها احد ليثبت نظرية التحريف !!
________________
( 1 ) تم اكتشاف المستحاثة “على يد فريق من العلماء بقيادة تيم دي وايت” ، وفي الأول من أكتوبر 2009 نشرت مجلة ساينس مجموعة من 11 مقالاً مفصلة مجموعة من خواص نوع أرديبيثيكوس راميدوس وبقايا الهيكل العظمي المكتشفة. يدعم الكشف عن هذا الهيكل نظريات كان قد طرحها بعض العلماء حول وجود أصل مشترك للإنسان والشامبانزي، دون أن يكون الأول قد تطور من الثاني. وقد عثر على حفريات هذا الكائن في إثيوبيا عام 1992، لكن الكشف عن أهميتها تطلب سبعة عشر عامًا. راجع :http://www.sciencemag.org/ardipithecus/
لكل جريمة ثلاثة عناصر !
ان جريمة التحريف لا حدود لفظاعتها ، لذا وجب ان تتوافر معها كأي جريمة اخرى ثلاثة عناصر وهي :
-
· من هو المجرم ؟
-
· اين وقعت الجريمة ؟
-
· ومتى حدثت الجريمة ؟
وقد فحصنا بتدقيق بأن هذه العناصر لا يمكنها ان تتوفر مع التوراة والكتاب المقدس ، الا بعد ان يلغي المرء عقله ! وبالتالي فالمحكمة امام جريمة لا تملك اي عناصر ، اذن فلا لا وجود لها !
رابع المستحيلات !
جميعنا قد سمع بالمثل الفرنسي الشائع : “ان هذا من رابع المستحيلات” !
لأن المستحيلات الثلاثة هي الغول و العنقاء و الخل الوفى.
وانني اقول بأن تهمة تحريف التوراة هي : المستحيل الرابع !
انه المستحيل الذي يحاكي ان يتقدم شخص ويزعم بأن حجارة الهرم خوفو في مصر ليست هي الاصلية بل قد بُدلت بحجارة غيرها !!
في حين ان كتابنا المقدس أكثر ثباتاً من الهرم الأكبر لأن المؤرخين قد اثبتوا أعمار أقدم المخطوطات للكتاب المقدس والتي بلغت اكثر من عشرين الف مخطوطة ، وهم الرقم القياسي الذي لم يبلغه اي كتاب في عدد مخطوطاته الاثرية.
وأهمس في أذني الكافرين بالتوراة ، بهذه الهمسة :
اذا كان العهد القديم محرفاً ، فالعهد الجديد محرف كذلك !! نعم ..
كونهم يكفرون بالتوراة ويتهمونها بالتحريف ، فانهم يقفون في صف واحد وخندق واحد مع المسلمين الذين يتهمون الانجيل بذات التهمة ، .. أفلا يعقلون !؟
ليسمعوا وليفهموا :
التوراة وكلمة الله .. باقية وهم الراحلون ، ان التوراة في شباب دائم .. اما فهم فيشيخون ويمرضون ويهلكون ! .. ومن كان له اذنان للسمع فليسمع !
كلمة قبل الختام !
ليواصل المفترون اتهاماتهم وليواصلوا الهدم والنقض للتوراة .. وسنواصل تبشيرهم بنهاية واحدة وهي الفشل ..!
انهم اشبه بمن ينطح الصخر .. وان كانوا هم صخرة ، فكلمة الله هي المطرقة :
-
” اليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر ” ( إرمياء 29:23).
لم يلق كتاب في تاريخ البشر من الاضطهادت والمقاومة كما لقيه الكتاب المقدس والذي صمد كجبل هملايا على مر القرون! فقد تغلب الكتاب على كل تشكيكات معارضيه لدرجة انه لم تبقى اي شبهة جديدة تقال ، كلها سقطت وتلاشت وبقي هو وقد استعرت قوته، وتوسع انتشاره !
الكتاب المقدس كالذهب النقي .. كلما ادخلته في اتون النار يزداد نقاءه وصفائه !
بل انه يشبه الملك ” مايدس ” في الاسطورة اليونانية الذي كانت لمسته تحول الشيء الى ذهب! الكتاب المقدس هو الذهب الذي يحول القلوب الحجرية الى قلوب من ذهب نقي .. فهو يلمس الروح والقلب والنفس ، ويغير الحياة ويخلص الملايين ..
انه يُغير .. ولا يَتغير !
انه كتاب البشرية جمعاء .. كتاب العظماء والخالدين ..
ان أعظم دولة على سطح كوكب الارض ، القوى العظمى بلا منازع .. تتميز بأن رئيسها ، لا ينتصب رئيساً على البيت الابيض .. الا بعد ان يرفع يده ويُقسم على هذا الكتاب !!!
صلاتي ان يستخدم الرب هذا العمل المتواضع لمجد اسمه وخلاص النفوس .. له كل المجد !
_______________
أخي القارئ الكريم ، فقط ومن خلال عملك ومحبتك للرب بامكاننا ان نواصل خدمتنا المسيحية. لذا ندعوك ان تكون ” عاملاً مع الله ” ( 1كورنثوس 9:3 ). بإمكانك أن تبذر بذار البشارة بمختلف الوسائل، ومنها مساعدة خدام المسيح ولو بكأس ماء بارد (متى 42:10). فنرحب بأي مساعدة لخدمة حقل الرب، سواء مالية او معنوية. أذكرنا في صلواتك.
_________
لو كان لديك اي سؤال، أو أردت محاورة مؤلف هذا الكتاب سواء بالتشجيع او حتى المخالفة، فمرحباً بكل الآراء ولو كانت ناقدة. ولو اردت الحصول على المزيد من هذا الكتاب او الكتب الاخرى فإطلبها الآن ! العنوان الالكتروني هو :
bloodbrothers303@yahoo.com
Sorry, the comment form is closed at this time.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.