عودة الشرق الأوسط للمسيح

لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ يَهْوِه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.

كتاب : رسالة المسيح قومية أم عالمية – جون يونان

Posted by جان في أكتوبر 22, 2011

رسالة المسيـح  قـوميـة أم عالميـة ؟!

 

هـذا بحث أناقش فيه إعتراض المسلمين القائلين بأن المسيح كان مرسلاً  فقط لبني اسرائيل دون العالمين ، زاعمين بأن رسالته كانت قومية لا تتعدى اليهود !

وكالعادة يلقي المسلمين اتهاماتهم جزافاً ضد الرسول الكريم بولس متهمين اياه بجعل رسالة المسيح عالمية وتحويلها عن كونها مجرد قومية .

وهذا الادعاء يسقط وينهار كلياً اذا ما سلطنا الضوء على رسالة المسيح كما جاءت في الاسلام ذاته . فلننظر في اعتراض أحد أشهر دعاة الاسلام وهو الداعية الشيخ أحمد ديدات ( الذي يُعتبر المنبع الذي يغرف منه أكثرية المهاجمين للمسيحية !)

اذ يقول في كتابه ( عتاد الجهاد – ترجمة علي الجوهري ) :

  • ” هل كان عيسى عليه السلام عنصرياً ؟

مؤصلاً للتمييز العنصري وجاء لليهود فحسب ؟ :

(أ‌)      ” هؤلاء الإثني عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً : إلى طريق أممٍ لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة – ( معناه اذهبوا إلى اليهود فقط لا غير ) . إنجيل متّى 10 : 5 – 6 “. ( عتاد الجهاد – ديدات – ترجمة علي الجوهري ).

وهذا ما كتبه ديدات حرفياً بالانجليزية :

  • Ø  “ 21.JESUS (PBUH) (A RACIST) : Only came for the Jews

(a)“These twelve Jesus sent forth, and commanded them saying, GO NOT into the way of the Gentiles, and into any city of the Samaritans ENTER YE NOT.“But go ye rather unto the lost sheep of THE HOUSE OF ISRAEL (to the Jews only).” MATTHEW 10:5-6 ”.

 (Combat kit – Deedat – page23)

وديدات لا يتورع عن استخدام كلمات مشينة ضد السيد المسيح اذ وصفه بكلمة :

 A RACIST ” ، ” عنصري ” ! وهي كلمة وقحة اذا ما وجهت لأي شخص في الغرب ! ( ولكن المترجم العربي حرّفها اذ جعلها على صيغة سؤال بعلامة تعجب ؟ )

ورداً تفصيلياً على دعاوي أحمد ديدات وغيره من المشايخ ، ولمناقشة اعتراضات اخرى اشاروا اليها من الانجيل , أفردنا الفصول التالية . ولكن سنبدأ بطريقة ” اقلب الطاولة ” ! فلنبحث في رسالة المسيح في الاسلام وسنثبت للعيان بأنها عالمية !

الفصل الأول

عالمية رسالة المسيح في الاسلام !

 

رسالة المسيح هي عالمية يا سيد ديدات !  والاثبات هو دينك الاسلامي نفسه.

فأفضل دليل هو ما يؤمن به الخصم ! ولنبدأ فوراً بطرح الأدلة من القرآن  ..

رسالة المسيح عالمية في القرآن !

جاءت النصوص القرآنية في غاية الشفافية لتقول عن المسيح :

  • ”  وَجَعَلْنَاهَا ( مريم ) وَابْنَهَا ( المسيح ) آيَةً لِلْعَالَمِينَ” ( الأنبياء 91:21).

لنقرأ كلام التفسير لنكشف الحقيقة :

  • §         “.. “وجعلناها وابنها آية للعالمين” الإنس والجن والملائكة ” ( تفسير الجلالين )

  • §         ” عن ابن عباس في قوله ” للعالمين ” قال العالمين الجن والإنس

 ( تفسير ابن كثير).

  • §         ” ” آية ” أي علامة وأعجوبة للخلق ” ( تفسير القرطبي ).

فالمسيح الذي هو آية للعالمين من ” الانس والجن ” و ” اعجوبة للخلق ” ، كيف تكون بشارته قومية فقط ؟ ولشعب اسرائيل وحسب ؟ ما فائدة ان يكون المسيح

آية ” للخلق والانس اجمعين ، لو لم يكن مرسلاً اليهم ؟

 ما لزوم ” الآية ” دون الايمان بها وإتباع صاحبها ؟!  وما أدق ترجمة الهلالي وخان للقرآن بالانجليزية اذ ترجموا النص هكذا :

  • And (remember) she who guarded her chastity [Virgin Maryam (Mary)], We breathed into (the sleeves of) her (shirt or garment) [through Our Ruh Jibrael (Gabriel)] and We made her and her son [‘Iesa (Jesus)] a sign for Al-‘Alamin (the mankind and jinns).

 

ولنقرأ هذا النص القرآني ولنكتشف الحقيقة التي يخفيها مشايخ المسلمين :

  • ” قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ ( المسيح ) عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا” ( مريم 21:19).

لنلاحظ ان القرآن لم يحدد جانب الولادة العذراوية فقط عن المسيح ليعتبره آية للعالمين  بل اعتبره ” هو ” بشخصه آية للعالمين !

فالمسيح قد اعتبره القرآن ” آية للعالمين ” و ” آية الناس “. هل هذه الأوصاف تتحدث عن مجرد نبي دعوته قومية ؟

وانجيل المسيح هو هدى للناس وليس فقط لبني اسرائيل ، يقول :

  • ” وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ ” ( آل عمران 3:3و4)

وبما ان الانجيل هو هدى ” للناس ” .. اذن فهو عالمي ! وهنا نثير سؤالاً خطيراً :

 

ما معنى كلمة ” إنجيل ” في القرآن ؟!

انها مشكلة عويصة بل مزنق عميق قد وقع فيه القرآن وأوقع المسلمون معه.

فلو كانت رسالة المسيح ” قومية ” وحسب ، لبني قومه من بني اسرائيل لا غير .. فلماذا اذن أنزل عليه ربه ( بحسب المفهوم الاسلامي للتنزيل ) وحياً وكتاباً  أسماه بإسم: ” الانجيل ” ، وهو اسم يوناني ؟!

فالانجيل كلمة يونانية  Ευαγγελιον تعني البشارة الخبر السار ” افانجيليون ” . بينما المسيح كان مرسلاً لبني اسرائيل ولغتهم هي العبرانية والارامية . فلماذا اعطاه الله كتاباً بعنوان يوناني ؟

 

لنعرض المشكلة على شكل نقاط وقواعد قرآنية :

أولاً : يحدد القرآن بنزول كتاب يدعى الانجيل على عيسى :

“وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِين” (سورة المائدة 5: 46).

” وَيُعَلّمهُ (المسيح) الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ” ( آل عمران 3: 48).

ثانياً : يقول القرآن بأن المسيح أرسل الى بني اسرائيل :

وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ” (آل عمران 49:3)

ثالثاً : يقول القرآن بأنه لم يرسل رسول الا بلسان قومه :

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ” ( ابراهيم 4:14).

ان هذه الثوابت والقواعد القرآنية كلها تسقط بواسطة كلمة واحدة وهي :

 ” الانجيل ” .. لأنها كلمة يونانية !!

فالكلمة “ انجيل ” هي عنوان للكتاب الذي انزل على عيسى. وبما ان العنوان  يوناني، فمحتوى الكتاب منطقياً هو باللسان اليوناني !

ومن المعلوم بأن اليونانية لم تكن هي لغة اليهود العبرانيين.

وسؤالي الهام الآن هو : هل كلمة ” انجيل ” التي استخدمها القرآن وسمى بها كتاب عيسى هي كلمة عربية ؟!

فلو كانت عربية فما هو مصدرها الثلاثي ؟ وما هو معناها ؟

فكلمة قرآن مثلاُ لها معنى ولها مصدر ، فما هو معنى ولغة كلمة إنجيل ؟

هذه المشكلة قد أربكت ولعثمت علماء الاسلام ، فأكثرهم قد اعترف بأنها كلمة غير عربية !

ففي المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية ( ج 1 ص 29 ) جاء ما نصه :

  • ” الإنجيل وهى كلمة يونانية معناها البشارة  ( ج ) أناجيل ” .u: كتاب الله المنزل على عيسى  ” !!

اما النفر القليل منهم فهو يجهل جذرها اللغوي ومعناها بشكل كلي !

  • واختلف فى لفظ الإنجيل فقيل اسم عبرانى وقيل سريانىوقيل عربى وعلى الأخير قيل مشتق من النجل وهو الأصل أو من نجلت الشئ أى أظهرته أو من نجله إذا استخرجه وقيل غير ذلك .” (تاج العروس – جـزء 8 – ص 128 ).

ونلاحظ مدى الاضطراب والقيل والقال في معنى كلمة ” انجيل ” .. فربما هو عبراني وربما سرياني وربما عربي !

ولو كانت كلمة انجيل عربية ، نسألهم: كيف يكون المسيح قد جاء بكتاب عربي لقومه اليهود وهم عبرانيين ولغتهم هي العبرانية وليست العربية ؟

فكل الاشتقاقات العربية التي وردت في المعاجم العربية قد بنوها على الظنون والتخمين .. والمصيبة انهم تجاهلوا احياناً الخوض في معنى الكلمة وتركوها عائمة. اذ لو راجعت عزيزي القارئ كتاب ( معجم ألفاظ القرآن الكريم لمجمع اللغة العربية جزء 1 ص 62) فستجد العجب ! اذ قد وضعوا كلمة ” انجيل ” تحت مادة :

 (  إ ن ج ى ل )  ولم يسطروا كلمة واحدة عن معناها !!

 

فبحسب القرآن ان المسيح قد أرسل لليهود ، وحسب القرآن فإن كل رسول يأتي بلسان قومه ، وبحسب القرآن فإن كتاب عيسى اسمه يوناني وهو ” الانجيل ” ، بينما لغة اليهود هي العبرانية. فكيف يأتيهم بكتاب يوناني بينما لغتهم العبرانية ، والقاعدة القرآنية تقول ان كل رسول ارسل بلسان قومه ؟!

فكيف يمكن لأخوتنا المسلمين حل هذا التناقض ؟

 

وسأحاول مساعدة اخوتي الاعزاء في حل هذا الاشكال والتناقض ، واضعاً أمامهم هذه الحلول المطروحة :

1-      إما ان يكون المسيح هو مرسل لليهود وايضاً لليونانيين وبهذا تكون رسالته عالمية !! وهذا يسقط زعمهم بأن رسالته قومية !

2-      وإما ان الرسل يمكن ان تأتي بلغة بغير لغة قومها . وهذا يُسقط قول القرآن بأنه لم يرسل رسول الا بلسان قومه ( سورة ابراهيم 14:4) !!

3-      وإما ان كتاب عيسى ليس هو الانـجـيل ، وهذا يسقط نص القرآن ( سورة المائدة 46:5) !

4-      وإما ان لغة اليهود كانت اليونانية وليست العبرانية ، وهذا مخالف للتاريخ !!

*****************

أخبروني الآن بربكم ما هي حيلة احمد ديدات وغيره تجاه هذه النصوص القرآنية الشديدة الصراحة عن عالمية دعوة المسيح ؟ وعن ” الانجيل ” .. ما هو جوابهم ؟

هذا مبدئياً .. أما فعلياً ، فإن القرآن يقص علينا قصصاً عن مسيحيين اتبعوا المسيح من خلفيات قومية أخرى غير يهودية . كمسيحيي الشام ! اذ يقول :

  • ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهرين ” (سورة الصف:14).

لنقرأ التفسير المعتمد وكيف ارسل التلاميذ لكل الناس :

  • يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين أن يكونوا أنصار الله في جميع أحوالهم بأقوالهم وأفعالهم وأنفسهم وأموالهم وأن يستجيبوا لله ولرسوله كما استجاب الحواريون لعيسى حين قال من أنصاري إلى الله أي معيني في الدعوة إلى الله عز وجل ؟ قال الحواريون وهم أتباع عيسى عليه السلام نحن أنصار الله أي نحن أنصارك على ما أرسلت به وموازروك على ذلك ولهذا بعثهم دعاة إلى الناس في بلاد الشام في الإسرائيليين واليونانيين( تفسير القرآن العظيم – ابن كثير – الصف 14 )

فالتلاميذ ( الحواريون ) قد بعثهم في بلاد الشام للكل لليهود واليونانيين !

هل اكتشفتم الآن لماذا كتاب المسيح ” الانجيل ” عنوانه يوناني!

  المسيحية في اليمن !

جاء في سورة البروج :

  • قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ . النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ . وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ”  ( سورة البروج :4-8)

هل دخلت رسالة المسيح الى اليمن ونجران ؟ الاجابة هي نعم !

لنقرأ ما جاء في تفسير القرطبي ( الجامع لاحكام القران ) لنتأكد :

  • ·         ” أي الذين خددوا الأخاديد وقعدوا عليها يلقون فيها المؤمنين , وكانوا بنجران في الفترة بين عيسى ومحمد ص . وقد اختلفت الرواة في حديثهم …. ورواه الضحاك عن ابن عباس قال : كان ملك بنجران , وفي رعيته رجل له فتى , فبعثه إلى ساحر يعلمه السحر , وكان طريق الفتى على راهب يقرأ الإنجيل ; فكان يعجبه ما يسمعه من الراهب , فدخل في دين الراهب ; فأقبل يوما فإذا حية عظيمة قطعت على الناس طريقهم , فأخذ حجرا فقال باسم الله رب السموات والأرض وما بينهما ; فقتلها . وذكر نحو ما تقدم . وأن الملك لما رماه بالسهم وقتله قال أهل مملكة الملك : لا إله إلا إله عبد الله بن ثامر , وكان اسم الغلام , فغضب الملك , وأمر فخدت أخاديد , وجمع فيها حطب ونار , وعرض أهل مملكته عليها , فمن رجع عن التوحيد تركه , ومن ثبت على دينه قذفه في النار . وجيء بامرأة مرضع فقيل لها ارجعي عن دينك وإلا قذفناك وولدك – قال – فأشفقت وهمت بالرجوع , فقال لها الصبي المرضع : يا أمي , اثبتي على ما أنت عليه , فإنما هي غميضة ; فألقوها وابنها . وروى أبو صالح عن ابن عباس أن النار ارتفعت من الأخدود فصارت فوق الملك وأصحابه أربعين ذراعا فأحرقتهم . وقال الضحاك : هم قوم من النصارى كانوا باليمن قبل مبعث رسول الله ص بأربعين سنة , أخذهم يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري , وكانوا نيفا وثمانين رجلا , وحفر لهم أخدودا وأحرقهم فيه . … وقيل : قوم من النصارى كانوا بالقسطنطينية زمان قسطنطين . وقال مقاتل : أصحاب الأخدود ثلاثة ; واحد بنجران , والآخر بالشام , والآخر بفارس . أما الذي بالشام فـ ” أنطنيانوس ” الرومي , وأما الذي بفارس فـ ” بختنصر ” , والذي بأرض العرب يوسف بن ذي نواس . فلم ينزل الله في الذي بفارس والشام قرآنا , وأنزل قرآنا في الذي كان بنجران . وذلك أن رجلين مسلمين كان أحدهما بتهامة , والآخر بنجران , أجر أحدهما نفسه , فجعل يعمل ويقرأ الإنجيل ; فرأت ابنة المستأجر النور في قراءة الإنجيل , فأخبرت أباها فأسلم . وبلغوا سبعة وثمانين بين رجل وامرأة , بعد ما رفع عيسى , فخد لهم يوسف بن ذي نواس بن تبع الحميري أخدودا , وأوقد فيه النار ; وعرضهم على الكفر , فمن أبى أن يكفر قذفه في النار , وقال : من رجع عن دين عيسى لم يقذف . وإن امرأة معها ولدها صغير لم يتكلم , فرجعت , فقال لها ابنها : يا أماه , إني أرى أمامك نارا لا تطفأ , فقذفا – جميعا – أنفسهما في النار , فجعلها الله وابنها في الجنة . فقذف في يوم واحد سبعة وسبعون إنسانا . … واجتمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر , وكان على ما جاء به عيسى بن مريم من الإنجيل وحكمه . ثم أصابهم ما أصاب أهل دينهم من الأحداث ;فمن ذلك كان أصل النصرانية بنجران . فسار إليهم ذو نواس اليهودي بجنوده من حمير, فدعاهم إلى اليهودية , وخيرهم بين ذلك أو القتل , فاختاروا القتل .”

 

ولنا هنا تعليق صغير : ماذا تفعل النصرانية في اليمن ؟ ما الذي اتى بها هناك ؟

ومن أعطى لأتباع عيسى الحق والسلطان ان يدعوا الى دينهم خارج بني اسرائيل ان كانت دعوة المسيح قومية وحسب ؟

اذن لقد دخلت رسالة المسيح الى اليمن في الفترة بين عيسى ومحمد ؟!

فالمسيحية بلغت اليمن ، ومن اليمن خرج نصارى نجران الذين اوفدوا الى محمد وفداً جليلاً ليناظره ويناقشه في دعوته . ومع الاختلافات العقائدية الكبيرة بين الطرفين، الا اننا لم نقرأ لمحمد اي رفض او نقض لدعوة المسيح ورسالته في بلادهم

ولم يجادلهم في ان دعوة المسيح هي فقط محصورة في بني اسرائيل . ولم نقرأ حرفاً انه اعترض على القس ورقة بن نوفل لكونه نصرانياً عربياً !

المسيحية دخلت الى اوروبا !

 

جاء في سورة الكهف  قصة الفتية الذين لجأوا الى الكهف هرباً من اضطهاد الكفار لهم ، وكانوا على  ” دين عيسى ” !

 اذ ورد في تفسير القرطبي لسورة ( الكهف: 9) اقوال العلماء في تفسيرهم لعبارة

 ” الرقيم ” . ومن تلك الاقوال قول خطير للصحابي ابن عباس :

  • ” وعن ابن عباس ايضاً : الرقيم كتاب مرقوم كان عندهم فيه الشرع الذي تمسكوا به من دين عيسى عليه السلام ” ( تفسير القرطبي )

فهم كانوا على دين عيسى وشريعته. ولكن ما الذي جاء بهم بلاد الروم ، ان كانت دعوة المسيح قومية وحسب ؟

 جاء في تفسير القرطبي ايضاً :

  • ·         ” روي أنهم قوم من أبناء أشراف مدينة دقيوس الملك الكافر , ويقال فيه دقينوس . وروي أنهم كانوا مطوقين مسورين بالذهب ذوي ذوائب , وهم من الروم واتبعوا دين عيسى . وقيل : كانوا قبل عيسى , والله أعلم . وقال ابن عباس : إن ملكا من الملوك يقال له دقيانوس ظهر على مدينة من مدائن الروم يقال لها أفسوس . وقيل هي طرسوس وكان بعد زمن عيسى عليه السلام فأمر بعبادة الأصنام فدعا أهلها إلى عبادة الأصنام , وكان بها سبعة أحداث يعبدون الله سرا , فرفع خبرهم إلى الملك وخافوه فهربوا ليلا , ومروا براع معه كلب فتبعهم فآووا إلى الكهف فتبعهم الملك إلى فم الغار , فوجد أثر دخولهم ولم يجد أثر خروجهم , فدخلوا فأعمى الله أبصارهم فلم يروا شيئا ; فقال الملك : سدوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوعا وعطشا . وروى مجاهد عن ابن عباس أيضا أن هؤلاء الفتية كانوا في دين ملك يعبد الأصنام ويذبح لها ويكفر بالله , وقد تابعه على ذلك أهل المدينة , فوقع للفتية علم من بعض الحواريين. .. ” ( القرطبي – الكهف 9)

 

جاء في التفسير بان الفتية قد وصلهم ” علم ” الحواريين ، فهم بالتالي مسيحيون !

وقيل ايضاً بان احد حواريي عيسى اي رسله ، قد جاء وبشر اهل تلك البلاد .

ورد في (  تفسير جامع البيان – الطبري ) في تفسيره لذات النص القرآني :

  • حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال : مرج أمر أهل الإنجيل وعظمت فيهم الخطايا وطغت فيهم الملوك , حتى عبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت , وفيهم على ذلك بقايا على أمر عيسى ابن مريم , متمسكون بعبادة الله وتوحيده , فكان ممن فعل ذلك من ملوكهم , ملك من الروم يقال له : دقينوس , كان قد عبد الأصنام , وذبح للطواغيت , وقتل من خالفه في ذلك ممن أقام على دين عيسى ابن مريم . كان ينزل في قرى الروم , فلا يترك في قرية ينزلها أحدا ممن يدين بدين عيسى ابن مريم إلا قتله , . .” ( الطبري – الكهف :9 )

 

نلاحظ هنا ان قرى الروم كانت تدين بدين المسيح . فالحواريين جاءوا الى هذه البلاد ودعوا الناس الى رسالة المسيح !

فلم يكونوا مخالفين لمبادئ دعوة المسيح وهم  “انصار الله،  انما قد اطاعوها وماتوا لاجلها وادخلوا دين المسيح الى قارة اوروبا .

فلو كانت دعوة المسيح قومية لما بشروا في اوروبا ولما كان لزوماً ان يُضطهد الفتية ويعانوا الضيقات. لو كانت المسيحية محصورة في حدود ارض اسرائيل  لما كان لزوماً للحواريين ان ياتوا الى اوروبا.  فكيف يدعى البعض زوراً وعوجاً ، بأن بولس هو من حرّف رسالة المسيح من رسالة قومية الى رسالة عالمية ؟

 

 

  بولس مع رسل عيسى الى انطاكية !

 

يقول القرآن : ” وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ” ( سورة يس 13و14).

فما هي تلك القرية ومن هم اولئك الرسل ؟ الجواب : ان القرية هي مدينة انطاكية والرسل هم رسل المسيح ! وانطاكية هي مدينة من الأمم ولم تكن يهودية !

  • ” “واضرب” اجعل “لهم مثلا” مفعول أول “أصحاب” مفعول ثان “القرية” أنطاكية “إذ جاءها” إلى آخره بدل اشتمال من أصحاب القرية “المرسلون” أي رسل عيسى( تفسير الجلالين )

  • ·         ” قال ابن جريج عن وهب بن سليمان عن شعيب الجبابي قال كان اسم الرسولين الأولين شمعون ويوحنا واسم الثالث بولص والقرية أنطاكية” ( تفسير ابن كثير )

  • خطاب للنبي ص , أمر أن يضرب لقومه مثلا بأصحاب القرية هذه القرية هي أنطاكية في قول جميع المفسرين فيما ذكر الماوردي” ( الجامع لاحكام القرآن – للقرطبي )

  • و { القرية } قال المفسرون عنابن عباس: هي أنطاكية وهي مدينة بالشام متاخمة لبلاد اليونان. والمرسلون إليها قال قتادة: هم من الحواريينبعثهم عيسى عليه السلام وكان ذلك حين رُفِع عيسى. وذكروا أسماءهم على اختلاف في ذلك.”(تفسير التحرير والتنوير- ابن عاشور )

  • ·         ” والقرية: أنطاكية، فلا خلاف في قصة أصحاب القرية “(تفسير البحر المحيط – ابو حيان )

  • “والقرية كما روى عن ابن عباس. وبريدة. وعكرمةانطاكية، وفي «البحر» إنها هي بلا خلاف .” (تفسير روح المعاني- الالوسي)

 

نرى ان كبار الصحابة والتابعين ومفسري القرآن قد اجمعوا على ان القرية هي انطاكية وان الرسل هم رسل المسيح ومن بينهم بولس. فرسالة المسيح عالمية !

 

 

 

 

عالمية رسالة المسيح في كتب السيرة النبوية

اذا ما اتينا الى اوثق كتب السيرة وهو سيرة الرسول لابن هشام ، سنجد فيه ما يؤيد عالمية دين المسيح  اذ جاء في سيرة ابن هشام التالي :

  • [ أسماء الرسل ومن أرسلوا إليهم ] فبعث رسول الله ص رسلا من أصحابه وكتب معهم كتبا إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام . [ رواية ابن حبيب عن بعث الرسول رسله ] قال ابن إسحاق : حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري : أنه وجد كتابا فيه ذكر من بعث رسول الله ص إلى البلدان وملوك العرب والعجم ، وما قال لأصحابه حين بعثهم . قال فبعثت به إلى محمد بن شهاب الزهري فعرفه وفيه أن رسول الله ص خرج على أصحابه فقال لهم إن الله بعثني رحمة وكافة فأدوا عني يرحمكم الله ولا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى بن مريم ; قالوا : وكيف يا رسول الله كان اختلافهم ؟ قال دعاهم لمثل ما دعوتكم له فأما من قرب به فأحب وسلم وأما من بعد به فكره وأبى ، فشكا ذلك  عيسى منهم إلى الله فأصبحوا وكل رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين وجه إليهم .”

(السيرة النبوية لابن هشام باب : خروج رسل رسول الله الى الملوك ص 870)

 

ما نفهمه من هذه الرواية عن محمد بأنه قام ببعث رسله الى الملوك والبلدان لدعوة الاسلام . ونلاحظ انه نصح المرسلين بان لا يفعلوا كما فعل الحواريين مع عيسى بعد ان ارسلهم الى العالمين،  اذ استصعب البعض طول المسافة وبُعد البلاد التي وجب ان يبشروا فيها برسالته. وهذا يعد اعترافاً صريحاً من محمد بأن دعوته هي مثل دعوة عيسى من قبل في عالميتها : ” دعاهم عيسى لمثل ما دعوتكم “. (بحسب الرواية الاسلامية ) فلو كانت دعوة محمد عالمية فدعوة عيسى عالمية كذلك !

 

الفارق بين الدعوتين : رسل المسيح تكلموا بألسنة !

الفرق نراه في تميز ارسالية المسيح لرسله عن غيرها ، بفارق المعجزات والخوارق. اذ يقول محمد بأن رسل المسيح قد “ تكلم كل واحد منهم بلغة القوم الذين وجه اليهم ” !

وهو ما يعرف في الانجيل : ” بموهبة الالسنة ” التي اعطيت للمؤمنين في يوم الخمسين كما جاء في الانجيل ( سفر اعمال الرسل اصحاح الثاني ).

محمد اخبر اتباعه صريحاً بعالمية دعوة المسيح  ، لكن الفرق الشاسع بينهما هو أن الله قد أعطى للحواريين المعجزات والتكلم بالالسنة ، في حين استودع محمد رسله رسالة تقول : ” اسلم تسلم ” ، اما الاسلام أو السيف !

ونطرح سؤالاً يتبادر الى الذهن : لو كانت ديانة المسيح قومية لبني اسرائيل وحسب،  فكيف يخالف عيسى امر الله ويرسل تلاميذه الى الامم المختلفي اللغات ؟ ( سؤال اطرحه على تلاميذ ديدات وغيره ؟ )

ولماذا استجاب الله لشكواه معطياً رسله موهبة التكلم بالسنة ليبشروا الامم البعيدة والقريبة ؟!

والآن لنقرأ سرد ابن هشام عن ابن اسحق اسماء رسل المسيح الذين ارسلوا الى العالم من ذات المرجع :

  • ” [ أسماء رسل عيسى ] قال ابن إسحاق : وكان من بعث عيسى ابن مريم عليه السلام من الحواريين والأتباع الذين كانوا بعدهم في الأرض بطرس الحواري ، ومعه بولس وكان بولس من الأتباع ولم يكن من الحواريين إلى رومية وأندرائس ومنتا إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس وتوماس إلى أرض بابل ، من أرض المشرق وفيلبس إلى أرض قرطاجنة ، وهي إفريقية ويحنس إلى أفسوس ، قرية الفتية أصحاب الكهف; ويعقوبس إلى أوراشلم وهي إيلياء ، قرية بيت المقدس ، وابن ثلماء إلى الأعرابية وهي أرض الحجاز ، وسيمن إلى أرض البربر ; ويهوذا ، ولم يكن من الحواريين جعل مكان يودس .”

 

بالطبع لم يفوتكم ان تقرأوا اسم ” بولس ” الرسول بين اسماء تلاميذ المسيح ، الذين ارسلهم ليبشروا كل الارض والعالم !!

وقرأتم بأن الاعرابية ايضاً قد أرسل اليها احد رسل المسيح لتبشيرها . وفعلاً كانت هناك قبائل نصرانية عديدة في ارض الجزيرة العربية . وكان عليها قسساً ورهبان ، مثل القس ورقة بن نوفل ، الذي كان يترجم الانجيل من العبرانية للعربية !

كما ان المسيحية قد انتشرت في افريقية ايضاً كالحبشة التي لجأ اليها المسلمون هرباً من قريش ، وقد حماهم وساعدهم ملكها المسيحي ” النجاشي ” .

  وهنا نسأل : اليس إرسال المسيح رسله الى البلدان والقارات التي سردت اسماءها في سيرة ابن هشام ،  إلا دليلاً على عالمية رسالته ؟

 سؤال اجابته صعبة على الذين برمجتهم الدعاوي الاسلامية المغرضة ضد عالمية المسيحية !

 

 

 

عالمية رسالة المسيح من كتب التاريخ الاسلامي

نقرأ من تاريخ ابن خلدون :

  • ” ثم جاء المسيح صلوات الله وسلامه عليه بما جاءهم به من الدين والنسخ لبعض احكام التوراة وظهرت على يديه الخوارق العجيبة من ابراء الاكمه والابرص واحياء الموتى واجتمع عليه كثير من الناس وامنوا به واكثرهم الحواريون من اصحابه وكانوا اثني عشر وبعث منهم رسلاً الى الافاق داعين الى ملته وذلك ايام اوغسطس اول ملوك القياصرة وفي مدة هيرودس ملك اليهود الذي انتزع الملك من بني حشمناي اصهاره‏.‏ فحسده اليهود وكذبوه وكاتب هيرودس ملكهم ملك القياصرة اوغسطس يغريه به فاذن لهم في قتله ووقع ما تلاه القران من امره‏.‏ وافترق الحواريون شيعاً ودخل اكثرهم بلاد الروم داعين الى دين النصرانية‏. ‏ وكان بطرس كبيرهم فنزل برومة دار ملك القياصرة ثم كتبوا الانجيل الذي انزل على عيسى صلوات الله عليه في نسخ اربع على اختلاف رواياتهم ‏:‏ فكتب متى انجيله في بيت المقدس بالعبرانية ونقله يوحنا بن زيدى منهم الى اللسان اللاطيني وكتب لوقا منهم انجيله باللطيني الى بعض اكابر الروم وكتب يوحنا بن زبدى منهم انجيله برومة وكتب بطرس انجيله باللطيني ونسبه الى مرقاص تلميذه‏.‏ واختلفت هذه النسخ الاربع من الانجيل مع انها ليست كلها وحياً صرفاً بل مشوبة بكلام عيسى عليه السلام وبكلام الحواريين وكلها مواعظ وقصص والاحكام فيها قليلة جداً‏.‏ واجتمع الحواريون الرسل لذلك العهد برومة ووضعوا قوانين الملة النصرانية وصيروها بيد اقليمنطس تلميذ بطرس وكتبوا فيها عدد الكتب التي يجب قبولها والعمل بها‏.‏وكان بطرس الرسول رأس الحواريين وكبير التلاميذ برومة يقيم بها دين النصرانية الى ان قتله نيرون خامس القياصرة فيمن قتل من البطارق والاساقفة ثم قام بخلافته في كرسي رومة اريوس‏.‏ وكان مرقاس الانجيلي بالاسكندرية ومصر والمغرب داعياً سبع سنين فقام بعده حنانيا وتسمى بالبطرك وهو اول البطاركة فيها‏.‏ وجعل معه اثني عشر قساً على انه اذا مات البطرك يكون واحد من الاثني عشر مكانة ويختار من المؤمنين واحداً مكان ذلك الثاني عشر‏.‏” ( تاريخ ابن خلدون – الجزء الأول – الفصل الثالث والثلاثون في شرح اسم البابا والبطرك في الملة النصرانية ).

 

فرسالة المسيح عالمية أوصلها تلاميذه ورسله الى قارة اوروبا . فكيف يدعي الزاعمون بانها كانت قومية وحسب ؟

اما ما قاله المؤرخ الاسلامي الشهير المسعودي ففيه ما يؤيد هذه الحقيقة الجلية ، اذ جاء في كتابه : ( التنبيه والاشراف ) ما يلي :

  • ” وذكرنا أسماء الاثني عشر والسبعين تلاميذ المسيح وتفرقهم في البلاد وأخبارهم وما كان منهم ومواضع قبورهم ومن أصحاب الأناجيل الأربعة منهم يوحنا ومتى من الاثني عشر ولوقا ومرقس من السبعين وأن مرقس صاحب الإسكندرية ومن كان بعده من البطاركة على هذا الكرسي الحكام على سائر أصحاب الكراسي في كل ما يختلفون فيه والقضاة عليهم” .

 

هل انتبهتم لقول المؤرخ المسلم عن التلاميذ: ” تفرقهم في البلاد “ ! وهنا نسأل :

 لماذا يبشروا في البلاد ان كانت دعوة سيدهم قومية لبني اسرائيل فقط ؟

والآن لنسأل العقلاء والفاهمين :

الم تسقط الان فرية أعداء المسيحية سقوطاً مدوياً ما بعده سقوط ، بعد استقراءنا الكتب الاسلامية وعلى رأسها القرآن ؟

 

 

الفصل الثاني

نصوص الإنجيل تثبت عالمية بشارة المسيح !

 

فلنبدأ بهذا السؤال الخطير :

لماذا قسّم المسيح تلاميذه قسمين :  12 و 70 ؟!

لقد قسم الرب تلاميذه الى قسمين لحكمة بالغة ، ربما لا ينتبه اليها الكثيرين ..
القسم الأول : التلاميذ الاثني عشر! ( متى 2:10 )
وهم في اثناء خدمته كانوا مرسلين الى بني اسرائيل فقط .

فعددهم : اثني عشر رسولاً . يقابل الاثني عشر سبطاً .
القسمالثاني :التلاميذ السبعين ! ( لوقا 1:10 )
وهم في اثناء خدمته كانوا مرسلين الى الجميع : يهود وامم وسامريين.

وهذا يتضح من الانجيل المقدس :
 ” وَبَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ الرَّبُّ سَبْعِينَ آخَرِينَ أَيْضًا، وَأَرْسَلَهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ” ( لوقا 1:10).
فوصية المسيح وارساليته للاثني عشر هي حصر فقط في اليهودية.
اما التلاميذ السبعين  فكان لهم الذهاب الى كل المدن والمواضع.. 
فالتلاميذ الاثني عشر هم رسله لليهود !
والتلاميذ السبعين هم رسله الى العالم اجمع !
وطبعاً بعد صعوده ارسل جميع تلاميذه الى جميع الامم.
فالعدد ( 12 ) يمثل ملء اسرائيل.
والعدد ( 70 ) يمثل ملء الأمم .
فالاثني عشر تلميذاً مقابل = اثني عشر سبطاً من اسباط اسرائيل.
والسبعين رسولاً مقابل = السبعين أمة التي تفرعت من نسل نوح (تكوين 10).
من نسل يافث : 14  أمة
من نسل حــام : 30  أمة
من نسل سام  : 26  أمة __ ( المجموع : 70 أمة ) !
( قم بحساب عددهم بنفسك في سفر التكوين اصحاح 10 لتتأكد ! )

عشرة تصريحات بفم المسيح تثبت عالمية رسالته  

فما يزعمه مشايخ الاسلام كأحمد ديدات وغيره ، عن محدودية رسالة المسيح وكونه عنصرياً ، فهذا ادحضه عليهم بعشرة نقاط التحديد من فم المسيح المبارك، كما يلي :

أولاً :

 رسالة المسيح كانت خلاصية لكل العالم بقوله لنيقوديموس :
 ” لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُالْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ . لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَىالْعَالَمِلِيَدِينَالْعَالَمَ،بَلْليخلص بِهِالْعَالَمُ.  ( يوحنا 16:3).

ثانياً :

 في شرح المسيح لمثل الزوآن  حدد بأن :
 ” الْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ ( متى 38:13 ).
فرسالة المسيح وانجيله سيزرع في كل الحقل اي العالم  فرسالته عالمية !

ثالثاً :

المسيح هو ” نور العالم ” .. العالم كله ، هو نوره !

” ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً: أَنَا هُوَ نُورُالْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْيَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ ” ( يوحنا 12:8).

وما أروع وصفه لتلاميذه والمؤمنين به في عظته على الجبل قائلاً :

أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. ” ( متى 13:5و14).
لاحظوا : الارض ،  والعالم .  فرسالته تتجاوز اليهودية الى كل الارض والعالم !

رابعاً :

 عبارات صريحة بعالمية رسالته بقوله المبارك  :
 ” اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهذَا الإِنْجِيلِفِيكُلِّالْعَالَمِ، يُخْبَرْ أَيْضًا بِمَا فَعَلَتْهُ هذِهِ، تَذْكَارًا لَهَا ” (مرقس 9:14 ). هل هناك شفافية أكثر من هذا ؟

خامساً :  قوله : ” وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَمِنَالْمَشَارِقِوَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ ” (متى 11:18).

 

سادساً :

 قوله للاثني عشر :  ” وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْمِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ. “( يوحنا 16:10).

سابعاً :

قوله : ” وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِحَيَاةِالْعَالَمِ” ( يوحنا 51:6)

وقد فرح المسيح وتهلل يوم جاءه الوفد اليوناني الاممي لمقابلته في اورشليم
( يوحنا 20:12-23).  وفي هذا دليل على محبة المسيح للامم وارادته لخلاصهم.   

ثامناً :

 قوله لتلاميذه بعد قيامته  :” وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِالأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. (لوقا 46:24-47).

تاسعاً :

 قوله في وصيته الاخيرة لتلاميذه قبل صعوده الى السموات :
 ” وَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا إِلَىالْعَالَمِأَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا ” ( مرقس  15:16).

عاشراً :

 أمر المسيح لرسله بعد قيامته  :
 ” فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُواجَمِيعَالأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ”  ( متى 18:28-20).
هذه عشرة تصريحات كاملة  بفم المسيح المبارك عن عالمية رسالته .

***********

الفصل الثالث

اعتراضات المسلمين والرد عليها

والان لندحض ونفند الشبهات الواهية التي يثيرها شيوخ المسلمين ضد نصوص انجيلية زعموا بأنها تشير الى قومية رسالة المسيح ، وانه جاء لليهود فقط . وطبعاً استخدموا اسلوبهم المعهود في معاملة كتابنا المقدس ، وهو اسلوب اقتطاع النصوص وبترها وتفسيرها كما تشاء نفوسهم الأمارة بالسوء !

ولنبدأ بدليلهم الأول .. الذي كان الشيخ ديدات يُكثر من استخدامه والتدليل به :

 

دليلهم الأول : ” خراف بيت اسرائيل الضالة  ” !

قول الرب : ” لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَالضَّالَّةِ ” ( متى 24:15).

ونقول بنعمة الرب :

 ان مجيء المسيح لخراف بني اسرائيل الضالة ، قد حدث في بداية ارساليته ضمن خطة وبرنامج محدد معين. فهو الشعب الذي اختاره الله وميزه بالشرائع والانبياء استعداداً لمجيئ المسيح الذي سيكون لجميع الامم. فكانت البداية معهم منطقياً . 
ومع ان رسالة المسيح في قسمها الاول كانت خاصة لبني اسرائيل ، إلا انه تخللها تبشير لغيرهم من أمم اخرى ، وهذه الأمثلة تثبت مرادنا :

V      تبشير قرية سوخار للسامريين وخلاص المراة السامرية ( يوحنا اصحاح 4).

V      شفاء المسيح لعبد قائد المئة الروماني الوثني ! ( متى 5:8-13).

V      شفاء ابنة الكنعانية وامتدح ايمانها ! ( متى 21:15-28).

V      واخيراً ارسالية المسيح بعد قيامته لتلاميذه الى كل اصقاع الارض !

 

يقول  القدّيس أغسطينوس تفسيراً لكلام السيد المسيح :

  • إننا نفهم من هذا أنه لاق به أن يُعلن عن حضوره بالجسد وميلاده، وعمل معجزاته وقوّة قيامته وسط هذا الشعب، فإنه هكذا قد دبّر الأمر منذ البداية. ما سبق فبُشِّر به قد تحقّق بمجيء المسيح يسوع لأمّة اليهود كي يُقتل، لكنّه يربح منهم الذين سبق فعرفهم، فإنه لم يدن الشعب كلّه، إنّما فحصهم فوجد بينهم تبنًا كثيرًا، ووجد أيضًا حنطة مختفية. منهم ما هو يُحرق، ومنهم ما يملأ المخازن، فإنه من أين جاء الرسل؟!] كما يقول: [لأنه لم يذهب بنفسه للأمم، بل أرسل تلاميذه، فيتحقّق ما قاله النبي: “شعب لم أعرفه يتعبّد لي” (مز 18: 43). انظر كيف أوضحت النبوّة الأمر كيف تحقّق؟! تحدّثت بوضوح: “شعب لم أعرفه”؛ كيف؟ يكمّل قائلاً: “من سماع الأذن يسمعون لي” (مز 18: 44)، أي يؤمنون لا خلال النظر بل خلال السمع، لهذا نال الأمم مديحًا عظيمًا. فإن (اليهود) رأوه فقتلوه، الأمم سمعوا عنه وآمنوا به” .

 

ما معنى عبارة : ” إلا ” ؟
ان عبارة ” إلا ” في قول الرب : ” إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ ” ، لا تعني كما فهمها الشيخ ديدات وباقي شيوخ الفضائيات المقاومين للمسيحية ، بمعنى نفى كل ماعدا رسالته القومية ، وانه لن يتعداهم. لأن خطته اقتضت بأن يلتزم ببني قومه بالخدمة أولاً ، ثم يعطي الضوء الاخضر في الوقت المناسب لتبشير الامم والى اقاصي الارض !
فعبارة ” إلا  ” وقتية  مرحلية  اختصت في خدمته الخاصة لشعبه .
ولو انتبهوا جيداً فان هذه العبارة قد قالها له المجد اثناء لقاءه مع المرأة الكنعانية

الاممية ” ، وايضاً كان يريد ان يسمعها بأن الشعب الذي تنتمي اليه هو شعب وثني ساقط من النعمة بعيد عن الخالق وشرعه واخلاقياته،  وكل ذلك كان ضمن امتحان لايمانها  فلما اظهرت تواضعها وايمانها ، طوّبها قائلاً :
 ” حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ. فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ” (متى  28:15). اعقبه شفاء لابنتها .
فعبارة ” الا ” الاستثنائية ، لا تعني نفي ما سوى ذلك !

وسأعطي احبائي المسلمين مثلاً من القرآن ، فنقرأ قوله  :

  • ” قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُإِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا ” ( الانعام : 14).

ما معنى عبارة ” إلا ان يكون ميتة او دماً؟ ماذا تفهم من اداة الاستثناء ” إلا ” ؟
هل تعني بأن اكل لحم الفئران والضباع والكلاب والقطط  مباح عند المسلمين ؟

لأن النص القراني قد ذكر فقط وحرم فقط ” لحم الخنزير “،  مستخدماً اداة استثناء

 إلا في تحريم طاعم يطعمه !

أم انهم يضيفون الى هذا الحكم نصوص اخرى من الحديث لتحريم لحوم حيوانات اخرى ؟ وهكذا نرفع سؤالنا اليهم : هل اداة ” إلا ” هي نفي دائم أم يجب تفسيرها على ضوء باقي النصوص ؟ هكذا اذن علينا فهم قول المسيح : ” إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ ” .

 

دليلهم الثاني :  ” الى طريق أمم لا تمضوا ” !

والآن لنناقش دليلهم الثاني : حول ما ورد عن امر المسيح لتلاميذه :
”  إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا ” ( متى 5:10).
الاجابة :

هذه قالها في اول ارسالية يرسلهم بها ، وكانت عبارة عن دورة تدريبية  !
والسبب يرجع الى كون تبشير السامريين حينها صعباً عليهم كونهم يهوداً ، واليهود والسامريين لا يتعاملون مع بعضهم البعض ( راجع يوحنا 9:4 ).
حتى ان المسيح له المجد قد صادف احدى المرات مدينة للسامريين قد اغلقت بابها في وجهه  لانه كان متجهاً نحو اسرائيل ( لوقا 53:9).
فالمسألة لم تكن بالامر الهين في البداية ، بينما الامر في غاية السهولة في الذهاب الى اليهود ، اذ هم بني جنسهم وقومهم.  واليهود كانوا هم شعب الله المختار صاحب الشرائع والانبياء ، والذين قال فيهم الرسول بولس :
 ” الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ، وَلَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ، وَلَهُمُ الآبَاءُ، وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ، الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ.” (  رومية 3:9-5).
وهم الذين كانت عندهم النبوات عن مجيئ المسيح واوصافه والرموز التي تشير اليه
ولكن بعد ان تغيرت الظروف ، وتبدلت افكار التلاميذ تدريجياً لفترة تدربهم المتواصلة مع المسيح ، بدأ المسيح يعلمهم كيف يبشروا للجميع. وقد فتح هو الباب اولاً امامهم بقدوته الصالحة ، اذ دعا السامرية وخلصها ، وذهب الى مدينتها وخلص قومها جميعاً ، وقال لتلاميذه عنهم :
ارْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ” ( يوحنا 35:4و 38).
وكانت وصيته الاخيرة لتلاميذه بأن يبشروا السامرة لا بل كل الارض 
 ” لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ” ( اعمال 8:1).
وعبارة ” اقصى الارض ” في كلام المسيح تعني العالم كله  لان رسالته عالمية !
وقوله المبارك الصريح :
 ” فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَالأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ”  ( متى 18:28-20). اذاً فقد وجههم اخيراً الى الامم كلها .
وهي المرحلة النهائية ! بينما في البداية كان الذهاب الى الامم مهمة صعبة وشاقة جداً على التلاميذ المبتدئين . فلم يكن من الداعي لان يبدأهم بمهمة صعبة من البداية تجعلهم يفشلون ويحبطون !
اذن عبارة ” الى طريق امم لا تمضوا ”  كانت مهمة اولية ووصية مرحلية لفترة زمنية محددة ، الى حين ان يمهد لهم المسيح الطريق بنفسه ، وهو القائل للاثني عشر :
 ” وَلِيخِرَافٌأُخَرُلَيْسَتْمِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ. “( يوحنا 16:10).
والى ان ينالوا الروح القدس من جهة ثانية . وهكذا حدث  اذ دخل الناس في دين المسيح افواجاً من المشارق والمغارب ومن اقاصي الارض، كما سبق وتنبأ له المجد عن ذلك  بقوله الكريم  :
 ” وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ (متى 11:18).
وهكذا تمت ترجمة الانجيل في يومنا هذا الى اكثر من 2400 لغة ولهجة، المعروفة منها والمجهولة . انه الكتاب الأعظم رواجاً في العالم كله بحسب الارقام القياسية !

دليلهم الثالث :  ” يرعى شعبي اسرائيل ” !

وهو دليلهم المقتبس من متى 6:2 القائل : ” وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ“.

الاجابة :

 هذا النص المقدس لا يعني بأن دعوة المسيح ستكون لشعب اليهود فقط ، كما ادعى شيوخ ناقدين ، بتخبط عشوائي!
فهذا النص نفهمه على ضوء النصوص الكثيرة الاخرى عن عالمية رسالته.
فرعايته لشعب اسرائيل ، لا تنفي انه سيرعى بقية الامم!
هذا يتعلق بالجزء الاول من خطته الخلاصية ، وهي كما يعلم الباحث تنقسم الى قسمين :
الأول :  مجيئ المسيح وتبشيره اليهود شعبه اولاً ( مع ما تخللها من تخليص لأهل الأمم مثل السامرية وقريتها سوخار كما أسلفنا سابقاً ).
الثاني : ارسال المسيح لتلاميذه لتبشير اليهود اولاً ثم الامم ثانياً .
فمتى سيتخلى بعض الشيوخ عن الانتقائية والتلاعب بنصوص كتابنا المقدس ؟

دليلهم الرابع : ” تدينون أسباط اسرائيل ” !

جاء في مقال لأحد شيوخ المسلمين :

اختار المسيح اثنى عشر تلميذاً ليكونوا تلاميذه وأحباءه ومساعديه في نشر دعوتــه وكان اختياره لهم من بين اليهود أنفسهم .. وقال لهم : ” أنتم الذين تبعتموني فـي التجديد ، متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثنى عشـر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر ” متى 19 : 27
فالمسيح يقول لهم إنهم يدينون أسباط إسرائيل فقط ، ولم يقل لهم أنهم يدينون شعوب العالم ، وهذه كناية أو إشارة إلى أن رسالته وهم من بعده قاصرة على شعب اليهودية..

 

واقول بنعمة الرب :

 ان الفكر السطحي وحده من سيعتقد بأنهم ” سيقتصرون ” فقط على ادانة اسباط اسرائيل ، وحتى ان فعلوا ، فهم كانوا يهوداً وسيدينونهم على اساس ان المسيح قد جاء لهم ولم يقبلوه ، بينما التلاميذ قد امنوا به.

وهذا الأمر نضعه مع تصريح المسيح الواضح انه بنفسه سيدين العالم أجمع. فدينونة بني اسرائيل سيتكفل بها الاثني عشر ، والدينونة لباقي الشعوب هي للمسيح والدليل من ذات انجيل الرسول متى :

وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ” ( متى 31:25-33). وهذا دليل قاطع بأن المسيحية موجهة لجميع الشعوب ، وعلى اساس قبول المسيح ورفضه سيتم دينونتها !

 

دليلهم الخامس : ملك اليهود فقط ..؟

دليلهم الآخر هو ما جاء في الانجيل : “ وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُود ” (متى 1:2).

وقد علق الشيخ المسلم قائلاً : ” لقد كان المسيح عليه الصلاة والسلام معروفاً عند الناس أنه نبى اليهود وبنى إسرائيل ليس إلا” !

والاجابة بنعمة الرب :
أولاً : كونه ” ملك اليهود”  فنعم المسيح ملك اليهود ، وملك اورشليم لانه يهودي من شعب اسرائيل وهو المسيح المنتظر اليهم اولاً ثم الى الامم ثانياً .
ثانياً : بالنسبة الى مجيئ المجوس  البابليين ، فأسأل :
ما الذي دفع المجوس ( البابليين ) الاممين ان يتكبدوا مشقة سفر لمدة اسابيع وربما شهور، ليأتوا الى اورشليم ليسجدوا له ويؤمنوا به  ؟
والجواب نفهمه  من الكتاب المقدس ذاته وتحديداً من سفر النبي دانيال. اذ تنبا النبي دانيال الذي لقبه الملك نبوخذنصر بــ ” كبير المجوس ” ( سفر دانيال 11:5) ، بمجيئ المسيح ( ابن الانسان ) الذي سلطانه الى ابد الدهور لجميع الامم ! اذ كتب بوحي الروح القدس قائلاً عن مجيئ المسيا المنتظر :

  • كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ.فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ” ( دانيال 13:7-14).

فهو ملك اليهود  لانه يهودي من شعب اسرائيل .
وفوق هذا ، انه المسيا المنتظر كما تنبا عنه دانيال النبي ( كبير المجوس) الذي ستتعبد له كل الشعوب والامم والالسنة من كل العالم .
وبسبب هذه النبوة اتى ” المجوس ” من ارض بابل “ ليتعبدوا ” لهذا ” الابن الانسان ” ويقدموا له باكورة ايمان الامم والشعوب . له كل مجد وحمد وسلطان.
(راجع عزيزي القارئ لو شئت كتابي عن المجوس وهويتهم الحقيقية بعنوان :

بحث مدقق  حول هوية مجوس المشرق  )

دليلهم السادس :  ” إليكم أولاً ” !

كتب الشيخ المسلم :

في أعمال الرسل إذ يقول: ” إليكم أولاً إذ أقام الله فتاه يسوع أرسله يبارككم بِرَد كل واحد منكم عن شروره  “(26:3 ). وذلك يعنى أن يسوع لم يُبعث، وفقا للنص، إلا من أجل اليهود ..

 

والاجابة بنعمة الرب :

إن البشارة اولاً كانت تبدأ من بني اسرائيل ، لان اسرائيل كان هو شعب الله المختار

كما قلنا ،  والذي اصطفاه الله على العالمين واعطاه شرائعه ووصاياه ونظام الذبائح الكفارية ، تمهيداً لمجيء المسيح منهم.

 وهذا يوافق عليه حتى القرآن !

اذ قال : ” وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ” ( سورة الدخان 32:44).

وقوله : ” يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ” (البقرة47:2) ومكررة بالحرف في الاية ( 122).

وقوله : “وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ” (الجاثية 45 : 16 ).

فالمسيح جاء من نسل ابراهيم واسحق ويعقوب من بني اسرائيل ليتحقق وعد الرب لابراهيم انه بنسله تتبارك ” جميع الأمم ” ( اعمال 25:3-26 و غلاطية 8:3و14)

وهذا ما تفوه به الشيخ سمعان البار بوحي الروح القدس حين حمل الطفل يسوع في الهيكل قائلاً : ” الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِنُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ ” ( لوقا 30:2-32)

فبعد مجيئ المسيح اليهم  جعل خدمته وسطهم اولاً – وهو امر طبيعي – وبعدها اعطى تلاميذه مسؤولية تبشير جميع امم الارض.  ويمكن التأكد من ذلك بقراءة متأنية للنص المقدس. اذ نقرأ قول الرسول لليهود:
” إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ ..” ( اعمال 26:3).
ما معنى كلمة :  “اولاً ” التي قالها بطرس الرسول ؟
الا يعني هذا معرفة التلاميذ بوصية السيد الرب بأنهم سيبشرون الامم كلها ولكن :
” وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَىأَقْصَىالأَرْضِ” ( اعمال 8:1) .

ولأن بركة نسل ابراهيم تشمل كل الشعوب ايضاً ، فقد كانت عن طريق دم المسيح الذي فدى به البشرية كلها على الصليب .. فما أبلغ قوله المبارك لرسله :

  • ·         ” هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ” (لوقا 46:24 47 ).

 فالمسيح مات ليكرز باسمه لجميع الأمم . ولكن كان يجب ان يبدأ باورشليم ، بقوله: “ مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ ” !
وها هو بولس الرسول والتلميذ برنابا ، كانوا يبشرون اليهود اولاً ثم ينتقلون الى الامم كما اوصاهم الرب ، نقرأ:

  • ” فَجَاهَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَقَالاَ: كَانَ يَجِبُ أَنْ تُكَلَّمُوا أَنْتُمْ أَوَّلاً بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلكِنْ إِذْ دَفَعْتُمُوهَا عَنْكُمْ، وَحَكَمْتُمْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، هُوَذَا نَتَوَجَّهُ إِلَى الأُمَمِ.لأَنْ هكَذَا أَوْصَانَا الرَّبُّ: قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ، لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصًا إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ” ( أعمال 46:13 و 47).

 

ولاحظ القول : ” ” هكذا اوصانا الرب ” بأن يذهبوا الى الامم  بعد اليهود !

نستنتج : بأن هناك خدمة مرحلية وسط شعب اسرائيل المختار، لكون المسيح ظهر بينهم ومنهم ، ” مبتدأً من اورشليم “.  ومن ثم انطلاق بشارته ونور انجيله الى اقاصي الارض والامم.

وقد تنبأ الرب بهذ التبشير المستمر الدائم لكل الامم الى منتهى الايام  بقوله :

  • ·         وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى ( متى 14:24).

ودخول المسيحية الى كل المسكونة والى كل الأمم .. جعل الاستاذ المسلم عباس محمود العقاد ان يلخص ” الغزو الروحي ” الذي حققه المسيح لأعتى الدول الكبرى ، اذ قال :

  • ·         “ومن بعد فمن الحق أن نقول: ان معجزة المسيح الكبرى هى هذه المعجزة التاريخية التى بقيت على الزمن؛ ولم تنقض بانقضاء ايامها فى عصر الميلاد: رجل ينشأ فى بيت نجار، فى قرية خاملة، بين شعب مقهور، يفتح بالكلمة دولا تضيع فى أطوائها دولة الرومان! ولا ينقضي عليه الزمن، فى انجاز هذه الفتوح، ما قضاه الجبابرة فى ضم اقليم واحد، قد يخضع الى حين ثم يتمرد ويخلع النير! ولا يخضع كما خضع الناس للكلمة بالقلوب والاجسام”. ( سيرة المسيح ص 177 )

 

وما اعظم ما رآه الرسول يوحنا الحبيب في رؤياه المقدسة ، عن وقوف جميع الامم المخلّصون بدم المسيح امام عرشه في اليوم الاخير ، من كل امة وجنس ولون ولسان . لنقرأ هذه الدرر  :

  • ” وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: مُسْتَحِقٌ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْكُلِّقَبِيلَةٍوَلِسَانٍوَشَعْبٍوَأُمَّةٍ ” ( رؤيا 9:5).

اذن كل قبيلة ولسان وشعب وامة  سيكونون من اتباع المسيح الذين اشتراهم بدمه.

الفصل الرابع  

هل الاسلام دين عالمي ام قومي ؟!

 

أدلة اثبات عالمية الاسلام .. ضـعيـفة !

لنستعرض اقوى ادلة المسلمين لاثبات عالمية الاسلام ..

دليلهم الأول : ” رحمة للعالمين ” !

يقتبسون قول القرآن عن محمد : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ”  ( الانبياء 21 :107).
ويظنون بأن عبارة ” العالمين ” التي جاءت بحق محمد  تجعله رسولاً لكل العالم في كل زمان ومكان . لكن ومع هذا المعتقد قد اوقعوا انفسهم في فخ التناقض مع موقفهم السابق مع المسيح لانهم يزعمون بقومية رسالة المسيح فقط  ، في حين ان القرآن يقول عن المسيح وامه في نفس السورة ( سورة الانبياء ) :
”  وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ” ( الأنبياء 91:21).
فليس القرآن او محمد من يحق اعتبارهما كــ : ” آية العالمين ”   بل المسيح !

فلو كانت كلمة ” العالمين ” المختصة بمحمد تعني شمول البشر في كل مكان ، فعلى ذات التفسير والمعنى يجب القبول بأن كلمة ” العالمين ” المختصة بالمسيح في ذات السورة تعني عموم البشر والأمم في كل العالم ، وهذا يُسقط نظريتهم عن قومية رسالة المسيح !

ونزيد أدلتنا وثاقة من القرآن ونقول : بأن الله قد ختم اصطفائه عائلة المسيح على العالمين ولم يختمها بمحمد ولا عائلته !

  • إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ . ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ   ( آل عمران : 33و34)

فعائلة المسيح ( آل عمران بحسب القرآن ) هي آخر وختام الاصطفاء الالهي على العالمين .
والمسيح له المجد هو الثمرة النهائية وختام الذرية المصطفاة على العالمين :
اولاً بأمه مريم :  “.. يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ” ( آل عمران : 42).  ثم بذاته لانه ختام ذلك الاصطفاء. 
ولكأن الله في نظر القرآن ما فضل اسرائيل على العالمين الا بسبب المسيح ولاجله !
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ” (البقرة : 47 و 122 ؛ الاعراف :139 والاسراء 70).

 

تابعوا هذا التسلسل القرآني في التفضيل على العالمين :
1– الله فضّل بني اسرائيل على العالمين    
2- وفي بني اسرائيل فضّل آل عمران على المفضلين على العالمين 
3- ومن آل عمران فضّل مريم على نساء العالمين 
4- ومن مريم جاء المسيح ذروة الفضل على العالمين

والسؤال الهام هو : أين نجد محمد من هذا كله ؟ هل فهمتم الان معنى عبارة  :

 ” العالمين ” ؟

 

دليلهم الثاني : كافة للناس أم للناس كافة ؟

قول القرآن : ” وما أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ” ( النبأ 28:34).
وبالتدقيق في هذه الآية سنجد بأنها لا تشير الى ” عالمية ” دين محمد .

فهل ” كافة للناس ”  تعني : الناس كافة ؟!
فلقد ظن ديدات وتظن شريحة كبرى من المسلمين بان قوله ” كافة للناس ”  تعني للناس كافة.  وهذا جهل وخطأ فادح . لأن كافة للناس لا تعني ” جميع الناس “،
بل تعني ” الكافي للناس ” اي المانع الناس من الكفر والمعصية. 
ولأني لست كشيوخ المسلمين أمثال ديدات وصحبه ،  فلا اقتبس نصاً من القرآن الا واتي بتفسيره معه . فاقرأ يا أخي المسلم اقرأ  من كتاب الاتقان للامام السيوطي :

  • ‏”ونقلت من خط شيخ الإسلام بن حجر أن من التورية في القرآن قوله تعالى وما أرسلناك إلا كافة للناس فإن كافة بمعنىمانع‏.أي تكفهم عن الكفروالمعصية والهاء للمبالغة وهومعنى بعيد والمعنى القريب المتبادر أن المراد جامعة بمعنى جميعًا لكن منع من حمله على ذلك أن التأكيد يتراخى عن المؤكدفكما لا تقول رأيت جميعًا الناس لا تقول رأيت كافةالناس.‏”  ( الاتقان في علوم القرآن – السيوطي – النوع الثامن والخمسون في بدائع القرآن )

ارأيت يا عزيزي المسلم ، ان المتبادر الى ذهنك بأن معني ” كافة ” هو ” جميع ” هو فكر غير سليم  . وقد اعطى شيخكم الامام ابن حجر مثلاً جميلاً بقوله :
 ”  فكما لا تقول رأيت جميعاً الناس لا تقول رأيت كافة الناس ” !
اذن ” كافة للناس ”  لا تعني بأي حال ” للناس كافة  “.
اذن محمد ليس لجميع الناس في كل مكان وزمان.  بل هو مانع للناس اي العرب في زمانه .  “كافة للناس”  لا تعني مطلقاً : ” للناس كافة” .
ولا توجد آية في القرآن تقول عن محمد بانه : ” للناس كافة ” !
اتحدى ان تفلي القرآن كله ،  وتجد لي نصاً قرآنياً واحداً  يقول بأن محمد قد ارسل للناس كافة  ، او لجميع البشر ؟
وانا من الان اختصر عليك الوقت والجهد وابشرك بانك ستخرج من قرانك خالي الوفاض لأنك لن تعثرعلى نص قرآني واحد ( ولا واحد ! ) يقول بالحرف  :

  ” ارسلناك للناس كافة  “! فلن تجدها عن رسولك الا مرة واحدة وحتى هذه المرة فقد جاءت بمعني الكافي  وليس الجامع،  هذا ما قاله علماءك القرآن وليس انا . فلا اثر في القرآن من دلائل لعالمية دين محمد .

 

دليلهم الثالث : ” للناس ”

بقول القرآن السابق : ” كافة للناس ” . وقوله :

 ” قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ  ” (الحج 22: 49)
وهذا بالطبع مرجعه الى جهل اخوتنا المسلمين وعدم درايتهم بتعابير كتابهم !
فكلمة ” الناس ” لا تعني كل البشر كما توهموا ، انما هو اسلوب مضطرد في طريقة كلام القران ، حيث العام فيه يراد به الخصوص ومن العام ما هو مخصوص!
فسبب خلطهم في فهم لمعنى كلمة : ” الناس ” يرجع الى جهلهم في طريقة مخاطبات القران . والتي ساعلمهم عنها الآن درساً مجانياً ،  وببراهين من كتبهم ومراجعهم.  واليكم اشهر مراجعهم وادقها وهو كتاب : الاتقان في علوم القرآن للامام جلال الدين السيوطي ( الجزء الثاني 16-18).  فلنقرأ معاً قوله :

  • ومن أمثلة العام المراد به الخصوص أي رسول الله ص لجمعه ما في الناس من الخصال الحميدة. ومنها: قوله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس . أخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن أبي عباس في قوله من حيث أفاض الناس: إبراهيم. ومن الغريب قراءة سعيد بن جبير من حيث أفاض الناس قال في المحتسب: يعني آدم لقوله فنسي ولم نجد له عزماً ومنها قوله تعالى فنادته الملائكة وهوقائم يصلي في المحراب أي جبريل كما في قراءة ابن مسعود. وأما العام المخصوص فأمثلته في القرآن كثيرة جداً وهي أكثر من المنسوخ، إذ ما من عام إلا وقد خُصّ، ثم المخصص له إما متصل وإما منفصل. “

فالقرآن حين قال : ” من حيث أفاض الناس “، فمقصوده كان بكلمة ” الناس ” شخص واحد فقط وهو : ابراهيم ! وحين قال : ” فنادته الملائكة ” فمقصوده : جبريل فقط ! اذن عبارة : ” الناس ” لا تعني دائماً كل البشر قاطبة. اذ كما قال علماءهم : ” ما من عام الا وقد خُصّ ” !! فلو طبقنا هذه القواعد الاسلامية على الاية التي تخص محمد سنحصل على هذه النتائج : 
1-  قوله : ” كافة  للناس ”  لا تعني جميع الناس ،  بل المانع عن المعصية .
2- وقوله : ” الناس ” لا تعني كل البشر  بل قد تعني العرب فقط  . لأنه :

ما من عام الا وقد خصّ “.

 

نصوص قرآنية قاطعة لقومية رسالة محمد !

فرسالة محمد قومية فقط للعرب فقط ، اقرأ ما يدعم قولنا :

وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا

 ( الأنعام 92:6) ؛ (الشورى 7:42). فمحمد هو منذر لمكة والقبائل ما حولها !

وقوله : ” فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا

 (  النساء 41:4).

  • ” على أمته( تفسير ابن كثير ).

  • ” أي على أمتك شهيداً ” ( تفسير الطبري ).

وهذا النص واضح المعنى بان لكل ” امة شهيد ” يعني رسول ونبي . ومحمد هو

” الشهيد” على امته العربية  وليس على كل الامم ! بدليل قول القرآن :

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ”  ( يونس 10 :47). وهذا ما حدث في التاريخ البشري :
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ” (النحل 16: 36).
ورسالة محمد هي الى قومه العرب ، لقومه وعلى قومه  !اقرأ ايضاً  :
 ” وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ ”  ( النحل 16: 89).

  • ·         ” شهيداً على هؤلاء . أي قومك ( تفسير الجلالين )

  • يعني أمتك ( تفسير ابن كثير ). 

قومه فقط العرب ، أمته فقط وليس أمة غيره ، فهو ليس لكل الأمم !

محمد رسول للعرب فقط  وهو شهيد عليهم فقط ، لقومه فقط :

وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ” (الزخرف 43: 44).

 ” لقومك ” ماذا تعني ؟ تعني انه مرسل ” لقومه ” ولا يتعداهم للعالم !

فمحمد رسول من العرب ، فهو رسول الى العرب . وهذه النظرية تدوم في المدينة :
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ

  (آل عمران3: 164 ). ولغة هذا الرسول العربية تحدد قومية رسالته :
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ”  (ابراهيم 14: 4 ).

فلسان محمد دليل على قومية رسالته .اذ أنزل القرآن ” بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ”  (الشعراء26: 195 ). وهذا القران العربي لا يخص الا العرب والاعراب !
انه دين قومي  بلسان القوم ولهم وحدهم  بدليل قوله الخطير :

وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ  فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ” ( الشعراء 198:26-199).
يعني لو جاء هذ القرآن العربي لقوم اجانب غير عرب ” اعجميين ” وقرأ عليهم 
 ما كانوا به مؤمنين  !! ولا عجب اذ انه سيكون كالطلاسم بالنسبة لم .
هل هناك من شك بعد هذه النصوص القاطعة بأن دين محمد قومي  وليس عالمي ؟

 

طقوس وشعائر الاسلام تثبت انه ديانة قومية عربية !

فالكعبة في معتقد القرآن قد بناها ابراهيم واسماعيل ( الذي ينحدر العرب المستعربة من صلبه بزعمهم دون برهان ) :

” وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ ” ( البقرة : 127- 129).

فاسلام ابراهيم هو لذرية اسماعيل العرب .. وهو الذي يدعوه ” الحنيفية ” ، الذي اتى بها محمد الموصوف بــ ” ابعث فيهم رسول منهم ” ! فهو من العرب للعرب .

وهكذا كانت كل شعائر الاسلام ذات طابع عربي !  

وتلك المناسك خاصة بأمة العرب : ” وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ

 ( سورة الحج : 34).  فالقبلة ايضاً هي الى الكعبة في الحجاز :

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ  وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ” ( البقرة : 149 و150).

فالقبلة الى الكعبة في ارض الحجاز هي التي تميز أمة الاسلام عن سواهم من الناس، فلا يكون لهم حجة عليهم .

 والحج وطقوسه هو حج اسماعيل :

.. وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ” ( البقرة :125).

 

اللغة العـربـية .. لسان الإســلام !

 

والقرآن لا يجب ان يُتلى إلا بالعربية ! والصلاة الاسلامية كذلك، حتى لو كان المُصلي غير عربي !

اقرأوا هذه الفتوى : ( عنوان الفتوى : القراءة في الصلاة بغير اللغة العربية )

  • ·      السؤال : هل تجوز الصلاة بلغة غير العربية ؟ الجواب : لا تجوز الصلاة بغير اللغة العربية مع القدرة عليها، فيلزم المسلم أن يتعلم باللغة العربية من الدين مالا يسعه جهله ومنه تعلم سورة الفاتحة والتشهد والتسميع والتحميد والتسبيح في الركوع والسجود، ورب اغفر لي بين السجدتين والتسليم. أما العاجز عن اللغة العربية فعليه أن يأتي بما ذكر بلغته إلا الفاتحة فإنها لا تصح قراءتها بغير العربية وهكذا غيرها من القرآن …”

(مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – (ج 6/ ص 401 ـ 402)  [ رقم الفتوى في مصدرها: 4211]

لندع علماء الاسلام يشرحون لنا عن ترابط لسان محمد العربي مع الاسلام .
لنقرأ قول هذا الشيخ المسلم المدعو : محمد الغزالي ( صاحب الفتوى الشهيرة بقتل المفكر فرج فودة ! )  ، ومن كتابه : ( حقيقة القومية العربية ) يقول  :

  • فالاسلام اضفى على اللغة العربية قداسة جعلت الحفاظ عليها ديناً , وضبط قواعدها عبادة  “( حقيقة القومية العربية – محمدالغزالي – ص 88 ).

وقال ايضاً في نفس الكتاب  :

  • الاسلام بغير العربية يستعجم ويضمحل , والعربية بغير الاسلام تنكمش وتزول(نفس المصدرص 22 )

  • الربط بين العروبة والاسلام قضية بديهية  ” ( ذات المرجع ص  33).

 

وترى الأجنبي سواء الغربي أو الأسيوي ، بمجرد اعتناقه الاسلام ، تجده قد” تعرّب ” !

 فصارت ملابسه عربية ، وشكله عربياً واطباعه عربية ، وحتى لغته وتحيته عربية ، فهو يلقي التحية بالعربية المكسرة : ” السلامو عليكوم ” !!

 

فشعائر الاسلام واللغة العربية تجعله ديناً قومياً عربياً اسماعيلياً ، لا عالمياً !

ولم يمسى عالمياً إلا بسبب الفتوحات والغزوات الاسلامية العسكرية .

 

العــروبة والإســـلام .. وجهان لعملة واحدة !

 

 وحتى ما بعد الغزو والخروج من حدود الجزيرة العربية فقد انصهرت العروبة والاسلام معاً في بوتقة واحدة ، لكون الاسلام في جوهره هو ” دين ودولة ” في آن واحد !
فالعروبة اصبحت بالتالي هي ” المدخل ” الى الاسلام . فالمسلم يدافع وينافح عن العروبة وقضاياها بكل قواه ، والعربي والمدافع عن العروبة ( واحياناً حتى من غير المسلمين ) تجده في انحياز تام الى الاسلام !

قال المفكر الاسلامي ” محمد عمارة ” ( الذي اشتهر بدعوته لقتل الاقباط في كتابه فتنة التكفير ) مؤكداً :

  • ” ان الاسلام الحق والعروبة الحقة يكونان مزيجاً واحداً “

(القومية العربية والاسلام – محمدعمارة – ص 175)

وقال ايضاً  :

  • ” هناك علاقة عضوية بين الاسلام والعروبة  ” ( المصدر نفسه – ص 175).

  • ” الاسلام .. يطلب من اتباعه ان هم أرادوا فقه معجزته ووعي آيته الكبرى ان يتعربوا “ ( الاسلام والعروبة – محمد عمارة ص 10)

وقال الدكتور ناجي معروف  :

  • ” ان العربي اذا تطرف في عروبته , كان اقرب الى الاسلام , والمسلم اذا تطرف في اسلامه , كان اقرب الى العروبة . بل كان عربياً ” .

    ( راجع : اصالة الحضارة العربية – ناجي معروف – ص 8).

ويرى منير شفيق :

  • ” إن الرابطة بين الإسلام والعروبة هي رابطة عضوية “ ( في القومية العربية والإسلام. ص 105)

ويثبت علي ناصر الدين قائلاً :

  • ” بأن الدين الإسلامي دين عربي ” (على ناصر الدين ، قضية العرب ، ص 13)

 وقال الشيخ محمد الغزالي :

  • ” ان الإسلام لا ينفك عن العروبة ” ( حقيقة القومية العربية – ص 20 )

  • ” ينبغي لكل مسلم ان يكون في دخيلة نفسه عربياً ، روحاً وعقلاً ، مثله الأعلى العرب وآداب الاسلام ، سياسته الدنيوية سياسة العرب وسياسة الاسلام ” ( ذات المرجع ص 33)

الخلاصة :

لقد اثبتنا ومن واقع الكتب الاسلامية وعلى رأسها القرآن بأن نظرية قومية رسالة المسيح ليست سوى ” اشاعة مزيفة ” ! بل وقد قلبنا الطاولة واثبتنا ايضاً ومن كتبهم بأن أساسات رسالة محمد هي قومية لا عالمية !

فهل من يتقدم ليساعد اخوتنا المسلمين في اكتشاف هذه الحقائق المغيبة عنهم ، ثم ارشادهم الى نور المسيح وخلاصه .

 

 

 

Sorry, the comment form is closed at this time.